منتديات الحوار الجامعية السياسية

الوقائع و الأحداث التاريخية
By خالد القويز 101
#54141
إعادة توحيد ألمانيا (بالألمانية: Deutsche Wiedervereinigung) هو الحدث الذي تم في 3 أكتوبر من عام 1990 م حيث ضمت فيه جمهورية ألمانيا الديمقراطية، أو ما كان يعرف بألمانيا الشرقية، إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، أو ما يعرف عادة بألمانيا الغربية. فبعد أول انتخابات حرة في ألمانيا الشرقية، والتي جرت في 18 مارس 1990 م، بدأت مفاوضات بين كلتا الدولتين تمخض عنها معاهدة التوحيد، وفي نفس الوقت عقدت معاهدة بين الألمانيتين من جهة وبين ما يسمى بالقوى الأربعة المحتلة (وهي فرنسا المملكة المتحدة وأمريكا والاتحاد السوفياتي) سميت بمعاهدة الإثنين والأربعة وقعت في 12 سبتمبر من عام 1990 في موسكو منحت من خلالها الدولة الجديدة الاستقلال التام. استمرت ألمانيا بعد التوحيد كعضو في المجموعة الأوروبية، وهو ما أصبح يعرف فيما بعد بالاتحاد الأوروبي، وكذلك في حلف شمال الأطلسي، الناتو.

يستخدم مصطلح "إعادة التوحيد" لتمييزه عن حدث توحيد ألمانيا في عام 1871 م. في حين يعتبر البعض أن مصطلح "لم الشمل" (Vereinigung) أكثر ملائمة من مصطلح "إعادة التوحيد" عندما يتعلق الأمر باعتبار ألمانيا الشرقية دولة مستقلة أو على أنها جزء من الرايخ الألماني. ومن الذين كانوا يدعون بحماسة إلى التوحد بدلا من إنشاء ولايتين اتحاديتين كان رئيس الحكومة الألمانية السابق فيلي برانت وصاحب العبارة المشهورة عن إعادة الإتحاد « الآن ينمو معا ما ينتمي معا » والذي بين أنه الدولة المتحدة يجب أن تستبدل ما كان عليه الوضع قبل الحرب.

نهاية الانقسام

بحلول منتصف العقد 1980 م كان الشعور السائد بين الألمانيين الشرقيين والغربيين حول إعادة التوحيد بأنه أمل بعيد صعب التحقيق طالما بقيت الحكومات الشيوعية مسيطرة على أوروبا الشرقية. ولكن هذا الأمل بدا فجأة وكأنه بمتناول الأيدي نتيجة للتغييرات السياسية التي حدتث في الاتحاد السوفيتي. كان ذلك نتيجة قدوم ميخائيل غورباتشوف إلى الحكم والذي أدت سياساته إلى موجة من التغييرات في شتى أرجاء الكتلة الشرقية مما أحيى أمل الاتحاد مرة أخرى في ألمانيا الشرقية.

في شهر أغسطس من عام 1989 م قامت المجر بإزالة القيود على حدودها مع النمسا الأمر الذي نتج عنه هرب ما يزيد عن 13،000 ألماني شرقي إلى ألمانيا الغربية عبر المجر في شهر سبتمبر. وفي أواخر العام نفسه بدأت مظاهرات ضخمة ضد المنطقة الألمانية الشرقية كان أكبرها ما عرف بمظاهرات الإثنين في ليبزغ. أجبرت الاضطرابات الشعبية رئيس ألمانيا الشرقية إيرك هونكر على تقديم استقالته في 18 أكتوبر 1989 م. تبع ذلك عدة استقالات أخرى عندما أعلن كافة أعضاء الحكومة الشرقية استقالتهم في 7 نوفمبر. قامت الحكومة الجديدة برفع قيود السفر عن الألمان الشرقيين في 9 نوفمبر 1989 م مما دفع بالكثير من الناس للذهاب إلى الجدار الفاصل حيث كان حرس الحدود قد فتح عدة معابر وسمحوا للناس بالعبور. جرئ هذا الأمر العديد من الألمان من كلتا الجهتين فبدؤا بهدم أقسام من ذلك الجدار، وهو ما يعتبر من أهم الأحداث في القرن العشرين.

في 18 مارس 1990 م جرت أول وآخر انتخابات حرة في تاريخ ألمانيا الشرقية نتج عنها حكومة كان هدفها الأساسي هو التفاوض لإنهاء نفسها ودولتها.

تفاوضت ألمانيا الشرقية أثناء فترة رئيس وزرائها لوثر دي مايزير مع ألمانيا الغربية والمملكة المتحدة وفرنسا والولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بشأن الشروط السابقة لإعادة التوحيد. وبالرغم من تراجعه عن موقفه الأول في معارضة الاتحاد، فقد بقي الاتحاد السوفياتي معارضا لانضمام ألمانيا الشرقية إلى حلف الناتو. غير أنه تم التوصل إلى اتفاقية تجيز لألمانيا الموحدة أن تكون جزءا من الناتو بشرط أن لا يكون لقوات الناتو أية قاعدة في منطقة ألمانيا الشرقية.

كان يجري بمحاذاة تلك المفاوضات المتعددة الجهات مفاوضات ثنائية بين حكومتي الألمانيتين نتج عنها توقيع اتفاقية في 18 مايو كخطوة تمهيدية وحدت الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وكذلك العملة وأخذ بتطبيقها اعتبارا من 1 يوليو. وفي 23 أغسطس أقر برلمان ألمانيا الشرقية، فولكسكامر، على تاريخ الثالث من أكتوبر للانضمام إلى ألمانيا الغربية. وفي 31 أغسطس 1990 م تم توقيع اتفاقية التوحيد (Einigungsvertrag) بين مندوبين من كلا الحكومتين. بعد ذلك، وفي 12 سبتمبر من نفس العام، وقع على اتفاقية الحل النهائي فيما يخص ألمانيا، والتي تسمى أيضا معاهدة الإثنين والأربعة، والتي أعطي رسميا بموجبها الاستقلال لكتا الدولتين.

يعد تاريخ 3 أكتوبر 1990 م التاريخ الرسمي الذي توحدت فيه ألمانيا مرة أخرى وذلك عندما قامت خمس من الولايات الفيدرالية التي أعيد إنشائها في ألمانيا الشرقية، وهي براندينبرغ وميكلينبرغ-شرق بوميرانيا وساكسوني وساكسوني-أنهالت وثيرينغيا، بالانضمام رسميا إلى ألمانيا الغربية. كان هنالك خيارين قائمين في دستور ألمانيا الغربية (Grundgesetz) فيما يتعلق بالدستور الجديد الذي سوف يطبق في الولايات المنضمة. كان الخيار الأول والأسهل، وهو ما تم تطبيقه، يقضي بأن تخضع الولايات المنضمة الجديدة تبعا للمادة 23، التي كانت قائمة آنذاك، للدستور الألماني. كان البديل من ذلك أن تنضم ألمانيا الشرقية بأكملها ضمن خطوة التوحيد بين البلدين مما كان سينتج عنه، فيما سينتج، تشكيل دستور جديد يضم الدولة الحديثة كلها. ومع سهولة القرار الذي وقع الاختيار عليه إلا أنه تولد عنه مشاعر في الشرق بأنه محتل أو ملحق بالجمهورية الفيدرالية السابقة.

ولتسهيل عملية الانضمام وللتطمأن الدول الأخرى، قامت ألمانيا الغربية ببعض التغييرات على دستورها الأساسي. فقد عدلت المادة 146 من الدستور بحيث يمكن استخدام المادة 23 في عملية إعادة التوحيد. وبعد أن أتمت الولايات الخمسة المذكورة انضمامها إلى ألمانيا الغربية تم تعديل الدستور مرة أخرى ليدلل على أنه لا يوجد أي جزء من ألمانيا خارج الحدود التي أعيد توحيدها غير مضمنة. ومع ذلك، فإنه ما زال بالإمكان تعديل الدستور في المستقبل ليسمح بتبني دستور آخر من قبل الشعب الألماني.

وفي 14 نوفمبر 1990 م، وقعت الحكومة الألمانية معاهدة مع بولندا منهية بذلك مسألة الحدود بينهما وجاعلة خط أودر-نيس هو الحد الدائم ومسقطة حقها في سيلسيا وبوميرانيا الشرقية ودانزغ (Gdańsk) وشرق بروسيا. وفي الشهر التالي قامت أول انتخابات حرة ونزيهة شملت كافة الألمان منذ عام 1933 م زادت فيها غلبة حكومة الائتلاف التي رأسها هلمت كول.