صفحة 1 من 1

التخلف السياسي

مرسل: الأربعاء يوليو 25, 2012 8:09 am
بواسطة يزيد الدريهم313
التخلف السياسي ظاهرة سياسية مركبة تعاني منها بعض البلدان خاصة بلدان العالم الثالث ، وتشير هذه الظاهرة إلى افتقار القائمين على الحكم إلى رضى الجماهير ، فضلاً عن اغفالهم للدستور فيما يتعلق باعتلاء السلطة وممارستها وتداولها ، ونزوعهم إلى تركيز الوظائف السياسية قاطبة في يدهم ، ويضعون العراقيل أمام المتطلعين إلى المشاركة في إدارة بلادهم ، وعدم قدرة القلة الحاكمة على تحقيق العدالة في توزيع الموارد المتاحة للمجتمع بين مختلف مكوناته ، الأمر الذي يعطي سبباً آخر لعدم الإستقرار السياسي .

طبقاً لما ذكر أعلاه يرى صامويل هنتنجتون أن سمات التخلف السياسي تتمثل في الآتي:

1. احتكار السلطة: وتعني استنادها إلى اعتبارات غير رشيدة كالإنتماء الطبقي أو الفئوي مثل الإنتماء إلى فئة العسكر ، أو اعتلائها وممارستها وتداولها بطريقة تتنافى مع قيم الدستور وسيادة القانون .

2. الهيمنة على وظائف الدولة السياسية: وتعني سيطرة المجموعة الواحدة أو الحزب الواحد أو الشخصية الواحدة على وظائف الدولة.

3. وضع العراقيل أمام المشاركة الجماهيرية: وتعني تدني معدلات مشاركة المواطنين في الحياة السياسية بسبب قطع الانطمة الحاكمة الطريق المؤدي إلى المشاركة . إذاًً كيف التخلص من هذه الظاهرة واللحاق بركب الحداثة السياسية ؟ ! يقول هنتنجتون لمن أراد من السياسين أن يرتقي بدولته وشعبه نحو الحداثة السياسية ، عليه اتباع مقومات الحداثة السياسية الثلاثة ، الآتية :

أ‌. ترشيد السلطة: ويقصد بها استنادها إلى قانون ينظم عملية اعتلائها وممارستها وتداولها .

ب‌. التمايز: ويقصد به ضروة تباين الهيئات التي تقوم على الوظائف السياسية للدولة وهو مايعرف في السياسة بمبدأ الفصل بين السلطات الوظيفية .

جـ. المشاركة السياسية: ويقصد بها ضرورة إتاحة الفرصة للجماهير للقيام بدورها المنوطة به في الحياة السياسية . وذلك من خلال قنوات المشاركة المعروفة كالأحزاب وجماعات الضغط ونحو ذلك .

وهنا ينبغي أن نضع الحكومة الإرترية المؤقتة في ميزان به كفتان ، الأولى لظاهرة الحداثة السياسية ، والثانية لظاهرة التخلف السياسي ، فإلى الميزان :

أولاً: كفة الحداثة السياسية

وفيها ثلاثة مقومات كما ذكرت من قبل تحدد ما اذا كانت حكومة أفورقي متخلفة سياسيا أم تتوفر فيها سمات الحداثة السياسية ، وتشير هذه الكفة إلى الآتي:

• عملت الجبهة الشعبية الحاكمة في البلاد بزعامة أسياس أفورقي في فترة النضال ضد المستعمر الإثيوبي على محاربة الفصائل الإرترية داخل ساحة النضال الوطني متعاونة في ذلك مع الجبهة الشعبية لتحرير تقراي الإثيوبية بزعامة ملس زيناوي الحاكم الآن في اثيوبيا فبالرغم من تحرير بعض من هذه الفصائل لبعض المدن الإرترية إلا أن جبهة أفورقي تمكنت من السيطرة على الساحة حتى نالت ارتريا استقلالها في عام 1991م على يدها. ونيجة لذلك استلمت السلطة مؤقتاً لفترة انتقالية عمرها عامان ، وكما أخلت الساحة من التنظيمات الأخرى أيضاً انفردت بحكم البلاد لمدة (21) عاماً ولم تنهي حتى الآن الفترة الإنتقالية . أجرى الصحفي القطري أحمد علي في 13 اكتوبر 2010م لقاءً مع أفورقي بأسمرا وسأله: " سيادة الرئيس ، ماذا عن البرلمان الإرتري ؟ يعني منذو توليكم منصبكم الرئاسي عام 1993م لم تجري في ارتريا أي انتخابات .. هل نظامكم جمهوري أم ملكي " ؟ .

أفورقي في جوابه: " يضحك ! ويقول يجب علينا أن ننظر إلى الواقع ، واقع كل مجتمع ، ونترك الخيار لكل مجتمع ليقول رأيه في هذا الأمر " انتهى رده . وكأنه يريد أن يقول إنه اختار لإرتريا الحزب الواحد بلا دستور وبرلمان حسب مزاجه . وهذا الأمر يشير إلى اعتلاء السلطة وممارستها بطريقة غير دستورية تسببت في فقدان الوطن عند سلة المهملات السياسية للنظام الحاكم الغير معروف من أي أنظمة الحكم هو كما عبر زعيمهم .

• السلطات الوظيفية في ارتريا فهي معروفة في الهيكل الإداري فقط ، فهي حقائب بها شخصيات بدون صلاحيات لا تكاد تسمع له صوت .

• بعد التحرير تحدث أفورقي أن حكومته ستعفوا عن الافراد الذين تم تضليلهم بواسطة مايسمى بالتنظيمات الأخرى ؛ وحذر من الآن فصاعداً ليس هناك مجالاً للمعارضة في ارتريا .

• اعتقل نظام أفورقي عقب التحرير أعداداً كبيرة من اعضاء الفصائل الإرترية الاخرى بالداخل والخارج.

مماسبق يتضح جلياً أن الإرتريين يعيشوا في ظل حكم لايولي اهتماماً للحداثة السياسية كظاهرة حضارية وسياسية وكقيمة أخلاقية . بل يعتمد في حكمه للبلاد على النظرية الشوفينية التي تعتمد على فلسة فردية لا تعير أي اهتمام للفلسة الجماعية .

ثانياً: كفة التخلف السياسي

أيضاً للتخلف السياسي سمات ثلاث ؛ اذا توفرت في نظام الحكم في ارتريا فهو نظام متخلف سياسياً كما عبر عن ذلك هنتنجتون ؛ وفيه مايلي:

• حزب الشعبية الذي يقوداه أفورقي وعبدالله جابر مستشاره السياسي ومسئوله التنظيمي بالحزب هو المسيطر على مقاليد الحكم بالبلاد ؛ حيث نجد أن رئيس الحكومة في ارتريا هو بمثابة جوكر سياسي فتارةً هو الرئيس وتارةً أخرى يدير حقيبة الخارجية والأمن والدفاع والسياحة والثروة الحيوانية مع وجود الشخصيات الديكورية مسئولة عنها . كما لاينطلق من أي قانون ( لاسماوي ـ ولا وضعي ) متعارف عليه ، والبقية الباقية في الحكم هم من فئة العسكر والأمن والإستخبارات من لا يعرف لهم أب ولا أم ويعرفوا في داخل ارتريا بأبناء ( فري قدلي) أي أبناء غير شرعيين ولدوا وسط الجنود من الجنسين نتيجة ممارسات غير أخلاقية أقرتها شريعة أفورقي الحيوانية المتوحشة التي لم نسمع بها حتى في الحيوانات ناهيك عن الإنسان الذي كرمه رب الشرائع السماوية .

• أيضاً كل الوظائف هي حكراً على المقربين منه شخصيا ومن ابناء جلدته وحزبه المتمثل في المؤسستين الأمنية والعسكرية .