منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#53548
المصدر: السياسة الدولية ..


بالرغم من غزارة إنتاج د رمزى زكى حول قضية الديون عالميا وعربيا ومصريا إلا أن أى عمل علمى له فيما يتعلق بهذه القضية
يتسم لأهمية خاصة باعتباره أحد أفضل الخبراء الذين عالجوا هذه القضية على مستوى الوطن العربى والعالم الثالث
ورغم أن كتاب د. رمزى ـ محنة الديون ـ وسياسات التحرير فى دول العالم الثالث، يتضمن بالأساس أبحاثا ومقالات وحوارات سبق
نشرها إلا أن تجميعها فى إصدار واحد مع التعديات التى أدخلها قد جعل من الكتاب فى مجموعة معالجة شاملة لقضية ديون العالم
الثالث وعلاقتها بسياسات التحرير الاقتصادى التى تصاعدت الدعوة لها منذ بداية العقد الماضى ويقع الكتاب فى ثلاثة فصول ملحق
يتعرض الكتاب فى الفصل الأول المعنون ـ الموقف الراهن لأزمة الدون الخارجية نحو رؤية عربية ـ لملامح أزمة ديون العالم
الثالث فى الوقت الراهن ويشير الكاتب إلى أن تلك الأزمة تعكس إخفاق حركة التحرر فى تحقيق التحرر الاقتصادى وبناء التنمية
المستقلة ـ وهو ما يعود برأيه لإخفاق الطبقات والشرائح التى سيطرت على مقاليد الأمور فى العالم الثالث وهذه الرؤية تتجاهل
موقف الطبقات والشرائح الأضرى التى سلمت و استسلمت لمنطق الطبقات المسيطرة الذى قاد إلى الأزمة
ويطرح الكاتب التشخيصات المختلفة لأزمة ديون العالم الثالث والتى قسمها إلى خمسة شخصيات عرض لها بصورة نقدية وأول هذه
التشخيصات هو التشخيص الذى يرجع الأزمة إلى التطبيق الفاشل للكينزية على المستوى العالمى والذى لجأت الدول الرأسمالية طبقا
له إلى زيادة الائتمان المقدم للبلدان النامية لتنشيط طلب تلك البلدان على صادرات الدول الرأسمالية المتقدمة
أما التشخيص الثانى فيفسر الأزمة على أنها أزمة إفراط طلب فى الدول النامية يضطرها للاستدانة لمواجهة ذلك الطلب فى ظل قصور
عرض السلع والخدمات المحلى عن مواجهته ويرى الكاتب أن الخطأ الأساسى فى هذا التشخيص هو أنه لا يأخذ بعين الاعتبار العوامل
الخارجية التى أسهمت بشكل واضح فى تفاقم مشكلة الدين ويرى د. رمزى أن تلك العوامل لا تستطيع البلدان النامية أن تؤثر ـ فيها
رغم تأثرها بها بسبب وضعها الضعيف واللامكافئ فى الاقتصاد العالمى وهذه الصياغة غير محكمة لأنها تخلى دول وشعور العالم
الثالث من المسئولية فى حين أنهم مسئولين فعلا سواء لغياب الإدارة السياسية على مستوى النخبة والإرادة الاجتماعية على مستوى
المجتمع للاعتماد على الذات بدلا من الوقوع فى براثن أزمة الديون كما أن بعض النظم فى العالم الثالث استدانت لتمويل إنفاق
جارى لرفع مستوى المعيشة بصورة مؤقتة لتحقيق مكاسب سياسية فى لحظات أزماتها دون اعتبار للعواقب الوخيمة التى تترتب على ذلك
ويطرح الكاتب التشخيص الثالث للأزمة على أنها أزمة نقص فى السيولة ويرى أن هذا التشخيص مكرس بالأساس لتبرير سياسات صندوق
النقد الدولى سياسات التحرير الاقتصادى الشامل
أما التشخيص الرابع لأزمة ديون العالم الثالث فينصرف إلى أنها أزمة ناجمة عن علاقات التبادل غير المتكافئ بين الدول
المتقدمة والدول المتخلفة كآلية تعتمد عليها الأولى فى نزح الفائض الاقتصادى من الثانية
أما التشخيص الخامس للأزمة وهو الأكثر رواجا فيعتبر إنها أزمة إفلاس أى عجز الدول المدينة عن الوفاء بديونها فى الوقت
الراهن أو المستقبل ويرى الكاتب أن مؤسستى ـ بريتون وودزـ (صندوق النقد الدولى والبنك الدولى) تروجان لهذا التشخيص
لتبرير دعوتهما لحل أزمة ديون العالم الثالث عبر نقل أصول إنتاجية مقابلة له من ملكية دول العالم الثالث إلى ملكية الدائنين
ويطرح الكاتب موقفه الرافض لهذا التشخيص والرؤى المترتبة عليه باعتباره يعبر عن مصلحة الدائنين فقط بينما يمثل نكسة على
طريق تحرر واستقلال الدول النامية المدينة
ويخلص الكاتب من استعراضه إلى أن أزمة ديون العالم الثالث تعكس الوضع اللامتكافى الذى تحتله تلك البلدان فى منظومة
الاقتصاد الرأسمالى العالمى من ناحية وعجز التشكيلات الاقتصادية ـ الاجتماعية المسيطرة فيها عن إنجاز مهام التحرر
الاقتصادى وبناه التنمية المستقلة
ويرى الكاتب أن أزمة ديون العالم الثالث هى الفرصة التاريخية للدول الرأسمالية التى استعمرت العلم الثالث فى السابق لإعادة
إخضاعه والسيطرة المباشرة عليه وفق آليات قهر وسيطرة اقتصادية بالأساس
وبعد عرضه للتشخيصات المختلفة لأزمة ديون ـ العالم الثالث ولرؤيته الخاصة لازمة ينتقل د. رمزى زكى لطرح الكيفية التى
تستخدم بها الدول الدائنة دائنتها للعالم الثالث للسيطرة عليه مستعرضا الأهداف الحقيقية للبرنامج الذى يطرحه صندوق النقد
الدولى على الدول المدينة لإعادة جدولة ديونها ومقابل ـ رؤية الدائنين وصندوق الدولى التى عرض لها بشكل نقدى يطرح الكاتب
رؤيته لحل أزمة ديون العالم الثالث التى تتلخص فى ضرورة إلغائها باعتبار أن ما نهبته الدول الدائنة فى العهد الاستعمارى
والفوائد الاقتصادية الكبيرة التى جنتها من تعاملها مع العالم الثالث وما استردته من أقساط وفوائد تتجاوز أصل الديون بكثير

كل ذلك يبرر دعوته لإلغاء ديون العالم الثالث ويرى الكاتب ضرورة أن يكون هناك ناد للمدينين للضغط من أجل إلغاء ديون العالم
الثالث
ورغم أن مبررات الدعوة التى أشار إليها د. رمزى زكى تبقى صحيحة إلا أن تحقيقها بتكوين ناد للمدينين لإلغاء ديون العالم
الثالث يبدو أمرا شديد الصعوبة فى ظل انفراط دول العالم الثالث واستنفاذ الغالبية الساحقة من قياداتها السياسية لطاقاتها
الوطنية ولقدرتها على تحدى ومواجهة الدول الاستعمارية سابقا والدائنة حاليا وأهم من ذلك أن غالبية شعوب العالم الثالث تمر
بمرحلة انهيار أحلام سنوات الاستقلال والبناء وتفتقد فى غالبيتها هى والقوى السياسية المعارضة فى تلك البلدان وللقدرة على
طرح نموذج استقلالى تنموى ملهم، كما تفتقد للقدرة على تحمل تكاليف مثل هذا النموذج فى عالم تهمين عليه الدول الرأسمالية
المتقدمة وحتى الدول التى حصلت على استقلالها تحت قيادات متباينة أيديولوجيا من الشيوعيين فى فيتنام إلى الإسلاميين فى
إيران يبدو أنها عاجزة عن مواصلة نهج تنموى استقلال
وعلى الصعيد الإقليمى يرى د. رمزى زكى أنه من الضرورى أن تعمل دول العالم الثالث بشكل جدى على علاج مشاكل موازين مدفوعاتها
وما يترتب عليها من استدانة ويرى كذلك أن هذه الدول مطالبة بالفعل على تكوين تكتلات منتجين لأهم السلع التى تصدرها للتأثير
فى أسعارها بصورة تحقق مصالحها
وعلى الصعيد المحلى فى كل بلد مدين يرى الكاتب أن كل دولة من دول العالم الثالث يجب عليها ألا تراهن على عطف الدائنين
وتفهمهم ويجب عليها أن تتحرك بسرعة لإصلاح أحوالها الداخلية عبر تعبئة الفائض الاقتصادى وحشد وتعبئة الموارد المحلية
الممكنة والضائعة، وضبط بوابة التجارة الخارجية، و إيقاف تدهور سعر صرف العملات المحلية، ومكافحة تهريب رؤوس الأموال إلى
الخارج، والعمل على زيادة حجم الإنتاج المحلى، وخلق مناخ استثمارى ملائم لجذب المدخرات للاستثمار فى القطاعات الحيوية
والتصدى لعجز الموازنة العامة للدولة به ثم الطاقة الضريبية وأخيرا وقف التردى فى مستويات معيشة القاعدة العريضة من الشعب
ويؤكد الكاتب على أن المنهج الذى طرحه لمواجهة أزمة ديون العالم الثالث على الأصعدة العالمية والإقليمية والمحلية يختلف عن
منهج
ـ إدارة الطلب ـ الذى يتبناه صندوق النقد الدولى والذى عرض له بصورة نقدية
ويتضمن هذا الفصل فى نهاية مجموعة من التعقيبات التى طرحت فى الندوة التى ألقيت فيها ورقة د. رمزى زكى، ورد الكاتب على تلك
التعقيبات فى الإطار العام لأفكاره الواردة فى هذا الفصل وهناك ملاحظتين ثانويتين على ردود الكاتب حيث يؤكد فى ص 108 على
حجة استرداد الدول الدائنة أكثر من أصل الدين كفوائد خلال فترة السداد كمبرر لإلغاء الديون وهى حجة تفتقد للمنطقية لأن قيمة
الأموال تتآكل بسبب التضخم من ناحية، كما أن المنطق الذى يقف وراء هذه الحجة لا يراعى الفرصة البديلة للاستثمار فى مجالات
أخرى والعائد المحتمل منها، وفى ص 123 يعبر الكاتب عن اعتقاده بأن الشعوب لا تحبط وهو اعتقاد يعكس إيمان عميق بطاقات الشعوب
وإن كان لا يتسق مع الواقع ولا مع معطيات التاريخ التى تشير إلى دورات من الصعود والهبوط فى طاقات كل الشعوب وفى قدرتها على
التفاعل الإيجابى مع الظروف البيئية المحيطة بها ومع الوسط التاريخى الذى، تعيش فيه والذى يتكون من المجتمعات والدول الأخرى
أما الفصلى الثانى من ـ الكتاب والمعنون ـ نحو فهم أفضل السياسات التصحيحية لصندوق النقد الدولى فى ضوء أزمة الاقتصاد
الرأسمالى العالمى ـ فهو فى الأصل دراسة قدمها الكاتب لإحدى الندوات التى شارك فيها ونشرها بعد ذلك فى مجلة ـ فكر ـ
قبل أن يضيف إليها بعض التعديلات والإضافات ليضعها كفصل فى كتابه الذى نعرض له
ويشير الكاتب فى مدخل هذا الفصل إلى أن صندوق النقد كان منذ نشأته أداة طيعة بيد المراكز الرأسمالية الصناعية القوية
للاتفاق على قواعد التوازن المالى والنقدى فيما بينها على النحو الذى يسهل آليات التعامل بينهم لفرض الانضباط المالى
والنقدى على بلاد الأطراف ونعتقد أن اجتماعات الدول الصناعية السبع الكبرى أصبحت تؤدى دور التنسيق بين تلك البلدان بينما
تركز دور الصندوق كوكيل للدائنين فى فرض الانضباط على دول العالم الثالث ويتضمن هذا الفصل تسعة أقسام الأول معالجة تاريخية
لنشأة صندوق النقد الدولى وطبيعته المعبرة عن مصالح الدول الرأسمالية الكبرى وعن رؤية الولايات المتحدة بالذات، والمتجاهلة
لمصالح الدول المتخلفة ويعرض الكاتب لازدواجية موقف صندوق النقد الدول إزاء الدول المختلفة حسب مواقعها من النظام الاقتصادى
الرأسمالى العالمى مثل تعسفه فى مسألة سعر الصرف بالنسبة للدول النامية مقابل ـ تسامحه ـ مع دول أوروبا الغربية التى
رفضت الاستجابة لمطالب الصندوق بإلغاء الرقابة على الصرف وإلغاء القيود المفروضة على المدفوعات الخارجية، ذلك الرفض الذى
استمر منذ بدء عمل الصندوق عام 1946 وحتى عام 1958 عندما تحسنت الأحوال الاقتصادية لتلك البلدان وأعلنت إلغاء الرقابة على
الصرف وقابلية عملاتها للتحويل
أما القسم الثانى من هذا الفصل فيتضمن عرضا للدور الرسمى الصندوق النقد الدولى، والانتهاء الفعلى لهذا الدور مع انتهاء
العمل بسعر التعادل بين الدولار والذهب عام 1973 مع بدء العمل بالأسعار العائمة للعملات الحرة وما أعقب ذلك من تحول دور
الصندوق إلى قيادة عمليات تكييف دول العالم الثالث المدينة خلال الأزمة الاقتصادية الجالية بصورة تتناسب مع متطلبات خروج
الدول الرأسمالية الكبرى من تلك الأزمة وهو ما يتناوله بشىء من التفصيل فى القسم الثالث من هذا الفصل حيث يناقش تعاظم تدويل
الاقتصاد على الأصعدة الإنتاجية والمالية والتكنولوجية والتسويقية وما أسفر عنه أما مأزق لصندوق النقد الدولى
أما فى القسم الرابع من هذا الفصل فيتناول الكاتب بشىء من التفصيل الإضرابات التى تعرض لها الاقتصاد العالمى، والعلاقات بين
الدول الرأسمالية؟ الكبرى وبين ـ العالم الثالث كما يتعرض للكيفية التى تعامل بها صندوق النقد مع تلك الاضطرابات، ويرى أن
الصندوق كان يقظا لأى تحرك من دول العالم الثالث من شأنه الإخلال بعلاقات التبادل غير المتكافئ بينه وبين الدول الرأسمالية
الكبرى ويرى أن الصندوق سارع تبعا لهذه اليقظة إلى تطوير سياسته ووظائفه بحيث أصبح وسيطا ماليا هاما من خلال زيادة قدرته
على الاقتراض من بلدان الفائض وإعادة انقراض لبلدان العجز فى العالم الثالث بشروط الصندوق المعروفة كما أصبح الصندوق يركز
على وظائفه التنظيمية أكثر من وظائفه المالية كما أصبح يمارس سلطات رقابية واسعة على سياسات الدول النامية المدينة ويرى
الكاتب أن الهدف من سياسات والصندوق والدول الكبرى هو استعادة الحيوية لعملية التراكم الرأسمالى فى مراكز المنظومة
الرأسمالية وتكييف أحوال الدول النامية مع هذا الهدف ويتناول الكاتب فى القسم الخامس من هذا الفصل استمرار تساهل، صندوق
النقد الدولى مع الدول الرأسمالية المتقدمة مقابل زيادة تشدده فى التعامل مع الدول النامية ويشير الكاتب إلى أنه فى ظل
البيئة الاقتصادية الدولية المضطربة فى الثمانينات تمتعت الدول الرأسمالية الكبرى بدرجة عالية من الحرية فى اتباع ما تراه
من سياسات نقدية ومالية دون أن تلتزم بمعيار موضوعى للحكم على مدى اتفاق سلوكها مع التزاماتها فى ظل اتفاقية الصندوق ودون
أن يملك الصندوق أى سلطة عملية لإجبار هذه الدول على اتباع السياسات الملائمة لتصحيح اختلالاتها الداخلية والخارجية حسب ما
تقضى به اتفاقية بريتون وودز
أما فى القسم السادس فيتناول تفاقم الاختلالات التجارية بين الدول الرأسمالية الكبرى وانقسام العالم الرأسمالى إلى كتل
اقتصادية فيما يسميه عصر ـ الميركانتيليه الجديدة الذى يطرح أهم العوامل الدالة عليه مثل عودة التدخل الحكومى فى الدول
الرأسمالية وبدأ انقسام العالم الرأسمالى إلى كتل اقتصادية متصارعة
أما فى القسم السابع فيتناول محنة الدول الاشتراكية ـ سابقا ـ وتطلعاتها لدخول السوق الرأسمالى العالمى والشروط
المطروحة لدخولها هذا السوق ومحاولات تلك الدول للتحول الرأسمالية بشكل واضح فى بعض البلدان أو بشكل مستتر كما هو حال
الاتحاد السوفيتى تحت شعارات التحول لاقتصاد السوق وبعد صدور الكتاب وتحديدا مع الأحداث العاصفة التى شهدها الاتحاد
السوفيتى فى أغسطس الماضى حدثت تحولات درامية فى التوجه السياسى والاقتصادى لتلك الدولة الاشتراكية سابقا ـ وإن كانت
توقعك د. رمزى زكى حول حدوث ردود أفعال فى المستقبل للجماهير فى شرح أوروبا الاتحاد السوفيتى بشكل غير متوقع على التحولات
الجارية فيها تبقى أمرا واردا ولكن الاتجاه الذى ستأخذه ردود الأفعال تلك لا يمكن حسمه فى ظل حالة التشوش وهستيريا الأحلام
والدعايات الموجهة المصاحبة لمرحلة الانتقال العاصفة التى تمر بها تلك البلدان
وفى القسم الثامن من هذا الفصل يتناول الكاتب دور السياسات التصحيحية فى ضمان تسديد الديون وتكييف البلدان النامية مع
مقتضيات معالجة مشاكل الرأسمالية الاحتكارية العالمية
وينهى الكاتب هذا الفصل بنتيجة مؤداها أن منظومة الاقتصاد الرأسمالى استطاعت أن تدير أزمة المدفوعات الدولية فى السبعينيات
وإلى حد ما فى الثمانينات عبر نقل الموارد من بلاد الفائض (الأوبك) إلى بلاد العجز دون أن تحصل الأوبك على ضمانات
حقيقية لفوائدها فى حين أن أزمة المدفوعات الدولية فى التسعينيات ذات طابع مختلف بعد انتهاء عصر الفوائض النفطية ليبقى
الفائض فى أيدى اليابان ومجموعة الدول الرأسمالية الصناعية الكبرى ويرى الكاتب أن حل الأزمة فى التسعينيات لن يتم عبر
عمليات إعادة تدوير الفوائض فى الدول الرأسمالية الصناعية إلى مشروعات استثمارية مرة داخل بلاد العجز وهو مالا يمكن أن يحدث
إلا إذا انتهجت بلاد العجز سياسات انفتاح ليبرالية متطرفة على حد تعبيره ويرى الكاتب أن هذا التوجه من قبل الدول الرأسمالية
الكبرى لحل أزمة المدفوعات الدولية هو المبرر الحقيقى لسياسات التصحيح الهيكلية والتكيفية التى تدعو لها صندوق النقد الدولى
وشقيقه البنك الدولى
أما الفصل الثالث من الكتاب والمعنون ـ مقالات وأحاديث متفرقة حول الديون الخارجية ـ فيتضمن عدد من المقالات التى نشرها
الكاتب حول قضية ديون العالم الثالث وبعض الأحاديث التى أدلى بها حول القضية ذاتها وأول هذه المقالات هى
ـ التشابه بين
أزمة الديون والتعويضات الألمانية والأزمة الراهنة لديون العالم الثالث ـ ويعرض فيها لأوجه التشابه بين الأزمتين ويحذر من
أن وصول عبء ديون العالم الثالث إلى مستوى حرج يعرض مستويات المعيشة والإنتاج والنمو للتدهور قد يجعل الخروج من أزمة الديون
غير ممكن إلا بإلغاء الديون أو جانب هام منها وإلا تفاقمت الأمور على نحو قد يدمر الدائنين والمدينين معا
أما المقال الثانى المعنون ـ انفجار ديون البرازيل ـ غياب شمس
المعجزة البرازيلية وبزوغ فجر المديونية الثقيلة) فيعرض فيه لأزمة الديون البرازيلية والضغوط الشديدة التى سببتها
المديونية البرازيلية الثقيلة لنموذج التنمية البرازيلى النمو قام على أساس فتح المجال أمام الشركات الأجنبية والذى كان محل
تقدير واسع فى أدبيات التنمية الغربية فى الستينيات والسبعينيات قبل انفجار أزمة ديون البرازيل
أما المقال الثالث المعنون ـ الأموال المهربة من بلاد الفقراء ـ يتناول مشكلة هروب الأموال من العالم الثالث ويرى أنه
من الصعب التعويل على عودة تلك الأموال وأن الأهم هو العمل بكل حسم على وقف وتلك الظاهرة من خلال تطبيق القوانين بصرامة وسد
الثغرات التى تهرب الأموال من خلالها مع تبنى سياسات الاقتصادية واجتماعية مختلفة ووضع شعار ـ طهارة اليد والسلوك ـ
موضع التطبيق الحاسم ونعتقد أن ما دعا إليه د رمزى زكى سد الثغرات التى يهرب منها رأس المال وتطبيق القانون بصرامة وهى
إجراءات تحكمية قد توقف هروب رؤوس الأموال للخارج لكنها قد تتسبب فى برز وتفشى ظاهرة الاكتناز فى الداخل إذا لم يتم خلق
الآليات الملائمة الجديرة بالثقة للادخار والاستثمار فى الداخل
أما المقال الرابع المعنون ـ الأسس الموضوعية لإلغاء ديون العالم الثالث ـ فيتضمن الأسباب التى يتبناها الكاتب كمبررات
لدعوته لإلغاء ديون العالم الثالث،
أما المقال الخامس المعنون ـ أخطر مراحل المديونية: بيع مشروعات القطاع العام تسديدا للديون وعودة السيطرة ـ فيطرح
مسألة الدعوة لبيع القطاع العام فى العالم الثالث باعتباره حلا لحماية مصالح الدائنين التى أصبحت مهددة من تفاقم أزمة
الديون العالم الثالث
ويرفض الكاتب هذه الدعوة بوضوح ويرى أنها تعنى تحويل ديون مشكوك فى تحصيلها تماما إلى أصول إنتاجية تدر عوائد مستمرة ويرى
أن هذا الإجراء لن يؤدى إلا إلى تخفيف عبء ديون العالم الثالث بصورة مؤقتة حيث أن التحويلات الخارجية التى سيقوم بها الملاك
الأجانب الجدد لمشروعات القطاع العام ـ سابقا ـ سوف يؤدى لزيادة العجز فى موازين مدفوعات بلاد العالم الثالث مرة أخرى
ويطرح الكاتب مجمل مبررات لرفض هذا إجراء
وفى حوارا له مع إحدى الصحف العربية تحت عنوان الاقتصاد العربية وتحديات أزمة الديون فى التسعينيات ـ يجيب الكاتب عن عدد
من التساؤلات حول التحديات الرئيسية التى تواجه الاقتصاد العربى فى التسعينيات وأهمها أزمة الديون وسبل الخروج منها وينهى د
رمزى زكى هذا الفصل بمقال سبق نشره فى إحدى المجلات المصرية تحت عنوان لم كيف تخرج مصر من أزمة ديونها الخارجية ويفقد فيها
تحليلا لديون مصر الخارجية، والاستراتيجية التى براها ملائمة لمواجهتها مع الاحتفاظ لمصر باستقلالها ويختتم د. رمزى زكى
كتابه بملحق بعنوان وهكذا تحدث النقابيون عن أزمة الديون الخارجية، ويتضمن هذا الملحق بيان نقابات العمال فى أفريقيا
وأمريكا اللاتينية بشأن أزمة الديون الخارجية، ذلك البيان الذى صدر فى أغسطس 1989 بمشاركة منظمة الوحدة النقابية الأفريقية
والمؤتمر الدائم للوحدة النقابية لعمال أمريكا اللاتينية، والمركز العمالى الواحد للبرازيل، واتحاد عمال كوبا، ومركز العمال
الموحدين بكولومبيا، والاتحاد العام لعمال مصر، واتحاد جواتا بتنزانيا، والاجتماع الكامل لنقابات العمال المترابطة
وكونفدرالية العمال الوطنية فى أورجواى، والاتحاد العام للعمال بأنجولا
وفضلا عن الملاحظات البسيطة التى أوردناها على موضوع الكتاب فإنه عانى من تكرار نفس الأفكار فى أكثر من موضوع بالذات فيما
يتعلق بحور صندوق النقد وبرنامج مواجهة، أزمة الديون، وهذا التكرار، مفهوم على ضوء أن الكتاب تجميع لعدة أوراق حول القضية،
وفى النهاية نعتقد أن أهمية هذا الكتاب تكمن فى أنه صرخة رجل يعد أحد أبرز علماء جيله على امتداد الوطن العربى
والعالم الثالث صرخة تحذير من المخاطر الكبيرة التى يقاد إليها العالم الثالث بواسطة أزمة الديون التى تمسك بخناقه فهل تظل
هذه الصرخة مجرد صيحة رجل رومانسى لم يغير
ـ رأسه ـ وفق ـ الموضة ـ العالمية أم أنها ستجد صدى فى العالم الثالث
المهدد بالمزيد من التهميش وانتهاك استقلال وسيادة دولة على كافة الأصعدة فى ظل تفاقم أزمة ديونه التغيرات العاصفة فى
النظام الدولى التى تمخضت عن بداية عصر الهيمنة الغربية ـ بقيادة أمريكية حاسمة ـ على العالم شرقا وغربا وجنوبا وشمالا
باستثناء بؤر محدودة مازالت تقاوم.