- الجمعة نوفمبر 23, 2012 1:39 pm
#55250
لا يزال تراثنا العربي القيم في المشرق والمغرب ينعم بثراء بالغ سواء في اتجاهاته الفكرية والأدبية أو من خلاله مفكريه الذين يقدمون لنا معاني أكثر شمولا من خلال أبحاثهم عن الذات والطبيعة والأخلاق والقضاء والقدر والخير والشر والجبر والاختيار وغيرها. سواء كانت تتسم بالطابع الإنساني أو الفلسفي ، أو تتعرض لما هو أبعد من ذلك ونقصد البعد الإلهي و الروحي.
ولعلنا حين نتناول أراء أهل المدينة الفاضلة يقفز إلى الذهن أسماء تتوالى أعمالهم في ملحمة تبرز مدى الثراء الذي يحظى به هذا الفكر العربي فنجد "أراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي،ورسالة المتوحد لابن باجة،وحى بن يقظان لابن طفيل ،وان كان هؤلاء يجمعون بين كل من البعد الإنساني والإلهي أو المادي والروحي في تفسيرهم لتلك المدينة الفاضلة إلا أنه وبالقياس لا يتساوى مقدار هذين البعدين فقد يقوى الأول أو يضعف ، أو يطغى أحدهما على الأخر.
فالكم الإلهي عند الفارابي يكاد يكون طاغيا بوازع انصرافه عن الدنيا ، بينما الغلبة عند ابن باجة للكم الإنساني ، لاحتفاله بالعقل والوجود المادي ،بقدر اكبر من احتفاله بالقلب والذوق، على حين نجد ابن طفيل يخطو خطوات أكبر من ذلك فهو يعبر عن رؤيته الفلسفية التي يلتقي فيها الشرع مع العقل.
ابن طفيل هو أبو بكر محمد بن عبد الملك بن طفيل ولد على الأرجح في 1099 في قرية قادش بالأندلس وتوفى في مراكش في 1185 وعملة الرائع "حي بن يقظان" قصة فلسفية تتضافر فيها المجالات الطبيعية والإلهية بشكل أكثر ارتباطا من ارتباطها في الفلسفيات الأخرى .
وبشيء موجز استطاع بن طفيل أن يصل إلى حقيقة مفادها أن السعادة والشقاء في عالم الخلود رهن بالفعل الإنساني في الحياة الدنيا ، كما انه رهن بإدراك الإنسان التلقائي بوجود الله.
فقد استطاع حي بن يقظان أن يهتدي بمفرده في الجزيرة المهجورة إلى الله ، من خلال المحسوسات والتجارب التي تعرض لها.وفى هذا إعلاء للفطرة والعقل ،بلا وساطة من موروثات أو مكتسبات خارج النفس والتفكير.
هذا الفكر الأدبي ليس بالغريب على الطبيعة البشرية ولكن الظروف التي عايشها هؤلاء المفكرين ومن ضمنهم بن طفيل جعلت من هذا الفكر أداة أو وسيلة تنقذ البشر من براثن الانحلال والاضمحلال خاصة بعد سقوط دولة المرابطين بتوجهها الديني المتعصب الذي اشتد فيه نفوذ الفقهاء ورجال الدين ، وإعلاء لواء العقل في ظل دولة الموحدين وان كانت هي الأخرى رغم ثرائها الثقافي الإبداعي كانت تعانى من انحلال في الأخلاق وفوضى سياسية واجتماعية وسوء في الأحوال الاقتصادية.
ونطالع في قصة ابن طفيل مجموعة من القضايا الأخرى مثل النشوء والارتقاء ،العلاقة بين الجسد والنفس، انبثاق الفكر تلقائيا بين الرشد والضلال ، والارتفاع بهذا الفكر إلى مستوى التفكير في الخالق أمام موت الظبية التي حنت على حي بن يقظان ورعته.
وعلى غرار ما تمثله قصة حي بن يقظان الفردية في تتابعها الزمني ، فإنها تمثل تطور الإنسانية في أدوارها المتتابعة. وحياة حي بن يقظان المعبرة عن فلسفة ابن طفيل مثال للحياة الراقية لكنها تعكس ميله إلى العزلة ورفضه للعامة ، وان كان هذا ليس بالأمر الذي يجب أن تتسم به حياة البشر إلا أن أدب ابن طفيل يتميز يتعدد مستوياته التي تعبر عنها الحداثة المادية المحسوسة والأحداث المجردة ، الواقع وما فوق الواقع ، وان شئت قل الطبيعي والمرئي وما وراء الطبيعي و غير المرئي.
مما يؤسف له أن المترجمين القدماء منذ القرن السابع عشر وعدد كبير من المستشرقين المحدثين ، كانوا أكثر إنصافا من العرب القدماء في الالتفات إلى ابن طفيل وتقدير قصته الرائعة والوقوف على الآثار الكبيرة التي تركتها هذه القصة في الفكر الإنساني.
نحن أمام فيلسوفا مفكرا و قاضيا فلكيا وطبيبا أقل ما يقال عنه أنه أعظم أثار الأدب العربي وهذا ما وصفة به الكاتب الأسباني " منتدث بيلايو"فى كتابة " أصول الرواية".وهذا إنما يفصح عن فردية هذا الرجل الفذة كنه أسطورة من أساطير التراث العربي.
في تعريف ابن طفيل للزمن نجده يقول عنه : هل هو شيء حدث بعد إن لم يكن وخرج إلي الوجود بعد العدم ؟. أو كان موجودا فيما سلف ولم يسبقه العدم.
ولعلنا حين نتناول أراء أهل المدينة الفاضلة يقفز إلى الذهن أسماء تتوالى أعمالهم في ملحمة تبرز مدى الثراء الذي يحظى به هذا الفكر العربي فنجد "أراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي،ورسالة المتوحد لابن باجة،وحى بن يقظان لابن طفيل ،وان كان هؤلاء يجمعون بين كل من البعد الإنساني والإلهي أو المادي والروحي في تفسيرهم لتلك المدينة الفاضلة إلا أنه وبالقياس لا يتساوى مقدار هذين البعدين فقد يقوى الأول أو يضعف ، أو يطغى أحدهما على الأخر.
فالكم الإلهي عند الفارابي يكاد يكون طاغيا بوازع انصرافه عن الدنيا ، بينما الغلبة عند ابن باجة للكم الإنساني ، لاحتفاله بالعقل والوجود المادي ،بقدر اكبر من احتفاله بالقلب والذوق، على حين نجد ابن طفيل يخطو خطوات أكبر من ذلك فهو يعبر عن رؤيته الفلسفية التي يلتقي فيها الشرع مع العقل.
ابن طفيل هو أبو بكر محمد بن عبد الملك بن طفيل ولد على الأرجح في 1099 في قرية قادش بالأندلس وتوفى في مراكش في 1185 وعملة الرائع "حي بن يقظان" قصة فلسفية تتضافر فيها المجالات الطبيعية والإلهية بشكل أكثر ارتباطا من ارتباطها في الفلسفيات الأخرى .
وبشيء موجز استطاع بن طفيل أن يصل إلى حقيقة مفادها أن السعادة والشقاء في عالم الخلود رهن بالفعل الإنساني في الحياة الدنيا ، كما انه رهن بإدراك الإنسان التلقائي بوجود الله.
فقد استطاع حي بن يقظان أن يهتدي بمفرده في الجزيرة المهجورة إلى الله ، من خلال المحسوسات والتجارب التي تعرض لها.وفى هذا إعلاء للفطرة والعقل ،بلا وساطة من موروثات أو مكتسبات خارج النفس والتفكير.
هذا الفكر الأدبي ليس بالغريب على الطبيعة البشرية ولكن الظروف التي عايشها هؤلاء المفكرين ومن ضمنهم بن طفيل جعلت من هذا الفكر أداة أو وسيلة تنقذ البشر من براثن الانحلال والاضمحلال خاصة بعد سقوط دولة المرابطين بتوجهها الديني المتعصب الذي اشتد فيه نفوذ الفقهاء ورجال الدين ، وإعلاء لواء العقل في ظل دولة الموحدين وان كانت هي الأخرى رغم ثرائها الثقافي الإبداعي كانت تعانى من انحلال في الأخلاق وفوضى سياسية واجتماعية وسوء في الأحوال الاقتصادية.
ونطالع في قصة ابن طفيل مجموعة من القضايا الأخرى مثل النشوء والارتقاء ،العلاقة بين الجسد والنفس، انبثاق الفكر تلقائيا بين الرشد والضلال ، والارتفاع بهذا الفكر إلى مستوى التفكير في الخالق أمام موت الظبية التي حنت على حي بن يقظان ورعته.
وعلى غرار ما تمثله قصة حي بن يقظان الفردية في تتابعها الزمني ، فإنها تمثل تطور الإنسانية في أدوارها المتتابعة. وحياة حي بن يقظان المعبرة عن فلسفة ابن طفيل مثال للحياة الراقية لكنها تعكس ميله إلى العزلة ورفضه للعامة ، وان كان هذا ليس بالأمر الذي يجب أن تتسم به حياة البشر إلا أن أدب ابن طفيل يتميز يتعدد مستوياته التي تعبر عنها الحداثة المادية المحسوسة والأحداث المجردة ، الواقع وما فوق الواقع ، وان شئت قل الطبيعي والمرئي وما وراء الطبيعي و غير المرئي.
مما يؤسف له أن المترجمين القدماء منذ القرن السابع عشر وعدد كبير من المستشرقين المحدثين ، كانوا أكثر إنصافا من العرب القدماء في الالتفات إلى ابن طفيل وتقدير قصته الرائعة والوقوف على الآثار الكبيرة التي تركتها هذه القصة في الفكر الإنساني.
نحن أمام فيلسوفا مفكرا و قاضيا فلكيا وطبيبا أقل ما يقال عنه أنه أعظم أثار الأدب العربي وهذا ما وصفة به الكاتب الأسباني " منتدث بيلايو"فى كتابة " أصول الرواية".وهذا إنما يفصح عن فردية هذا الرجل الفذة كنه أسطورة من أساطير التراث العربي.
في تعريف ابن طفيل للزمن نجده يقول عنه : هل هو شيء حدث بعد إن لم يكن وخرج إلي الوجود بعد العدم ؟. أو كان موجودا فيما سلف ولم يسبقه العدم.