- الثلاثاء يوليو 24, 2012 11:59 pm
#53483
أولا:التحول الديمقراطي مقاربة مفاهيمية.
1- مفهوم التحول الديمقراطي.
لقد خضع مفهوم التحول الديمقراطي بإعتباره أحد المفاهيم الحديثة المطروحة على الساحة الفكرية لمحاولات معمقة للتأصيل المفاهيمي تبدت من خلال الإهتمام المتنامي لمختلف الأدبيات بهذا الموضوع.هذا وتجدر الإشارة إلى أن مختلف الدراسات رغم إهتمامها بالعديد من المواضيع،إلا أن طبيعة مفهوم التحول الديمقراطي الذي إتسم بالإتساع والشمول إلى جانب ضرورة صياغة تعريف إجرائي له فرض المزيد من الإهتمام بتأصيل هذا المفهوم.
إن محاولة التأصيل المفاهيمي للتحول الديمقراطي تستدعي الرجوع إلى الأصول اللغوية للمصطلح، فكلمة التحول لغة تعبر عن تغير نوعي في الشيء أو إنتقاله من حالة إلى أخرى.
ويشير لفظ التحول الديمقراطي لغة إلى التغير أو النقل،فيقال حول الشيء أي غيره أو نقله من مكانه .وكلمة التحول تقابلها في اللغة الإنجليزية Transition.
ويقصد بالتحول الديمقراطي في الدلالة اللفظية المرحلة الإنتقالية بين نظام غير ديمقراطي و نظام ديمقراطي ، فالنظام السياسي الذي يشهد تحولا ديمقراطيا يمر بمرحلة انتقالية بين نظام غير ديمقراطي في اتجاه التحول إلى نظام ديمقراطي.
وفي إطار محاولات تقديم تعريف للتحول الديمقراطي نجد أن أغلب محاولات التأصيل لمفهوم التحول الديمقراطي ترتبط بالأدبيات الخاصة عن الديمقراطية الكلاسيكية،لذا إرتأينا إستعراض أهم التعريفات التي قدمت لمفهوم الديمقراطية ،هذا المفهوم الذي يتسم بالإتساع والشمول ،ويحتوي على العديد من الأنماط الفرعية التي تصل إلى ما يزيد عن خمس مائة نمط مثلما عددها ديفيد كوليرDavid Colier وستيفن ليفتسكي Steven Levitsky .
“فالديمقراطية هي مجموعة من قواعد الحكم ومؤسساته ،من خلال الإدارة السليمة للجماعة المتنافسة أو المصالح المتضاربة.”
ومانلاحظه أن هذا التعريف يركز على عنصر المنافسة ،وكيفية إيجاد الوسائل اللازمة لضمان سير هذه العملية.
بناء على ذلك فالنظام الديمقراطي هو النظام الذي يسمح بمشاركة سياسية واسعة في إطار الميكانيزمات الإنتخابية ،والإعتراف بمبدأ التداول على السلطة والمشاركة في عملية إتخاذ القرارات ،فمفهوم الديمقراطية يتضمن فكرة جوهرية وهي قدرة السياسات العامة على الإستجابة لمطالب الجماهير ،وذلك عن طريق هياكل أساسية تقوم بتعبئة المصالح .
وبالرغم من تعدد التعاريف لمفهوم الديمقراطية إلا أن أكثر التعريفات شيوعا للديمقراطية في الوقت الراهن ،ترجع إلى التعريف الذي قدمه جوزيف شومبيتر Joseph Shumpeter في عمله المعروف”الرأسمالية والإشتراكية والديمقراطية”والذي يعرفها بأنها”نظام يتضمن توسيع قاعدة المشاركة في عملية صنع القرار السياسي ، والذي يتحقق من خلال الإنتخابات التنافسية.”
ويركز هذا التعريف على متغير التنافس الإنتخابي كمؤشر للديمقراطية ،وأن الديمقراطية هي نظام للسلطة السياسية يتحقق بغض النظر عن أي سمات إقتصادية أو إجتماعية،وذلك على عكس الأفكار التي سادت في الخمسينات والستينات.
وتأسيسا على ذلك فإن التحول الديمقراطي هو:”مجموعة من المراحل المتميزة تبدأ بزوال النظم السلطوية يتبعها ظهور ديمقراطيات حديثة تسعى لترسيخ نظمها ،وتعكس هذه العملية إعادة توزيع القوة بحيث يتضاءل نصيب الدولة منها لصالح مؤسسات المجتمع المدني بما يضمن نوعا من التوازن بين كل من الدولة والمجتمع ،بما يعني بلورة مراكز عديدة للقوى وقبول الجدل السياسي”.
وعليه فالتحول الديمقراطي هو عملية تهدف إلى إعادة النظر في خارطة القوة على مستوى النظام السياسي ،والعمل على إعادة التوازن بين القوى الرسمية المتمثلة في الدولة والمؤسسات غير الرسمية متمثلة في منظمات المجتمع المدني.
وفي تعريف آخر للتحول الديمقراطي فهو: عملية الإنتقال من أنظمة تسلطية إلى أنظمة ديمقراطية ،تم فيها حل أزمة الشرعية والمشاركة والهوية والتنمية،أي إنتهاج الديمقراطية كأسلوب لممارسة الأنشطة السياسية،فالتحول الديمقراطي يعني تغييرا جذريا لعلاقات السلطة في المجال السياسي وعلاقات التراتب في الحقل الإجتماعي.
ويعرفه تشارلز أندريان بأنه:”التحول من نظام إلى آخر ،أي تغير النظام القائم وأسلوب صنع السياسة الذي يتبناه النظام ،ويسميه التغير بين النظم ،وعليه التحول يعني تغييرات عميقة في الأبعاد الأساسية الثلاثة في النظام ،البعد الثقافي،البعد الهيكلي والسياسات وهذه التغيرات ناتجة عن وجود تناقضات بين هذه الأبعاد الثلاثة ،مما يؤدي إلى عجز النظام القائم على التعامل معها في ظل الإطار والأسلوب القديم.”
في هذا الإطار فإن هذا التعريف يركز على أن التحول الديمقراطي هو عملية تغيير جذري في جميع مستويات النظام.
من خلال ماسبق يتضح أن تعدد التعاريف المقدمة للتحول الديمقراطي إنما تعود لنظرة كل مفكر وتركيزه على متغير معين للتعبير عن عملية التحول الديمقراطي.
وعموما فإن التحول الديمقراطي هو مسار قد يتعرض لإنتكاسات عديدة،وتتحكم فيه العديد من العوامل سواء من البيئة الداخلية أو الخارجية
2- التحول الديمقراطي والمفاهيم المرتبطة:
في إطار تحديد مفهوم التحول الديمقراطي سعت العديد من الأدبيات السياسية إلى محاولة تأصيل عدد من المفاهيم إرتبطت بالتحول الديمقراطي كالليبرالية السياسية،الإنتقال الديمقراطي ،الرسوخ الديمقراطي…
العلاقة بين الليبرالية والتحول الديمقراطي:
فقد حرصت مختلف الأدبيات في تناولها لمفهوم التحول الديمقراطي على التمييز بين كل من الليبرالية والتحول الديمقراطي.
فالليبرالية تتضمن أهدافا متواضعة تتمثل في التخفيف من حدة القيود وتوسيع نطاق الحقوق الفردية والجماعية داخل النظام السلطوي وهي لاتعني في هذا الإطار ضرورة إرسائها لتحول ديمقراطي وإن كانت تسهم في حفز هذه العملية.
أما التحول الديمقراطي فيتجاوز هذه الحدود الضيقة لكل من الحقوق الفردية والجماعية حيث يهدف إلى تحقيق إصلاحات سياسية تعكس قدرا أكثر إتساعا من محاسبية النخبة وصياغة آليات عملية صنع القرار في إطار مؤسسي ديمقراطي.
بناء على ذلك فإن مفهوم اللبيرالية محدود المجال ويخص الحريات الفردية والجماعية،على خلاف التحول الذي يتسم بالشمول من خلال إصلاحات جذرية على جميع المستويات.
التحول الديمقراطي والإنتقال الديمقراطي:
يميز الكثير من المفكرين بين الإنتقال الديمقراطي والتحول الديمقراطي ،حيث يعتقد ون أن الإنتقال الديمقراطي هو أحد مراحل عملية التحول الديمقراطي ويعد من أخطر المراحل نظرا لإمكانية تعرض النظام فيها لإنتكاسات ،حيث أن النظام في هذه المرحلة يكون ذو طبيعة مختلطة حيث تتعايش فيه كل من مؤسسات النظام القديم والحديث ويشارك كل من ذوي الإتجاهات السلطوية والديمقراطية في السلطة سواء عن طريق الصراع أو الإتفاق.
التحول الديمقراطي والترسيخ الديمقراطي:
تميز الأدبيات العامة للديمقراطية بين التحول الديمقراطي من جهة والترسيخ الديمقراطي من جهة أخرى،فحدوث التحول الديمقراطي لايعني إستمراره وتعزيزه.ولايمكن إعتبار أن الديمقراطية قد ترسخت في مجتمع ما عندما يقبل جميع الفاعلين السياسيين الأساسيين حقيقة أن العمليات الديمقراطية هي التي تحدد وتملي التفاعلات التي تتم في داخل النظام السياسي.
1- مفهوم التحول الديمقراطي.
لقد خضع مفهوم التحول الديمقراطي بإعتباره أحد المفاهيم الحديثة المطروحة على الساحة الفكرية لمحاولات معمقة للتأصيل المفاهيمي تبدت من خلال الإهتمام المتنامي لمختلف الأدبيات بهذا الموضوع.هذا وتجدر الإشارة إلى أن مختلف الدراسات رغم إهتمامها بالعديد من المواضيع،إلا أن طبيعة مفهوم التحول الديمقراطي الذي إتسم بالإتساع والشمول إلى جانب ضرورة صياغة تعريف إجرائي له فرض المزيد من الإهتمام بتأصيل هذا المفهوم.
إن محاولة التأصيل المفاهيمي للتحول الديمقراطي تستدعي الرجوع إلى الأصول اللغوية للمصطلح، فكلمة التحول لغة تعبر عن تغير نوعي في الشيء أو إنتقاله من حالة إلى أخرى.
ويشير لفظ التحول الديمقراطي لغة إلى التغير أو النقل،فيقال حول الشيء أي غيره أو نقله من مكانه .وكلمة التحول تقابلها في اللغة الإنجليزية Transition.
ويقصد بالتحول الديمقراطي في الدلالة اللفظية المرحلة الإنتقالية بين نظام غير ديمقراطي و نظام ديمقراطي ، فالنظام السياسي الذي يشهد تحولا ديمقراطيا يمر بمرحلة انتقالية بين نظام غير ديمقراطي في اتجاه التحول إلى نظام ديمقراطي.
وفي إطار محاولات تقديم تعريف للتحول الديمقراطي نجد أن أغلب محاولات التأصيل لمفهوم التحول الديمقراطي ترتبط بالأدبيات الخاصة عن الديمقراطية الكلاسيكية،لذا إرتأينا إستعراض أهم التعريفات التي قدمت لمفهوم الديمقراطية ،هذا المفهوم الذي يتسم بالإتساع والشمول ،ويحتوي على العديد من الأنماط الفرعية التي تصل إلى ما يزيد عن خمس مائة نمط مثلما عددها ديفيد كوليرDavid Colier وستيفن ليفتسكي Steven Levitsky .
“فالديمقراطية هي مجموعة من قواعد الحكم ومؤسساته ،من خلال الإدارة السليمة للجماعة المتنافسة أو المصالح المتضاربة.”
ومانلاحظه أن هذا التعريف يركز على عنصر المنافسة ،وكيفية إيجاد الوسائل اللازمة لضمان سير هذه العملية.
بناء على ذلك فالنظام الديمقراطي هو النظام الذي يسمح بمشاركة سياسية واسعة في إطار الميكانيزمات الإنتخابية ،والإعتراف بمبدأ التداول على السلطة والمشاركة في عملية إتخاذ القرارات ،فمفهوم الديمقراطية يتضمن فكرة جوهرية وهي قدرة السياسات العامة على الإستجابة لمطالب الجماهير ،وذلك عن طريق هياكل أساسية تقوم بتعبئة المصالح .
وبالرغم من تعدد التعاريف لمفهوم الديمقراطية إلا أن أكثر التعريفات شيوعا للديمقراطية في الوقت الراهن ،ترجع إلى التعريف الذي قدمه جوزيف شومبيتر Joseph Shumpeter في عمله المعروف”الرأسمالية والإشتراكية والديمقراطية”والذي يعرفها بأنها”نظام يتضمن توسيع قاعدة المشاركة في عملية صنع القرار السياسي ، والذي يتحقق من خلال الإنتخابات التنافسية.”
ويركز هذا التعريف على متغير التنافس الإنتخابي كمؤشر للديمقراطية ،وأن الديمقراطية هي نظام للسلطة السياسية يتحقق بغض النظر عن أي سمات إقتصادية أو إجتماعية،وذلك على عكس الأفكار التي سادت في الخمسينات والستينات.
وتأسيسا على ذلك فإن التحول الديمقراطي هو:”مجموعة من المراحل المتميزة تبدأ بزوال النظم السلطوية يتبعها ظهور ديمقراطيات حديثة تسعى لترسيخ نظمها ،وتعكس هذه العملية إعادة توزيع القوة بحيث يتضاءل نصيب الدولة منها لصالح مؤسسات المجتمع المدني بما يضمن نوعا من التوازن بين كل من الدولة والمجتمع ،بما يعني بلورة مراكز عديدة للقوى وقبول الجدل السياسي”.
وعليه فالتحول الديمقراطي هو عملية تهدف إلى إعادة النظر في خارطة القوة على مستوى النظام السياسي ،والعمل على إعادة التوازن بين القوى الرسمية المتمثلة في الدولة والمؤسسات غير الرسمية متمثلة في منظمات المجتمع المدني.
وفي تعريف آخر للتحول الديمقراطي فهو: عملية الإنتقال من أنظمة تسلطية إلى أنظمة ديمقراطية ،تم فيها حل أزمة الشرعية والمشاركة والهوية والتنمية،أي إنتهاج الديمقراطية كأسلوب لممارسة الأنشطة السياسية،فالتحول الديمقراطي يعني تغييرا جذريا لعلاقات السلطة في المجال السياسي وعلاقات التراتب في الحقل الإجتماعي.
ويعرفه تشارلز أندريان بأنه:”التحول من نظام إلى آخر ،أي تغير النظام القائم وأسلوب صنع السياسة الذي يتبناه النظام ،ويسميه التغير بين النظم ،وعليه التحول يعني تغييرات عميقة في الأبعاد الأساسية الثلاثة في النظام ،البعد الثقافي،البعد الهيكلي والسياسات وهذه التغيرات ناتجة عن وجود تناقضات بين هذه الأبعاد الثلاثة ،مما يؤدي إلى عجز النظام القائم على التعامل معها في ظل الإطار والأسلوب القديم.”
في هذا الإطار فإن هذا التعريف يركز على أن التحول الديمقراطي هو عملية تغيير جذري في جميع مستويات النظام.
من خلال ماسبق يتضح أن تعدد التعاريف المقدمة للتحول الديمقراطي إنما تعود لنظرة كل مفكر وتركيزه على متغير معين للتعبير عن عملية التحول الديمقراطي.
وعموما فإن التحول الديمقراطي هو مسار قد يتعرض لإنتكاسات عديدة،وتتحكم فيه العديد من العوامل سواء من البيئة الداخلية أو الخارجية
2- التحول الديمقراطي والمفاهيم المرتبطة:
في إطار تحديد مفهوم التحول الديمقراطي سعت العديد من الأدبيات السياسية إلى محاولة تأصيل عدد من المفاهيم إرتبطت بالتحول الديمقراطي كالليبرالية السياسية،الإنتقال الديمقراطي ،الرسوخ الديمقراطي…
العلاقة بين الليبرالية والتحول الديمقراطي:
فقد حرصت مختلف الأدبيات في تناولها لمفهوم التحول الديمقراطي على التمييز بين كل من الليبرالية والتحول الديمقراطي.
فالليبرالية تتضمن أهدافا متواضعة تتمثل في التخفيف من حدة القيود وتوسيع نطاق الحقوق الفردية والجماعية داخل النظام السلطوي وهي لاتعني في هذا الإطار ضرورة إرسائها لتحول ديمقراطي وإن كانت تسهم في حفز هذه العملية.
أما التحول الديمقراطي فيتجاوز هذه الحدود الضيقة لكل من الحقوق الفردية والجماعية حيث يهدف إلى تحقيق إصلاحات سياسية تعكس قدرا أكثر إتساعا من محاسبية النخبة وصياغة آليات عملية صنع القرار في إطار مؤسسي ديمقراطي.
بناء على ذلك فإن مفهوم اللبيرالية محدود المجال ويخص الحريات الفردية والجماعية،على خلاف التحول الذي يتسم بالشمول من خلال إصلاحات جذرية على جميع المستويات.
التحول الديمقراطي والإنتقال الديمقراطي:
يميز الكثير من المفكرين بين الإنتقال الديمقراطي والتحول الديمقراطي ،حيث يعتقد ون أن الإنتقال الديمقراطي هو أحد مراحل عملية التحول الديمقراطي ويعد من أخطر المراحل نظرا لإمكانية تعرض النظام فيها لإنتكاسات ،حيث أن النظام في هذه المرحلة يكون ذو طبيعة مختلطة حيث تتعايش فيه كل من مؤسسات النظام القديم والحديث ويشارك كل من ذوي الإتجاهات السلطوية والديمقراطية في السلطة سواء عن طريق الصراع أو الإتفاق.
التحول الديمقراطي والترسيخ الديمقراطي:
تميز الأدبيات العامة للديمقراطية بين التحول الديمقراطي من جهة والترسيخ الديمقراطي من جهة أخرى،فحدوث التحول الديمقراطي لايعني إستمراره وتعزيزه.ولايمكن إعتبار أن الديمقراطية قد ترسخت في مجتمع ما عندما يقبل جميع الفاعلين السياسيين الأساسيين حقيقة أن العمليات الديمقراطية هي التي تحدد وتملي التفاعلات التي تتم في داخل النظام السياسي.