صفحة 1 من 1

الديمقراطية وبناء الاوطان...رؤية خليفة بن سلطان

مرسل: الثلاثاء أغسطس 14, 2012 12:51 am
بواسطة دعاءمحمد
الديمقراطية وبناء الأوطان .. رؤية خليفة بن سلمان
في تصريح يعكس خبرات كثيرة وتجارب طويلة ويعبر عن رؤية واقعية ثاقبة، أكد رئيس الوزراء البحرينى خليفة بن سلمان آل خليفة مؤخرًا: "انه مثلما تحفظ الديمقراطية حق الفرد، فإن حق الدولة ينبغي أيضا أن يكون محفوظا من استغلال البعض لهذه الديمقراطية والالتفاف عليها"، و"ان الديمقراطية تشكل حماية للمجتمعات من الفوضى، ولكن هناك من يسعى إلى جعل الديمقراطية بوابة للفوضى، واستغلالها عبر التحريض والتخريب والإرهاب".
فقد اجتهد المفكرون والساسة والعلماء والباحثون من أجل الوصول إلى النظام الأمثل للمجتمعات كافة ، واتفقوا على أن الديمقراطية هي ذلك النظام، حيث يفترض ويقتضي العدالة والمساواة والتعددية السياسية والفكرية وصيانة الحريات الأساسية واستقلالية القضاء وسيادة القانون والشفافية والمساءلة .
ورغم اتفاقنا جميعا على أن الديمقراطية تحمل الكثير من الإيجابيات وتتسم بمنظومة قيمية سليمة وتقوم على مبادئ نبيلة وترتكز على مثل سامية إلا أنها لا تخلو من اخلالات وإخفاقات تناقض مقوماتها وتتنافى ومراميها، ومن مظاهر ذلك وجود مجتمعات "ديمقراطية" تفتقر إلى تكافئ الفرص والى الأمن والسلم الاجتماعي وكذلك إلى المساواة الحقيقية بين مواطنيها، كما أن هناك دولاً تبنت النموذج الديمقراطي ولم تحقق معدلات تنمية مرتفعة، بينما شهدت بعض الدول ارتفاعاً في معدل التنمية الاقتصادية في ظل نظم حكم دكتاتورية لا تعرف التعددية الحزبية.
تبنى نهجًا واعيًا وفكرًا مستنيرًا وؤية واقعية للديمقراطية:
لقد أدرك رئيس الوزراء هذه الإشكالية الكبيرة التي مازالت تؤرق الباحثين والمفكرين، وتبنى نهجًا واعيًا وفكرًا مستنيرًا ورؤية واقعية للديمقراطية تقوم على معادلة أساسية مفادها أن للديمقراطية ضلعين رئيسيين هما الأمن والتنمية وبدونهما لا يمكن للديمقراطية أن تستقر أو أن تؤتي ثمارها في اي مجتمع. لقد انتقل الأمير خليفة بن سلمان بالديمقراطية من الأوراق النقاشية والأطروحات والدراسات النظرية إلى الاجتهادات العملية والمساعي الواقعية والمحاولات التنموية فجعل الإنسان هو محط اهتمام الديمقراطية الأول ومحورها الأساسي، فبات إسعاد هذا الإنسان والا رتقاء به نحو أسمى مكانة ممكنة في الحياة هو الهدف الأول و الأخير .
الأمن والتنمية .. ركنان رئيسيان ودعامتان أساسيتان للديمقراطية كانت دوما نصب أعين خليفة بن سلمان :
ركنان رئيسيان ودعامتان أساسيتان للديمقراطية كانتا دوما نصب أعين خليفة بن سلمان وعمل بكل ما أوتي من قوة وحكمة على توفيرهما وترسيخهما في المملكة وهما الأمن والتنمية، لذا وبعد أن ساهم في حصول المملكة على استقلالها في سبعينيات القرن الماضي، كان الهدف هو الحفاظ على وحدة اراضي المملكة وصون حقوق مواطينها وحرياتهم مع توفير مستوى لائق للمعيشة رغم محدودية الثروات وضيق المساحة واطماع بعض دول الجوار (ايران على وجه التحديد).
ورغم ما واجهته المنطقة من حروب بعضها اقليمى (حرب الخليج الاولى بين العراق وايران) وبعضها دولي (حرب الخليج الثانية – حرب تحرير الكويت- وحرب الخليج الثالثة – الحرب الامريكية البريطانية على العراق)، إلا ان المملكة وبفضل حكمة خليفة بن سلمان وقراءته الواعية لمعطيات البيئة الخارجية والداخلية وقدرته على اتخاذ القرارات الملائمة استطاعت ان تجتاز تلك المحن وان تتغلب على هذه الصعاب وان تحافظ على استقلالية قراراتها وخصوصيته سياساتها.
الايمان أهمية دور الدولة ومسئولياتها الاجتماعية حيال جميع مواطنيها:
وفي الوقت الذي حرصت فيه الكثير من الدول على إخلاء مسؤوليتها تجاه مواطنينها ورفع يدها عن حل مشكلاتهم والنهوض بمستويات معيشتهم آمن خليفة بن سلمان بأهمية دور الدولة ومسئولياتها الاجتماعية حيال جميع مواطنيها، حيث أكد سموه فى جميع سياساته وقراراته وتوجهاته على اهمية دور الدولة ومسئولياتها حيال مواطنيها بما يحقق تطلعاتهم ويلبى اهدافهم وينجز طموحاتهم دون ان يمثل ذلك عائقا امام الاستثمار الخاص وتشجيعه بما يمثله من اضافة حقيقية الى رصيد الدولة والمجتمع معا.
ولعل القراءة السريعة على حزمة القرارات الاخيرة التى اتخذها اخليفة بن سلمان لصالح المواطن البحرينى تؤكد على صدقية هذه الرؤية وصحة هذا التحليل، ومن أبزرها ما يلى:
1- الإسراع في تطوير نظام المساعدات الاجتماعية وتعزيزه بمعايير تتيح وصول المساعدات إلى الأسر المتعففة والمحتاجة بشكل أكثر فعالية ودقة وسرعة وبما يضمن سد احتياجاتهم الضرورية، ويذكر أن شبكة الحماية الاجتماعية التي توفرها الحكومة والتى تغطي مختلف الخدمات الحكومية تخصص مئات الملايين من الدنانير في موازنتها السنوية لدعم المواد الغذائية والتموينية والإسكان والكهرباء والماء والمحروقات وغيرها، إلى جانب تخصيص أكثر من 110 مليون دينار تخصصها سنوياً كمساعدات اجتماعية نقدية تقدم للمواطن منها ما يساعد المواطنين على مواجهة الغلاء ومنها ما تدعم به الأسر المحتاجة وذوي الاحتياجات الخاصة على مواجهة متطلبات الحياة
2-تعظيم مبادرة "إنماء" باعتبارها أحد البرامج الاجتماعية الهادفة إلى مساندة الأسر المحتاجة من خلال تنفيذ برامج وأنشطة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة لتعزيز القدرات وتوفير الفرص والبدائل المناسبة لتنمية المجتمع والبيئة وتمكين ذوي المهارات المتواضعة والعاطلين عن العمل على المدى البعيد من تحمل المسئولية والاعتماد على المبادرات الذاتية في تلبية متطلباتهم واحتياجاتهم نحو العيش الكريم، وبذلك يتم إخراجهم من دائرة المساعدات الاجتماعية إلى الاعتماد على الذات.
3- التأكيد على أهمية توفير المزيد من الآليات التي تكفل سرعة إتمام إجراءات التقاعد للموظفين الذين يحالون إلى التقاعد من الوزارات والأجهزة الحكومية دون إبطاء أو تأخير في صرف الرواتب التقاعدية أو مكافآت نهاية الخدمة، تقديرا لعطاءهم وتثمينا لجهودهم فى خدمة الدولة والمواطنين.
4-الحرص المتواصل على دعم المشروعات التنموية والترفيهية التي تلبي احتياجات المواطنين، انطلاقا من رؤيته بأن مجمل عمليات التنمية هي من أجل المواطن ورفاهيته، أن تحقيق رفاهية المواطن وتطلعاته هي محور أي جهد إنمائي. يذكر فى هذا الخصوص أن اقامة الحدائق والمتنزهات حظيت بنصيب وافر من المشروعات التنموية في مختلف قرى ومدن المملكة، حيث تضمن برنامج الحكومة خطة إستراتيجية متكاملة للتشجير والتجميل وزيادة الرقعة الخضراء في مختلف مناطق المملكة، ويذكر أنها قد أثمرت عن انجاز ما يزيد عن 120 حديقة ومنتزه في مختلف المحافظات حتى الآن، بالإضافة إلى انه ما زالت هناك مجموعة من المشاريع قيد التنفيذ، والتي روعي فيها أن تكون ملبية للاحتياجات السكانية والعمرانية لكل منطقة.
الحوار والتفاعل كنهج لادارة شئون المملكة:
لقد كان الحوار والتفاعل هو نهج خليفة بن سلمان لادارة شئون المملكة فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فقد اقر آلية الاجتماعات التشاورية مع مختلف فئات المجتمع وطوائفه قبل اتخاذ القرارات المنظمة لشئونه كما حدث فى لقاءاته مع رجال الفكر والاعلام ورجال الاعمال، فضلا عن لقاءاته الشعبية والجماهيرية، وهو ما يؤكد على ادراكه الكامل لمفهوم الديمقراطية كنظام متكامل لا يستطيع احد مهما بلغ من الحنكة ان يجترئ جزءا منه ويدعى انه يعمل بكفاءة واقتدار، فالديمقراطية ليست دستورا رغم اهميته، وليست انتخابات ودوائر انتخابية رغم ضروريتها، وليست تنظيمات سياسية بغض النظر عن اسماءها احزاب او جمعيات او منابر وخلافه، وإنما هى منظومة متكاملة الاركان وشاملة الابعاد ومتعددة الجوانب.
ومن هنا يكمن الخلاف والاختلاف بين حكومة وطنية تمتلك الشجاعة السياسية المتمثلة فى التفكير بطرائق جديدة ومختلفة، ترى ان ما كان ناجحا نسبيا فى زمن ما ليس بالضرورة ان يكون ناجحا فى زمان ومكان آخرين وإنما هو مرتبط بظروف مكانية وزمانية معينة، فاليوم يختلف عن الامس كل الاختلاف. وبين مجموعة من الخارجين على القانون وعلى النظام العام يتسم موقفهم بالجمود والرجعية والتصلب امام وقائع تجاوزها الزمان واحداث تغيرت بفعل تغير المكان، ترى ان رؤيتها صائبة على الدوام وان مواقفها صحيحة على الاطلاق وان ما تدعيه هو الصواب وكل ما عداه يأتيه الباطل من بين يديه.
ومكمن هذا الخلاف والاختلاف يرجع الى تباين الرؤى وتضارب المصالح واختلاف الاهداف، ففى الوقت الذى يرى فيه خليفة بن سلمان ان من اولى مسئولياته فى ادارة شئون المملكة يستوجب طرح حزمة متكاملة من النصوص التشريعية لتقويم اي اعوجاج اصاب التجربة الديمقراطية والنهج الاصلاحى فى التطبيق، مع استكمال خطوات التطوير السياسى والاقتصادي والاجتماعى فى دربه وصولا الى دولة الرفاهة التى يحلم بها المواطن البحرينى. على الجانب الآخر، تأتى المجموعات الخارجة على القانون والرافضة للنظام العام وقواعده التى اقرها المجتمع وتراضى بها وتوافق عليها وتعلى من الانتماءات دون الوطنية كالطائفية والمذهبية متجاهلة تماما قيم المواطنة الحقة.
الادراك ان ادارة الاوطان ترتكز على احترام المواطن وتقديس حريته :
تكشف القراءة الدقيقة لادارة خليفة بن سلمان على مدى الحقب الماضية بصفة عامة وخلال الاحداث المؤسفة التى عاشتها المملكة فى شهر فبراير من العام المنصرم بصفة خاصة، بل وتعامله مع الملفات وتداعيات تلك الاحداث فيما بعد بدءا من تعويضات المصابين مرورا بلجنة تقصى الحقائق الدولية ومرئيات الحوار الوطنى وصولا الى لجنة تنفيذ التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية لتقصى الحقائق وكذلك مرئيات حوار التوافق الوطني ، تكشف عن نمط جديد من الادارة ارسى مبادئها وحدد معالمها ورسم خطى تنفيذها ، يتمثل هذا النمط فيما يمكن أن نطلق عليه "الادارة الناعمة" التي تقوم على لغة الحوار وتنتهج ادوات التفاهم وتعتمد التواصل وتسعى للإنجاز المتواصل على جميع الصعد والمجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. فقد ادرك ان ادارة الاوطان ترتكز على احترام المواطن وتقديس حريته وحماية حقوقه، كونه شريك فى الوطن، وذلك على عكس موقف دعاة الفوضى والعنف الذين رأوا ان ادارة علاقتهم مع وطنهم لا يمكن ان تستقر إلا بالتظاهرات والمسيرات غير السلمية والمخالفة للقواعد القانونية، وزعموا أنهم يسعون للديمقراطية، رغم أنهم جعلوا الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة منهجا، وتدمير البنية الاساسية للمجتمع غاية، وارهاب المواطنين والمقيمين هدفا.
وبهذه الرؤية الوطنية الحكيمة التى اتسم بها خليفة بن سلمان نجحت المملكة فى إنجاز خطوات واسعة في مسيرتها الديمقراطية تتحدث عنها صيانة جميع الحريات والحقوق وإنشاء المؤسسات الضامنة لاستمرار هذه المسيرة الديمقراطية وذلك جنبًا إلى جنب مع تحقيق نهضة اقتصادية متميزة يتوقع أن تستمر في ظل العديد من المؤشرات الواردة فى التقارير الدولية، من ابرزها ما يلى:
1-التقرير الصادر عن مؤسسة ستاندرد أند بورز الذي توقع نموا للاقتصاد البحريني لعامي 2012 و 2013 بنسبة 5ر3 % و1ر4 % على التوالي، مشيرا إلى أن حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البحرين في 2011 بلغ 300 مليون دولار رغم الاحداث المؤسفة التي شهدتها البلاد، كما ارتفع عدد شركات الخدمات المالية في البحرين من 401 إلى 414 في عام 2011، وهو ما ارجعه التقرير الى امرين مهمين: الاول، استضافة المملكة لفعاليات سباق الجائزة الكبرى في شهر إبريل 2012. الثانى، اقدام الحكومة البحرينية على زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة على البحرين باعلانها حزمة تحفيز اقتصادي تتألف من إنفاق بقيمة 300 مليون دولار على مشاريع البنية التحتية وبرنامج بقيمة 550 مليون دولار لتوفير مساكن لنحو 50000 أسرة مدرجة في قوائم الانتظار للحصول على المساكن الحكومية.
2- ارتفاع معدل الإشغال في فنادق البحرين خلال الربع الاول من هذا العام إلى 45% في المتوسط محققًا تحسنا ملحوظا مقارنة بالشهر ذاته من عام 2011، وقد أعلن مشروع خليج البحرين الواقع قبالة الساحل الشمالي للعاصمة المنامة تطوير مشروعٍ رئيسٍ ثانٍ لأحد فنادق الخمسة نجوم يحمل علامة جيه دبليو ماريوت ويتألف من 50 طابقًا تشتمل على 394 غرفة فندقية ليلحق بفندق فور سيزونز بطاقة 263 غرفة الذي بدأ العمل فيه بالفعل.
3- التقرير الصادر عن مجلة "اف دي اي" المتخصصة في الاستثمارات الاجنبية المباشرة الذي كشف عن تمكن البحرين خلال عام 2012 من تحسين موقفها فيما يتعلق بالاستثمار الاجنبي المباشر, وهي الان موطن لثلاث من افضل 20 منطقة حرة على الصعيد العالمي، مشيرا إلى انه في 2012 - 2013 كانت منطقة البحرين العالمية للاستثمار (التي احتلت الموقع 15 عالميا) وميناء خليفة بن سلمان (الموقع 16 عالميا) ومطار البحرين الدولي (19 عالميا) هي ضمن المناطق الحرة العشرين عالميا.
4- التقرير الصادر عن الاستثمارات العالمية صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأنكتاد) الذي اشار إلى أن الاستثمارات الخارجية المباشرة في البحرين في العام 2011 ارتفعت بقوة مقابل العام السابق له لتبلغ 781 مليون دولار، وإن ظلت أقل من الاستثمارات الخارجية المباشرة في البحرين في العام 2008، حيث بلغت 1.8 مليار دولار، قبل أن تهبط بحدة إلى 257 مليون دولار في 2009، و156 مليون دولار في 2010. مرجعا السبب فى ذلك إلى تراجع في الاستثمارات الخارجية المباشرة ليس في البحرين فقط وإنما في جميع دول الخليج العربية، ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بسبب المشكلات الاقتصادية التي تواجهها دول الاتحاد الأوروبي وكذلك الأوضاع السياسية التي تمر بها دول المنطقة في ظل الربيع العربي.
هذه هي الديمقراطية كما يراها "خليفة بن سلمان آل خليفة" وجعل منها وسيلة للبناء والتنمية والأمن وليست هدفًا أو غاية في ذاتها لأن من شأن ذلك أي جعلها غاية أن يكون على حساب أولويات واعتبارات أخرى هي الغاية الحقيقية التي ينشدها أي مجتمع . وهذا الفهم الواعي والتطبيق الراقي للديمقراطية مكنه من تحمل المسئوليات وادارة الاعباء بكل كفاءة وحنكة واقتدار ومواجهة كافة التهديدات الداخلية والخارجية التى تعصف بوحدة الوطن واستقراره، وجعل من المملكة واحدة من قلائل الدول التي استطاعت إيجاد التوازن بين ما تحققه من تقدم على الصعيد السياسي في مجال الحقوق والحريات والمشاركة السياسية وبين إحداث نقلات تنموية نوعية شاملة تعود بالنفع الوفير على الجميع .