By عبدالله المغامس 36 - الثلاثاء يوليو 24, 2012 6:25 pm
- الثلاثاء يوليو 24, 2012 6:25 pm
#53334
لعبت الأحزاب السياسية من الناحية التاريخية دوراً في التحولات السياسية الجغرافية عبر العالم سواء من حيث التحرر أو مواجهة الحكومات الاستبدادية أو من خلال دورها في طرح البرامج ومناقشة ونقد السياسات الحكومية والتنموية، والأحزاب السياسية تعتبر أحد عناصر النظام السياسي الحديث، التي يتحدد دورها بمدى مشاركتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بصورة منفردة أو مشتركة سواء في الحكم أو في معارضته، وعلى المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية، وفقا لأحكام الدستور والقوانين النافذة لكل دولة.
ومنذ تسلم الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وضع الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية بكافة أطيافها في وضعية الشريك الكامل في مجمل القضايا الخاصة بالقضية الفلسطينية عبر مؤسسات م .ت. ف أو خارجها، وكان ذلك جلياً عبر خطاباته واجتماعاته ولقاءاته الرسمية والشعبية، أو الموجه عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة بإشراك المجتمع الفلسطيني بكافة فئاته وألوانه السياسية بفصائله وأحزابه دورا جديدا ومتكاملا ومشاركا مع الجانب الحكومي نحو بناء حياة ديمقراطية تنهض بالشعب الفلسطيني وتعزز صموده على الأرض والتزامه بالثوابت الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
بالإضافة إلى الدعوة بضرورة ترسيخ البرامج الحزبية للاستجابة للحاجيات والأولويات الضرورية للأشخاص الذين لديهم إمكانيات وقدرات قيادة المرحلة المقبلة والمشاركة الفاعلة للقوى السياسية فيها وفقاً لخصوصية كل حزب سياسي في التصدي بالتقليل من نسبة البطالة والحد منها، وتشجيع الأنشطة المنتجة للصناعة المحلية، وخلق فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل، وابتكار حلول ناجعة للقطاعات غير المنظمة، وهي تعد أهداف كبرى ومحاور للمبادرة التي أرادها الرئيس محمود عباس أن تكون محور في العمل الحكومي، لهذا إنه يتعين على الطبقة السياسية العليا وهي مقبلة على استحقاقات حزبية وانتخابية في أفق هذا العام 2012م، أن تجعل في صلب اهتماماتها بلورة مشاريع تنموية ملموسة لتجسيد هذه الرؤية، لأن أهدافها التنموية تشكل جوهر الانشغالات اليومية للمواطن الفلسطيني، والمحك الحقيقي لإعادة الاعتبار للعمل السياسي الحزبي الذي للأسف فقد شعبيته خلال السنوات الماضية.
إن توجيه الخطاب السياسي المتزن والمسؤول للقيادات الحزبية الفلسطينية هو العمل على وضع إرادة لدى الأحزاب السياسية التي تعول على المواطن في الانتخابات القادمة نقابية، بلدية، تشريعية، رئاسية، في تثبيت أفكارها وتصوراتها والتي تريد ثقة الناس والفئات الاجتماعية المستهدفة بالتنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لذا عليها أن تقنع هؤلاء ببرامجها الملتصقة بها وبطموحاتها وواقعها الاجتماعي والاقتصادي في إطار مقاربة اجتماعية بين المكونات السياسية الفلسطينية، ومن أراد النجاح في الاستحقاقات المستقبلية فعليه التفكير في بلورة برنامج ذات مشاريع ملموسة ذات جدوى ولها مفعول مباشر على المواطن دون التنظير وطرح الأفكار الجزافية والعامة، لأن الكرة ستكون في ملعب الأحزاب السياسية كي تعمل بتصورات عملية سياسية ميدانية داخل الجهاز المحلي، والتنفيذي أو التشريعي أو داخل المستويات النقابية الأخرى، لأن إعادة الاعتبار للعمل السياسي رهين بجوهر القرب السياسي للأحزاب مع المواطنين الذي يدعوها إلى تجديد آليات العمل من حيث الخطاب السياسي والهيكلة العامة لها، وإعادة النظر جوهرياً في طريقة التواصل التي تبقى موسمية وذات طابع شعبوي وسياسوي وعشائري عند بعضها، والتي لا تساعد على التقريب بين المواطن والأحزاب السياسية التي فقدت كثيراً من حظوتها داخل المجتمع الفلسطيني.
إن التجربة الفلسطينية لإدارة الانتخابات خلال الفترتين السابقتين 1996م و2006م ، ومدى شفافيتها ونزاهتها، يتضح أن للأحزاب كان دور هام في التفعيل الديمقراطي، ولكن اتضحت ملامح تلك النتائج عن عدم وجود برامج ذات مبادرة مكتملة البنيان من حيث الأهداف والوسائل والبرامج، وكان بمثابة مشاريع سياسية أنية تفتقد لمشروع سياسي اقتصادي اجتماعي لا يمكن للأحزاب أن تتذرع بغياب تطبيق رؤيتها بشكل علمي ومنهجي وواقعي ينسجم مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
إن فرصة الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية في المرحلة القادمة تتطلب ببرامجها طروحات متعلقة بالديمقراطية الاجتماعية وبث ثقافة التنمية الاقتصادية والبشرية والثقافية،وإجراء التحديث وتأطير الشباب ذات المراتب الوسطى والأدنى بمختلف توجهاتهم السياسية وتوعيتهم لينخرطوا في العملية الكبرى للأحزاب السياسية وتنظيم المواطن وتأطيره على أساس الانتماء الصادق للمصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وعدم ارتباطه باعتبارات ومرجعيات وأجندة شخصية وإقليمية ودولية، لهذا يتطلب من الجميع في المرحلة الحالية والمستقبلية عملية تقيم شاملة من خلال عقد ورش عمل في كافة محافظات الوطن ومواقعها الجغرافية ذات طابع سياسي، اجتماعي، اقتصادي، ثقافي ،حزبي ،لتأهيل فلسطين الغد لمرحلة تعتبر من أكثر المراحل خطورة على القضية والمجتمع والأرض.
ولكي يكون الدور المحتمل للانتخابات القادمة التي نأمل إجرائها خلال العام الحالي، لا بد من خلق ديناميكية خاصة داخل المجتمع الفلسطيني وتعزيز نسيجه الوطني بالإسراع بتنفيذ اتفاق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام وإعادة اللحمة المجتمعية، لتهيئ لهذا الدور ضمن رؤية جديدة للتواصل مع المواطنين والمساهمة في عملية التنمية البشرية التي تشرك كل الطاقات والهياكل الموجودة، وهي تعطي فرصة للمكونات السياسية الفلسطينية كي تتنافس بعضها على أساس المنافسة والتباري والتميز المتكافئ في الأهداف والتصورات، وللأحزاب الآن ما تشتغل به وتجتهد وتبدع عبر برامجها ومؤتمراتها وتعيد صياغة الأهداف كي لا تستمر تلك التصورات اللا محدودة القديمة والشعارات التي شبع المواطن الفلسطيني منها عبر عقود متتالية التي لا تعرف من أين تبدأ تطبيقها.
أن توجيهات السيد الرئيس محمود عباس «أبو مازن» للحكومة الحالية ولحكومة الوحدة الوطنية أن كتب لها النجاح وهذا ما يتمناه الشعب الفلسطيني إلى اعتماد مقاربة تقوم على الإصغاء والتشاور وتهيئة كافة الأجواء مع كل القوى الحية، من أحزاب سياسية، ومنظمات وهيئات ونقابات مجتمعية وخدماتية ونقابية وأهلية، تهدف إلى تفعيل دور القوى السياسية الفلسطينية على المدى القريب والمتوسط والبعيد وفق برنامج نضالي مشترك فلسطيني لمواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي، لهذا تقع على الأحزاب مسؤولية كبرى باعتبارها المؤطر الأول للمواطن تجسيدا لروح القانون الذي يمنحها هذا الدور، ولأنها تمثل الشعب في هيأته المنتخبة المحلية والبرلمانية والاتحادات والنقابات والمؤسسات المدنية والأكاديمية المختلفة الألوان، وهي مؤسسات سترجع إليها الحكومة لكي تبلور الصياغات العملية لسياساتها وبرامجها على اعتبار أن أي حكومة تريد تشكيل حكوماتها المستقبلية وعرضها على المجلس التشريعي ويقر برنامجها وميزانيتها يكون من لدية الخبرة والدراية في مناقشة الاتفاقيات والميزانيات والأداء والمراقبة على السلطة التنفيذية، بما تقتضيه من دعم بناء وايجابي، ولان يكون للأحزاب السياسية برامج واختصاصات باقتراح مشاريع القوانين ومناقشتها، فإن هذه العملية لا بد أن تظهر البرامج الحقيقية التي تأمل الأحزاب السياسية تحقيقها من خلال مؤسسات الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتنموية.
إن معظم الأحزاب السياسية الفلسطينية كشقيقاتها في الوطن العربي لا تعرف دوران سلس ومرن للنخبة فبقاء القيادات واستمراريتها لعشرات السنوات وغياب التناوب على الهرم الحزبي هي الخصائص الغالبة في معظم الأحزاب السياسية المهمة، لأنها تفتقر إلى المرونة والتغيير والمراجعة في خطاباتها السياسية وفي تحليلها للوضع العام إلا النقاشات العامة، فهناك الكثير من الأحزاب أن لم يكن جميعها، عرفت أزمات عشية انعقاد مؤتمراتها الخاصة بتجديد هياكل قواها القيادية وهذا يرجع إلى سبب رئيسي أولها بعدم تفكير الأحزاب والقوى السياسية في تحديد آليات تنظيمية واضحة للتناوب على السلطة أو عدم العمل بها والسبب الثاني عدم نشأة أحزاب جديدة ذات برامج وفعاليات ملموسة للمواطن الفلسطيني والثالث يكمن في طبيعة الأحزاب السياسية التي تنحصر معظم الصلاحيات في رئيس الحزب من الناحية الفعلية، والسؤال الأول الذي يجب طرحة ومناقشته هو سر بقاء التصلب التنظيمي والهيكل داخل الأحزاب السياسية مع ما يحمله التجديد التنظيمي وإفساح المجال أمام المشاركة السياسية الحزبية من تجديد لدماء القوة السياسية ودخول فئات مختلفة الأعمار توسع قاعدتها الاجتماعية والاقتصادية، والسؤال الثاني لماذا لا تفكر الأحزاب السياسية في فتح المنافسة في تنظيم انتخابات أولية داخلية تمكنها من ترشيح المنتخبين الأكثر شعبية التي تسمح بذلك توسيع قاعدتها الشعبية بانفتاحها على الجماهير وضمان نجاحها ووجودها.
نخلص إلى أن بعض الأحزاب السياسية الفلسطينية جزءا من مشهد الوضع الراهن المحلي والإقليمي والدولي وتثبيته وللتخلص من هذه الوضعية لا بد من التأكد على أن التغيير يأتي عبر المزيد من الديمقراطية داخل الفصائل والأحزاب السياسية أولا، وإفساح المجال لمختلف الفئات العمرية وفق اللوائح الداخلية للمشاركة في العملية السياسية استجابة للتغيرات الداخلية والخارجية مما سيشجع على عودة الحيوية إلى بعض الأحزاب السياسية التي فقدت شعبيتها.
ومن هنا لا بد من دور جديد للأحزاب والقوى السياسية مستقبلاً حول استغلال المخزون البشري المتعلم المثقف والمهني المنجز لفلسطين، يجب عليها أن تبني برامجها الاجتماعية، الاقتصادية، الإنسانية، والثقافية والمجتمعية وبرامج حماية السياسة التشريعية ليس للفترة المحصورة من انتخابات إلى انتخابات، بل لفترة بعيدة المدى بكل معنى الكلمة، لهذا لا بد أن يتجاوز فعلها الموسمي وتحركها الوقتي الذي يهدف إلى حصد أصوات ومؤيدين في زمن قياسي، لأن الوضع الجديد الذي يجب أن تعمله الأحزاب السياسية سيجعل كثيراً منها تعيد النظر في جدوى وجودها واستمرارها، وإعادة النظر في الأهداف والوسائل وآليات العمل بالنسبة لأخرى بعد إجراء الانتخابات، وسيعيد طرح ضرورة إشكالية الفكر والايدولوجيا التي تتلاءم مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، مع الالتزام بالثوابت الفلسطينية المتمثلة بكافة الحقوق الفلسطينية التي أقرتها القرارات والشرعية الدولية بالنسبة لجميع القوى السياسية الفلسطينية.
والسؤال النهائي هل سيبقى وضع بعض الأحزاب السياسية الفلسطيني يطارح مكانه ويكون وجودها مهدد داخل المجتمع المحلي الفلسطيني ويكون تمثيلها متواضعاً أم مفقود بالرغم ما قدمته من تضحيات جسام خلال عشرات السنوات الماضية، مما سيخيم عليها تساؤل عن المعنى من التواجد في المستقبل، وهذا رهين بمدى التفكير بالعمق ببرامجها وفعالياتها وتواصلها الميداني المساهم في حل مشاكل المواطنين ومتطلبات واحتياجات المرحلة المقبلة الأكثر تعقيداً وحساسية.
ومنذ تسلم الرئيس محمود عباس رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وضع الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية بكافة أطيافها في وضعية الشريك الكامل في مجمل القضايا الخاصة بالقضية الفلسطينية عبر مؤسسات م .ت. ف أو خارجها، وكان ذلك جلياً عبر خطاباته واجتماعاته ولقاءاته الرسمية والشعبية، أو الموجه عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة بإشراك المجتمع الفلسطيني بكافة فئاته وألوانه السياسية بفصائله وأحزابه دورا جديدا ومتكاملا ومشاركا مع الجانب الحكومي نحو بناء حياة ديمقراطية تنهض بالشعب الفلسطيني وتعزز صموده على الأرض والتزامه بالثوابت الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
بالإضافة إلى الدعوة بضرورة ترسيخ البرامج الحزبية للاستجابة للحاجيات والأولويات الضرورية للأشخاص الذين لديهم إمكانيات وقدرات قيادة المرحلة المقبلة والمشاركة الفاعلة للقوى السياسية فيها وفقاً لخصوصية كل حزب سياسي في التصدي بالتقليل من نسبة البطالة والحد منها، وتشجيع الأنشطة المنتجة للصناعة المحلية، وخلق فرص عمل للخريجين والعاطلين عن العمل، وابتكار حلول ناجعة للقطاعات غير المنظمة، وهي تعد أهداف كبرى ومحاور للمبادرة التي أرادها الرئيس محمود عباس أن تكون محور في العمل الحكومي، لهذا إنه يتعين على الطبقة السياسية العليا وهي مقبلة على استحقاقات حزبية وانتخابية في أفق هذا العام 2012م، أن تجعل في صلب اهتماماتها بلورة مشاريع تنموية ملموسة لتجسيد هذه الرؤية، لأن أهدافها التنموية تشكل جوهر الانشغالات اليومية للمواطن الفلسطيني، والمحك الحقيقي لإعادة الاعتبار للعمل السياسي الحزبي الذي للأسف فقد شعبيته خلال السنوات الماضية.
إن توجيه الخطاب السياسي المتزن والمسؤول للقيادات الحزبية الفلسطينية هو العمل على وضع إرادة لدى الأحزاب السياسية التي تعول على المواطن في الانتخابات القادمة نقابية، بلدية، تشريعية، رئاسية، في تثبيت أفكارها وتصوراتها والتي تريد ثقة الناس والفئات الاجتماعية المستهدفة بالتنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، لذا عليها أن تقنع هؤلاء ببرامجها الملتصقة بها وبطموحاتها وواقعها الاجتماعي والاقتصادي في إطار مقاربة اجتماعية بين المكونات السياسية الفلسطينية، ومن أراد النجاح في الاستحقاقات المستقبلية فعليه التفكير في بلورة برنامج ذات مشاريع ملموسة ذات جدوى ولها مفعول مباشر على المواطن دون التنظير وطرح الأفكار الجزافية والعامة، لأن الكرة ستكون في ملعب الأحزاب السياسية كي تعمل بتصورات عملية سياسية ميدانية داخل الجهاز المحلي، والتنفيذي أو التشريعي أو داخل المستويات النقابية الأخرى، لأن إعادة الاعتبار للعمل السياسي رهين بجوهر القرب السياسي للأحزاب مع المواطنين الذي يدعوها إلى تجديد آليات العمل من حيث الخطاب السياسي والهيكلة العامة لها، وإعادة النظر جوهرياً في طريقة التواصل التي تبقى موسمية وذات طابع شعبوي وسياسوي وعشائري عند بعضها، والتي لا تساعد على التقريب بين المواطن والأحزاب السياسية التي فقدت كثيراً من حظوتها داخل المجتمع الفلسطيني.
إن التجربة الفلسطينية لإدارة الانتخابات خلال الفترتين السابقتين 1996م و2006م ، ومدى شفافيتها ونزاهتها، يتضح أن للأحزاب كان دور هام في التفعيل الديمقراطي، ولكن اتضحت ملامح تلك النتائج عن عدم وجود برامج ذات مبادرة مكتملة البنيان من حيث الأهداف والوسائل والبرامج، وكان بمثابة مشاريع سياسية أنية تفتقد لمشروع سياسي اقتصادي اجتماعي لا يمكن للأحزاب أن تتذرع بغياب تطبيق رؤيتها بشكل علمي ومنهجي وواقعي ينسجم مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية.
إن فرصة الأحزاب والقوى السياسية الفلسطينية في المرحلة القادمة تتطلب ببرامجها طروحات متعلقة بالديمقراطية الاجتماعية وبث ثقافة التنمية الاقتصادية والبشرية والثقافية،وإجراء التحديث وتأطير الشباب ذات المراتب الوسطى والأدنى بمختلف توجهاتهم السياسية وتوعيتهم لينخرطوا في العملية الكبرى للأحزاب السياسية وتنظيم المواطن وتأطيره على أساس الانتماء الصادق للمصلحة العليا للشعب الفلسطيني، وعدم ارتباطه باعتبارات ومرجعيات وأجندة شخصية وإقليمية ودولية، لهذا يتطلب من الجميع في المرحلة الحالية والمستقبلية عملية تقيم شاملة من خلال عقد ورش عمل في كافة محافظات الوطن ومواقعها الجغرافية ذات طابع سياسي، اجتماعي، اقتصادي، ثقافي ،حزبي ،لتأهيل فلسطين الغد لمرحلة تعتبر من أكثر المراحل خطورة على القضية والمجتمع والأرض.
ولكي يكون الدور المحتمل للانتخابات القادمة التي نأمل إجرائها خلال العام الحالي، لا بد من خلق ديناميكية خاصة داخل المجتمع الفلسطيني وتعزيز نسيجه الوطني بالإسراع بتنفيذ اتفاق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام وإعادة اللحمة المجتمعية، لتهيئ لهذا الدور ضمن رؤية جديدة للتواصل مع المواطنين والمساهمة في عملية التنمية البشرية التي تشرك كل الطاقات والهياكل الموجودة، وهي تعطي فرصة للمكونات السياسية الفلسطينية كي تتنافس بعضها على أساس المنافسة والتباري والتميز المتكافئ في الأهداف والتصورات، وللأحزاب الآن ما تشتغل به وتجتهد وتبدع عبر برامجها ومؤتمراتها وتعيد صياغة الأهداف كي لا تستمر تلك التصورات اللا محدودة القديمة والشعارات التي شبع المواطن الفلسطيني منها عبر عقود متتالية التي لا تعرف من أين تبدأ تطبيقها.
أن توجيهات السيد الرئيس محمود عباس «أبو مازن» للحكومة الحالية ولحكومة الوحدة الوطنية أن كتب لها النجاح وهذا ما يتمناه الشعب الفلسطيني إلى اعتماد مقاربة تقوم على الإصغاء والتشاور وتهيئة كافة الأجواء مع كل القوى الحية، من أحزاب سياسية، ومنظمات وهيئات ونقابات مجتمعية وخدماتية ونقابية وأهلية، تهدف إلى تفعيل دور القوى السياسية الفلسطينية على المدى القريب والمتوسط والبعيد وفق برنامج نضالي مشترك فلسطيني لمواجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي، لهذا تقع على الأحزاب مسؤولية كبرى باعتبارها المؤطر الأول للمواطن تجسيدا لروح القانون الذي يمنحها هذا الدور، ولأنها تمثل الشعب في هيأته المنتخبة المحلية والبرلمانية والاتحادات والنقابات والمؤسسات المدنية والأكاديمية المختلفة الألوان، وهي مؤسسات سترجع إليها الحكومة لكي تبلور الصياغات العملية لسياساتها وبرامجها على اعتبار أن أي حكومة تريد تشكيل حكوماتها المستقبلية وعرضها على المجلس التشريعي ويقر برنامجها وميزانيتها يكون من لدية الخبرة والدراية في مناقشة الاتفاقيات والميزانيات والأداء والمراقبة على السلطة التنفيذية، بما تقتضيه من دعم بناء وايجابي، ولان يكون للأحزاب السياسية برامج واختصاصات باقتراح مشاريع القوانين ومناقشتها، فإن هذه العملية لا بد أن تظهر البرامج الحقيقية التي تأمل الأحزاب السياسية تحقيقها من خلال مؤسسات الدولة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتنموية.
إن معظم الأحزاب السياسية الفلسطينية كشقيقاتها في الوطن العربي لا تعرف دوران سلس ومرن للنخبة فبقاء القيادات واستمراريتها لعشرات السنوات وغياب التناوب على الهرم الحزبي هي الخصائص الغالبة في معظم الأحزاب السياسية المهمة، لأنها تفتقر إلى المرونة والتغيير والمراجعة في خطاباتها السياسية وفي تحليلها للوضع العام إلا النقاشات العامة، فهناك الكثير من الأحزاب أن لم يكن جميعها، عرفت أزمات عشية انعقاد مؤتمراتها الخاصة بتجديد هياكل قواها القيادية وهذا يرجع إلى سبب رئيسي أولها بعدم تفكير الأحزاب والقوى السياسية في تحديد آليات تنظيمية واضحة للتناوب على السلطة أو عدم العمل بها والسبب الثاني عدم نشأة أحزاب جديدة ذات برامج وفعاليات ملموسة للمواطن الفلسطيني والثالث يكمن في طبيعة الأحزاب السياسية التي تنحصر معظم الصلاحيات في رئيس الحزب من الناحية الفعلية، والسؤال الأول الذي يجب طرحة ومناقشته هو سر بقاء التصلب التنظيمي والهيكل داخل الأحزاب السياسية مع ما يحمله التجديد التنظيمي وإفساح المجال أمام المشاركة السياسية الحزبية من تجديد لدماء القوة السياسية ودخول فئات مختلفة الأعمار توسع قاعدتها الاجتماعية والاقتصادية، والسؤال الثاني لماذا لا تفكر الأحزاب السياسية في فتح المنافسة في تنظيم انتخابات أولية داخلية تمكنها من ترشيح المنتخبين الأكثر شعبية التي تسمح بذلك توسيع قاعدتها الشعبية بانفتاحها على الجماهير وضمان نجاحها ووجودها.
نخلص إلى أن بعض الأحزاب السياسية الفلسطينية جزءا من مشهد الوضع الراهن المحلي والإقليمي والدولي وتثبيته وللتخلص من هذه الوضعية لا بد من التأكد على أن التغيير يأتي عبر المزيد من الديمقراطية داخل الفصائل والأحزاب السياسية أولا، وإفساح المجال لمختلف الفئات العمرية وفق اللوائح الداخلية للمشاركة في العملية السياسية استجابة للتغيرات الداخلية والخارجية مما سيشجع على عودة الحيوية إلى بعض الأحزاب السياسية التي فقدت شعبيتها.
ومن هنا لا بد من دور جديد للأحزاب والقوى السياسية مستقبلاً حول استغلال المخزون البشري المتعلم المثقف والمهني المنجز لفلسطين، يجب عليها أن تبني برامجها الاجتماعية، الاقتصادية، الإنسانية، والثقافية والمجتمعية وبرامج حماية السياسة التشريعية ليس للفترة المحصورة من انتخابات إلى انتخابات، بل لفترة بعيدة المدى بكل معنى الكلمة، لهذا لا بد أن يتجاوز فعلها الموسمي وتحركها الوقتي الذي يهدف إلى حصد أصوات ومؤيدين في زمن قياسي، لأن الوضع الجديد الذي يجب أن تعمله الأحزاب السياسية سيجعل كثيراً منها تعيد النظر في جدوى وجودها واستمرارها، وإعادة النظر في الأهداف والوسائل وآليات العمل بالنسبة لأخرى بعد إجراء الانتخابات، وسيعيد طرح ضرورة إشكالية الفكر والايدولوجيا التي تتلاءم مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، مع الالتزام بالثوابت الفلسطينية المتمثلة بكافة الحقوق الفلسطينية التي أقرتها القرارات والشرعية الدولية بالنسبة لجميع القوى السياسية الفلسطينية.
والسؤال النهائي هل سيبقى وضع بعض الأحزاب السياسية الفلسطيني يطارح مكانه ويكون وجودها مهدد داخل المجتمع المحلي الفلسطيني ويكون تمثيلها متواضعاً أم مفقود بالرغم ما قدمته من تضحيات جسام خلال عشرات السنوات الماضية، مما سيخيم عليها تساؤل عن المعنى من التواجد في المستقبل، وهذا رهين بمدى التفكير بالعمق ببرامجها وفعالياتها وتواصلها الميداني المساهم في حل مشاكل المواطنين ومتطلبات واحتياجات المرحلة المقبلة الأكثر تعقيداً وحساسية.