صفحة 1 من 1

تركيا وفلسطين وأمريكا وقوانين العنصريات !

مرسل: الثلاثاء يوليو 24, 2012 6:47 pm
بواسطة عبدالله المغامس 36
قدّمت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي مشروع قانون في نهاية شهر سبتمبر الماضي 2007م ينصُّ على اعتبار الجرائم التي نفذها العثمانيون بحق الأرمن في الحرب الأولى 1915 إبادة جماعية .
هل يمكن أن يحاسب اتراك الألفية الثالثة على أخطاء حكامهم في أواخر الألفية الثانية ؟
وإذا كان ذلك سيصبح قانونا ، فلماذا لا يشمل كل جرائم الإبادة التي جرت طوال فترات التاريخ ، مع العلم بأن تاريخ العالم ليس سوى مجموعة من المذابح والمجازر ؟
إن الهدف من مشروع القانون السابق هو محاصرة تركيا واتهامها بالعنصرة أو العنصرية !
ما الذي بدّل الأغنية الأمريكية : " تركيا هي الدولة المسلمة العلمانية المعتدلة التي ينبغي التعاون معها لقمع الأصوليات ... إلى أغنية جديدة وهي : " تركيا هي المسلمة العنصرية التي تسير في ركب الأصوليات"؟!
أولا أنا ضد كل المجازر التي ارتكبها الطغاة ضد الأبرياء بسبب العرق أو الانتماء الفكري والديني ، كما أنني أعتبر ما قام به الجيش التركي في حق العرب والأتراك والأرمن جميعهم جرائم حرب .
ومن يدرس التاريخ يعرف بأن الحكام الأتراك أنفسهم أعترفوا بالجريمة وشكلوا المحاكم لمحاكمة المسؤولين عن المجازر في حق الأرمن ، وبالأضافة إلى ذلك فقد طالب المسؤولون الأتراك عام 1919 بتشكيل لجنة دولية لمحاكمة المسؤولين عن المجازر من أمثال طلعت باشا وأنور باشا وجمال باشا الذي أسماه العرب (الجزار) ! وهذا اعترافٌ بالمسؤولية التاريخية !
بالتأكيد فإن مقترحي مشروع القانون السابق يدركون بأن معظم شعوب الأرض تعيش اليوم في عصر [ فقدان] الذاكرة التاريخية ، لأنهم لو أيقنوا بأن هناك من يتابعون أحداث التاريخ لساءلوا مقترحي القانون السابق عن المجازر الأمريكية في حق الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين أولا والأسيويين الصفر كوريين وفيتناميين ثانيا والعرب العراقيين السمر ثالثا ، ولماذا لم يجتهد الأمريكيون في سن القوانين التي تعيد لكل هؤلاء حقوقهم .
كيف تمكن الأمريكيون من [ طمس] معالم أبشع جرائم التاريخ ، وهي جريمة إلقاء القنبلة الهيدروجينية على هيروشيما ونجازاكي وإفناء معظم سكانهما ، ولم يتمكن حتى اللحظة أي فرد من المطالبة بمحاسبة آباء المسؤولين الحاليين من الرؤساء الأمريكيين الذين يتبعون آباءهم ويسيرون على منوالهم ألا يستحق هذا الملف مشروع قانون يحاسب المسؤولين عن هذه الإبادة الجماعية ضد كل سكان المدينتين المنكوبتين من الأبرياء ؟!
والأغرب من ذلك والأعجب : لماذا ظلت أمريكا صامتة على المجازر في حق الأرمن حتى اليوم ، ولم تفتح الملف على الرغم من أن هذا الملف بدأ عام 1891م واستمر حتى الحرب الأولى 1914- 1919 ؟!
كما أن أمريكا تدعي بأنها حامية (الديموقراطية) في العالم ..فكيف يُعاقب الأبناء بجرائم الآباء ؟ ألا يتنافى ذلك مع أسس الديموقراطية ومفاهيمها ؟!!
والأعجب أيضا بأن انجلترا وفرنسا تحالفت مع تركيا ضد روسيا في حرب القرم 1853م وغضت الدولتان الطرف حينها عن أفعال تركيا في أرمينيا وقام الأسطول البريطاني والفرنسي بذبح عشرات آلاف الروس في إسباستبول كأبشع مذابح التاريخ التي تستحق أيضا مشروع قانون آخر !! .
إذن : ما حكم من يعاقب الروس الشيوعيين على مجازر القياصرة في حق الروس وغيرهم من الشعوب ألا يستحق الأمر قانونا ضد العنصرية القيصرية لتعويض أحفاد المتضررين من مجازر القياصرة ضد الروس الأبرياء وضد اليهود أيضا ؟!
ومن يعاقب ألمان اليوم بجريرة أجدادهم القدماء الكاثوليك الذين ذبحوا إخوانهم البروتستانت وفاق عدد المذبوحين عدة ملايين لأنهم كانوا من أتباع مارتن لوثر وكالفن في القرن السادس عشر ألا يستحق أحفاد المتضررين مشروع قانون آخر ؟!
ومن يعاقب فرنسا الحرة اليوم بجريرة فرنسا الإمبريالية القديمة التي ارتكبت أبشع المذابح في حق الثائرين الجزائريين والتونسيين والمغاربة والسوريين أليس من حق العرب أن يشرعوا قانونا للمطالبة بحقوقهم ؟!
ومن يفرض قانون [ العنصرة] الجديد على إيطاليا الانفتاح والحرية بجريمة الطاغية موسوليني ومجازره في ليبيا والحبشة وغيرها من بلدان العالم ألا يحتاج أبناء المذبوحين مشروع قانون آخر ؟!
وبعد
إليكم هذا الموضوع الذي نشرته صحيفة هارتس في ملحقها صباح يوم 28/9/2007م والموضوع بعنوان : مقتطفات لم تنشر من مذكرات وزير الخارجية الإسرائيلية في الخمسينات من القرن السالف :
" يقول موشيه شاريت : " لقد خطط وزير الأمن بنحاس لافون لنشر بكتيريا سامة في المناطق المحاذية لسوريا وفي قطاع غزة لهدف إبادة عدد كبير من السكان "
وهذا الاعتراف من واقع المذكرات أعاد إلى ذاكرتي نشر مرض التيفوئيد في عكا بين المُهجَّرين الفلسطينيين بتلويث مياه المجاري عام 1948 ونشر الكوليرا في غزة أيضا !
ومن المعروف أن بنحاس لافون هو الذي اغتال اللورد موين في مصر لإحداث أزمة بين مصر وبريطانيا كما أن بنحاس لافون هو مبتدع الطرود المفخخة التي كانت تنفجر في وجوه الفلسطينيين والثوار العرب .
ولا أريد أن أعدد المجازر التي ذُكرت في الأرشيف الإسرائيلي بعد أن أفرج عنه الإسرائيليون بعد مرور خمسين عاما لأنها كثيرة وعديدة وتدخل في باب الإبادة الجماعية أيضا ، وكثير من المجازر ظلت مجهولة وشفاهية إلى أن نبشها المؤرخون الجدد في إسرائيل فبارك الله فيهم !
ولا أريد أن أذكر عدد المجازر التي لم يشملها الأرشيف ، والتي ما تزال مستمرة حتى كتابة هذا المقال ، فلا أريد أن أذكر آخر أسوار العبودية في الألفية الثالثة وهو ( الجدار العنصري) الذي يقسم السكان إلى أسياد أغنياء ومستضعفين فقراء ، ولا أريد أن أذكر عدد الشوارع في الضفة الغربية التي يحظر على الجنس الفلسطيني أن يقترب منها أو يمر بها حتى الآن!
وكل ما سبق لا يكفي بأن يعلن واضعو قانون [ العنصريات] بأن إسرائيل ترتكب أبشع ألوان العنصريات المتوالية في عنفوان الألفية الثالثة ، بل يجب عليهم أن يطالبوا بمحاكمة جنرالات الحرب الإسرائيليين !!
والأغرب والأعجب في عصرنا عصر (الدهشة المفجعة ) أن مقترحي قوانين العنصريات والناشطين في مجال سن القوانين التي تحاكم العنصريات عملوا طوال سنوات عديدة لكي يبرئوا إسرائيل من تهمة العنصرة التي أقرتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة ويمسحوا عن جبينها هذه التهمة ... وللعلم فقط فقد قامت بعض دول العرب بدور كبير لإزالة تهمة [ العنصرة] عن إسرائيل وفق القول :
من عفا وأصلح فأجره على الله !! والله من وراء القصد !