- الخميس أكتوبر 04, 2012 12:46 pm
#54148
فيكتور عمانويل الثاني
على الرغم من الهزيمة الساحقة التي تعرض لها تشارلز ألبرت في محاولته لطرد النمساويين من إيطاليا، فإن البييدمونتيين لم يتخلوا تمامًا عن طموحاتهم. كاميلو دي كافور، الذي أصبح رئيسًا لمجلس الوزراء في عام 1852، كان أيضًا صاحب طموحات توسعية. رغم ذلك رأى كافور أن بيدمونت لن تكون قادرة على التوسع بمفردها. بدلاً من ذلك، أعرب عن أمله في الحصول على مساعدات من بريطانيا وفرنسا لطرد النمساويين من شبه الجزيرة الإيطالية. لكي يكسب دعم بريطانيا وفرنسا، قام كافور بدعمهم في حرب القرم التي دخلتها بيدمونت في عام 1855. فشلت تلك المحاولة حيث تم تجاهل الدور الإيطالي في مؤتمر باريس عام 1856. رغم ذلك كانت الحرب ذات فائدة عظيمة للإيطاليين، وهو أنها تركت النمسا في عزلة نتيجة محاولتها تحقيق التوازن بين طرفي النزاع.
في 14 يناير 1858، حاول فيليس أورسيني وهو من الإيطالييين القوميين، اغتيال نابليون الثالث الامبراطور الفرنسي. ومن زنزانته، كتب أورسيني أنه لم يطلب الصفح لحياته وأنه قبل بالموت لدوره في محاولة الاغتيال الفاشلة، لكنه بدلا من ذلك استجدى نابليون الثالث تحقيق مصيره بدعم القوى القومية الإيطالية. اقتنع نابليون، الذي كان قد عضواً في الكاربوناري في شبابه، بأنه مفكر تقدمي، وانسجامًا مع تلك الفكرة، فقد أصبح على قناعة أن وجب عليه أن يفعل شيءًا لإيطاليا. وفي صيف عام 1858، اجتمع كافور بنابليون الثالث في بلومبيه، ووقّعا اتفاقًا سريًا عرف باسم ميثاق بلومييه.[11] شمل ذاك الاتفاق على حرب مشتركة ضد النمسا، حيث تحصل بييدمونت على الأراضي النمساوية في إيطاليا (لومبارديا والبندقية)، فضلاً عن دوقيات بارما ومودينا، على أن تضم فرنسا أراضي بييدمونت في الألب (سافوي ونيس). ولاعتبارهم وسط وجنوب إيطاليا في حالة من التخلف مقارنة بالشمال، فلم يتركز الاهتمام بتلك الأراضي. كما أشيع أن ابن عم الامبراطور الأمير نابليون سيعتلي عرش أسرة هابسبورغ في توسكانا. كان على كافور استفزاز النمساويين بغية إتاحة الفرصة للتدخل الفرنسي دون أن يبدو كمعتدين، من خلال تشجيع النشاط الثوري في لومبارديا.
في البداية، لم تجر الأمور وفق الخطة المقترحة. كان النمساويون، الجاهلين بالاتفاق السري في بلومبيه، صبورين للغاية وبشكل يثير الفضول في تعاملهم مع التمرد المدعوم من بييدمونت. بالتالي كان حشد قوات بييدمونت في مارس/ آذار من عام 1859، يعد نوعًا من القبول بالهزيمة حيث بدا أن استراتيجية استفزاز النمساويين قد فشلت. ولكن بدون العدوان النمساوي، لا يمكن للفرنسيين التدخل، وبدون الدعم الفرنسي، لم يكن كافور ليخاطر بالحرب. في هذا الوقت، سهل النمساويون من مهمة خصومهم بإرسالهم إنذاراً لبييدمونت بإلغاء تعبئة القوات. وهنا أصبحت جاءت بييدمونت الفرصة، فرفضت هذا الإنذار، وبذلك تبدو النمسا معتدية، مما يسمح بالتدخل الفرنسي.
كانت الحرب نفسها قصيرة نوعًا ما. لم يكن التقدم النمساوي في بيدمونت بالجيد، ولم يستطيعوا تأمين ممرات جبال الألب قبل وصول الجيش الفرنسي الذي قاده نابليون الثالث شخصيًا. وفي 4 يونيو، انتصر الفرنسيون والسردينيون في معركة ماجينتا على الجيش النمساوي بقيادة الكونت غيولاي، مما أدى إلى انسحابهم من معظم لومبارديا، ودخول كل من نابليون وفيكتور عمانويل ميلان منتصرين. وفي 24 يونيو، اندلعت معركة سولفرينو ثاني المعارك بين الجيشين، والتي شهدت اشتباكًا دمويًا قاد الجانب النمساوي فيه الإمبراطور فرانز جوزيف، ورغم ضعف خبرة قواد الجانبين، إلا أن الفرنسيين انتصروا مرة أخرى. انسحب النمساويون إلى ما وراء حدود البندقية.
هناك أسباب كثيرة دعت نابليون الثالث لطلب الصلح في هذه المرحلة. كان خوفه من الحاجة إلى حملة طويلة ودموية للتغلب على البندقية، وعلى عرشه في فرنسا، ومن تدخل الولايات الألمانية، والخوف من أن تصبح بييدمونت – سردينيا قوية. كل ذلك دفع بنابليون للبحث عن وسيلة للخروج. وفي 11 تموز / يوليو، اجتمع على انفراد مع فرانز جوزيف في فيلافرانكا، دون علم حلفائه البييدمونتيين، واتفقا على الخطوط العريضة لتسوية النزاع. بموجب الاتفاق، تحتفظ النمسا بالبندقية، ولكن تتنازل عن لومباردي لصالح فرنسا، التي ستتنازل عنها على الفور لبيدمونت (لم يرغب النمساويون في التخلي عن المنطقة لبيدمونت بأنفسهم)، وعدا ذلك فإن الحدود الإيطالية لن تتغير. وفي وسط إيطاليا، حيث حدث التمرد على السلطات المحلية في أعقاب اندلاع الحرب، يعود حكام توسكانا ومودينا وبارما إلى أملاكهم، التي هربوا منها إلى النمسا، في حين تستأنف البابوية سيطرتها على مفوضياتها. ولأن نابليون لم يف بشروط اتفاقه مع بيدمونت، فإنه لن يحظى بسافوي ونيس.
غضبت سردينيا من هذه الخيانة من قبل حليفها. طالب كافور أن تستمر الحرب، واستقال عندما قرر فيكتور عمانوئيل القبول بالنتائج كونها الخيار الواقعي الوحيد. لكن اتفاق فيلافرانكا، أثبت أنه حبر على ورق حتى قبل إضفاء الطابع الرسمي عليه في معاهدة زيوريخ في نوفمبر/ تشرين الثاني. احتلت قوات بييدمونت الدويلات الإيطالية، بينما بدى أن الفرنسيين غير راغبين في الضغط عليهم للانسحاب، والسماح باستعادة النظام القديم. في حين أن النمساويين فقدوا القدرة على إجبارهم على فعل ذلك. في كانون الأول / ديسمبر، توحدت توسكانا وبارما ومودينا والمفوضيات البابوية ضمن المقاطعات المتحدة في إيطاليا الوسطى، وبتشجيع من بريطانيا سعوا للانضمام إلى مملكة سردينيا.
عاد كافور منتصرًا إلى السلطة في كانون الثاني / يناير 1860، وعبر عن رغبته في مواصلة ضم الأراضي، لكنه أدرك ضرورة حصوله على موافقة الفرنسيين. وافق نابليون الثالث على أن تواصل بييدمونت ضم الأراضي في مقابل سافوي ونيس. وفي 20 آذار / مارس 1860، شملت مملكة سردينيا معظم شمال ووسط إيطاليا.
على الرغم من الهزيمة الساحقة التي تعرض لها تشارلز ألبرت في محاولته لطرد النمساويين من إيطاليا، فإن البييدمونتيين لم يتخلوا تمامًا عن طموحاتهم. كاميلو دي كافور، الذي أصبح رئيسًا لمجلس الوزراء في عام 1852، كان أيضًا صاحب طموحات توسعية. رغم ذلك رأى كافور أن بيدمونت لن تكون قادرة على التوسع بمفردها. بدلاً من ذلك، أعرب عن أمله في الحصول على مساعدات من بريطانيا وفرنسا لطرد النمساويين من شبه الجزيرة الإيطالية. لكي يكسب دعم بريطانيا وفرنسا، قام كافور بدعمهم في حرب القرم التي دخلتها بيدمونت في عام 1855. فشلت تلك المحاولة حيث تم تجاهل الدور الإيطالي في مؤتمر باريس عام 1856. رغم ذلك كانت الحرب ذات فائدة عظيمة للإيطاليين، وهو أنها تركت النمسا في عزلة نتيجة محاولتها تحقيق التوازن بين طرفي النزاع.
في 14 يناير 1858، حاول فيليس أورسيني وهو من الإيطالييين القوميين، اغتيال نابليون الثالث الامبراطور الفرنسي. ومن زنزانته، كتب أورسيني أنه لم يطلب الصفح لحياته وأنه قبل بالموت لدوره في محاولة الاغتيال الفاشلة، لكنه بدلا من ذلك استجدى نابليون الثالث تحقيق مصيره بدعم القوى القومية الإيطالية. اقتنع نابليون، الذي كان قد عضواً في الكاربوناري في شبابه، بأنه مفكر تقدمي، وانسجامًا مع تلك الفكرة، فقد أصبح على قناعة أن وجب عليه أن يفعل شيءًا لإيطاليا. وفي صيف عام 1858، اجتمع كافور بنابليون الثالث في بلومبيه، ووقّعا اتفاقًا سريًا عرف باسم ميثاق بلومييه.[11] شمل ذاك الاتفاق على حرب مشتركة ضد النمسا، حيث تحصل بييدمونت على الأراضي النمساوية في إيطاليا (لومبارديا والبندقية)، فضلاً عن دوقيات بارما ومودينا، على أن تضم فرنسا أراضي بييدمونت في الألب (سافوي ونيس). ولاعتبارهم وسط وجنوب إيطاليا في حالة من التخلف مقارنة بالشمال، فلم يتركز الاهتمام بتلك الأراضي. كما أشيع أن ابن عم الامبراطور الأمير نابليون سيعتلي عرش أسرة هابسبورغ في توسكانا. كان على كافور استفزاز النمساويين بغية إتاحة الفرصة للتدخل الفرنسي دون أن يبدو كمعتدين، من خلال تشجيع النشاط الثوري في لومبارديا.
في البداية، لم تجر الأمور وفق الخطة المقترحة. كان النمساويون، الجاهلين بالاتفاق السري في بلومبيه، صبورين للغاية وبشكل يثير الفضول في تعاملهم مع التمرد المدعوم من بييدمونت. بالتالي كان حشد قوات بييدمونت في مارس/ آذار من عام 1859، يعد نوعًا من القبول بالهزيمة حيث بدا أن استراتيجية استفزاز النمساويين قد فشلت. ولكن بدون العدوان النمساوي، لا يمكن للفرنسيين التدخل، وبدون الدعم الفرنسي، لم يكن كافور ليخاطر بالحرب. في هذا الوقت، سهل النمساويون من مهمة خصومهم بإرسالهم إنذاراً لبييدمونت بإلغاء تعبئة القوات. وهنا أصبحت جاءت بييدمونت الفرصة، فرفضت هذا الإنذار، وبذلك تبدو النمسا معتدية، مما يسمح بالتدخل الفرنسي.
كانت الحرب نفسها قصيرة نوعًا ما. لم يكن التقدم النمساوي في بيدمونت بالجيد، ولم يستطيعوا تأمين ممرات جبال الألب قبل وصول الجيش الفرنسي الذي قاده نابليون الثالث شخصيًا. وفي 4 يونيو، انتصر الفرنسيون والسردينيون في معركة ماجينتا على الجيش النمساوي بقيادة الكونت غيولاي، مما أدى إلى انسحابهم من معظم لومبارديا، ودخول كل من نابليون وفيكتور عمانويل ميلان منتصرين. وفي 24 يونيو، اندلعت معركة سولفرينو ثاني المعارك بين الجيشين، والتي شهدت اشتباكًا دمويًا قاد الجانب النمساوي فيه الإمبراطور فرانز جوزيف، ورغم ضعف خبرة قواد الجانبين، إلا أن الفرنسيين انتصروا مرة أخرى. انسحب النمساويون إلى ما وراء حدود البندقية.
هناك أسباب كثيرة دعت نابليون الثالث لطلب الصلح في هذه المرحلة. كان خوفه من الحاجة إلى حملة طويلة ودموية للتغلب على البندقية، وعلى عرشه في فرنسا، ومن تدخل الولايات الألمانية، والخوف من أن تصبح بييدمونت – سردينيا قوية. كل ذلك دفع بنابليون للبحث عن وسيلة للخروج. وفي 11 تموز / يوليو، اجتمع على انفراد مع فرانز جوزيف في فيلافرانكا، دون علم حلفائه البييدمونتيين، واتفقا على الخطوط العريضة لتسوية النزاع. بموجب الاتفاق، تحتفظ النمسا بالبندقية، ولكن تتنازل عن لومباردي لصالح فرنسا، التي ستتنازل عنها على الفور لبيدمونت (لم يرغب النمساويون في التخلي عن المنطقة لبيدمونت بأنفسهم)، وعدا ذلك فإن الحدود الإيطالية لن تتغير. وفي وسط إيطاليا، حيث حدث التمرد على السلطات المحلية في أعقاب اندلاع الحرب، يعود حكام توسكانا ومودينا وبارما إلى أملاكهم، التي هربوا منها إلى النمسا، في حين تستأنف البابوية سيطرتها على مفوضياتها. ولأن نابليون لم يف بشروط اتفاقه مع بيدمونت، فإنه لن يحظى بسافوي ونيس.
غضبت سردينيا من هذه الخيانة من قبل حليفها. طالب كافور أن تستمر الحرب، واستقال عندما قرر فيكتور عمانوئيل القبول بالنتائج كونها الخيار الواقعي الوحيد. لكن اتفاق فيلافرانكا، أثبت أنه حبر على ورق حتى قبل إضفاء الطابع الرسمي عليه في معاهدة زيوريخ في نوفمبر/ تشرين الثاني. احتلت قوات بييدمونت الدويلات الإيطالية، بينما بدى أن الفرنسيين غير راغبين في الضغط عليهم للانسحاب، والسماح باستعادة النظام القديم. في حين أن النمساويين فقدوا القدرة على إجبارهم على فعل ذلك. في كانون الأول / ديسمبر، توحدت توسكانا وبارما ومودينا والمفوضيات البابوية ضمن المقاطعات المتحدة في إيطاليا الوسطى، وبتشجيع من بريطانيا سعوا للانضمام إلى مملكة سردينيا.
عاد كافور منتصرًا إلى السلطة في كانون الثاني / يناير 1860، وعبر عن رغبته في مواصلة ضم الأراضي، لكنه أدرك ضرورة حصوله على موافقة الفرنسيين. وافق نابليون الثالث على أن تواصل بييدمونت ضم الأراضي في مقابل سافوي ونيس. وفي 20 آذار / مارس 1860، شملت مملكة سردينيا معظم شمال ووسط إيطاليا.