ساحل العاج المسكوت عنه في صراع الزعامة!
مرسل: السبت نوفمبر 17, 2012 1:44 pm
هل تتجه ساحل العاج إلى حرب أهلية مفتوحة تضع الشمال ذي الأغلبية المسلمة في مواجهة الجنوب ذي الأغلبية المسيحية الوثنية ؟
وكيف تحول هذا البلد الواقع في غرب إفريقيا ( والذي يشكل المسلمون حوالي 55% من سكانه ) من نموذج للتنمية والاستقرار السياسي، والتعايش السلمي بين المسلين والمسيحيين ، إلى ساحة للصراع السياسي ، وأرض خصبة للنزاعات العرقية والكراهية الدينية ؟
الواقع أن كل المؤشرات تدل اليوم على أن الأوضاع تتجه نحو المزيد من التصعيد بسبب تعنت الرئيس السابق لوران جباجبو الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، ورفضه تسليم السلطة لخصمه ومنافسه القوي الزعيم السياسي الحسن واتارا ، الذي يحظى بدعم واعتراف المجموعة الدولية
لكن.. كيف وصلت العلاقة بين الحسن ولوران جباجبو إلى نقطة اللاعودة ؟ وماذا عن الصلات الخفية بين الرجلين اللذين شغلا الساحة السياسية في ساحل العاج ، ومثلا محور التحالفات والاستقطاب السياسي طيلة العقدين الماضيين ؟
حول هذا الموضوع كتب "تانجي بيرثيميت" من صحيفة لوفيجارو الفرنسية مقالا تحليليا جاء فيه:
خلال المواجهة التلفزيونية التي جمعتهما في 25 نوفمبر الماضي قبل ثلاثة أيام من موعد إجراء الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية ، ظهر المتنافسان الحسن واتارا ولوران جباجبو مبتسمين ويتبادلان عبارات المجاملة ، ويخاطب كل منهما الآخر بعبارة " أخي وشقيقي " !
في تلك اللحظة لم يشك أي من المتنافسين في أنه سيكون الفائز في جولة الإعادة هذه، وربما كان ذلك مبعث ارتياحه خلال المواجهة التلفزيونية .
أما الطرف الثالث في هذه المعركة الانتخابية ، الرئيس السابق هنري كونان بيدييه - والمقصي في الشوط الأول من الانتخابات - فقد اختار دعم الحسن واتارا في الشوط الثاني ، من أجل إلحاق الهزيمة بخصمه السياسي لوران جباجبو الذي يجد نفسه اليوم وحيدا في مواجهة الجميع .
معركة السلطة اليوم في ساحل العاج هي قبل كل شيء معركة خلافة الرئيس السابق هوفيت بونييه ( أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال ) . فالأمر إذن يتعلق بمواجهة مفتوحة بين خليفة هوفيت بونييه "هنري كونان بيدييه " ورئيس وزرائه الوحيد الحسن واتارا ، وآخر خصومه السياسيين لوران جباجبو .
25 سنة من المواجهات والانقلابات العسكرية والحرب الأهلية كانت كافية كي تسود نزعات الحقد ، وروح الكراهية في المشهد السياسي في ساحل العاج .
وقد بدأت معالم المواجهة ترتسم منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي عندما تحالف رئيس الوزراء آنذاك الحسن واتارا مع رئيس البرلمان وقتها هنري كونان بيدييه لقطع الطريق أمام المرشح لوران جباجبو .
وفي شهر فبراير 1992 - وعقب مسيرة احتجاجية لأنصاره تعاملت معها قوات الأمن بكل صرامة – تم اعتقال زعيم المعارضة حينها لوران جباجبو حيث حكم عليه بالسجن النافذ 8 أشهر ، وهي الحادثة التي يبدو أن جباجبو غير مستعد لنسيانها أبدا .
وقد فجرت وفاة الرئيس السابق للبلاد هوفيت بونييه عام 1993 صراعا من نوع آخر لخلافته بين رئيس الوزراء الحسن واتارا ، وحليفه الحالي هنري كونان وهي المواجهة السياسية التي انتهت لصالح هذا الأخير بتنصيبه رسميا رئيسا لساحل العاج .
فشل إذن الحسن واتارا في خلافة الرئيس المؤسس هوفيت بونييه ، وتم إقصاؤه من واجهة المشهد السياسي في ساحل العاج ، مما أدى لحدوث شرخ عميق في الحزب الديمقراطي لساحل العاج ( الحزب الحاكم وقتها ) .
اعتبر لوران جباجبو أن الفرصة أصبحت سانحة لإقامة تحالف جديد مع خصمه بالأمس الحسن واتارا فكانت "الجبهة الجمهورية" الإطار السياسي الجديد لقوى المعارضة .
وهكذا أعلنت الجبهة الجمهورية - بقيادة واتارا وجباجبو - مقاطعة الانتخابات الرئاسية عام 1995 ، كما كانت أهم القوى السياسية الداعمة للانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال روبير جاي وأطاح بنظام الرئيس هنري كونان بيدييه عام 1999 .
لكن تحالف الخصمين التقليديين لم يصمد طويلا حيث سقط عند أول اختبار جدي له خلال الانتخابات الرئاسية عام 2000 ، والتي استطاع لوران جباجبو بدهائه استبعاد حليفه بالأمس الحسن واتارا من المشاركة فيها بدعوى أصوله البوركينابية.
تلك إذن كانت بداية القطيعة بين حليفي الأمس القريب ، وجاءت المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد نظام الرئيس لوران جباجبو عام 2002 ، لتؤكد القطيعة التامة بين الرجلين ، وتعمق الخلاف الذي أصبحت تغذيه الكراهية المتنامية بين الطرفين ، هذا على الرغم من بقاء "قنوات اتصال" سرية في الدوائر المقربة من الزعيمين السياسيين . وهي قنوات الاتصال التي تسعى بعض الجهات اليوم لإعادة تفعيلها بهدف احتواء الموقف وتدارك الأزمة المتفجرة .
والواقع أن التجارب الماضية تؤكد لنا دائما أن المصالح المشتركة في مجال المال والأعمال تمثل أفضل ضامن للصلات الشخصية ، والصفقات السياسية في ساحل العاج .
المصدر: الشرقية أون لاين
وكيف تحول هذا البلد الواقع في غرب إفريقيا ( والذي يشكل المسلمون حوالي 55% من سكانه ) من نموذج للتنمية والاستقرار السياسي، والتعايش السلمي بين المسلين والمسيحيين ، إلى ساحة للصراع السياسي ، وأرض خصبة للنزاعات العرقية والكراهية الدينية ؟
الواقع أن كل المؤشرات تدل اليوم على أن الأوضاع تتجه نحو المزيد من التصعيد بسبب تعنت الرئيس السابق لوران جباجبو الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة ، ورفضه تسليم السلطة لخصمه ومنافسه القوي الزعيم السياسي الحسن واتارا ، الذي يحظى بدعم واعتراف المجموعة الدولية
لكن.. كيف وصلت العلاقة بين الحسن ولوران جباجبو إلى نقطة اللاعودة ؟ وماذا عن الصلات الخفية بين الرجلين اللذين شغلا الساحة السياسية في ساحل العاج ، ومثلا محور التحالفات والاستقطاب السياسي طيلة العقدين الماضيين ؟
حول هذا الموضوع كتب "تانجي بيرثيميت" من صحيفة لوفيجارو الفرنسية مقالا تحليليا جاء فيه:
خلال المواجهة التلفزيونية التي جمعتهما في 25 نوفمبر الماضي قبل ثلاثة أيام من موعد إجراء الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية ، ظهر المتنافسان الحسن واتارا ولوران جباجبو مبتسمين ويتبادلان عبارات المجاملة ، ويخاطب كل منهما الآخر بعبارة " أخي وشقيقي " !
في تلك اللحظة لم يشك أي من المتنافسين في أنه سيكون الفائز في جولة الإعادة هذه، وربما كان ذلك مبعث ارتياحه خلال المواجهة التلفزيونية .
أما الطرف الثالث في هذه المعركة الانتخابية ، الرئيس السابق هنري كونان بيدييه - والمقصي في الشوط الأول من الانتخابات - فقد اختار دعم الحسن واتارا في الشوط الثاني ، من أجل إلحاق الهزيمة بخصمه السياسي لوران جباجبو الذي يجد نفسه اليوم وحيدا في مواجهة الجميع .
معركة السلطة اليوم في ساحل العاج هي قبل كل شيء معركة خلافة الرئيس السابق هوفيت بونييه ( أول رئيس للبلاد بعد الاستقلال ) . فالأمر إذن يتعلق بمواجهة مفتوحة بين خليفة هوفيت بونييه "هنري كونان بيدييه " ورئيس وزرائه الوحيد الحسن واتارا ، وآخر خصومه السياسيين لوران جباجبو .
25 سنة من المواجهات والانقلابات العسكرية والحرب الأهلية كانت كافية كي تسود نزعات الحقد ، وروح الكراهية في المشهد السياسي في ساحل العاج .
وقد بدأت معالم المواجهة ترتسم منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي عندما تحالف رئيس الوزراء آنذاك الحسن واتارا مع رئيس البرلمان وقتها هنري كونان بيدييه لقطع الطريق أمام المرشح لوران جباجبو .
وفي شهر فبراير 1992 - وعقب مسيرة احتجاجية لأنصاره تعاملت معها قوات الأمن بكل صرامة – تم اعتقال زعيم المعارضة حينها لوران جباجبو حيث حكم عليه بالسجن النافذ 8 أشهر ، وهي الحادثة التي يبدو أن جباجبو غير مستعد لنسيانها أبدا .
وقد فجرت وفاة الرئيس السابق للبلاد هوفيت بونييه عام 1993 صراعا من نوع آخر لخلافته بين رئيس الوزراء الحسن واتارا ، وحليفه الحالي هنري كونان وهي المواجهة السياسية التي انتهت لصالح هذا الأخير بتنصيبه رسميا رئيسا لساحل العاج .
فشل إذن الحسن واتارا في خلافة الرئيس المؤسس هوفيت بونييه ، وتم إقصاؤه من واجهة المشهد السياسي في ساحل العاج ، مما أدى لحدوث شرخ عميق في الحزب الديمقراطي لساحل العاج ( الحزب الحاكم وقتها ) .
اعتبر لوران جباجبو أن الفرصة أصبحت سانحة لإقامة تحالف جديد مع خصمه بالأمس الحسن واتارا فكانت "الجبهة الجمهورية" الإطار السياسي الجديد لقوى المعارضة .
وهكذا أعلنت الجبهة الجمهورية - بقيادة واتارا وجباجبو - مقاطعة الانتخابات الرئاسية عام 1995 ، كما كانت أهم القوى السياسية الداعمة للانقلاب العسكري الذي قاده الجنرال روبير جاي وأطاح بنظام الرئيس هنري كونان بيدييه عام 1999 .
لكن تحالف الخصمين التقليديين لم يصمد طويلا حيث سقط عند أول اختبار جدي له خلال الانتخابات الرئاسية عام 2000 ، والتي استطاع لوران جباجبو بدهائه استبعاد حليفه بالأمس الحسن واتارا من المشاركة فيها بدعوى أصوله البوركينابية.
تلك إذن كانت بداية القطيعة بين حليفي الأمس القريب ، وجاءت المحاولة الانقلابية الفاشلة ضد نظام الرئيس لوران جباجبو عام 2002 ، لتؤكد القطيعة التامة بين الرجلين ، وتعمق الخلاف الذي أصبحت تغذيه الكراهية المتنامية بين الطرفين ، هذا على الرغم من بقاء "قنوات اتصال" سرية في الدوائر المقربة من الزعيمين السياسيين . وهي قنوات الاتصال التي تسعى بعض الجهات اليوم لإعادة تفعيلها بهدف احتواء الموقف وتدارك الأزمة المتفجرة .
والواقع أن التجارب الماضية تؤكد لنا دائما أن المصالح المشتركة في مجال المال والأعمال تمثل أفضل ضامن للصلات الشخصية ، والصفقات السياسية في ساحل العاج .
المصدر: الشرقية أون لاين