المداخل النظرية المفسرة للتحول الديمقراطي.
مرسل: الأربعاء يوليو 25, 2012 12:01 am
1-المدخل التحديثي:
بداية تجدر الإشارة إلى أن هذا المدخل (التحديثي) يؤكد على عدد من المتطلبات الإجتماعية والإقتصادية لعملية التحول الديمقراطي.ويربط بين الديمقراطية اللبيرالية والتنمية الإقتصادية.
ونعني بالتحديث:إستجلاب رموز الحضارة الحديثة وأدوات الحياة العصرية مثل التجهيزات التكنولوجية والمعدات الآلية والمنظمات ذات المسميات الحديثة وسلع الإستهلاك والرفاهية.
وبالرجوع إلى الأصول التاريخية لهذا المدخل نجد أن آدم سميث أول من عبر عن هذا الإتجاه من خلال كتابه:ثروة الأمم ، لتأكيده على الليبرالية السياسية كشرط للآداء الفعال للسوق.الذي يعتبره المحرك الأساسي للنمو الإقتصادي.فبالنسبة لآدم سميث فالحكومة التي تحكم أقل هي التي تتيح مجالا أكبر للحرية الفردية والمنافسة.
ومع هذا فالمعالجة العلمية والدقيقة للإرتباط بين الديمقراطية والتنمية تبرز من خلال إفتراضات وطروحات عالم الإجتماع السياسي الأمريكي ليبست (S.M.Lipset) وقدم ليبست أطروحته لأول مرة في 1959في مقالة تحت عنوان:”بعض الإشتراطات الإجتماعية للديمقراطية:التنمية الإقتصادية والشرعية السياسية”.
ولتأكيد أطروحته نشر في 1960 كتابه:الرجل السياسي Political Man الذي يعتبر أشهر وأهم كتاب حول هذه الأطروحة.
وحسب ليبست فإن الديمقراطية ترتبط بمستوى التنمية الإقتصادية والإجتماعية،ولإثبات هذه العلاقة قام بدراسة شملت البلدان الأوربية والبلدان الناطقة بالإنجليزية في أمريكا الشمالية وأستراليا حيث صنفها إلى:
-ديمقراطيات مستقرة
-ديمقراطيات غير مستقرة
-دكتاتوريات
وصنف بلدان أمريكا اللاتينية إلى دكتاتوريات مستقرة وغير مستقرة.وقارن هذه البلدان منخلا مؤشر درجة التصنيع والتعليم وتوصل إلى أن البلدان الأكثر ديمقراطية من بين المجموعتين كانت تتمتع بمستوى تنمية إقتصادية وإجتماعية عالية.
وقد قامت دراسات عديدة للتأكد من أطروحة ليبست الأصلية ،ومنها دراسة قام بها بولين وجاكمان(Bollen and Jakman) وتوصلا إلى نفس النتيجة من خلال تحليل إحصائي لمجموعة من العوامل التي تعتبر عادة من المحددات الأساسية للديمقراطية ،وإكتشفا أن المحدد الإقتصادي أكثر أهمية من غيره.
2- مدخل الثقافة السياسية:
بداية نشير إلى أن العامل الثقافي كان أحد العوامل المهمة في دراسة السياسة منذ نشوء علم السياسة.فإن مفهوم الثقافة السياسية يعتبر أحد المفاهيم الجديدة نسبيا في أدبيات علم السياسة.
ولقد كان العالم السياسي الأمريكي ألموند (ALMOND) أول من إستخدمه في مقالة كتبها عام 1956.ويعرف ألموند الثقافة السياسية بأنها:”مجموعة التوجهات السياسية والإتجاهات والأنماط السلوكية التي يحملها الفرد تجاه النظام السياسي ومكوناته المختلفة وتجاه دوره كفرد في النظام السياسي.”
ويعرف روي مكريديس:”الثقافة السياسية باعتبارها الأهداف المشتركة والقواعد المقبولة على نطاق واسع في المجتمع”، أما صمويل بيير فيرى :”أنها تتكون من القيم والمعتقدات والاتجاهات إزاء الحكومة، وكيف تتصرف، وما يجب أن تكون عليه.”
من خلال التعاريف المقدمة مسبقا للثقافة السياسية،تتضح العلاقة الوطيدة بين مستوى الثقافة السياسية وعملية الدمقرطة.
وفي إطار هذا المدخل فقد قام كل من ألموند وفيربا في أوائل الستينات بدراسة ميدانية رائدة في خمس دول هي:الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا الغربية وإيطاليا والمكسيك لمعرفة أنماط الثقافة السياسية وأبعادها المختلفة.وكانت نقطة التساؤل مدى إمكانية خلق ثقافة سياسية مؤيدة لبناء نظام سياسي ديمقراطي.
ويرى ألموند وفيربا أن توجهات الأفراد تجاه النظام السياسي تتحدد من خلال ثلاثة أبعاد وهي:
-الإدراك(Cognition)
-المشاعر(Affect)
- التقييم(Evaluation)
ومن خلال هذه الأبعاد قدما تصنيفا لأنماط الثقافة السياسية، وحسبهم فإن نمط الثقافة السياسية المشاركة هو النمط المعزز لبناء الديمقراطية في أي مجتمع من المجتمعات ، ويستند نمط الثقافة السياسية الديمقراطية على التجربة السياسية الأنجلوساكسونية.
وعموما يمكن القول أنه إذا كان وجود الثقافة الديمقراطية بالفعل يعد أمرا جوهريا لإنتاج نظام ديمقراطي ، فإن المشكلة في حقيقة الأمر تتمثل في أن غياب هذا النظام يعرقل بشدة إنتاج الثقافة الديمقراطية ، هذا يعني ببساطة ضرورة وجود النظام الديمقراطي لتنمية الثقافة السياسية.
وبالتالي فإن التحول الديمقراطي وفق أصحاب هذا المدخل يتطلب بناء ثقافة سياسية ديمقراطية ولتحقيق ذلك لابد من تنشئة المواطنين تنشئة سليمة ،وينتج عن ذلك إنغماس الأفراد في العمل السياسي ،والعمل على المشاركة في الحياة السياسية بكل مستوياتها ،ويتولد عن ذلك إحترام الرأي والرأي المعارض فتصبح المشاركة في الإنتخابات مشاركة حقيقية وليست تعبئة.
3-المدخل المؤسسي:
تعد المؤسسات السياسية أحد آليات ترسيخ القواعد وأسس اللعبة السياسية،وتوزيع السلطة فيما بين الفاعلين السياسيين وهي توفر آليات تمكن الأفراد والجماعات من رصد السلوك العام ،ومتابعة المساءلة السياسية ،ومنع الفساد السياسي والتعسف في السلطة.
ويعد صاموييل هنتغتون (Huntington Samoel) أبرز رواد هذا المدخل،حيث قدم دراسة نظرية مهمة في التحول الديمقراطي من خلال مؤلفه:الموجة الثالثة التحول إلى الديمقراطية في آواخر القرن العشرين.
وتشيرتحليلات صمويل هنتجتون إلى أهمية الربط بين شرعية مؤسسات النظام السياسي وموجات التحول الديمقراطي في العالم.وإعتبرت هذه التحليلات أن كافة النظم السياسية تهتم بقضية الشرعية،التي ظلت مفهوما غامضا ،بالرغم من تزايد أهميتها وما تعكسه في معناها السياسي من مطالب وتفضيلات الرأي العام.
وفي هذا الإطار يحدد هنتجتون شروط معينة لنجاح المؤسسية التي تؤدي بدورها للدمقرطة وهي:
• أن فن البناء الهندسي للدولة يجب أن يتم في إطار القيم التي يعتز بها المجتمع ويتمسك بها،وتتغلغل بعمق في النسيج الإجتماعي ،والتي يمكن أن تولد حركة إيجابية دافعة.
•رغم أن أهمية الدستور وكونه يتضمن بعض المبادىء لعملية البناء في الدولة ،إلا أن هذا الدستور لا يمثل سوى إحدى المصادر للقيم التي يتمسك بها المجتمع.
•العمل على إرساء صيغة تعيد إحياء التقاليد والعناصر القديمة في إطار ملائم للأبنية والأفكار الحديثة والجديدة الوافدة.
وقد أولت الدراسات المعاصرة إهتماما خاصا بدور الإستراتيجيات المؤسسية في التحول الديمقراطي،بحيث سعت في معظمها إلى محاولة التعرف على كل من الهياكل المؤسسية المناسبة لهذا التحول إلى جانب تلك التي تسهم في إستقرار الديمقراطيات.
هذا وعلى نفس الصعيد المؤسسي فقد أولت مختلف الدراسات أهمية خاصة لإستحداث دساتير ديمقراطية،حيث تجدر الإشارة إلى الدراسة التي قام بها LinzوLijphart حول كل من النظام البرلماني والرئاسي في التحول الديمقراطي.حيث رأى المفكرين أهمية النظام البرلماني والتمثيل النسبي في مواجهة التباينات الإثنية إلى جانب توفيرهما لمناخ مؤسسي أكثر مرونة ومواءمة لإرساء ورسوخ الديمقراطية مقارنة بالنظام الرئاسي.
وعموما يمكن القول بأهمية المؤسسات كشرط لقيام الدمقرطة،وفي دفع عملية التحول الديمقراطي خاصة فيما تعلق بدور المؤسسة البرلمانية التي تعتبر الممثل الأساسي للسيادة الشعبية.
بداية تجدر الإشارة إلى أن هذا المدخل (التحديثي) يؤكد على عدد من المتطلبات الإجتماعية والإقتصادية لعملية التحول الديمقراطي.ويربط بين الديمقراطية اللبيرالية والتنمية الإقتصادية.
ونعني بالتحديث:إستجلاب رموز الحضارة الحديثة وأدوات الحياة العصرية مثل التجهيزات التكنولوجية والمعدات الآلية والمنظمات ذات المسميات الحديثة وسلع الإستهلاك والرفاهية.
وبالرجوع إلى الأصول التاريخية لهذا المدخل نجد أن آدم سميث أول من عبر عن هذا الإتجاه من خلال كتابه:ثروة الأمم ، لتأكيده على الليبرالية السياسية كشرط للآداء الفعال للسوق.الذي يعتبره المحرك الأساسي للنمو الإقتصادي.فبالنسبة لآدم سميث فالحكومة التي تحكم أقل هي التي تتيح مجالا أكبر للحرية الفردية والمنافسة.
ومع هذا فالمعالجة العلمية والدقيقة للإرتباط بين الديمقراطية والتنمية تبرز من خلال إفتراضات وطروحات عالم الإجتماع السياسي الأمريكي ليبست (S.M.Lipset) وقدم ليبست أطروحته لأول مرة في 1959في مقالة تحت عنوان:”بعض الإشتراطات الإجتماعية للديمقراطية:التنمية الإقتصادية والشرعية السياسية”.
ولتأكيد أطروحته نشر في 1960 كتابه:الرجل السياسي Political Man الذي يعتبر أشهر وأهم كتاب حول هذه الأطروحة.
وحسب ليبست فإن الديمقراطية ترتبط بمستوى التنمية الإقتصادية والإجتماعية،ولإثبات هذه العلاقة قام بدراسة شملت البلدان الأوربية والبلدان الناطقة بالإنجليزية في أمريكا الشمالية وأستراليا حيث صنفها إلى:
-ديمقراطيات مستقرة
-ديمقراطيات غير مستقرة
-دكتاتوريات
وصنف بلدان أمريكا اللاتينية إلى دكتاتوريات مستقرة وغير مستقرة.وقارن هذه البلدان منخلا مؤشر درجة التصنيع والتعليم وتوصل إلى أن البلدان الأكثر ديمقراطية من بين المجموعتين كانت تتمتع بمستوى تنمية إقتصادية وإجتماعية عالية.
وقد قامت دراسات عديدة للتأكد من أطروحة ليبست الأصلية ،ومنها دراسة قام بها بولين وجاكمان(Bollen and Jakman) وتوصلا إلى نفس النتيجة من خلال تحليل إحصائي لمجموعة من العوامل التي تعتبر عادة من المحددات الأساسية للديمقراطية ،وإكتشفا أن المحدد الإقتصادي أكثر أهمية من غيره.
2- مدخل الثقافة السياسية:
بداية نشير إلى أن العامل الثقافي كان أحد العوامل المهمة في دراسة السياسة منذ نشوء علم السياسة.فإن مفهوم الثقافة السياسية يعتبر أحد المفاهيم الجديدة نسبيا في أدبيات علم السياسة.
ولقد كان العالم السياسي الأمريكي ألموند (ALMOND) أول من إستخدمه في مقالة كتبها عام 1956.ويعرف ألموند الثقافة السياسية بأنها:”مجموعة التوجهات السياسية والإتجاهات والأنماط السلوكية التي يحملها الفرد تجاه النظام السياسي ومكوناته المختلفة وتجاه دوره كفرد في النظام السياسي.”
ويعرف روي مكريديس:”الثقافة السياسية باعتبارها الأهداف المشتركة والقواعد المقبولة على نطاق واسع في المجتمع”، أما صمويل بيير فيرى :”أنها تتكون من القيم والمعتقدات والاتجاهات إزاء الحكومة، وكيف تتصرف، وما يجب أن تكون عليه.”
من خلال التعاريف المقدمة مسبقا للثقافة السياسية،تتضح العلاقة الوطيدة بين مستوى الثقافة السياسية وعملية الدمقرطة.
وفي إطار هذا المدخل فقد قام كل من ألموند وفيربا في أوائل الستينات بدراسة ميدانية رائدة في خمس دول هي:الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا الغربية وإيطاليا والمكسيك لمعرفة أنماط الثقافة السياسية وأبعادها المختلفة.وكانت نقطة التساؤل مدى إمكانية خلق ثقافة سياسية مؤيدة لبناء نظام سياسي ديمقراطي.
ويرى ألموند وفيربا أن توجهات الأفراد تجاه النظام السياسي تتحدد من خلال ثلاثة أبعاد وهي:
-الإدراك(Cognition)
-المشاعر(Affect)
- التقييم(Evaluation)
ومن خلال هذه الأبعاد قدما تصنيفا لأنماط الثقافة السياسية، وحسبهم فإن نمط الثقافة السياسية المشاركة هو النمط المعزز لبناء الديمقراطية في أي مجتمع من المجتمعات ، ويستند نمط الثقافة السياسية الديمقراطية على التجربة السياسية الأنجلوساكسونية.
وعموما يمكن القول أنه إذا كان وجود الثقافة الديمقراطية بالفعل يعد أمرا جوهريا لإنتاج نظام ديمقراطي ، فإن المشكلة في حقيقة الأمر تتمثل في أن غياب هذا النظام يعرقل بشدة إنتاج الثقافة الديمقراطية ، هذا يعني ببساطة ضرورة وجود النظام الديمقراطي لتنمية الثقافة السياسية.
وبالتالي فإن التحول الديمقراطي وفق أصحاب هذا المدخل يتطلب بناء ثقافة سياسية ديمقراطية ولتحقيق ذلك لابد من تنشئة المواطنين تنشئة سليمة ،وينتج عن ذلك إنغماس الأفراد في العمل السياسي ،والعمل على المشاركة في الحياة السياسية بكل مستوياتها ،ويتولد عن ذلك إحترام الرأي والرأي المعارض فتصبح المشاركة في الإنتخابات مشاركة حقيقية وليست تعبئة.
3-المدخل المؤسسي:
تعد المؤسسات السياسية أحد آليات ترسيخ القواعد وأسس اللعبة السياسية،وتوزيع السلطة فيما بين الفاعلين السياسيين وهي توفر آليات تمكن الأفراد والجماعات من رصد السلوك العام ،ومتابعة المساءلة السياسية ،ومنع الفساد السياسي والتعسف في السلطة.
ويعد صاموييل هنتغتون (Huntington Samoel) أبرز رواد هذا المدخل،حيث قدم دراسة نظرية مهمة في التحول الديمقراطي من خلال مؤلفه:الموجة الثالثة التحول إلى الديمقراطية في آواخر القرن العشرين.
وتشيرتحليلات صمويل هنتجتون إلى أهمية الربط بين شرعية مؤسسات النظام السياسي وموجات التحول الديمقراطي في العالم.وإعتبرت هذه التحليلات أن كافة النظم السياسية تهتم بقضية الشرعية،التي ظلت مفهوما غامضا ،بالرغم من تزايد أهميتها وما تعكسه في معناها السياسي من مطالب وتفضيلات الرأي العام.
وفي هذا الإطار يحدد هنتجتون شروط معينة لنجاح المؤسسية التي تؤدي بدورها للدمقرطة وهي:
• أن فن البناء الهندسي للدولة يجب أن يتم في إطار القيم التي يعتز بها المجتمع ويتمسك بها،وتتغلغل بعمق في النسيج الإجتماعي ،والتي يمكن أن تولد حركة إيجابية دافعة.
•رغم أن أهمية الدستور وكونه يتضمن بعض المبادىء لعملية البناء في الدولة ،إلا أن هذا الدستور لا يمثل سوى إحدى المصادر للقيم التي يتمسك بها المجتمع.
•العمل على إرساء صيغة تعيد إحياء التقاليد والعناصر القديمة في إطار ملائم للأبنية والأفكار الحديثة والجديدة الوافدة.
وقد أولت الدراسات المعاصرة إهتماما خاصا بدور الإستراتيجيات المؤسسية في التحول الديمقراطي،بحيث سعت في معظمها إلى محاولة التعرف على كل من الهياكل المؤسسية المناسبة لهذا التحول إلى جانب تلك التي تسهم في إستقرار الديمقراطيات.
هذا وعلى نفس الصعيد المؤسسي فقد أولت مختلف الدراسات أهمية خاصة لإستحداث دساتير ديمقراطية،حيث تجدر الإشارة إلى الدراسة التي قام بها LinzوLijphart حول كل من النظام البرلماني والرئاسي في التحول الديمقراطي.حيث رأى المفكرين أهمية النظام البرلماني والتمثيل النسبي في مواجهة التباينات الإثنية إلى جانب توفيرهما لمناخ مؤسسي أكثر مرونة ومواءمة لإرساء ورسوخ الديمقراطية مقارنة بالنظام الرئاسي.
وعموما يمكن القول بأهمية المؤسسات كشرط لقيام الدمقرطة،وفي دفع عملية التحول الديمقراطي خاصة فيما تعلق بدور المؤسسة البرلمانية التي تعتبر الممثل الأساسي للسيادة الشعبية.