جون جاك روسو
مرسل: الاثنين نوفمبر 05, 2012 3:03 pm
حياته المبكرة
وُلد روسو في مدينة جنيف بسويسرا. وكانت أسرته من أصل بروتستانتي فرنسي، وقد عاش في جنيف لمدة سبعين عاما تقريبا. توفيت أمه عقب ولادته مباشرة، تاركة الطفل لينشأ في كنف والده، الذي عُرف بميله إلى الخصام والمشاجرة. ونتيجة لإحدى المشاجرات عام 1722م، اضطر والد روسو إلى الفرار من جنيف. فتولى عم الصبي مسؤولية تربيته.
وفي عام 1728م، هرب روسو من جنيف، وبدأ حياة من الضياع، ومن التجربة والفشل في أعمال كثيرة. كانت الموسيقى تستهويه دوماً، وظل لسنوات مترددًا بين احتراف الكتابة أو الموسيقى.
وبعد وقت قصير من رحيله عن جنيف، وهو في الخامسة عشرة من عمره، التقى روسو بالسيدة لويز دي وارنز، وكانت أرملة موسرة. وتحت تأثيرها، انضم روسو إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ومع أن روسو كان أصغر من السيدة دي وارنز باثني عشر أو ثلاثة عشر عامًا، إلا أنه استقر معها بالقرب من مدينة شامبيري، في دوقية سافوي. وقد وصف سعادته بعلاقتهما في سيرته الذاتية الشهيرة اعترافات التي كتبت في عام 1765 أو 1766م - 1770م، ونُشرت عامي 1782م و 1788م، ولكن العلاقة لم تدم، فقد هجرها روسو أخيرًا عام 1740م
وفي عام 1741م أو 1742م، كان روسو في باريس يجري وراء الشهرة والثروة، وقد سعى إلى احتراف الموسيقى. وكان أمله يكمن في وضع نظام جديد للعلامات والرموز الموسيقية قد كان ابتكره. وقدم المشروع إلى أكاديمية العلوم، ولكنه أثار قدرًا ضئيلاً من الاهتمام. في باريس، اتَّصل روسو بـالفلاسفة وهي جماعة من مشاهير كتاب وفلاسفة العصر. وحصل على التشجيع المادي من مشاهير الرأسماليين. ومن خلال رعايتهم، خدم روسو أمينًا للسفير الفرنسي في البندقية خلال عامي 1743، 1744م.
علامة في تاريخ حياة روسو
كانت نقطة التحول في حياة روسو عام 1749م، حين قرأ عن مسابقة، تكفـَّلت برعايتها أكاديمية ديجون، التي عرضت جائزة مالية لأحسن مقال عن موضوع " هل إحياء النشاط في العلوم والفنون سيؤدي إلى الإسهام في تطهير السلوك الأخلاقي ؟ ". وما أن قرأ روسو عن المسابقة حتى أدرك المجرى الذي ستتّجه إليه حياته. وهو معارضة النظام الاجتماعي القائم الذي كان يشعر بالاستياء منه كثيرا، ما بين طبقة غنية تهتم بالبذخ والمظاهر والتفاخر، وطبقة كبيرة من الفقراء المعدمين. وقرر أن يمضي فيما بقي من حياته في بيان الاتجاهات الجديدة للتنمية الاجتماعية. وقدم روسو مقاله إلى الأكاديمية تحت عنوان: بحث علمي في العلوم والفنون عام 1750 /1751 م، حمل فيه على العلوم والفنون لإفسادها الإنسانية. ففاز بالجائزة، كما نال الشهرة التي ظل ينشُدها منذ أمد بعيد ت ولكنه كان يقفضل الانعزال والتفكير.
في عام 1755م نشر روسو في إطار مسابقة أخرى تحت رعاية نفس الأكادمية مقالته المعروفة بالخطاب الثاني تحت عنوان "خطاب حول مصدر وأسس اللاعدالة بين الناس" والذي أتم به شهرته وأحدث على غرار الخطاب الأول جدلاً واسعاً، وانصب عليه عداء الحاكم وطبقة اللأثرياء.
بدعوةٍ من السيدة لويز دي إبيني، "فر" روسو باريس واستقر بمونمورانسي من سنة 1756م إلى سنة 1762م.
المنزل الذي كان يسكنه مع زوجته في السابق
أعماله
تتسم آخر أعمال روسو بالإحساس بالذنب وبلغة العواطف. وهي تعكس محاولته للتغلب على إحساس عميق بالنقص، ولاكتشاف هويته في عالم كان يبدو رافضًا له. حاول روسو في ثلاث محاورات صدرت أيضًا تحت عنوان قاضي جان جاك روسو كُتبت في المدة بين عامي 1772 - 1776م، ونُشرت عام 1782م، حاول الرد على اتهامات نقاده، ومن يعتقد أنهم كانوا يضطهدونه. أما عملُه الأخير، الذي اتسم بالجمال والهدوء، فكان بعنوان أحلام اليقظة للمتجول الوحيد (كُتبت بين عامي 1776 و1778م، ونُشرت عام 1782م). كذلك، كتب روسو شعرًا ومسرحيات نظمًا ونثرًا. كما أن له أعمالاً موسيقية من بينها مقالات كثيرة في الموسيقى والمسرحية الغنائية (أوبرا) ذات شأن تسمى عرّاف القرية، ومعجم الموسيقى (1767م)، ومجموعة من الأغنيات الشعبية بعنوان العزاء لتعاسات حياتي (1781م). وفضلاً عن ذلك، كتب روسو في علم النبات، وهو علم ظل لسنوات كثيرة تتوق نفسه إليه.
في التربية
كتب روسو كتابا رئيسيا في التربية اسمه "إميل أوعن التربية" على هيئة قصة طفل. وتبدأ القصة بنشأة الطفل إميل وتنتهي بزواجه وهو في سن 25 سنة. يربى النشئ على طبيعته بدون إجبارة على حفط العلوم والثقافات، بذلك يتعلم النشئ من طبيعة ميوله وبالتجربة الشخصية.
واهم ما يصبوا إليه روسو أن ينشأ في الطفل الشعور الاجتماعي. وكما يؤكد روسو على استقلالية النشئ، فيجب أن يكون هذا مقترنا بتوجيه خفي بحيث تتفق ميول النشئ مع ما يريده المعلم. ففي كتاب "إميل أو عن التربية" يقول روسو:" اتبعوا مع النشئ الطريقة العكسية، وهي أن يشعر النشئ بأنه هو صاحب الاختيار. فلا توجد استجابة وتكريس إلا بالشعور بأن المرء حرا فيما يتعلمه. هذا هو التكريس الحقيقي".
و يرى روسو أن النشئ الذي ينشأ على تلك الطريقة الحرة هو الأصلح لمجتمعه.
انتشرت طريقة روسو في تربية النشئ سريعا في مختلف الدول الأوروبية، وهي تعتبر حتى يومنا هذا الطريقة الأساسية لطرق التعليم الحديثة.
أفكاره
قام روسو بانتقاد المجتمع في رسائل عديدة. ففي رسالته تحت عنوان: "بحث في منشأ وأسس عدم المساواة" (1755م)، هاجم المجتمع والملكية الخاصة باعتبارهما من أسباب الظلم وعدم المساواة. وكتابه "هلويز الجديد" (1761م) مزيج من الرواية الرومانسية والعمل الذي ينتقد بشدة زيف المبادئ الأخلاقية التي رآها روسو في مجتمعه. وفي كتابه "العقد الاجتماعي" (1762م)، وهو علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية، قام روسو بطرح آرائه فيما يتعلق بالحكم وحقوق المواطنين. وفي روايته الطويلة "إميل" (1762م) أعلن روسو أن الأطفال، ينبغي تعليمهم بأناة وتفاهم. وأوصى روسو بأن يتجاوب المعلم مع اهتمامات الطفل. وحذر من العقاب الصارم ومن الدروس المملة، على أنه أحس أيضًا بوجوب الإمساك بزمام الأمور لأفكار وسلوك الأطفال.
كان روسو يعتقد أن الناس ليسوا مخلوقات اجتماعية بطبيعتهم، معلنًا أن من يعيشون منهم على الفطرة معزولين عن المجتمع، يكونون رقيقي القلب، خالين من أية بواعث أو قوى تدفعهم إلى إيذاء بعضهم بعضًا. ولكنهم ما إن يعيشوا معًا في مجتمع واحد حتى يصيروا أشرارًا. فالمجتمع يُفسد الأفراد من خلال إبراز ما لديهم من ميل إلى العدوان والأنانية.
لم يكن روسو ينصح الناس بالعودة إلى حالة من الفطرة. بل كان يعتقد أن الناس بوسعهم أن يكونوا أقرب ما يكونون إلى مزايا هذه الحالة، إذا عاشوا في مجتمع زراعي بسيط، حيث يمكن أن تكون الرغبات محدودة، والدوافع الجنسية والأنانية محكومة، والطاقات كلها موجهة نحو الانهماك في الحياة الجماعية. وفي كتاباته السياسية، رسم روسو الخطوط العريضة للنظم التي كان يعتقد، أنها لازمة لإقامة ديمقراطية يشارك فيها كافة المواطنين. يعتقد روسو أن القوانين يتعيّن عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب. وأي نوع من الحكم يمكن أن يكتسب الصفة الشرعية مادام النظام الاجتماعي القائم إجماعيًا. واستنادًا إلى ما يراه روسو، فإن أشكال كافة الحكم تتجه في آخر الأمر إلى الضعف والذبول. ولا يمكن كبح التدهور إلا من خلال الإمساك بزمام المعايير الأخلاقية، ومن خلال إسقاط جماعات المصالح الخاصة. وقد تأثر روبسْبيير وغيره من زعماء الثورة الفرنسية بأفكار روسو بشأن الدولة، كما أن هذه الأفكار كانت مبعث إلهام لكثير من الاشتراكيين وبعض الشيوعيين.
نفوذه الأدبي
مهد روسو لقيام الرومانسية، وهي حركة سيطرت على الفنون في الفترة من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين؛ فلقد ضرب روسو، سواء في كتاباته أو في حياته الشخصية، المثل على روح الرومانسية، من خلال تغليبه المشاعر والعواطف على العقل والتفكير، والنزوة والعفوية على الانضباط الذاتي. وأدخل روسو في الرواية الفرنسية الحب الحقيقي المضطرم بالوجدان، كما سعى إلى استخدام الصور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع، وابتكر أسلوبًا نثريا غنائيًا بليغًا. وكان من شأن اعترافاته أن قدمت نمطًا من السير الذاتية التي تحوي أسرارًا شخصية.
من روائع روسو الشهيرة
الحرية صفة أساسية للإنسان، وحق غير قابل للتفويت، فإذا تخلى الإنسان عن حريته فقد تخلى عن إنسانيته وعن حقوقه كإنسان.
والحرية تعني تمتع الفرد بجميع حقوقه السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية في اطار قانوني.
الإنسان ولد طيبا بطبعه ولكن المجتمع هو الذي يفسده.
وكان يحث على الاعتماد على الضمير للتفرقة بين الطيب والخبيث في المعاملات، وكان يرى أن الأديان جميعها تعمل على توجيه الناس إلى ما فيه خير المجتمع.
يحث روسو على الاهتمام بالطفل والنشأ واحترامهم واتاحة الفرصة لهم للتعلم بالتجربة، والتقليل من منعهم عمل هذا أو ترك هذا. وكان يقول أن التلميذ يتعلم من زملائه أكثر مما يتعلمه من المدرسة.وكتب كتابا في التربية يسمى "إميل"، يعد مرجعا هاما إلى يومنا هذا لكل من يقوم بالتدريس. ما لبث أن صدر هذا الكتاب في سويسرا حتى انتشر سريعا في مختلف الدول الأوروبية للاعتماد علية في طرق التربية والتدريس، وكان عاملا مؤثرا على النهضة في هذا المجال.
حياته المتأخرة
عندما تحول روسو إلى الداخلية الكاثوليكي، خسر حقوق المواطنة في جنيف. ولكي يستعيد هذه الحقوق تحول مرة أخرى عام 1754م إلى المذهب البروتستانتي. وفي عام 1757م اختلف مع الفلاسفة؛ لأنه استشعر منهم الاضطهاد.عام 1757 زار المغرب كمساعد لسفير البندقية وأبدى إعجابه به وتغنى بجمال فتاة مغربية أغرم بها كان اسمها حميدة
وُلد روسو في مدينة جنيف بسويسرا. وكانت أسرته من أصل بروتستانتي فرنسي، وقد عاش في جنيف لمدة سبعين عاما تقريبا. توفيت أمه عقب ولادته مباشرة، تاركة الطفل لينشأ في كنف والده، الذي عُرف بميله إلى الخصام والمشاجرة. ونتيجة لإحدى المشاجرات عام 1722م، اضطر والد روسو إلى الفرار من جنيف. فتولى عم الصبي مسؤولية تربيته.
وفي عام 1728م، هرب روسو من جنيف، وبدأ حياة من الضياع، ومن التجربة والفشل في أعمال كثيرة. كانت الموسيقى تستهويه دوماً، وظل لسنوات مترددًا بين احتراف الكتابة أو الموسيقى.
وبعد وقت قصير من رحيله عن جنيف، وهو في الخامسة عشرة من عمره، التقى روسو بالسيدة لويز دي وارنز، وكانت أرملة موسرة. وتحت تأثيرها، انضم روسو إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية. ومع أن روسو كان أصغر من السيدة دي وارنز باثني عشر أو ثلاثة عشر عامًا، إلا أنه استقر معها بالقرب من مدينة شامبيري، في دوقية سافوي. وقد وصف سعادته بعلاقتهما في سيرته الذاتية الشهيرة اعترافات التي كتبت في عام 1765 أو 1766م - 1770م، ونُشرت عامي 1782م و 1788م، ولكن العلاقة لم تدم، فقد هجرها روسو أخيرًا عام 1740م
وفي عام 1741م أو 1742م، كان روسو في باريس يجري وراء الشهرة والثروة، وقد سعى إلى احتراف الموسيقى. وكان أمله يكمن في وضع نظام جديد للعلامات والرموز الموسيقية قد كان ابتكره. وقدم المشروع إلى أكاديمية العلوم، ولكنه أثار قدرًا ضئيلاً من الاهتمام. في باريس، اتَّصل روسو بـالفلاسفة وهي جماعة من مشاهير كتاب وفلاسفة العصر. وحصل على التشجيع المادي من مشاهير الرأسماليين. ومن خلال رعايتهم، خدم روسو أمينًا للسفير الفرنسي في البندقية خلال عامي 1743، 1744م.
علامة في تاريخ حياة روسو
كانت نقطة التحول في حياة روسو عام 1749م، حين قرأ عن مسابقة، تكفـَّلت برعايتها أكاديمية ديجون، التي عرضت جائزة مالية لأحسن مقال عن موضوع " هل إحياء النشاط في العلوم والفنون سيؤدي إلى الإسهام في تطهير السلوك الأخلاقي ؟ ". وما أن قرأ روسو عن المسابقة حتى أدرك المجرى الذي ستتّجه إليه حياته. وهو معارضة النظام الاجتماعي القائم الذي كان يشعر بالاستياء منه كثيرا، ما بين طبقة غنية تهتم بالبذخ والمظاهر والتفاخر، وطبقة كبيرة من الفقراء المعدمين. وقرر أن يمضي فيما بقي من حياته في بيان الاتجاهات الجديدة للتنمية الاجتماعية. وقدم روسو مقاله إلى الأكاديمية تحت عنوان: بحث علمي في العلوم والفنون عام 1750 /1751 م، حمل فيه على العلوم والفنون لإفسادها الإنسانية. ففاز بالجائزة، كما نال الشهرة التي ظل ينشُدها منذ أمد بعيد ت ولكنه كان يقفضل الانعزال والتفكير.
في عام 1755م نشر روسو في إطار مسابقة أخرى تحت رعاية نفس الأكادمية مقالته المعروفة بالخطاب الثاني تحت عنوان "خطاب حول مصدر وأسس اللاعدالة بين الناس" والذي أتم به شهرته وأحدث على غرار الخطاب الأول جدلاً واسعاً، وانصب عليه عداء الحاكم وطبقة اللأثرياء.
بدعوةٍ من السيدة لويز دي إبيني، "فر" روسو باريس واستقر بمونمورانسي من سنة 1756م إلى سنة 1762م.
المنزل الذي كان يسكنه مع زوجته في السابق
أعماله
تتسم آخر أعمال روسو بالإحساس بالذنب وبلغة العواطف. وهي تعكس محاولته للتغلب على إحساس عميق بالنقص، ولاكتشاف هويته في عالم كان يبدو رافضًا له. حاول روسو في ثلاث محاورات صدرت أيضًا تحت عنوان قاضي جان جاك روسو كُتبت في المدة بين عامي 1772 - 1776م، ونُشرت عام 1782م، حاول الرد على اتهامات نقاده، ومن يعتقد أنهم كانوا يضطهدونه. أما عملُه الأخير، الذي اتسم بالجمال والهدوء، فكان بعنوان أحلام اليقظة للمتجول الوحيد (كُتبت بين عامي 1776 و1778م، ونُشرت عام 1782م). كذلك، كتب روسو شعرًا ومسرحيات نظمًا ونثرًا. كما أن له أعمالاً موسيقية من بينها مقالات كثيرة في الموسيقى والمسرحية الغنائية (أوبرا) ذات شأن تسمى عرّاف القرية، ومعجم الموسيقى (1767م)، ومجموعة من الأغنيات الشعبية بعنوان العزاء لتعاسات حياتي (1781م). وفضلاً عن ذلك، كتب روسو في علم النبات، وهو علم ظل لسنوات كثيرة تتوق نفسه إليه.
في التربية
كتب روسو كتابا رئيسيا في التربية اسمه "إميل أوعن التربية" على هيئة قصة طفل. وتبدأ القصة بنشأة الطفل إميل وتنتهي بزواجه وهو في سن 25 سنة. يربى النشئ على طبيعته بدون إجبارة على حفط العلوم والثقافات، بذلك يتعلم النشئ من طبيعة ميوله وبالتجربة الشخصية.
واهم ما يصبوا إليه روسو أن ينشأ في الطفل الشعور الاجتماعي. وكما يؤكد روسو على استقلالية النشئ، فيجب أن يكون هذا مقترنا بتوجيه خفي بحيث تتفق ميول النشئ مع ما يريده المعلم. ففي كتاب "إميل أو عن التربية" يقول روسو:" اتبعوا مع النشئ الطريقة العكسية، وهي أن يشعر النشئ بأنه هو صاحب الاختيار. فلا توجد استجابة وتكريس إلا بالشعور بأن المرء حرا فيما يتعلمه. هذا هو التكريس الحقيقي".
و يرى روسو أن النشئ الذي ينشأ على تلك الطريقة الحرة هو الأصلح لمجتمعه.
انتشرت طريقة روسو في تربية النشئ سريعا في مختلف الدول الأوروبية، وهي تعتبر حتى يومنا هذا الطريقة الأساسية لطرق التعليم الحديثة.
أفكاره
قام روسو بانتقاد المجتمع في رسائل عديدة. ففي رسالته تحت عنوان: "بحث في منشأ وأسس عدم المساواة" (1755م)، هاجم المجتمع والملكية الخاصة باعتبارهما من أسباب الظلم وعدم المساواة. وكتابه "هلويز الجديد" (1761م) مزيج من الرواية الرومانسية والعمل الذي ينتقد بشدة زيف المبادئ الأخلاقية التي رآها روسو في مجتمعه. وفي كتابه "العقد الاجتماعي" (1762م)، وهو علامة بارزة في تاريخ العلوم السياسية، قام روسو بطرح آرائه فيما يتعلق بالحكم وحقوق المواطنين. وفي روايته الطويلة "إميل" (1762م) أعلن روسو أن الأطفال، ينبغي تعليمهم بأناة وتفاهم. وأوصى روسو بأن يتجاوب المعلم مع اهتمامات الطفل. وحذر من العقاب الصارم ومن الدروس المملة، على أنه أحس أيضًا بوجوب الإمساك بزمام الأمور لأفكار وسلوك الأطفال.
كان روسو يعتقد أن الناس ليسوا مخلوقات اجتماعية بطبيعتهم، معلنًا أن من يعيشون منهم على الفطرة معزولين عن المجتمع، يكونون رقيقي القلب، خالين من أية بواعث أو قوى تدفعهم إلى إيذاء بعضهم بعضًا. ولكنهم ما إن يعيشوا معًا في مجتمع واحد حتى يصيروا أشرارًا. فالمجتمع يُفسد الأفراد من خلال إبراز ما لديهم من ميل إلى العدوان والأنانية.
لم يكن روسو ينصح الناس بالعودة إلى حالة من الفطرة. بل كان يعتقد أن الناس بوسعهم أن يكونوا أقرب ما يكونون إلى مزايا هذه الحالة، إذا عاشوا في مجتمع زراعي بسيط، حيث يمكن أن تكون الرغبات محدودة، والدوافع الجنسية والأنانية محكومة، والطاقات كلها موجهة نحو الانهماك في الحياة الجماعية. وفي كتاباته السياسية، رسم روسو الخطوط العريضة للنظم التي كان يعتقد، أنها لازمة لإقامة ديمقراطية يشارك فيها كافة المواطنين. يعتقد روسو أن القوانين يتعيّن عليها أن تعبر عن الإرادة العامة للشعب. وأي نوع من الحكم يمكن أن يكتسب الصفة الشرعية مادام النظام الاجتماعي القائم إجماعيًا. واستنادًا إلى ما يراه روسو، فإن أشكال كافة الحكم تتجه في آخر الأمر إلى الضعف والذبول. ولا يمكن كبح التدهور إلا من خلال الإمساك بزمام المعايير الأخلاقية، ومن خلال إسقاط جماعات المصالح الخاصة. وقد تأثر روبسْبيير وغيره من زعماء الثورة الفرنسية بأفكار روسو بشأن الدولة، كما أن هذه الأفكار كانت مبعث إلهام لكثير من الاشتراكيين وبعض الشيوعيين.
نفوذه الأدبي
مهد روسو لقيام الرومانسية، وهي حركة سيطرت على الفنون في الفترة من أواخر القرن الثامن عشر إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلاديين؛ فلقد ضرب روسو، سواء في كتاباته أو في حياته الشخصية، المثل على روح الرومانسية، من خلال تغليبه المشاعر والعواطف على العقل والتفكير، والنزوة والعفوية على الانضباط الذاتي. وأدخل روسو في الرواية الفرنسية الحب الحقيقي المضطرم بالوجدان، كما سعى إلى استخدام الصور الوصفية للطبيعة على نطاق واسع، وابتكر أسلوبًا نثريا غنائيًا بليغًا. وكان من شأن اعترافاته أن قدمت نمطًا من السير الذاتية التي تحوي أسرارًا شخصية.
من روائع روسو الشهيرة
الحرية صفة أساسية للإنسان، وحق غير قابل للتفويت، فإذا تخلى الإنسان عن حريته فقد تخلى عن إنسانيته وعن حقوقه كإنسان.
والحرية تعني تمتع الفرد بجميع حقوقه السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية في اطار قانوني.
الإنسان ولد طيبا بطبعه ولكن المجتمع هو الذي يفسده.
وكان يحث على الاعتماد على الضمير للتفرقة بين الطيب والخبيث في المعاملات، وكان يرى أن الأديان جميعها تعمل على توجيه الناس إلى ما فيه خير المجتمع.
يحث روسو على الاهتمام بالطفل والنشأ واحترامهم واتاحة الفرصة لهم للتعلم بالتجربة، والتقليل من منعهم عمل هذا أو ترك هذا. وكان يقول أن التلميذ يتعلم من زملائه أكثر مما يتعلمه من المدرسة.وكتب كتابا في التربية يسمى "إميل"، يعد مرجعا هاما إلى يومنا هذا لكل من يقوم بالتدريس. ما لبث أن صدر هذا الكتاب في سويسرا حتى انتشر سريعا في مختلف الدول الأوروبية للاعتماد علية في طرق التربية والتدريس، وكان عاملا مؤثرا على النهضة في هذا المجال.
حياته المتأخرة
عندما تحول روسو إلى الداخلية الكاثوليكي، خسر حقوق المواطنة في جنيف. ولكي يستعيد هذه الحقوق تحول مرة أخرى عام 1754م إلى المذهب البروتستانتي. وفي عام 1757م اختلف مع الفلاسفة؛ لأنه استشعر منهم الاضطهاد.عام 1757 زار المغرب كمساعد لسفير البندقية وأبدى إعجابه به وتغنى بجمال فتاة مغربية أغرم بها كان اسمها حميدة