التنمية السياسية ودور الاحزاب السياسية
مرسل: الثلاثاء يوليو 24, 2012 7:16 pm
لعبت الأحزاب السياسية من الناحية التاريخية دورا في التحولات السياسية عبر العالم، سواء من حيث التحرر أو مواجهة الحكومات الاستبدادية، أو من خلال دورها في طرح البرامج ومناقشة ونقد السياسات الحكومية والتنموية، مما جعل كثير من الدارسين في أدبيات التنمية السياسية مثل "جوزيف لابالومبارا" و"ميرون وينر" يشيرون إلى أهمية الأحزاب السياسية من خلال دورها التعبوي أو البرنامجي في التنمية السياسية، هذه العملية التي يصفها صموئيل هنتيجتون بأنها عملية معقدة وراديكالية وطويلة الأمد وغير قابلة للرجوع إلى الوراء.
والتنمية السياسية مرتبطة-لدى صموئيل هنتيجتون-بالعلاقة بين المؤسسة السياسية-من ناحية- والمشاركة السياسية-من ناحية أخرى.
ويعرف "جابريل الموند" التنمية السياسية بأنها: الزيادة في مستوى التمايز البنيوي والتخصص الوظيفي في النظام السياسي، والذي يمكنه من الاستجابة لمختلف الحاجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.
ويعرف "لوسيان باي" التنمية السياسية بأنها "زيادة النظام السياسي في قدراته، من حيث تسيير الشؤون العامة وضبط النزاعات وتلبية المطالب، والزيادة في التوجه نحو المساواة من خلال المشاركة السياسية والانتقال من ثقافة الخضوع إلى ثقافة المشاركة، سواء من خلال طرق ديمقراطية (الاقتراع العام)، او من خلال زيادة التعبئة السياسية، إضافة إلى التعين في المناصب العامة على أساس الجدارة وليس عبر الطرق التقليدية.
وتعتبر الأحزاب السياسية صاحبة الدور الرئيسي والرافعة الحقيقية في عملية التنمية السياسية في أي بلد، لأنها مع غيرها من المؤسسات المدنية الوطنية ليست سلعا جاهزة تستوردها البلاد ، وإنما نتاج مجتمعها وظروفه الخاصة.
ولكن لكل بلد في العالم بيئته وظروفه الخاصة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أفرزتها، لذا يجب التعرف عليها بشكل عميق لتجاوز تلك الظروف من خلال دور الاحزاب السياسية والتقدم نحو التنمية والتحديث.
لان تدهور وضعف الأحزاب في أي بلد وانعدام فعاليتها يسهم في تكريس التخلف أكثر مما يسهم في التخلص منه.
وتشير دراسات الى ان الاحزاب السياسية أخفقت في تحقيق التنمية في العالم الثالث وفشلت في بناء تنظيمات حزبية قادرة على قيادة عملية التنمية بكفاية.
واستنادا الى مجمل دراسات "التنمية السياسية" فان المقومات الأساسية لمفهوم التنمية السياسية التي يفترض ان يسعى إليها المجتمع، أنما تتمثل في ثلاثة مفاهيم أساسية هي:"المساواة" و"التمايز" و"القدرة".(الأحزاب السياسية في العالم الثالث، د.أسامة الغزالي حرب، عالم المعرفة عدد 117، أيلول،1987).
والمساواة، بمعنى ان تسود في المجتمع قواعد ونظم قانونية تتسم بالعمومية، وتنطبق على جميع الإفراد فيه بغض النظر عن اختلافاتهم في الدين او الطبقة أو الأصل العرقي. وان يكون تولي المناصب العامة في هذا المجتمع قائما على الكفاية والتفوق والقدرة على الانجاز وليس على اعتبارات ضيقة أخرى مثل القرابة والنسب والعلاقات الشخصية.
كما يعني أيضا تحقيق المزيد من المشاركة الشعبية في وضع السياسات العامة في اختيار الأشخاص لتولي المناصب العامة.(نفس المصدر السابق).
والتمايز بمعنى التخصص والفصل بين الأدوار، وكذلك بين المؤسسات والاتحادات في المجتمع الأخذ في التحديث. فكلما تقدم النظام السياسي في طريق التنمية السياسية كلما زاد تعقد الأبنية فيه، وكلما تزايد عدد الوحدات السياسية والإدارية.
فيما القدرة تعني ضرورة توافر قدرات معينة للنظام السياسي، مثل قدرته، ليس فقط على إزالة الانقسامات ومعالجة التوترات في المجتمع، وإنما أيضا على الاستجابة للمطالب الشعبية بالمشاركة والعدالة التوزيعية المرتبطة بالمساواة. وكذلك قدرته على الإبداع والتكيف في مواجهة التغيرات المستمرة التي يمر بها المجتمع.
وقد انطوى تعبير التنمية السياسية (منتصف الخمسينات الى منتصف الستينات) على الاعتقاد بان جوهر التنمية انما يتمثل في تحول المجتمعات المتخلفة من الناحية التقليدية الى الحالة "الحديثة"، الامر الذي يمثل مجرد "مشكلة فنية".
وتواجه عملية التنمية السياسية العديد من الازمات بحسب دارسوها والمتمثلة بأزمة الهوية/والشرعية/والمشاركة/والتغلغل إضافة الى التوزيع.
أزمة الهوية تحدث عندما يصعب انصهار كافة أفراد المجتمع في بوتقة واحدة، تتجاوز انتماءاتهم التقليدية او الضيقة، وتتغلب على آثار الانتقال الى المجتمع العصري بتعقيداته المختلفة،بحيث يشعرون بالانتماء الى ذلك المجتمع والتوحد معه.
اما ازمة الشرعية: فتتعلق بعدم تقبل المواطنين المحكومين بنظام سياسي، او نخبة حاكمة باعتباره غير شرعي او لا يتمتع بالشرعية، أي لا يتمتع بسند او أساس يخوله الحكم واتخاذ القرارات. وقد يستند هذا السند او الأساس الى الطابع "الكاريزمي" او التاريخي للزعيم او الى الدين او الأعراف او التقاليد او القانون.
ازمة المشاركة: أي الازمة الناتجة عن عدم تمكن الأعداد المتزايدة من المواطنين من الإسهام في الحياة العامة لبلادهم. مثل المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية او اختيار المسؤولين الحكوميين . وتحدث هذه الازمة عندما لا تتوفر مؤسسات سياسية معنية يمكن ان تستوعب القوى الراغبة في تلك المشاركة.
فيما ازمة التغلغل: أي عدم قدرة الحكومة على التغلغل والنفاذ الى كافة أنحاء أقاليم الدولة وفرض سيطرتها عليها، وكذلك التغلغل الى كافة الابنية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.
ازمة التوزيع: فتتعلق بمهمة النظام السياسي في توزيع الموارد والمنافع المادية وغير المادية في المجتمع، وقد تعني مشكلة التوزيع ليس فقط توزيع عوائد التنمية وإنما أيضا توزيع أعباء التنمية. وفي تلك الأزمة يلتقي علم السياسة مع علم الاقتصاد وتثور مشكلة المعايير التي ينبغي الاعتماد عليها في تحقيق هذا التوزيع.
وسعى صمويل هنتيجتون الى توضيح ما يسميه "التحلل" الذي يصيب المجتمعات المتخلفة في سياق عملية التحديث، يقر هنتيجتون من الناحية العملية ان حدوث بعض مظاهر التحضير، والتعليم والتصنيع وزيادة الدخل الفردي، إضافة الى اتساع وسائل الأعلام الجماهيري.. لا يعني بالضرورة التحول الى بعض المظاهر الأخرى المرتبطة بالتحديث السياسي مثل الديمقراطية والاستقرار والتمايز النيابي، وأنماط الانجاز، إضافة الى التكامل القومي.
وتشير الدراسات ان مفهوم التنمية السياسية برز في عقد الخمسينيات والستينيات، وأقترن بدول العالم الثالث وبتطوير نظمها السياسية ، حيث تهتم التنمية بدراسة العلاقة بين المجتمع والنظام السياسي، ورافق تطور هذا المفهوم العديد من المصطلحات السياسية في العالم ، تلتقي في الكثير من جوانبها بالتنمية السياسية ، مثل الإصلاح والتحديث السياسي ، والتحول الديمقراطي ، والتعددية.
وعملية التنمية السياسية تعزز الاستقرار العام والسلم الاجتماعي، ويضع التعريف عدة آليات لتحقيق التنمية السياسية ، وذلك عن طريق تطوير القوانين الناظمة للشؤون العامة، و تحفيز المشاركة الشعبية، وإعادة تنظيم الهياكل المؤسسية العامة، والانتقال بمفاهيم التكيف والولاء والانتماء والمشاركة من مراحلها النظرية، إلى حيز التطبيق الذي ينظم العلاقة بين الأفراد والجماعات، وبين السلطات الحاكمة .
ويؤكد البعض في تعريفه لمفهوم التنمية السياسية على دور الدولة في توسيع المشاركة السياسية باعتبارها المرجعية الأعلى لصناعة القرار ، واضعاً المسؤولية الأولى على النظام السياسي لتحفيز المواطنين على المشاركة السياسية من خلال الانتخاب والترشيح او الانتماء الحزبي، والعضوية في النقابات والجمعيات ، ويذهب الى أن الدولة يجب أن تتبنى السياسات لتحقيق تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات، في ظل حماية القانون .
تشكل الأحزاب المحور الأساسي في العملية الديمقراطية في أي مكان في عالمنا هذا، وبدون وجود أحزاب سياسية فانه لا يمكن الحديث أبدا عن وجود ديمقراطية أو شبه ديمقراطية أو حتى ديمقراطية كاملة المعالم واضحة الأركان، فأما ديمقراطية كاملة أو ديكتاتورية شاملة ولا حلول وسط بينهما.
ويرتبط مصطلح التنمية السياسية دائماً بالأحزاب السياسية والدور المناط بها لتحقيق هذه التنمية (الإصلاح) أو على الأقل وجود دور لها في عملية تحقيق الإصلاح أو التنمية السياسية، بما يقود إلى وضع الأسس الراسخة لقيام المجتمع الديمقراطي المبني على التعددية وصولاً إلى مبدأ تداول السلطة السلمي بين الأحزاب أو التيارات المختلفة كما هو سائد الآن في العالم الغربي الديمقراطي.
والحديث عن دور الأحزاب في الإصلاح السياسي في الوطن العربي يجبرنا على الخوض في عنوان عريض هو الديمقراطية في الوطن العربي، فلا يمكن أن نتحدث عن أي إصلاحات سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية وثقافية دون الغوص في تفاصيل الديمقراطية السائدة في عالمنا العربي والمشاركة بصورة فاعلة وحقيقية في هذه العملية، لا أن يكون دورها مجرد ديكور ديمقراطي جميل لا يستر عورة الديمقراطية أو الإصلاح.
فالديمقراطية (تراث أنساني) تقوم على أساس المساواة الكاملة بين المواطنين لان المواطن الملتزم بقيم الديمقراطية لا يقبل الاستبداد والاستعباد بحق الآخرين هذا سيكرس مبادئ المجتمع الديمقراطي المبني على المساواة والكرامة والحرية الذي يفرض سيادة العدل.
انتهى
والتنمية السياسية مرتبطة-لدى صموئيل هنتيجتون-بالعلاقة بين المؤسسة السياسية-من ناحية- والمشاركة السياسية-من ناحية أخرى.
ويعرف "جابريل الموند" التنمية السياسية بأنها: الزيادة في مستوى التمايز البنيوي والتخصص الوظيفي في النظام السياسي، والذي يمكنه من الاستجابة لمختلف الحاجات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.
ويعرف "لوسيان باي" التنمية السياسية بأنها "زيادة النظام السياسي في قدراته، من حيث تسيير الشؤون العامة وضبط النزاعات وتلبية المطالب، والزيادة في التوجه نحو المساواة من خلال المشاركة السياسية والانتقال من ثقافة الخضوع إلى ثقافة المشاركة، سواء من خلال طرق ديمقراطية (الاقتراع العام)، او من خلال زيادة التعبئة السياسية، إضافة إلى التعين في المناصب العامة على أساس الجدارة وليس عبر الطرق التقليدية.
وتعتبر الأحزاب السياسية صاحبة الدور الرئيسي والرافعة الحقيقية في عملية التنمية السياسية في أي بلد، لأنها مع غيرها من المؤسسات المدنية الوطنية ليست سلعا جاهزة تستوردها البلاد ، وإنما نتاج مجتمعها وظروفه الخاصة.
ولكن لكل بلد في العالم بيئته وظروفه الخاصة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أفرزتها، لذا يجب التعرف عليها بشكل عميق لتجاوز تلك الظروف من خلال دور الاحزاب السياسية والتقدم نحو التنمية والتحديث.
لان تدهور وضعف الأحزاب في أي بلد وانعدام فعاليتها يسهم في تكريس التخلف أكثر مما يسهم في التخلص منه.
وتشير دراسات الى ان الاحزاب السياسية أخفقت في تحقيق التنمية في العالم الثالث وفشلت في بناء تنظيمات حزبية قادرة على قيادة عملية التنمية بكفاية.
واستنادا الى مجمل دراسات "التنمية السياسية" فان المقومات الأساسية لمفهوم التنمية السياسية التي يفترض ان يسعى إليها المجتمع، أنما تتمثل في ثلاثة مفاهيم أساسية هي:"المساواة" و"التمايز" و"القدرة".(الأحزاب السياسية في العالم الثالث، د.أسامة الغزالي حرب، عالم المعرفة عدد 117، أيلول،1987).
والمساواة، بمعنى ان تسود في المجتمع قواعد ونظم قانونية تتسم بالعمومية، وتنطبق على جميع الإفراد فيه بغض النظر عن اختلافاتهم في الدين او الطبقة أو الأصل العرقي. وان يكون تولي المناصب العامة في هذا المجتمع قائما على الكفاية والتفوق والقدرة على الانجاز وليس على اعتبارات ضيقة أخرى مثل القرابة والنسب والعلاقات الشخصية.
كما يعني أيضا تحقيق المزيد من المشاركة الشعبية في وضع السياسات العامة في اختيار الأشخاص لتولي المناصب العامة.(نفس المصدر السابق).
والتمايز بمعنى التخصص والفصل بين الأدوار، وكذلك بين المؤسسات والاتحادات في المجتمع الأخذ في التحديث. فكلما تقدم النظام السياسي في طريق التنمية السياسية كلما زاد تعقد الأبنية فيه، وكلما تزايد عدد الوحدات السياسية والإدارية.
فيما القدرة تعني ضرورة توافر قدرات معينة للنظام السياسي، مثل قدرته، ليس فقط على إزالة الانقسامات ومعالجة التوترات في المجتمع، وإنما أيضا على الاستجابة للمطالب الشعبية بالمشاركة والعدالة التوزيعية المرتبطة بالمساواة. وكذلك قدرته على الإبداع والتكيف في مواجهة التغيرات المستمرة التي يمر بها المجتمع.
وقد انطوى تعبير التنمية السياسية (منتصف الخمسينات الى منتصف الستينات) على الاعتقاد بان جوهر التنمية انما يتمثل في تحول المجتمعات المتخلفة من الناحية التقليدية الى الحالة "الحديثة"، الامر الذي يمثل مجرد "مشكلة فنية".
وتواجه عملية التنمية السياسية العديد من الازمات بحسب دارسوها والمتمثلة بأزمة الهوية/والشرعية/والمشاركة/والتغلغل إضافة الى التوزيع.
أزمة الهوية تحدث عندما يصعب انصهار كافة أفراد المجتمع في بوتقة واحدة، تتجاوز انتماءاتهم التقليدية او الضيقة، وتتغلب على آثار الانتقال الى المجتمع العصري بتعقيداته المختلفة،بحيث يشعرون بالانتماء الى ذلك المجتمع والتوحد معه.
اما ازمة الشرعية: فتتعلق بعدم تقبل المواطنين المحكومين بنظام سياسي، او نخبة حاكمة باعتباره غير شرعي او لا يتمتع بالشرعية، أي لا يتمتع بسند او أساس يخوله الحكم واتخاذ القرارات. وقد يستند هذا السند او الأساس الى الطابع "الكاريزمي" او التاريخي للزعيم او الى الدين او الأعراف او التقاليد او القانون.
ازمة المشاركة: أي الازمة الناتجة عن عدم تمكن الأعداد المتزايدة من المواطنين من الإسهام في الحياة العامة لبلادهم. مثل المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية او اختيار المسؤولين الحكوميين . وتحدث هذه الازمة عندما لا تتوفر مؤسسات سياسية معنية يمكن ان تستوعب القوى الراغبة في تلك المشاركة.
فيما ازمة التغلغل: أي عدم قدرة الحكومة على التغلغل والنفاذ الى كافة أنحاء أقاليم الدولة وفرض سيطرتها عليها، وكذلك التغلغل الى كافة الابنية الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع.
ازمة التوزيع: فتتعلق بمهمة النظام السياسي في توزيع الموارد والمنافع المادية وغير المادية في المجتمع، وقد تعني مشكلة التوزيع ليس فقط توزيع عوائد التنمية وإنما أيضا توزيع أعباء التنمية. وفي تلك الأزمة يلتقي علم السياسة مع علم الاقتصاد وتثور مشكلة المعايير التي ينبغي الاعتماد عليها في تحقيق هذا التوزيع.
وسعى صمويل هنتيجتون الى توضيح ما يسميه "التحلل" الذي يصيب المجتمعات المتخلفة في سياق عملية التحديث، يقر هنتيجتون من الناحية العملية ان حدوث بعض مظاهر التحضير، والتعليم والتصنيع وزيادة الدخل الفردي، إضافة الى اتساع وسائل الأعلام الجماهيري.. لا يعني بالضرورة التحول الى بعض المظاهر الأخرى المرتبطة بالتحديث السياسي مثل الديمقراطية والاستقرار والتمايز النيابي، وأنماط الانجاز، إضافة الى التكامل القومي.
وتشير الدراسات ان مفهوم التنمية السياسية برز في عقد الخمسينيات والستينيات، وأقترن بدول العالم الثالث وبتطوير نظمها السياسية ، حيث تهتم التنمية بدراسة العلاقة بين المجتمع والنظام السياسي، ورافق تطور هذا المفهوم العديد من المصطلحات السياسية في العالم ، تلتقي في الكثير من جوانبها بالتنمية السياسية ، مثل الإصلاح والتحديث السياسي ، والتحول الديمقراطي ، والتعددية.
وعملية التنمية السياسية تعزز الاستقرار العام والسلم الاجتماعي، ويضع التعريف عدة آليات لتحقيق التنمية السياسية ، وذلك عن طريق تطوير القوانين الناظمة للشؤون العامة، و تحفيز المشاركة الشعبية، وإعادة تنظيم الهياكل المؤسسية العامة، والانتقال بمفاهيم التكيف والولاء والانتماء والمشاركة من مراحلها النظرية، إلى حيز التطبيق الذي ينظم العلاقة بين الأفراد والجماعات، وبين السلطات الحاكمة .
ويؤكد البعض في تعريفه لمفهوم التنمية السياسية على دور الدولة في توسيع المشاركة السياسية باعتبارها المرجعية الأعلى لصناعة القرار ، واضعاً المسؤولية الأولى على النظام السياسي لتحفيز المواطنين على المشاركة السياسية من خلال الانتخاب والترشيح او الانتماء الحزبي، والعضوية في النقابات والجمعيات ، ويذهب الى أن الدولة يجب أن تتبنى السياسات لتحقيق تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات، في ظل حماية القانون .
تشكل الأحزاب المحور الأساسي في العملية الديمقراطية في أي مكان في عالمنا هذا، وبدون وجود أحزاب سياسية فانه لا يمكن الحديث أبدا عن وجود ديمقراطية أو شبه ديمقراطية أو حتى ديمقراطية كاملة المعالم واضحة الأركان، فأما ديمقراطية كاملة أو ديكتاتورية شاملة ولا حلول وسط بينهما.
ويرتبط مصطلح التنمية السياسية دائماً بالأحزاب السياسية والدور المناط بها لتحقيق هذه التنمية (الإصلاح) أو على الأقل وجود دور لها في عملية تحقيق الإصلاح أو التنمية السياسية، بما يقود إلى وضع الأسس الراسخة لقيام المجتمع الديمقراطي المبني على التعددية وصولاً إلى مبدأ تداول السلطة السلمي بين الأحزاب أو التيارات المختلفة كما هو سائد الآن في العالم الغربي الديمقراطي.
والحديث عن دور الأحزاب في الإصلاح السياسي في الوطن العربي يجبرنا على الخوض في عنوان عريض هو الديمقراطية في الوطن العربي، فلا يمكن أن نتحدث عن أي إصلاحات سياسية أو اقتصادية أو حتى اجتماعية وثقافية دون الغوص في تفاصيل الديمقراطية السائدة في عالمنا العربي والمشاركة بصورة فاعلة وحقيقية في هذه العملية، لا أن يكون دورها مجرد ديكور ديمقراطي جميل لا يستر عورة الديمقراطية أو الإصلاح.
فالديمقراطية (تراث أنساني) تقوم على أساس المساواة الكاملة بين المواطنين لان المواطن الملتزم بقيم الديمقراطية لا يقبل الاستبداد والاستعباد بحق الآخرين هذا سيكرس مبادئ المجتمع الديمقراطي المبني على المساواة والكرامة والحرية الذي يفرض سيادة العدل.
انتهى