مشروع مارشال
مرسل: الأربعاء يوليو 25, 2012 12:31 am
مشروع مارشال
سمي مشروع مارشال، أو برنامج الإنعاش الأوروبي على اسم وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال الذي تضمن خطابه في جامعة هارفارد في 1947 الفكرة الأصلية. فقد اقترح مارشال أن تنشئ الولايات المتحدة برنامجاً لتقديم المساعدة الاقتصادية لمساعدة الحكومات والشعوب الأوروبية على إعادة بناء اقتصاداتها التي دمرتها الحرب العالمية الثانية. وبحلول صيف 1947 اتضح أن الرأي المتفائل بشأن الانتعاش الأوروبي لم يكن مبرراً. فالمساعدة الأمريكية الثنائية للدول مثل المملكة المتحدة قد تبددت بسرعة ولم تكن المؤسسات الدولية القائمة، مثل البنك الدولي للإعمار والتنمية، لم تكن تفي بالغرض. فاقترح مارشال القيام بمبادرة إقليمية متعددة الأطراف بدلاً من تنويع على البرامج الثنائية السابقة. ولهذه الغاية اشترطت حكومة الولايات المتحدة أن تقوم الدول الأوروبية على الفور بتشاور بعضها مع بعض بغية تقدير احتياجاتها وتزويد الحكومة الأمريكية المانحة بطلبات محددة مبنية على الإحصاءات.
كان للمشاورات بين الدول الأوروبية التي جرت في صيف 1947 نتيجتان هامتان. فمن ناحية أتاحت نموذجاً مبكراً للتعاون في مجال للقضايا كان من المقدر أن يكتسب أهمية متزايدة بالنسبة للأوروبيين، لا سيما في الغرب، في العقود اللاحقة. وقد تأسست منظمة التعاون الأوروبي في الميدان الاقتصادي (OEEC) لهذا الغرض في 1948. وقد أظهرت، من الناحية السياسية، وجود انقسام واضح في الرأي بين مقاربة السوق الحرة بقيادة المملكة المتحدة وفرنسا ومقاربة التخطيط المركزي بقيادة الاتحاد السوفياتي. ونتيجة ذلك توقفت المشاورات السوفياتية الفعلية كما توقف التعاون في هذه المسائل بعد يوليو 1947.
كانت نظرة السوفيات إلى المشروع أنه يشكل تعدياً على سيادتهم الاقتصادية. ومما لا شك فيه أن برنامج مارشال كان سيعني أن يكون بوسع أطراف خارجية الإعراب عن رأيها في الاقتصاد السوفياتي والطريقة التي تتم إدارته بها. فقد كان قد تأسس في عهد ستالين تقليد للتخطيط من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع تأكيد خاص على الصناعة التحويلية والسوق المُدارة. وكان التقليد برمته الذي تأسس في ظل الهيمنة الأمريكية النقيض الصريح لذلك. وبصرف النظر عن نوايا صاحب فكرة المشروع إلا أنه تورط في الحرب الباردة. وعندما وافق الكونغرس على المشروع في ربيع 1948 كانت مواقف الطرفين قد تصلبت وأسبغت على المشروع الصبغة السياسية فأصبح جزءاً من مخزون الأدوات المتاحة في الولايات المتحدة وأصدقائها. ومن خلال ممارسة الاتحاد السوفياتي لضغط مقابل على دول أوروبا الشرقية من أجل رفض مشروع مارشال، فقد أكّد نواياه في الهيمنة على الشرق وساعد على تأكيد انقسام أوروبا وبالتالي تدمير الترابط الأوروبي الذي كان سمة للمنطقة قبل 1938. وقد رد الاتحاد السوفياتي على التحدي المحدد لمشروع مارشال بمشروع مولوتوف الذي أدى إلى تأسيس كوميكون (Comecon) في يناير 1949. إن تأسيس هاتين المؤسستين الاقتصاديتين المتنافستين، خارج اختصاص لجنة أوروبا الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة – التي كانت المؤسسة الوحيدة التي تشمل كامل أوروبا – هو مؤشر للأهمية التي ستكون للحرب الباردة في سياسة العلاقات الاقتصادية الدولية بعد 1945.
ما من منازع في أن مساعدة مارشال كانت موجهة لتلبية حاجة اقتصادية ملحة. فقد حولت الحرب العالمية الثانية أوروبا من دائن إلى مدين في غضون عشر سنوات. وقد كانت أضرار الحرب ضخمة وكان الانتقال من اقتصاد الحرب إلى اقتصاد السلام ينطوي على مضامين مُرَوِّعة مثبطة للهمة. وعلاوة على ذلك فقد كانت المانيا، وهي غرفة محركات الاقتصاد الأوروبي قبل 1938، مقسّمة ولو أن الاتحاد السوفياتي نجح في تحقيق ما يريد لأخضعت المانيا إلى برنامج تعويضات مرهق. وفي الوقت نفسه كانت أوروبا هي القارة الرائدة للتنمية الاقتصادية في القرون السابقة وبالتالي فقد كانت البنية التحتية للانتعاش موجودة. ومع أن مشروع مارشال كان سخياً، إلا أن نحو ثلاثة أرباع مجموع مساعدات مارشال أنفقت على شراء سلع من الولايات المتحدة، بحيث إن اقتصاد الولايات المتحدة قد حصل على إعانات غير مباشرة من جراء ذلك. ولقد بلغ الانتعاش طويل الأمد لاقتصادات أوروبا الغربية شوطاً بعيداً بحيث إن المنطقة أصبحت، بعد إنشاء الجماعة الأوروبية، خصماً ومنافساً تجارياً خطيراً للولايات المتحدة. وبصرف النظر عن هذه النتائج المختلطة نوعاً ما بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة، لابد من اعتبار المشروع واحداً من النجاحات الرئيسية لسياسات المساعدة الاقتصادية لما بعد الحرب.
سمي مشروع مارشال، أو برنامج الإنعاش الأوروبي على اسم وزير الخارجية الأمريكي جورج مارشال الذي تضمن خطابه في جامعة هارفارد في 1947 الفكرة الأصلية. فقد اقترح مارشال أن تنشئ الولايات المتحدة برنامجاً لتقديم المساعدة الاقتصادية لمساعدة الحكومات والشعوب الأوروبية على إعادة بناء اقتصاداتها التي دمرتها الحرب العالمية الثانية. وبحلول صيف 1947 اتضح أن الرأي المتفائل بشأن الانتعاش الأوروبي لم يكن مبرراً. فالمساعدة الأمريكية الثنائية للدول مثل المملكة المتحدة قد تبددت بسرعة ولم تكن المؤسسات الدولية القائمة، مثل البنك الدولي للإعمار والتنمية، لم تكن تفي بالغرض. فاقترح مارشال القيام بمبادرة إقليمية متعددة الأطراف بدلاً من تنويع على البرامج الثنائية السابقة. ولهذه الغاية اشترطت حكومة الولايات المتحدة أن تقوم الدول الأوروبية على الفور بتشاور بعضها مع بعض بغية تقدير احتياجاتها وتزويد الحكومة الأمريكية المانحة بطلبات محددة مبنية على الإحصاءات.
كان للمشاورات بين الدول الأوروبية التي جرت في صيف 1947 نتيجتان هامتان. فمن ناحية أتاحت نموذجاً مبكراً للتعاون في مجال للقضايا كان من المقدر أن يكتسب أهمية متزايدة بالنسبة للأوروبيين، لا سيما في الغرب، في العقود اللاحقة. وقد تأسست منظمة التعاون الأوروبي في الميدان الاقتصادي (OEEC) لهذا الغرض في 1948. وقد أظهرت، من الناحية السياسية، وجود انقسام واضح في الرأي بين مقاربة السوق الحرة بقيادة المملكة المتحدة وفرنسا ومقاربة التخطيط المركزي بقيادة الاتحاد السوفياتي. ونتيجة ذلك توقفت المشاورات السوفياتية الفعلية كما توقف التعاون في هذه المسائل بعد يوليو 1947.
كانت نظرة السوفيات إلى المشروع أنه يشكل تعدياً على سيادتهم الاقتصادية. ومما لا شك فيه أن برنامج مارشال كان سيعني أن يكون بوسع أطراف خارجية الإعراب عن رأيها في الاقتصاد السوفياتي والطريقة التي تتم إدارته بها. فقد كان قد تأسس في عهد ستالين تقليد للتخطيط من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع تأكيد خاص على الصناعة التحويلية والسوق المُدارة. وكان التقليد برمته الذي تأسس في ظل الهيمنة الأمريكية النقيض الصريح لذلك. وبصرف النظر عن نوايا صاحب فكرة المشروع إلا أنه تورط في الحرب الباردة. وعندما وافق الكونغرس على المشروع في ربيع 1948 كانت مواقف الطرفين قد تصلبت وأسبغت على المشروع الصبغة السياسية فأصبح جزءاً من مخزون الأدوات المتاحة في الولايات المتحدة وأصدقائها. ومن خلال ممارسة الاتحاد السوفياتي لضغط مقابل على دول أوروبا الشرقية من أجل رفض مشروع مارشال، فقد أكّد نواياه في الهيمنة على الشرق وساعد على تأكيد انقسام أوروبا وبالتالي تدمير الترابط الأوروبي الذي كان سمة للمنطقة قبل 1938. وقد رد الاتحاد السوفياتي على التحدي المحدد لمشروع مارشال بمشروع مولوتوف الذي أدى إلى تأسيس كوميكون (Comecon) في يناير 1949. إن تأسيس هاتين المؤسستين الاقتصاديتين المتنافستين، خارج اختصاص لجنة أوروبا الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة – التي كانت المؤسسة الوحيدة التي تشمل كامل أوروبا – هو مؤشر للأهمية التي ستكون للحرب الباردة في سياسة العلاقات الاقتصادية الدولية بعد 1945.
ما من منازع في أن مساعدة مارشال كانت موجهة لتلبية حاجة اقتصادية ملحة. فقد حولت الحرب العالمية الثانية أوروبا من دائن إلى مدين في غضون عشر سنوات. وقد كانت أضرار الحرب ضخمة وكان الانتقال من اقتصاد الحرب إلى اقتصاد السلام ينطوي على مضامين مُرَوِّعة مثبطة للهمة. وعلاوة على ذلك فقد كانت المانيا، وهي غرفة محركات الاقتصاد الأوروبي قبل 1938، مقسّمة ولو أن الاتحاد السوفياتي نجح في تحقيق ما يريد لأخضعت المانيا إلى برنامج تعويضات مرهق. وفي الوقت نفسه كانت أوروبا هي القارة الرائدة للتنمية الاقتصادية في القرون السابقة وبالتالي فقد كانت البنية التحتية للانتعاش موجودة. ومع أن مشروع مارشال كان سخياً، إلا أن نحو ثلاثة أرباع مجموع مساعدات مارشال أنفقت على شراء سلع من الولايات المتحدة، بحيث إن اقتصاد الولايات المتحدة قد حصل على إعانات غير مباشرة من جراء ذلك. ولقد بلغ الانتعاش طويل الأمد لاقتصادات أوروبا الغربية شوطاً بعيداً بحيث إن المنطقة أصبحت، بعد إنشاء الجماعة الأوروبية، خصماً ومنافساً تجارياً خطيراً للولايات المتحدة. وبصرف النظر عن هذه النتائج المختلطة نوعاً ما بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة، لابد من اعتبار المشروع واحداً من النجاحات الرئيسية لسياسات المساعدة الاقتصادية لما بعد الحرب.