صفحة 1 من 1

تاريخ الألزاس واللورين

مرسل: الاثنين أكتوبر 08, 2012 1:15 am
بواسطة منصور الزهراني 80
ارتبط المصير المشترك لهاتين المقاطعتين بالصراعات التي دارت بين الفرنسيين والألمان وحلفائهما منذ القرون الوسطى حتى العصر الحديث. وتاريخهما متشابك ومتداخل لتداخل حيزهما الجغرافي نتيجة تغيرات السيطرة والحكام عليهما. فالألزاس كانت موطناً للكلتيين احتلها الرومان عام 58ق.م. وغلبت عليها القبائل الأليمانية Alemanian، الجرمانية في القرن الرابع للميلاد، فالقبائل الفرنكية منذ عام 496م. ثم أصبحت جزءاً من دوقية صوابية Souab الألمانية منذ عام 925م. وقد جهد الفرنسيون والبورغونديون لضمها إلى ممتلكاتهم في القرنين الرابع عشر والخامس عشر من دون نجاح، حتى احتلوها ـ جزئياً ـ عام 1681، وكلياً إبان الثورة الفرنسية[ر]. وبقيت تحت السيادة الفرنسية حتى ألحقت هي واللورين بألمانية إثر هزيمة فرنسة في الحرب البروسية ـ الفرنسية، ونزلت عنهما في صلح فرانكفورت في10/5/1871.

أما تاريخ اللورين حتى هذا العام فمغاير نسبياً لما تقدم من حيث التفاصيل. فما عرف باللورين أو لوترينغن، كان يطلق على مملكة متوسطة بين فرنسة في الغرب وألمانية في الشرق، تتألف من مقاطعة الألزاس واللورين (ومنها جاءت التسمية المزدوجة للإقليم) إضافة إلى شمال غربي ألمانية وأجزاء متفرقة من وسط أوربة. وكان ظهورها نتيجة لتقسيم الامبراطورية الكارولنجية عام 843 (معاهدة فردان)، فكانت من نصيب الملك الكارولنجي الألماني لوثار الأول (Lothar I (795- 855. لكن اللورين تعرضت لعمليات تجزئة وتقسيم إلى إمارات عام 959 وبعده حتى عام 1670 حين احتلتها فرنسة، لتستعيدها ألمانية عام 1697. ومن الطريف أن ما تبقى من مملكة اللورين خضع بين عامي 1735 - 1766 للسيادة البولندية، إذ حصلت عليها بولندة[ر] تعويضاً لها عن الأضرار التي لحقتها في حرب الوراثة البولندية (1733 - 1735). عادت اللورين إلى فرنسة بعد عام 1766 سنة وفاة الملك البولندي ستانيسلاوس ليسيزنسكي، وبقيت فرنسية التبعية حتى عام 1871، حين احتلتها ألمانية مع الألزاس.

بقيت الألزاس واللورين تحت السيادة الألمانية حتى عام 1918، وعملت ألمانية على منح الإقليم نوعاً من الحكم الذاتي المحدود، مع ظهور معارضة محلية للتبعية الألمانية. واستردته فرنسة بعد الحرب العالمية الأولى لتعود ألمانية فتحتله إبان الحرب العالمية الثانية (1940 - 1945). وتسترجعه فرنسة بعد ذلك وتسيطر عليه حتى اليوم.

وعلى العموم فإن مقاطعة الألزاس تغلب عليها الصبغة الألمانية والأصول السكانية واللغوية الألمانية مقابل تراجع اللورينيين المتكلمين الألمانية إلى 50% من السكان، مع غلبة الصبغة الثقافية الفرنسية عليهم. وقد قامت الثروات الباطنية من حديد وفحم وغيرهما في الإقليم بدور إضافي متأخر في زيادة حدة الصراع الإقليمي ـ السياسي والثقافي ـ الإثني بين الألمان والفرنسيين، الذي هدأ بعد عام 1945 وهزيمة ألمانية النازية في الحرب.