منتديات الحوار الجامعية السياسية

على مقهى الحياة

المشرفون: عبدالله العجلان،عبد العزيز ناصر الصويغ

#54745

لقد اثبتت الثورات او دعني اقول الانتفاضات وما تلاها من عنف وقتال او استهبالات عفوا انتخابات وما نتج عنها ، اثبتت بما لا يدع مجالا لادنى شك ان العربي لا يزال يعمل ويتحرك بالعقلية البدوية العشائرية المتخلفة والتي فطر عليها منذ ما قبل الاسلام .

فحين قيض له الله تعالى اسباب الغضب والتحرك ضد الظلم والطغيان والفساد استبشرنا خيرا وقلنا لقد ثار اخيرا وبدا ان الجثة التي ماتت او هكذا اعتقد الغالب الاعم ، قد دبت فيها الحياة من جديد وهاهي تنفض عنها غبار الظلم والتعسف والفساد بإنتظار ان تنفض ايضا رداء الجهل والتخلف والانحطاط لتستعيد حقوقها وقبل ذلك انسانيتها التي طالما فقدتها لعقود ، الا اننا فوجئنا بها تزداد جهلا وتخلفا وانحطاطا اكثر من ذي سابق بل وتعود الى ممارسة الظلم والتعسف والفساد بعناوين ومسميات جديدة ثم ما لبثنا ان فاجئنا هذا العربي بأنه لا يزال رغم كل الاحداث يتمسك ويتعلق اكثر فاكثر ببداوته وما تحملها من تراث بال وقيم سخيفة غبية وانه يرفض التغيير والتقدم نحو الافضل والاحسن بل وما زاد من دهشتنا انه لا يزال بنفس المنطق القديم المتهالك الذي بسببه عاش لعقود طويلة ، مستعبد منتهك مستذل في كل جوانب حياته وعلى مختلف الصعد ، الا وهو منطق القطيع ذلك المنطق الحيواني " واعتذر في القول " فلا اجد مسميا اخر سواه فالقوم لا يزالوا يعيشون بفكر ومفهوم القطيع الذي يتبع الاقوى والاذكى والاغنى دون ان يتكلف ايا منهم عناء التفكير او البحث للاستقلال بقرار او حتى الاختيار او حتى التمعن فيما اذا ما كان هذا الاقوى والاغني اوالاذكي صالحا لمهمة القيادة ام لا .

ولعل لنا في ما جرى من تجاوزات وانفلات وسقوط في التعامل والتعاطي مع الاخر او مع كل من حمل رأيا مخالفا لما سمي بنجاح تلك الانتفاضات لدليل على ذلك الجهل والتخلف والانحطاط فمن قتل وسحل وضرب وبشاعة في التعامل سواء مع الخصم او الشريك والاقصاء والانفراد في الرأي الى الغباء في المنطق والرؤية والفعل وضيق في الافق والنظروالبصيرة وعدم النضج فكريا وثقافيا وسياسيا ناهيك عن بقية النواحي وهو ما انبئت عنه الانتخابات التي جرت في تلك الدول حين قررت الجموع في لحظة عجيبة من لحظات تغييب العقل والتيه المعتاد ان تبحث عن منقذ لها من عماها ، ينتشلها من عوقها الذي اختارته لنفسها طوال سنيين طويله ، بحثت عن منجد ترتمي في احضانه ليحل لها مشاكلها وعقدها ويصحح اخطائها التي صنعتها بيدها لنفسها فأترتمت في احضان الفساد والجمود مرة اخرى .

هرعت الجموع كالقطعان الهاربة من مفترس شرس متوحش الى كائن غير معروف الملامح كائن هلامي متلون لا يقل شراسة او افتراس عن عدوه وهي تظن بغباء انه المنقذ او انه سيكون كذلك والملجأ ليخرج بها من عالم التيه والعذاب والفقر والعوز الى عالم الحليب والعسل والرفاهيه والاحترام والانسانية .

ظنت ان هذا الكائن هو من سيحل مشاكلها ، سيقضي بكلماته السحرية على فقرها الذي اختارته وسيمحي بتمتماته الدجليه على كل انحطاطها الاخلاقي ومشاكلها الاجتماعية والنفسية ليصنع منها امما او شعوبا محترمة .

لقد ظن هؤلاء المخدوعين المساكين ان الاسلاميين و الليبراليين او الاشتراكيين و القوميين او العلمانيين او من على شاكلتهم بيدهم الحل ، وفي كلماتهم الخلاص وفي ابتساماتهم الامان وما انتبه التعساء الى ان هؤلاء لا يقلون سوءا عمن كان يستعبدهم باسم الدين والمذهب والوطنيه والامة و الشرعية والتراب الوطني الى غير ذلك من ترهات .

ولو ان هذه الجموع اعملت عقولها الصدئه لمرة واحدة فقط واطالت التفكير والتدبر لاكتشفت تلك الحقيقة دون عناء شديد وجميع الشواهد موجوده تدل على ذلك فمن لم يتحرك لنصرتها في عوزها وفي قمة انكسارها ولم يدافع عنها وعن حقوقها طوال عقود بل عمل على ان يبحث عن مكان له في السلطة بل ويستفيد من حركتها انى له ان يحقق شيئا ولو كان يسيرا من تطلعاتها بعد ان يستولي على السلطة وتوابعها ، ولكنها العقلية البدوية وتراثها الكاره حتى للتفكير والتي اودت بنا لهذه النتيجة الكارثية حتى الان .

لقد عشنا طوال السنين الثمانون العجاف او يزيد ونحن كبدو بأنتظار من يتقي الله بنا ويصلح من امورنا وكنا دائما نلعن الانظمة وقياداتها او نظرية المؤامرة التافهة ونرمي عليها اللوم فيما آل اليه مصيرنا المأساوي ولم نفكر للحظه اننا بطريقة او اخرى الملومون الاول عما حدث ويحدث لنا من سوء ، فكم عدد الثورات والحركات والاحزاب والافكار والاشخاص الذين هللنا وصفقنا لهم وهتفنا ملئ حناجرنا لعبقريتهم ظنا منا انهم الافضل فاذا بنا نكتشف بعد حين انهم اسوء من سابقيهم ولا يختلفون الا بالصور وما الاسلوب والطريقة والمعاملة الا كما هي لم تتغير رغم انهم قد جائوا من بيننا.. لصوص ، افاقين ، دجالين ، كذابين وكل كلمة في قاموس السوء انطبقت عليهم جميعا ومع هذا لا نتعلم ولا نفكر ونعود لنرتكب نفس الخطأ مع كل قادم جديد .

لم نقف لنفكر للحظة بأننا يجب ان نكون اصحاب الامر ، السادة الذين يقررون مصيرهم بأيديهم ، ان نكون اصحاب المبادرة في اتخاذ القرار المناسب الذي ينهي معاناتنا دون انتظار قزم او معتوه او مشوه ليفرض عقده وانحطاطه وشذوذه الفكري او العقائدي علينا وعلى افكارنا .

لم نعمل عقولنا لنتعلم من ماضينا قبل ماضي غيرنا ، لم ننقب في تجاربنا السابقة الفاشلة وسبب فشلها ونتلافى اخطائنا فيها ، لم نلتفت حتى الى تجارب غيرنا من امم الارض التي استلهمت انظمتها ومعاملاتها وتشريعاتها من فطرة انسانيتها فاصبحنا نتطلع اليها املا ، حتى اكتشفنا انها وصلت قبلنا الى تطبيق ما بين ايدينا وما نحن اولى بتطبيقه الا وهو اسلامنا العطيم ، اسلامنا الحقيقي الذي يدعو قبل كل شيئ الى حسن المعاملة والرفق والرحمة واليسر والاحترام والمحبة والصدق والايثار والمشاركة وتقبل الاخر والتفكير الايجابي وكل فعل جميل رائع انساني ارتضاه لنا رب العزة ، لم نتدارك ما بين ايدينا من كنوز عظيمة حملها ولا زال ديننا العظيم وشريعة اله الكون الذي ارتضى لنا الافضل فتجاهلنا كل هذا واكثر واعتمدنا على فكرنا القاصر المتخلف الشاذ المعوق ودواخلنا المريضه المنحطة ، تجاهلنا دعوة ترقى بنا انسانيا الى حد الكمال في كل النواحي والصعد لنلوذ الى بدوية جاهلية تنحط بنا وبانسانيتنا الى حد السقوط ومجاراة الحيوان في طباعه ولنا فيما جرى ولا يزال يجري في ثوراتنا وما بعدها الا دليل على ذلك السقوط ..

لنعلن مرة اخرى عن فشل اخر وهزيمة لا محدوده في مسيرتنا الكونية وتخلف شديد في فكرنا ودرجة استيعاب عقلنا الانساني وشلل في القدرة الذهنية للاستفادة من تجاربنا السابقة او تجارب الاخرين مع اصرار غير مسبوق انسانيا على تكرار محاولة لا فائدة منها على الاطلاق مما يدلل في النهاية على اننا امم مشوهه غير ناضجه بعد لتستقل برأيها او فعلها .

نحن غير ناضجون فكريا وعقائديا وثقافيا وعلميا وانسانيا فحين نختار التصويت المباشر الذي لا يلائمنا لما سبق والذي يعطي الحق في اختيار القيادة المناسبة لكل افراد الشعب وهذا الحق يساوي بين المتعلم ونصف المتعلم والجاهل في التصويت في حين ثلاثة ارباع شعوبنا جاهلة امية غير ناضجة فتأتينا بنتيجة مشوهة كما حدث في العراق والتية الذي يعيشه او في مصر و تونس و اليمن وليبيا برئيس سلطاته منقوصه وهو ما نتوقعه للاخرين ونترك ما اوصانا به الله تعالى في تكوين مجلس شورى من نخبة الامة وافضلها لاختيار الافضل كما حدث في الصدر الاول للاسلام في اختيار خليفة الرسول صلى الله عليه وسلم ومراقبته فلا نلومن الا انفسنا حين يكشف لنا المستقبل القريب ان من جاءت به طريقة الصناديق تلك وما شابها من تلاعب وتزويرمؤكد وإن لم يكتشف بعد ظهر انه الاسوء على الاطلاق .