مفهوم اإلرهاب في القانون الدولي
مرسل: الأربعاء نوفمبر 07, 2012 8:36 am
بسم الله الرحمن الرحيم
سوف نتكلم عن الارهاب نبذة مختصرة عن مفهومه و اشكال الارهاب و نطاقاته
اولا
مفهوم اإلرهاب :
تعريف الإرهاب على صعيد المنظمات الدولية ، فنجد أن الاهتمام بهذا الموضوع بدأ منذ عام 1930 ، عندما اختطف بعض ثوار بيرو طائرة لغرض الهرب بها إلى خارج بلادهم، إلى حد الذي لفت أنظار المجتمع الدولي آنذاك ، حتى تمكنت عصبة الأمم بعد نقاش دام سبع سنوات من عقد اتفاقية منع الإرهاب والمعاقبة عليه عام 1937، حيث ورد في الاتفاقية إعلان تعريف الإرهاب مفاده أن الإرهاب هو (جميع الأعمال الإرهابية الموجهة ضد دولة ما وتهدف أو يقصد بها خلق حالة رعب في أذهان أشخاص معينين أو مجموعة من الأشخاص أو عامة الجمهور) ، ثم بعد ذلك توالت جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن من عام 1947 ولغاية يومنا هذا، وبعد نقاشات طويلة جداً توصلت إلى إن الإرهاب يمثل (جميع الممارسات والوسائل غير المبررة التي تشير إلى رعب الجمهور أو مجموعة من البشر لأسباب سياسية وبصرف النظر عن بواعثه المختلفة) ، وهناك بعض الاتفاقيات الدولية أشارت لمفهوم الإرهاب سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، منها على سبيل المثال اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الأول الملحق بها لعام 1977 والاتفاقية الأوربية لعام 1977 والاتفاقية العربية لعام 1998... الخ ، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت سواء على الصعيد الذاتي (الباحثون والفقهاء) أو على الصعيد الدولي ، لكن لم يتوصل الجميع إلى تحديد مفهوم جامع مانع للإرهاب، بسبب اقتصار هذه المفاهيم على بعض الجوانب دون غيرها، فمنهم من ركز على الجانب المادي (الأفعال) ومنهم من ركز على الجانب القانوني (الجرائم)، وآخرون ركزوا على الجانب السياسي بينما الأمر يتطلب أن يكون هناك تعريف يحتوي على أمرين هما : التجرد والموضوعية في الطرح ، والإلمام بالجوانب المختلفة للظاهرة دون إغفال أي منها.
فما يزال تعريف اإلرهاب حتى يومنا هذا يمثل مشكلة ٓابرى ٔامام الباحثين في هذه الظاهرة، سواء القانونيين ٔاو غيرهم.
ثانياً :
ٔاشكال اإلرهاب:
هناك من يخلط ٔاثناء ٕاستعراضه وبحثه بين ٔاشكال اإلرهاب ؤاشكال العمل اإلرهابي، ٔاو يعتبر صور العمل اإلرهابي هي صور لإلرهاب في نفس الوقت وبمعنى ٔادق يخلط بين صور اإلرهاب ووسائله، ٔاو ٔاساليبه وطرقة لتحقيق هذه الصور ٔاو تلك األشكال، وهذا ناتج عن الخلط بين اإلرهاب في ذاته والعمل
اإلرهابي.
يمكن تقسيم اإلرهاب من حيث القائمين به ٕالى نوعين هما:
- ٕارهاب الدولة، وٕارهاب األفراد والمجموعات. وقد يحدث تدخل بين
هذين النوعين، فالدولة ترتكب اإلرهاب بنفسها ٔاو بواسطة دعمها لبعض األفراد ٔاو الجماعات لتضعف بعض الدول األخرى المنافسة، ٓام ٔان الجماعة اإلرهابية ٕاذا نجحت وسيطرت على مقاليد السلطة قد تستمر في ٕاستخدام العنف واإلرهاب وهي في السلطة.
ويمكن تناول النوعين ٓاما يلي:
1 – ٕارهاب الدولة:
من المعروف تأريخيا ٔان األنظمة الدٓاتاتورية استخدمت الرعب ٓاأداة
للقمع والتحكم، وقد فقد آالف البشر حياتهم على ٔايدي دولة الرعب بشكل ٔآاثر بشاعة وضراوة من صور اإلرهاب األخوي، ٕاال ٕاننا اآلن بصدد دراسة االستخدام المنظم لإلرهاب من العصابات ٓاسالح فعال ومدمر ضد الدول، ٓاما يبرر معظم اإلرهاب الفردي من جانب مرتكبيه بأنة صراع ضد األنظمة
الوحشية القمعية، حتى لونتج عنه قتل األبرياء.
وقد نتج عن هذا ٔان اختلفت اآلراء حول ما ٕاذا ٓاانت الدولة يمكن ٔان تمارس اإلرهاب ٔام ال، فالبعض يرى ٔان ٕارهاب الدولة هو الصورة األساسية لإلرهاب، ونحن بدورنا نشاطرهم هذا الرٔاي، فما تقوم به ٕاسرائيل في األراضي العربية الفلسطينية وفي لبنان وبقية األراضي العربية المحتلة ٕاال صوره من صور ٕارهاب الدولة المنظم، وٓاذلك ألننسى اإلرهاب اليومي التي تمارسه الواليات المتحدة األمريكية في ٓاال من العراق ؤافغانستان وغيرها من بلدان العالم حيث ٕان المجازر اليومية للجيش األمريكي في هذه البلدان شاهدا حيا على ٕارهاب الدولة األمريكية لتلك البلدان
وهناك بعض األشخاص الذين يرفضون عبارة )دولة ٕارهابية( ويفضل عبارة )وسيلة حكم ٕارهابية( مبررين في ذلك بقولهم ٔان الدولة بمعزل عن ٓال ٕاتهام يطول غايتها وبنيانها، وهي فوق ٓال الشبهات، ٓاما ٔانها الترتبط بالوسيلة واألثر الذين تدل عليهما الرهبة التي تمارسها الدولة، ويرى البعض اآلخر ٔان ٕارهاب الدولة هو ٔاحد المحرٓاات األساسية إلرهاب األفراد والجماعات ويتوآاب دائما تصاعد ٕارهاب األفراد والجماعات مع تصاعد اإلرهاب
الحكومي. في حين يؤٓاد البعض ٔان وجود بعض الدول مثل اسرائيل في ذاته واحتاللها
لألرضي العربية هو الجريمة اإلرهابية الكبرى.
ويمكن القول ٔان اإلرهاب الذي تمارسه الدول، وخاصة من خالل دعمها للعناصر اإلرهابية ماديا ٔاو معنويا، قد يجنب الدولة مخاطر الحروب والمواجهة العسكرية المباشرة مع الدولة الخصم، والسيما ٕاذا ٓاانت تمارسه
ضد دولة ٓابرى.
ومثالنا على ذلك الحرب التي تشنها ٕايران في األرض العراقية ضد الجيش األمريكي وٓاذلك الحرب التي شنتها ٔامريكا نفسها في دعمها للحرٓاات اإلنفصاليه في عددا من دول العالم ضد حكوماتها باإلضافة ٕالى الحرب التي قادتها ومولتها الواليات المتحدة األمريكية ضد اإلتحاد السوفيتي السابق في
افغانستان في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
ولكن هناك ٕاتجاة خاص في الفكر الغربي يرفض اإلعتراف بإرهاب الدولة من ٔاساسه، ويأتي هذا الرفض صراحة تارة، وعلى استحياء تارة ٔاخرى، بل ٕانهم قد يعترفون به ولكن يقصدون به ٕارهاب دول العالم الثالث فقط، فالبعض يرى ٔان تزايد خطورة اإلرهاب ترجع ٕالى ٕامكانية استخدامه من جانب األفراد ٔآاثر
من جانب الدول.
ويحذر رٔاى آخر من اإلنغماس في ٕاتهام الدولة باإلرهاب ألن دليل تورطها يكون مجرد ٕانطباع عادي، وقد يفتح المجال إلتهام الدول الديمقراطية بممارسة اإلرهاب ودعمه، والمقصود هنا الدول الغربية. ويعرض البعض ألشكال
اإلرهاب من مجموعات غير الدول مغفال ٔايضا ٕارهاب الدولة.
في الوقت الذي يحذر فيه من دعم الدولة لإلرهاب ولو من خالل المصادر التكنولوجية والمعلوماتية التي يمكن ٔان تزيد من العمليات اإلرهابية المؤثرة والمعقدة وهذا ما قامت به الواليات المتحدة األمريكية من دعم عسكري ولوجستي ومخابراتي إلسرائيل عام 2006م، ٔاثنا حربها مع)حزب الله في الجنوب اللبناني.
وٕاذا ٓاانت الغالبية من الفقهاء تؤيد وجود ٕارهاب الدولة ٕاال ٔانهم اختلفوا في
تعريفاتهم للمقصود منه، ٓاما، ٔانهم عددوا صورا مختلفة إلرهاب الدولة.
فالبعض يعرفه بأنه ٕاستعمال الدولة لوسائل العنف بإنتظام إلثارة الرعب
لتحقيق ٔاهداف سياسية.
وهذه األهداف قد تكون االحتفاظ بالسلطة ٔاو قمع المعارضة، فاإلرهاب يساعد الدولة على تحقيق بعض األهداف التي تعجز الطرق السلمية عن تحقيقها، وٕارهاب الدولة يسمى ٔايضا ٕارهاب المؤسسة ٔاو اإلرهاب السلطوي ٔاو
المؤسسي نظرا ألنه يحافظ على السلطة والشرعية والمؤسسات، وهذا اإلرهاب تمارسه دول العالم ٓاافة دون استثناء، وضمن المجتمع الواحد،
والدولة الواحدة، وبين الدول ٔايضا منذ القدم وحتى اآلن.
وقد يطلق علية اإلرهاب من ٔاعلى، ٔاو اإلرهاب األحمر. ولكن ليس ٓال عنف تمارسه الدولة يسمى ٕارهابا فهناك ٔاشكال من العنف الرسمي تمارسه الدولة في حدود الشرعية.
والبعض يعرف ٕارهاب الدولة ويعرض لصورة رغم سابق رفضه لما يسمى بإرهاب الدولة ويعرفه بأنة )ٕاستخدام الدولة لدرجة ٓاثيفة وعالية من العنف ضد المدنيين إلضعاف ٔاو تدمير ٕارادتهم في المقاومة ٔاو الرفض.
وهذا ما يستخدمه الكيان الصهيوني في ٓاال من فلسطين المحتلة ولبنان من ٔاجل ٓاسر ٕارادة المقاومة لدى هذين الشعبين المناضلين من ٔاجل الحرية واإلستقالل وٓاذلك ما تستخده القوات األمريكية في ٓاال من العراق ؤافغانستان، وهذا التصميم بإستخدام العنف ضد المدنيين يعني ٔانه يشمل المدنيين داخل الدولة ذاتها ٔاو داخل دولة ٔاخرى وبذلك قد يكون ٕارهاب الدولة ٕارهابا وطنيا
ٔاو داخليا ٔاو قوميا، ٔاو ٕارهابا دوليا ٔاو عالميا.
وهنا البد ٔان نضع تسائل ٔايضا، ٔاليس ٕابادة الواليات المتحدة األمريكية للهنود الحمر، ٔاصحاب األرض ٕارهابا؟ ٔاليس ٕالقأوها القنبلتين الذريتين على مدينتي )هوريشيما ونكازآاي( ٕارهابا؟ ٔاليس ٔاعمال دولة ٕاسرائيل ضد الفلسطينيين
–ٔاصحاب األرض– ٕارهابا دوليا؟
١ - ٕارهاب األفراد والجماعات:
ٔان الرد على ٕارهاب الدولة وخاصة ذلك الذي يمارس ضد األفراد المدنيين -وعلى األخص داخلها- يكون بموجبة عنف مضاد، ولقد ٓاان ذلك هو ٔاول ما عرفة التأريخ الحديث من ٕارهاب األفراد، ٓارد فعل على ٕارهاب السلطة ٔاو الدولة، ويسمى باإلرهاب غير السلطوي ويوجه ضد الدولة من جانب
الجماعات واألفراد المناوئة لها.
ٓاما يطلق البعض على اإلرهاب الفردي ٕارهاب التمرد ويشكك في ٓاونه ٕارهابا، وقد ارتبط اإلرهاب باألفراد في العديد من تعريفات ما يعرف بكتاب اإلتجاه السائد، ولدى األجهزة الرسمية الغربية، بل ٕانه ارتبط في بعض
األحيان بجنسية معينة، حيث ٔانهم في ٔامريكا يعرفون اإلرهاب بأنه ٔاعمال العنف الموجهة ضد األمريكيين والتي تقع من مواطن اليتمتع بالجنسية األمريكية.)82(
صور ٕارهاب األفراد والجماعات:
تتعدد صور اإلرهاب الفردي وترتكز جميعا على الهدف من اإلرهاب ومن ثم يمكن تقسيمها ٓاالتالي:
1 – اإلرهاب الثوري، وهو اإلرهاب الذي يهدف ٕالى ٕاحداث تغيير شامل وٓاامل في الترٓايبة السياسية واإلجماعية للنظام القائم، وقد يكون في ٕاطار حرٓاه عالمية ٔاو في ٕاطار داخلي.
2 – اإلرهاب شبة الثوري، والذي يهدف بدورة ٕالى ٕاحداث بعض التغيرات البنائية والوظيفية في نظام سياسي معين، وقد يصبح جزاء من برنامج ٔآاثر ٕاتساعا للتغيير السياسي.
3 – اإلرهاب العدمي، ويستهدف القضاء على النظام القائم دون وجود تصور لنظام بديل، فهو اليستهدف التغيير فقط بل التدمير، وهذه الفئات التسب تحديات ٓابيرة للدولة ٓاما اليوجد لها ٔامثلة معاصرة، ولكنها وجدت ٕابا
الثورة الفرنسية.
4 – اإلرهاب العادي، )ٕارهاب القانون العام( وهو الذي يمارسه األفراد بدافع ٔاناني ولتحقيق مصالح شخصية، اقتصادية، ٔاو اجتماعية، فهو بعيد عن
الهدف السياسي ويتمثل في ٔاعمال الخطف واحتجاز الرهائن ٕاذا ٓاان الهدف منها طلب )فدية مالية( وما يطلق علية البعض )ٕارهاب
المخدرات.
ويمكن القول ٔان االهتمام الدولي ينصب بصفه ٔاساسية في الوقت الراهن على
اإلرهاب الذي تسانده الدول مثل اإلرهاب الذي تساندة الواليات المتحدة
األمريكية في ٓاال من العراق ؤافغانستان وٓاذلك اإلرهاب الذي تساندة ٕاسرائيل في ٓاال من فلسطين المحتلة ولبنان.
ثالثاً :
ٔاشكال اإلرهاب وفقا لنطاقه:
في هذا المجال يمكن تقسيم اإلرهاب من حيث مداه وٕامتداد آثاره ٕالى نمطين هما: ٕارهاب محلي تنحصر ممارسته وعملياته داخل الدولة وٕارهاب دولي يمتد عبر الدول )المجتمع الدولي(، وسوف نتناول ٓاال منها بالتفصيل:
ٔا – اإلرهاب المحلي:
وهو اإلرهاب الذي تمارسه الجماعات ذات األهداف المحددة داخل نطاق الدولة وال تتجاوز حدودها وتستهدف تغيير نظام الحكم، وليس لها ارتباط خارجي بأي شكل من األشكال.
ٓاما ٔان الدولة قد تمارس شي من اإلرهاب ضد مواطنيها، ٔاو يمارسه مواطنو الدولة ضد سلطات الحكم فيها، ولكن ليس ضد األجانب، وٕاال ٔاصبح ٕارهابا دوليا، حتى لو تم على ٕاقليم الدولة.
وقد تعرضت اليمن لعدد من هذه العمليات اإلرهابية ذات الطابع الدولي والتي تعرض لها عدد من السياح األجانب وبعض المصالح األجنبية في اليمن والذي سوف نستعرضها في بحث خاص عن اإلرهاب في اليمن.
ومن ثم فإن اإلرهاب المحلي يتطلب المحلية ٔاو الوطنية في جميع عناصره سواء من حيث المنفذين ٔاو مكان التنفيذ ٔاو التخطيط ٔاو اإلعداد للعمل، وٓاذلك الضحايا واألهداف، والنتائج المترتبة علية واالعتماد على الدعم المحلي في
التمويل.
ويمثل اإلرهاب الوطني مشكلة حقيقية لمجمل دول العالم دون استثناء. ويرى جانب من الفقهاء ٔان اإلرهاب الوطني لم يعد له سوى االسم، حيث تم ٕالغاء لحدود بين الدول بوجود شبكات تدعم اإلرهاب في ٓال مكان.
وبذلك يصبح الفصل بين اإلرهاب المحلي والدولي هو فصل تعسفي، حيث ألتشكل الحواجز السياسية والجغرافية عنصرا حاسما في هذا الصدد.
فأصبح اإلرهاب المحلي صورة نادرة الحدوث لتشابك المصالح الدولية وتعقد الروابط والعالقات على مستوى العالم.
ب – اإلرهاب الدولي:
وهو اإلرهاب الذي تتوافر له الصفة الدولية في ٔاحد عناصره ومكوناته،
وذلك عندما يكون ٔاحد األطراف دوليا سراء ٔاشخاص ٔاو ٔاشياء ٔاو ٔامآان، ٔاو يكون الهدف دوليا مثل ٕاساءة العالقات الدولية.
وتتعدد ٔاساليب اإلرهاب الدولي منها ٔاخذ الرهائن، وخطف الطائرات، واالعتداء على الشخصيات الدولية، واإلعتداء على ٔاراضي الغير دون وجه حق، ٓاما هو حاصل في األراضي العربية المحتلة في فلسطين ولبنان
ومرتفعات الجوالن السورية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب.
وٓاما هو حاصل في العراق ؤافغانستان المسيطر عليها من قبل الواليات المتحدة األمريكية، ويمكن تسمية هذا اإلرهاب بإرهاب الدولة.
اسم المرجع : مفهوم اإلرهاب في القانون الدولي العام
د / جميل حزام يحيى الفقية
سوف نتكلم عن الارهاب نبذة مختصرة عن مفهومه و اشكال الارهاب و نطاقاته
اولا
مفهوم اإلرهاب :
تعريف الإرهاب على صعيد المنظمات الدولية ، فنجد أن الاهتمام بهذا الموضوع بدأ منذ عام 1930 ، عندما اختطف بعض ثوار بيرو طائرة لغرض الهرب بها إلى خارج بلادهم، إلى حد الذي لفت أنظار المجتمع الدولي آنذاك ، حتى تمكنت عصبة الأمم بعد نقاش دام سبع سنوات من عقد اتفاقية منع الإرهاب والمعاقبة عليه عام 1937، حيث ورد في الاتفاقية إعلان تعريف الإرهاب مفاده أن الإرهاب هو (جميع الأعمال الإرهابية الموجهة ضد دولة ما وتهدف أو يقصد بها خلق حالة رعب في أذهان أشخاص معينين أو مجموعة من الأشخاص أو عامة الجمهور) ، ثم بعد ذلك توالت جهود الأمم المتحدة في هذا الشأن من عام 1947 ولغاية يومنا هذا، وبعد نقاشات طويلة جداً توصلت إلى إن الإرهاب يمثل (جميع الممارسات والوسائل غير المبررة التي تشير إلى رعب الجمهور أو مجموعة من البشر لأسباب سياسية وبصرف النظر عن بواعثه المختلفة) ، وهناك بعض الاتفاقيات الدولية أشارت لمفهوم الإرهاب سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر، منها على سبيل المثال اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الأول الملحق بها لعام 1977 والاتفاقية الأوربية لعام 1977 والاتفاقية العربية لعام 1998... الخ ، وعلى الرغم من الجهود التي بذلت سواء على الصعيد الذاتي (الباحثون والفقهاء) أو على الصعيد الدولي ، لكن لم يتوصل الجميع إلى تحديد مفهوم جامع مانع للإرهاب، بسبب اقتصار هذه المفاهيم على بعض الجوانب دون غيرها، فمنهم من ركز على الجانب المادي (الأفعال) ومنهم من ركز على الجانب القانوني (الجرائم)، وآخرون ركزوا على الجانب السياسي بينما الأمر يتطلب أن يكون هناك تعريف يحتوي على أمرين هما : التجرد والموضوعية في الطرح ، والإلمام بالجوانب المختلفة للظاهرة دون إغفال أي منها.
فما يزال تعريف اإلرهاب حتى يومنا هذا يمثل مشكلة ٓابرى ٔامام الباحثين في هذه الظاهرة، سواء القانونيين ٔاو غيرهم.
ثانياً :
ٔاشكال اإلرهاب:
هناك من يخلط ٔاثناء ٕاستعراضه وبحثه بين ٔاشكال اإلرهاب ؤاشكال العمل اإلرهابي، ٔاو يعتبر صور العمل اإلرهابي هي صور لإلرهاب في نفس الوقت وبمعنى ٔادق يخلط بين صور اإلرهاب ووسائله، ٔاو ٔاساليبه وطرقة لتحقيق هذه الصور ٔاو تلك األشكال، وهذا ناتج عن الخلط بين اإلرهاب في ذاته والعمل
اإلرهابي.
يمكن تقسيم اإلرهاب من حيث القائمين به ٕالى نوعين هما:
- ٕارهاب الدولة، وٕارهاب األفراد والمجموعات. وقد يحدث تدخل بين
هذين النوعين، فالدولة ترتكب اإلرهاب بنفسها ٔاو بواسطة دعمها لبعض األفراد ٔاو الجماعات لتضعف بعض الدول األخرى المنافسة، ٓام ٔان الجماعة اإلرهابية ٕاذا نجحت وسيطرت على مقاليد السلطة قد تستمر في ٕاستخدام العنف واإلرهاب وهي في السلطة.
ويمكن تناول النوعين ٓاما يلي:
1 – ٕارهاب الدولة:
من المعروف تأريخيا ٔان األنظمة الدٓاتاتورية استخدمت الرعب ٓاأداة
للقمع والتحكم، وقد فقد آالف البشر حياتهم على ٔايدي دولة الرعب بشكل ٔآاثر بشاعة وضراوة من صور اإلرهاب األخوي، ٕاال ٕاننا اآلن بصدد دراسة االستخدام المنظم لإلرهاب من العصابات ٓاسالح فعال ومدمر ضد الدول، ٓاما يبرر معظم اإلرهاب الفردي من جانب مرتكبيه بأنة صراع ضد األنظمة
الوحشية القمعية، حتى لونتج عنه قتل األبرياء.
وقد نتج عن هذا ٔان اختلفت اآلراء حول ما ٕاذا ٓاانت الدولة يمكن ٔان تمارس اإلرهاب ٔام ال، فالبعض يرى ٔان ٕارهاب الدولة هو الصورة األساسية لإلرهاب، ونحن بدورنا نشاطرهم هذا الرٔاي، فما تقوم به ٕاسرائيل في األراضي العربية الفلسطينية وفي لبنان وبقية األراضي العربية المحتلة ٕاال صوره من صور ٕارهاب الدولة المنظم، وٓاذلك ألننسى اإلرهاب اليومي التي تمارسه الواليات المتحدة األمريكية في ٓاال من العراق ؤافغانستان وغيرها من بلدان العالم حيث ٕان المجازر اليومية للجيش األمريكي في هذه البلدان شاهدا حيا على ٕارهاب الدولة األمريكية لتلك البلدان
وهناك بعض األشخاص الذين يرفضون عبارة )دولة ٕارهابية( ويفضل عبارة )وسيلة حكم ٕارهابية( مبررين في ذلك بقولهم ٔان الدولة بمعزل عن ٓال ٕاتهام يطول غايتها وبنيانها، وهي فوق ٓال الشبهات، ٓاما ٔانها الترتبط بالوسيلة واألثر الذين تدل عليهما الرهبة التي تمارسها الدولة، ويرى البعض اآلخر ٔان ٕارهاب الدولة هو ٔاحد المحرٓاات األساسية إلرهاب األفراد والجماعات ويتوآاب دائما تصاعد ٕارهاب األفراد والجماعات مع تصاعد اإلرهاب
الحكومي. في حين يؤٓاد البعض ٔان وجود بعض الدول مثل اسرائيل في ذاته واحتاللها
لألرضي العربية هو الجريمة اإلرهابية الكبرى.
ويمكن القول ٔان اإلرهاب الذي تمارسه الدول، وخاصة من خالل دعمها للعناصر اإلرهابية ماديا ٔاو معنويا، قد يجنب الدولة مخاطر الحروب والمواجهة العسكرية المباشرة مع الدولة الخصم، والسيما ٕاذا ٓاانت تمارسه
ضد دولة ٓابرى.
ومثالنا على ذلك الحرب التي تشنها ٕايران في األرض العراقية ضد الجيش األمريكي وٓاذلك الحرب التي شنتها ٔامريكا نفسها في دعمها للحرٓاات اإلنفصاليه في عددا من دول العالم ضد حكوماتها باإلضافة ٕالى الحرب التي قادتها ومولتها الواليات المتحدة األمريكية ضد اإلتحاد السوفيتي السابق في
افغانستان في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
ولكن هناك ٕاتجاة خاص في الفكر الغربي يرفض اإلعتراف بإرهاب الدولة من ٔاساسه، ويأتي هذا الرفض صراحة تارة، وعلى استحياء تارة ٔاخرى، بل ٕانهم قد يعترفون به ولكن يقصدون به ٕارهاب دول العالم الثالث فقط، فالبعض يرى ٔان تزايد خطورة اإلرهاب ترجع ٕالى ٕامكانية استخدامه من جانب األفراد ٔآاثر
من جانب الدول.
ويحذر رٔاى آخر من اإلنغماس في ٕاتهام الدولة باإلرهاب ألن دليل تورطها يكون مجرد ٕانطباع عادي، وقد يفتح المجال إلتهام الدول الديمقراطية بممارسة اإلرهاب ودعمه، والمقصود هنا الدول الغربية. ويعرض البعض ألشكال
اإلرهاب من مجموعات غير الدول مغفال ٔايضا ٕارهاب الدولة.
في الوقت الذي يحذر فيه من دعم الدولة لإلرهاب ولو من خالل المصادر التكنولوجية والمعلوماتية التي يمكن ٔان تزيد من العمليات اإلرهابية المؤثرة والمعقدة وهذا ما قامت به الواليات المتحدة األمريكية من دعم عسكري ولوجستي ومخابراتي إلسرائيل عام 2006م، ٔاثنا حربها مع)حزب الله في الجنوب اللبناني.
وٕاذا ٓاانت الغالبية من الفقهاء تؤيد وجود ٕارهاب الدولة ٕاال ٔانهم اختلفوا في
تعريفاتهم للمقصود منه، ٓاما، ٔانهم عددوا صورا مختلفة إلرهاب الدولة.
فالبعض يعرفه بأنه ٕاستعمال الدولة لوسائل العنف بإنتظام إلثارة الرعب
لتحقيق ٔاهداف سياسية.
وهذه األهداف قد تكون االحتفاظ بالسلطة ٔاو قمع المعارضة، فاإلرهاب يساعد الدولة على تحقيق بعض األهداف التي تعجز الطرق السلمية عن تحقيقها، وٕارهاب الدولة يسمى ٔايضا ٕارهاب المؤسسة ٔاو اإلرهاب السلطوي ٔاو
المؤسسي نظرا ألنه يحافظ على السلطة والشرعية والمؤسسات، وهذا اإلرهاب تمارسه دول العالم ٓاافة دون استثناء، وضمن المجتمع الواحد،
والدولة الواحدة، وبين الدول ٔايضا منذ القدم وحتى اآلن.
وقد يطلق علية اإلرهاب من ٔاعلى، ٔاو اإلرهاب األحمر. ولكن ليس ٓال عنف تمارسه الدولة يسمى ٕارهابا فهناك ٔاشكال من العنف الرسمي تمارسه الدولة في حدود الشرعية.
والبعض يعرف ٕارهاب الدولة ويعرض لصورة رغم سابق رفضه لما يسمى بإرهاب الدولة ويعرفه بأنة )ٕاستخدام الدولة لدرجة ٓاثيفة وعالية من العنف ضد المدنيين إلضعاف ٔاو تدمير ٕارادتهم في المقاومة ٔاو الرفض.
وهذا ما يستخدمه الكيان الصهيوني في ٓاال من فلسطين المحتلة ولبنان من ٔاجل ٓاسر ٕارادة المقاومة لدى هذين الشعبين المناضلين من ٔاجل الحرية واإلستقالل وٓاذلك ما تستخده القوات األمريكية في ٓاال من العراق ؤافغانستان، وهذا التصميم بإستخدام العنف ضد المدنيين يعني ٔانه يشمل المدنيين داخل الدولة ذاتها ٔاو داخل دولة ٔاخرى وبذلك قد يكون ٕارهاب الدولة ٕارهابا وطنيا
ٔاو داخليا ٔاو قوميا، ٔاو ٕارهابا دوليا ٔاو عالميا.
وهنا البد ٔان نضع تسائل ٔايضا، ٔاليس ٕابادة الواليات المتحدة األمريكية للهنود الحمر، ٔاصحاب األرض ٕارهابا؟ ٔاليس ٕالقأوها القنبلتين الذريتين على مدينتي )هوريشيما ونكازآاي( ٕارهابا؟ ٔاليس ٔاعمال دولة ٕاسرائيل ضد الفلسطينيين
–ٔاصحاب األرض– ٕارهابا دوليا؟
١ - ٕارهاب األفراد والجماعات:
ٔان الرد على ٕارهاب الدولة وخاصة ذلك الذي يمارس ضد األفراد المدنيين -وعلى األخص داخلها- يكون بموجبة عنف مضاد، ولقد ٓاان ذلك هو ٔاول ما عرفة التأريخ الحديث من ٕارهاب األفراد، ٓارد فعل على ٕارهاب السلطة ٔاو الدولة، ويسمى باإلرهاب غير السلطوي ويوجه ضد الدولة من جانب
الجماعات واألفراد المناوئة لها.
ٓاما يطلق البعض على اإلرهاب الفردي ٕارهاب التمرد ويشكك في ٓاونه ٕارهابا، وقد ارتبط اإلرهاب باألفراد في العديد من تعريفات ما يعرف بكتاب اإلتجاه السائد، ولدى األجهزة الرسمية الغربية، بل ٕانه ارتبط في بعض
األحيان بجنسية معينة، حيث ٔانهم في ٔامريكا يعرفون اإلرهاب بأنه ٔاعمال العنف الموجهة ضد األمريكيين والتي تقع من مواطن اليتمتع بالجنسية األمريكية.)82(
صور ٕارهاب األفراد والجماعات:
تتعدد صور اإلرهاب الفردي وترتكز جميعا على الهدف من اإلرهاب ومن ثم يمكن تقسيمها ٓاالتالي:
1 – اإلرهاب الثوري، وهو اإلرهاب الذي يهدف ٕالى ٕاحداث تغيير شامل وٓاامل في الترٓايبة السياسية واإلجماعية للنظام القائم، وقد يكون في ٕاطار حرٓاه عالمية ٔاو في ٕاطار داخلي.
2 – اإلرهاب شبة الثوري، والذي يهدف بدورة ٕالى ٕاحداث بعض التغيرات البنائية والوظيفية في نظام سياسي معين، وقد يصبح جزاء من برنامج ٔآاثر ٕاتساعا للتغيير السياسي.
3 – اإلرهاب العدمي، ويستهدف القضاء على النظام القائم دون وجود تصور لنظام بديل، فهو اليستهدف التغيير فقط بل التدمير، وهذه الفئات التسب تحديات ٓابيرة للدولة ٓاما اليوجد لها ٔامثلة معاصرة، ولكنها وجدت ٕابا
الثورة الفرنسية.
4 – اإلرهاب العادي، )ٕارهاب القانون العام( وهو الذي يمارسه األفراد بدافع ٔاناني ولتحقيق مصالح شخصية، اقتصادية، ٔاو اجتماعية، فهو بعيد عن
الهدف السياسي ويتمثل في ٔاعمال الخطف واحتجاز الرهائن ٕاذا ٓاان الهدف منها طلب )فدية مالية( وما يطلق علية البعض )ٕارهاب
المخدرات.
ويمكن القول ٔان االهتمام الدولي ينصب بصفه ٔاساسية في الوقت الراهن على
اإلرهاب الذي تسانده الدول مثل اإلرهاب الذي تساندة الواليات المتحدة
األمريكية في ٓاال من العراق ؤافغانستان وٓاذلك اإلرهاب الذي تساندة ٕاسرائيل في ٓاال من فلسطين المحتلة ولبنان.
ثالثاً :
ٔاشكال اإلرهاب وفقا لنطاقه:
في هذا المجال يمكن تقسيم اإلرهاب من حيث مداه وٕامتداد آثاره ٕالى نمطين هما: ٕارهاب محلي تنحصر ممارسته وعملياته داخل الدولة وٕارهاب دولي يمتد عبر الدول )المجتمع الدولي(، وسوف نتناول ٓاال منها بالتفصيل:
ٔا – اإلرهاب المحلي:
وهو اإلرهاب الذي تمارسه الجماعات ذات األهداف المحددة داخل نطاق الدولة وال تتجاوز حدودها وتستهدف تغيير نظام الحكم، وليس لها ارتباط خارجي بأي شكل من األشكال.
ٓاما ٔان الدولة قد تمارس شي من اإلرهاب ضد مواطنيها، ٔاو يمارسه مواطنو الدولة ضد سلطات الحكم فيها، ولكن ليس ضد األجانب، وٕاال ٔاصبح ٕارهابا دوليا، حتى لو تم على ٕاقليم الدولة.
وقد تعرضت اليمن لعدد من هذه العمليات اإلرهابية ذات الطابع الدولي والتي تعرض لها عدد من السياح األجانب وبعض المصالح األجنبية في اليمن والذي سوف نستعرضها في بحث خاص عن اإلرهاب في اليمن.
ومن ثم فإن اإلرهاب المحلي يتطلب المحلية ٔاو الوطنية في جميع عناصره سواء من حيث المنفذين ٔاو مكان التنفيذ ٔاو التخطيط ٔاو اإلعداد للعمل، وٓاذلك الضحايا واألهداف، والنتائج المترتبة علية واالعتماد على الدعم المحلي في
التمويل.
ويمثل اإلرهاب الوطني مشكلة حقيقية لمجمل دول العالم دون استثناء. ويرى جانب من الفقهاء ٔان اإلرهاب الوطني لم يعد له سوى االسم، حيث تم ٕالغاء لحدود بين الدول بوجود شبكات تدعم اإلرهاب في ٓال مكان.
وبذلك يصبح الفصل بين اإلرهاب المحلي والدولي هو فصل تعسفي، حيث ألتشكل الحواجز السياسية والجغرافية عنصرا حاسما في هذا الصدد.
فأصبح اإلرهاب المحلي صورة نادرة الحدوث لتشابك المصالح الدولية وتعقد الروابط والعالقات على مستوى العالم.
ب – اإلرهاب الدولي:
وهو اإلرهاب الذي تتوافر له الصفة الدولية في ٔاحد عناصره ومكوناته،
وذلك عندما يكون ٔاحد األطراف دوليا سراء ٔاشخاص ٔاو ٔاشياء ٔاو ٔامآان، ٔاو يكون الهدف دوليا مثل ٕاساءة العالقات الدولية.
وتتعدد ٔاساليب اإلرهاب الدولي منها ٔاخذ الرهائن، وخطف الطائرات، واالعتداء على الشخصيات الدولية، واإلعتداء على ٔاراضي الغير دون وجه حق، ٓاما هو حاصل في األراضي العربية المحتلة في فلسطين ولبنان
ومرتفعات الجوالن السورية من قبل الكيان الصهيوني الغاصب.
وٓاما هو حاصل في العراق ؤافغانستان المسيطر عليها من قبل الواليات المتحدة األمريكية، ويمكن تسمية هذا اإلرهاب بإرهاب الدولة.
اسم المرجع : مفهوم اإلرهاب في القانون الدولي العام
د / جميل حزام يحيى الفقية