صفحة 1 من 1

كارل ماركس

مرسل: الأربعاء نوفمبر 14, 2012 10:59 pm
بواسطة ممدوح القحطاني 81
كارل ماركس



كارل ماركس (5 مايو 1818 إلى 14 مارس 1883). فيلسوف الماني، سياسي، وصحفي ،ومنظّر اجتماعي. قام بتأليف العديد من المؤلفات الا ان نظريته المتعلقة بالرأسمالية وتعارضها مع مبدأ اجور العمال هو ما أكسبه شهرة عالمية. لذلك يعتبر مؤسس الفلسفة الماركسية ، و يعتبر مع صديقه فريدريك إنجلز المنظرين الرسميين الأساسيين للفكر الشيوعي.

شكل وقدم مع صديقه فريدريك إنجلز ما يدعى اليوم بالاشتراكية العلمية. ( الشيوعية المعاصرة ) .

ولد ماركس بمدينة (ترير) في ولاية (رينانيا) الألمانية عام 1818م والتحق بجامعة بون عام 1833 لدراسة القانون. أظهر ماركس اهتماماً بالفلسفة رغم معارضة والده الذي أراد لماركس ان يصبح محامياً. وقام ماركس بتقديم رسالة الدكتوراة في الفلسفة عام 1840 وحاز على شهادة الدكتوراة.

وصفه أحد أصدقائه بأنه عريض المنكبين واسع الجبهة كثيف الشعر وداكن إلى حد الزرقة. كان حيويا نشيطا لا يهدأ له بال لا ينام إلا أربع ساعات في النهار.

بداياته

في عام 1842 وبعد كتابته لمقالته الأولى لمجلة ( Rheninshe Zeitung ) في مدينة كولونيا ..أصبح من طاقم التحرير.

كتاباته في هذه المجلة وبشكل ناقد لوضع السياسة والأوضاع الاجتماعية المتردية المعاصرة لذلك الوقت ورطته في مناقشات حامية مع رؤوساء التحرير والمؤلفين.

وفي عام 1843 ماركس كان قد أجبر على إلغاء أحد نشراته وسرعان ما تم اصدار قرار بإغلاق الصحيفة ومنعها من النشر.

انتقل ماركس من ألمانيا إلى باريس وهناك دأب على قراءة الفلسفة والتاريخ والعلوم السياسية وتبنى الفكر الشيوعي.

في عام 1844 وعندما زاره صديقه فريدريك إنجلز في باريس وبعد عدة مناقشات مع بعضهما البعض وجد الصديقان بأنهما قد توصلا إلى أفكار متطابقة 100% حول طبيعة المشاكل الثورية وبشكل مستقل عن بعضهما البعض .

ونتيجة لهذا التوافق بينهما عملا معا وتعاونا لتفسير أسس ومبادىء نظريات الشيوعية والعمل على دفع الطبقة العاملة (والبرجوازية الصغيرة الديمقراطية) لتعمل وتتفانى من أجل تلك المبادىء.

عاش كارل ماركس في القرن التاسع عشر؛ وهي فترة اتسمت بانتشار الرأسمالية الصناعية من خلال تشكيل الطبقات العمالية الأوروبية وأولى صراعاتها الكبرى. وهذا العالم هو الذي حاول ماركس التفكير فيه من خلال اعتماد عدة مكتسبات نظرية:

الفلسفة الألمانية وبخاصة فلسفة هيجل (1891-1770) التي استخلص منها فكرة جدلية التاريخ الكوني الذي تهيمن عليه التناقضات التي تقوده نحو مآل نهائي.
الاقتصاد السياسي الإنجليزي الذي يشكل كل من آدم سميث (1790-1723) و د. ريكاردو (1823-1772) ومالتوس (1834-1770) أبرز وجوهه.
الاشتراكية " الطوباوية " الفرنسية (سان سيمون،فورييه،كابي) ومعاصرو ماركس (برودون،بلانكي) الذين دخل معهم ماركس في سجال.
المؤرخون الفرنسيون الذين حللوا المجتمع بحدود صراع الطبقات الاجتماعية.

نقد الرأسمالية

لقد تبنى ماركس منظورا دينامياً وصراعياً للرأسمالية.ومنها: نظرية الاستغلال وفائض القيمة:

يبدو العالم الحديث كتراكم للبضائع ، وتأتي قيمة هذه البضائع من العمل الإنساني الذي هو متضمن في البضاعة ( نظرية القيمة ـ العمل مستعارة من د. ريكاردو). إن العمل بدوره بضاعة تمتلك سمة خاصة: فهو ينتج قيمة أعلى من ثمن شرائه. وبالفعل؛ فالرأسمالية لا تشتري كل العمل المبذول من طرف البروليتاري، ولكنها لا تؤدي له إلا ثمن قوة عمله (ما يكفيه للعيش )، والفارق القيمي في ما بين قوة العمل والعمل المنجز يشكل فائض القيمة الذي هو منبع الرأسمال. إن الرأسمال يخلق ذاته ويعيد خلقها باستمرار داخل علاقة الاستغلال الاجتماعية هاته.

قوانين تطور الرأسمالية: تقود المنافسة الرأسمالي لمراكمة رأس المال؛ أي إلى استثمار جزء من الربح في تحسين أداته الإنتاجية. ومن قانون التراكم هذا استنتج ماركس عدة اتجاهات للتطور:

اتجاه أكثر فأكثر تعاظما نحو مكننة الإنتاج؛ تمركز رأس المال ناجم عن نمو كل مقاولة على حدة وتمركز المقاولات في أيدي حفنة قليلة العدد من أقوى الرأسماليين ؛ تزايد البطالة والانخفاض النسبي للأجور الذي تصوره ماركس كعاقبة للتراكم فالآلات التي تنحو نحو تعويض البشر والمشكلة بذلك ل" جيش صناعي احتياطي " ينزع حضوره نحو ممارسة ضغط يؤدي إلى تخفيض الأجور . ويبدو هذا التفقير المتعاظم ك" قانون عام للاقتصاد الرأسمالي " ؛ قانون الانخفاض النزوعي لمعدلات الربح يتأتى من تزايد الرأسمال الثابت (الآلات) مقارنة بالرأسمال المتغير (الأجور) ؛ الربح (فائض القيمة) المتأتي فقط من العمل الإنساني (حسب نظرية القيمة ـ العمل) ؛ الانخفاض النسبي لعدد المأجورين مقارنة بالآلات يقود نحو انخفاض معدل الربح . غير أن التفقير يقود نحو ثورة الجماهير ؛ فهنا يفرد المنطق الاقتصادي مكانا لمنطق اجتماعي : يتمثل في ثورة المقموعين ضد النظام . ميكانيزم الأزمات. ليست هناك لدى ماركس نظرية ناجزة ومكتملة بخصوص الأزمات . الاستغلال وتمركز رأس المال الثابت (الآلات) يقودان نحو تعاظم لا ينتهي لقدرات الإنتاج على حساب إمكانيات الاستهلاك (عبر المداخيل الموزعة) ، ومن ثمة أزمات فيض الإنتاج التي لا تني تحدث والتي تسم الرأسمالية بشكل دوري . وقد اعتقد ماركس أن هذه الأزمات من شأنها أن تتفاقم عبر الزمن حتى تصبح أزمات لا تطاق.

المادية التاريخية أولوية الإنتاج إن أساس المجتمع يقيم في الإنتاج ؛ في العمل الذي ينتج الإنسان من خلاله ذاته وينتج المجتمع . إن وسائل الإنتاج المسماة " القوى المنتجة " والعلاقات التي تنشأ حول العمل (" علاقات الإنتاج ") يشكلان " عالم الإنتاج " الخاص بكل مجتمع ، ولقد تعاقبت خلال التاريخ عديد من أنماط الإنتاج ( القديمة ، الآسيوية ، الإقطاعية ، الرأسمـالية ). البنية الاقتصادية التحتية والبنيات الفوقية إن البنيات الفوقية السياسية ، القانونية والإيديولوجية تنبني على قاعدة الإنتاج . إذن يجب الانطلاق من القاعدة الاقتصادية لفهم تطور مجتمع معطى . تقسيم الشغل وصراع الطبقات يؤدي تقسيم الشغل أيضا نحو انفصال الناس عن بعضهم ونحو تكون الطبقات وصراعها . إن صراع الطبقات الاجتماعية المتعادية والمتصارعة من أجل السيطرة على الإنتاج هو محرك التاريخ في إطار النظام الرأسمالي . سوسيولوجيا الطبقات والدولة نظرية الطبقات الاجتماعية غالبا ما اعتبر أن البيان الشيوعي الذي يصرح فيه ماركس بأن لا توجد إلا طبقتان أساسيتان متعارضا مع " صراع الطبقات في فرنسا " الذي يصف فيه سبع طبقات وشرائح من الطبقات المختلفة . وبالفعل ليس هناك تناقض ؛ فلم تكن لهذين التأويلين نفس الوضعية ؛ فما كان يشغل بال ماركس في البيان ( وعلينا أن لا ننسى أنه نص دعـــائي )كان هو تحليل الصراع الذي يضع في المجتمع الرأسمالي طبقتان أساسيتان متواجهتان ( حاملتان لمشروع تاريخي ) : البورجوازية والبروليتاريا . ويجب أن يؤدي هذا الصراع إلى الثورة إذا ما عرف العمال كيف يتنظمون في حزب يمكن من الإطاحة بالمجتمع البورجوازي . إن " صراع الطبقات في فرنسا " يريد أن يكون تحليلا أمبريقيا لحركة تاريخية خاصة ، وماركس يصف بدقة شرائح طبقية وروابطها وكيف تنتظم حول طبقتين أساسيتين . يجب إذن أن نميز عند استعمال مفهوم الطبقة النظرية الدينامية للطبقات ( التي تنتظم حول قطبين اثنين ) والتحليل الوصفي الذي يهتم بتركيب الجماعات الاجتماعية : ببنيتها وتطورها وسلوكها . نظريةالدولةوالإيديولوجيات نجد لدى ماركس نظرية للدولة (متصورة بوصفها أداة سلطة في خدمة الطبقة المهيمنة) وللإيديولوجيات ( كتعبير عن مصالح طبقية معينة ) وللاستلاب ( كتقديس أعمى للبضاعة ) ، وللدين ( " كأفيون الشعوب " ) ، .. الخ .

البيان الشيوعي

في عام 1845 ماركس كان قد أجبر على مغادرة فرنسا بسبب نشاطاته الثورية وكان قد استقر في بروكسل ولحقته زوجته وأطفالها إلى هناك وساعده صديقه انغلس الذي كان أبوه برجوازيا على شراء منزل والذي تحول فيما بعد إلى مركز للإتصال والاجتماع بالشبكات العمالية الثورية.

عصبة الشيوعيون

في عام 1847 اجتمع الشيوعيون ليؤسسوا عصبتهم وفوض ماركس وانغلس ليشكلوا مبادىء هذه العصبة وبرنامجها المتبع وكان هذا البرنامج قد عرف فيما بعد ب ( بيان الشيوعية حيث وضع فيه ماركس جوهر أفكاره وأسس العمل على تحقيقها ) وكانت عصبة الشيوعيون قد قامت على أنقاض جماعة رابطة العادلين في فرنسا والتي كانت لا تؤمن بضرورة الثورة والاستيلاء على السلطة وكان شعارها ( الناس كلهم أخوة ) طبعا أقنع ماركس أعضائها بأنهم يحلمون بعالم وردي واستبدل الشعار إلى أن صار ( يا عمال العالم اتحدوا )

البيان الشيوعي كان يمهد لعقيدة الاشتراكية العلمية ويجسد المادية التاريخية بعيدا عن الكنيسة أو الدين ( باعتقاد ماركس الدين أفيون الشعوب ) أو الطائفية المهنية. وكان ذلك قد أخرج صراحة في تعليقه ونقده للاقتصاد السياسي ( كتاب ) في عام 1858 .

إن أسس وجوهر البيان الشيوعي تقوم على افتراض أن منذ فجر الانسانية وحتى اليوم كانت العلاقة علاقة صراع بين المُستغِل والمُستغَل ..بين المالك وبين العامل ..بين الطالب وبين الأستاذ ...بين الفلاح وبين الاقطاعي...استغلال الانسان للإنسان وأمة لأمة. وكانت الغلبة تنتهي إما لإحداهما أو بسقوطهما معا.

وطبعا غلبة أي منهما تحدد طبيعة الاقتصاد القائم. وعلى افتراض بأن تفكك الاقطاعية كان من نتيجة تعفنها واعاقتها للبرجوازية ...فإن المنطق يفرض حتما بأن مستوى تطور الطبقة البرجوازية ( الانتاج الكبير ) سيصل بها إلى حد لا تستطيع فيه التقدم.

وعندها ستقوم البروليتارية بسحق هذه الطبقة ( البرجوازية ) ورفع الجور والظلم عن الطبقة العاملة ( البروليتاريا ) وعندها يتحقق المجتمع الشيوعي حيث تنتفي فيه الملكية الخاصة (وليس الملكية الشخصية ) ..حيث الملكية الخاصة هي الناتجة عن استغلال العمال وأخذ ما ينتجه من القيمة المضافة دون أدنى جهد يذكر من قبل الرأسمالي..أما الملكية الشخصية هي ما تحصل عليه نتجية القيام بعمل.

النفي السياسي

في عام 1848 قامت الثورة في فرنسا والمانيا. وخافت الحكومة البلجيكية من امتداد الثورة إليه وقامت بنفي ماركس الذي ذهب أولا إلى باريس ثم كولونيا وقام بتأسيس صحيفة جديدة دعيت Neue Rheinishe Zeitung تيمنا بتلك المجلة التي كان يعمل بها في البداية وانضم إلى أعمال ثورية هناك ودأب على تنظيمها ، في عام 1849 تم اعتقاله وحوكم في كولونيا بتهمة التحريض على التمرد العسكري ..ثم تمت تبرئته ونفيه من ألمانيا وتم إيقاف مجلته الجديدة التي كان هو رئيس تحريرها.

في عام 1848، شهدت أوروبا ثورة عندما قامت الطبقة العاملة في فرنسا بالسيطرة على السلطة من الملك لويس. وقامت الحكومة الثورية باستدعاء ماركس للبقاء في فرنسا بعدما طردته حكومات فرنسية سابقة. وعندما أفلت شعلة الحكومة الثورية الفرنسية في عام 1849، انتقل ماركس للعيش في لندن وقام بكتابة الكثير من المؤلفات التي تعنى بالسياسة و الإقتصاد. كما عمل كمراسل اوروبي لصحيفة "نيويورك تربيون" من موقعه في أوروبا و خلال هذه الفترة كان قد قام بعدد من الأعمال وصنفت على أنها كلاسيكيات النظرية الشيوعية.

وتضمن هذا كتابه الأروع ( رأس المال ) في أجزائه الثلاثة والذي نشره انغلس عام 1885 بعد وفاة ماركس حيث كان عبارة عن مخطوطات وكراسات من الملاحظات وتضمنت تحليلا للنظام الرأسمالي والذي يبين فيه كيف أن التطور واستغلال العمال يتم بكل بساطة عن طرق أخذ القيمة المضافة—( القيمة المضافة هي القيمة التي تنتج عن طريق العمل على الشيء- من القطن في الحقل إلى قماش فاخر ..من دولار إلى 100 دولار وهي لا تشتمل على أجور التكلفة او الصيانة ..أي ليس لها علاقة بأجر الصيانة أو كلفة العمل وهي ليست الربح ...في ذلك الوقت لم يكن هناك تكنولوجيا ...حاليا القيمة المضافة تنتجها الآلات الحديثة ويأخذها أصحاب وسائل الانتاج).

وكان عمل ماركس التالي هو عن المجلس الوطني الفرنسي 1871 (كومون فرنسا كتاب الحرب الأهلية الفرنسية . حيث حلل خبرة هذا المجلس الثورية والتي شكلت في باريس خلال حرب فرانكو بروسيان . ومن خلال هذا العمل قام ماركس بترجمة شكل ووجود هذا المجلس على برهان وتأكيد تاريخي حتمي لنظريته. بأن من الضرورة الهامة والقصوة للعمال بأخذ زمام الحكم والوصول إلى قمة المراتب السياسية بتمرد مسلح. وبعدها العمل على تدمير الأسس التي تقوم عليها الطبقة الرأسمالية. ووضح ماركس بأنه ما بين الشيوعية والرأسمالية تقع تلك الفترة التي تعمل على تهيئة التحول الثوري وهذا التحول الذي سيشمل المناصب السياسية ستؤدي إلى حدوث دكتاتورية الطبقة العاملة ( البروليتاريا ).

السنوات الأخيرة

عندما تم حل عصبة الشيوعيين في عام 1852 ماركس استمر بمراسلة مئات الثوريين بهدف تشكيل منظمة جديدة. وهذه الجهود قد بلغت ذروتها في عام 1864 عندم تشكيل ( مجلس الأممية ) وسرعان ما بدأ العمل مع رفاقه على تشكيل أسسه ومبادئه وبرنامجه السياسي ولكن بعضا من أعضائه والذين كانوا قد أخمدت الرغبة الشيوعية فيهم كانوا قد رفضوا إنشاءه وهنا كان قد اقترح ماركس نقل مركز ( مجلس الأممية ) إلى الولايات المتحدة.

سنواته الثمانية الأخيرة كانت صراعا حقيقيا مع المرض والتي أعاقته عن طموحاته وأهدافه ومع ذلك كان بعد وفاته قد وجد بعضا من الملاحظات التي تم تجميعها واعادة نشرها كمجلد رابع لكتاب رأس المال ( ماركس ربط تكون رأس المال بالقيمة المضافة الناتجة عن علاقات الاناج ولم يجعله يقتصر على حالة تراكمية جامدة).

سيرة حياة ماركس
كارل ماركس 1818–1883

مؤسس الشيوعية العلمية وفلسفة المادية الجدلية والمادية التاريخية والاقتصاد السياسي العلمي، وزعيم ومعلم البروليتاريا العالمية. ولد في ترييف حيث أنهى المدرسة الثانوية في عام 1830، وبعد ذلك التحق بجامعة بون ثم جامعة برلين. وفي ذلك الوقت كانت نظرته العامة للعالم قد بدأت تتـشكل. وقد ترك الاتجاه اليساري في فلسفة هيغل أثره على تطور ماركس الروحي. لقد تمسك ماركس بالأفكار الديمقراطية الثورية فاتخذ موقفا يسارياً متطرفاً بين الهيغليين الشبان. وفي مؤلفه الأول الذي كان رسالته في نيل درجة دكتوراه في الفلسفة « الاختلاف بين فلسفة ديموقريطس الطبيعية وفلسفة أبيقور الطبيعية » (1841)، يخرج ماركس من فلسفة هيغل – رغم مثاليته – بنتائج جذرية وإلحادية للغاية. وفي عام 1842 أصبح ماركس عضواً في هيئة تحرير صحيفة « راينيش تسايتونغ » ثم أصبح فيما بعد رئيس تحريرها. وقد حول ماركس الصحيفة إلى أداة للديمقراطية الثورية. وخلال نشاطه العلمي وأبحاثه النظرية، اصطدم ماركس مباشرة بالفلسفة الهيغلية، بسبب اتجاهاتها التوفيقية ونتائجها السياسية المحافظة، ولسبب التفاوت بين مبادئها والعلاقات الاجتماعية الفعلية، ومهام تحويل هذه العلاقات. وفي هذا الصدام مع هيغل والهيغليين الشبان تحول ماركس إلى الموقف المادي، ولعبت معرفته بالتطورات الاقتصادية الحقيقية وفلسفة فيورباخ الدور الحاسم في عملية تحوله. وحدثت ثورة نهائية في نظرة ماركس العامة للعالم نتيجة لتغير في موقفه الطبقي، وانتقاله من الديمقراطية الثورية إلى الشيوعية الثورية (1844). وقد نتج هذا الانتقال عن تطور الصراع الطبقي في أوربا (وقد تأثر ماركس تأثراً كبيراً بالثورة السيليزية التي وقعت في ألمانيا عام 1844)، وعن اشتراكه في الصراع الثوري في باريس التي كان قد هاجر إليها بعد أن أغلقت صحيفته « راينيش تسايتونغ » (1843)، وعن دراسته للاقتصاد السياسي والاشتراكية الخيالية والتاريخ. وقد عبر عن موقفه الجديد في مقالين نشرا (1844) بعنوان « في نقد فلسفة الحقوق عند هيغل » هنا يكشف ماركس لأول مرة الدور التاريخي للبروليتاريا ويصل إلى النتيجة القائلة بحتمية الثورة الاجتماعية، وضرورة توحيد حركة الطبقة العاملة مع نظرة عامة علمية إلى العالم. وفي ذلك الوقت كان التقى ماركس وانجلز وبدآ يصوغان بطريقة منهجية نظرة جديدة للعالم. وقد عُممت نتائج البحث العلمي والمبادئ الأساسية للنظرة الجديدة في المؤلفات التالية « المخطوطات الاقتصادية والفلسفية » (1844) – « العائلة المقدسة » (1845) – « الإيديولوجيا الألمانية » (1845–1846) وقد كتبه ماركس بالاشتراك مع انجلز – « أطروحات حول فيورباخ » (1845). وأول كتاب في الماركسية الناضجة « بؤس الفلسفة » (1847) وتشكلت الماركسية كعلم متكامل يعكس وحدة كل الأجزاء المكونة لها. وفي عام 1847 كان ماركس يعيش في بروكسل حيث انضم إلى جمعية دعائية سرية كانت تسمى عصبة الشيوعيين، وقام بدور نشط في المؤتمر الثاني للعصبة. ووضع ماركس وانجلز – بناء على طلب المؤتمر – « بيان الحزب الشيوعي » (1848) وفيه استكمالا توضيح الماركسية. إن هذا المؤلف « يضع الخطوط العريضة لتصور جديد للعالم، هو المادية المتماسكة، وهو تصور يضم أيضاً مجال الحياة الاجتماعية والجدل، باعتباره أكثر نظريات التطور شمولاً وعمقاً، ونظرية صراع الطبقات، ونظرية الدور الثوري التاريخي العالمي للبروليتاريا – خالقة المجتمع الشيوعي الجديد » (لينين). إن المادية الجدلية والتاريخية فلسفة علمية على الحقيقة – تمتزج فيها امتزاجا عضويا المادية والجدل، الفهم التاريخي للطبيعة والمجتمع، التعاليم عن الوجود والمعرفة النظرية والممارسة. وقد جعل هذا في الإمكان التغلب على الطبيعة الميتافيزيقية لمادية ما قبل الماركسية والتأمل الملازم لها، واعتبارها الانسان مركزا للكون وفهمها المثالي للتاريخ. وفلسفة ماركس هي أكثر المناهج كغاية لإدراك العالم وتغييره. وقد أثبت تطور التطبيق والعلم في القرنين التاسع عشر والعشرين – بطريقة مقنعة – تفوق الماركسية على كل أشكال المثالية والمادية الميتافيزيقية. وقد زاد مذهب ماركس قوة باعتباره الشكل الوحيد للايديولوجية البروليتارية خلال النضال ضد جميع أنواع التيارات غير العلمية المناهضة للبروليتاريا، والبورجوازية الصغيرة. ويتميز نشاط ماركس بالتشيع (للطبقة العملة)، وعدم الاستعداد للمصالحة مع أي انحراف عن النظرية العلمية. وقد اشترك ماركس بدور فعال في النضال التحرري للبروليتاريا. فخلال ثورة 1848–1849 في ألمانيا كان في مقدمة النضال السياسي، ودافع دفاعا حازما عن موقف البروليتاريا بصفته رئيسا لتحرير الصحيفة التي أسسها. وعندما نفي من ألمانيا في عام 1849 استقر مؤقتا في لندن. وبعد حل عصبة الشيوعيين (1852) واصل ماركس نشاطه في الحركة البروليتارية عاملا من أجل خلق « الأممية الأولى » (1864) وكان نشيطا في هذا التنظيم، وكان يتابع عن كثب تقدم الحركة الثورية في جميع البلدان، وأبدى اهتماما خاصا بروسيا. وقد ظل ماركس حتى آخر يوم من أيام حياته يعيش في خضم الأحداث المعاصرة. وأتاح له هذا المعلومات التي لا غنى عنها لتطوير نظريته. وكانت تجربة الثورات البرجوازية في أوروبا في 1848–1849 ذات أهمية كبرى في تطوير ماركس لنظرية الثورة الاشتراكية وصراع الطبقات، ولفكرة دكتاتورية البروليتاريا، وتكتيكات البروليتاريا في الثورة البرجوازية، وضرورة تحالف العمال والفلاحين « الصراعات الطبقية في فرنسا » (1850) والتدمير الحتمي لأداة الدولة البورجوازية (« الثامن عشر من برومير لويس بونابرت » 1852). وعندما درس ماركس تجربة كومونة باريس (« الحرب الأهلية في فرنسا » 1871) اكتشف شكلا لدولة دكتاتورية البروليتاريا، وحلل بعمق الإجراءات التي اتخذتها سلطة أول دولة لدكتاتورية البروليتاريا. وفي كتابه « نقد برنامج غوتا » (1875) أحدث ماركس مزيدا من التطور في نظريته في الشيوعية العلمية. كتابه الرئيسي هو « رأس المال »: نشر المجلد الأول منه عام 1867، والثاني نشره انجلز عام 1885 والثالث في عام 1894، وقد وضع خلق الاقتصاد السياسي العلمي للشيوعية. أما الأهمية الفلسفية لكتاب « رأس المال » فلا مثيل لها. فهو يجسد المنهج الجدلي في البحث بصورة رائعة. وقد وضع ماركس في صورة موجزة في مقدمته لكتاب « نقد الاقتصاد السياسي » (1859) – وهو واحد من أوائل مؤلفاته في الاقتصاد – جوهر الفهم المادي من فرض إلى علم. وتحتوي مراسلات ماركس على الكثير مما يميز فلسفته. ولم يسبق قط أن تأكد مذهب على هذا النحو في التطبيق، كالمذهب الذي وضعه ماركس. وقد طور لينين – إلى جانب تلاميذه وأتباعه – الماركسية في ظل ظروف تاريخية جديدة