عمر بن عبدالعزيز .. ) .
مرسل: السبت نوفمبر 24, 2012 10:31 pm
عدله
* اشتهرت خلافة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم فيها العدل والرخاء في أرجاء الدولة الاموية حتي أن الرجل كان ليخرج الذكاة من أمواله فيبحث عن الفقراء فلا يجد من في حاجة اليها 0 كان عمر رحمه الله قد جمع جماعة من الفقهاء والعلماء وقال لهم : " إني قد دعوتكم لأمر هذه المظالم التي في أيدي أهل بيتي , فما ترون فيها ؟ فقالوا : ياأمير المؤمنين : إن ذلك أمراً كان في غير ولايتك, وإن وزر هذه المظالم علي من غصبها " , فلم يرتح عمر إلي قولهم وأخذ بقول جماعة آخرين منهم ابنه عبد الملك الذي قال له : أري أن تردها إلي أصحابها ما دمت قد عرفت أمرها , وإنك إن لم تفعل كنت شريكاً للذين أخذوها ظلماًَ , فاستراح عمر لهذا الرأي وقام يرد المظالم لأهلها 0
وعن عطاء بن رباح قال : حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز : أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه, سالت دموعه , فقالت ياأمير المؤمنين , ألشئ حدث ؟ قال : يافاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلي الله عليه وسلم فتفكرت في الفقير الجائع , والمريض الضائع , والعاري المجهود , والمظلوم المقهور , والغريب المأسور , وذي العيال في أقطار الأرض , فعلمت أن ربي سيسألني عنهم , وأن خصني دونهم محمد صلي الله عليه وسلم , فخشيت أن لا تثبت لي حجة عن خصومته , فرحمت نفسي فبكيت 0 كان شديد المحاسبة لنفسه ورعاً تقياً كان يقسم تفاحاً أفاءه الله علي المسلمين , فتناول ابن له صغير تفاحة , فأخذها من فمه , وأوجع فمه فبكي الطفل الصغير , وذهب لأمه فاطمة فأرسلت من أشتري له تفاحاً وعاد إلي البيت وما عاد معه بتفاحة واحدة , فقال لفاطمة : هل في البيت تفاح ؟ إني أشم الرائحة , فقالت لا , وقصت عليه القصة قصة ابنها - فذوقت عيناه بالدموع وقال : والله لقد انتذعتها من فم ابني وكأنما انتزعها من قلبي , لكن كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فئ المسلمين قبل أن يقسم الفئ 0
تواضعه وذهده *
اشتهي عمر تفاحاً , فقال لو كان لنا شئ من التفاح , فإنه طيب الرائحة طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدي إليه تفاحاً فلما جاء به قال عمر : ما أطيب ريحه وأحسنه , أرفعه ياغلام فاقرئ فلانا منا السلام وقال له :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب 0 فقال الرجل : ياأمير المؤمنين , ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة , فقال : ويحك , إن الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة 0
وعن بشير بن الحارث قال : أطري رجل عمر بن عبد العزيز في وجهه , فقال له عمر :ياهذا لو عرفت من نفسي ما أعرف منها ما نظرت في وجهي 0
* * * سياسته الداخلية * * *
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخلافة تمرس بالادارة والياً وحاكماً , واقترب من صانعي القرار , ورأي عن كثب كيف تدار الدولة , وخبر الاعوان والمساعدين , فلما تولي الخلافة كان لديه من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه علي تحمل المسئولية ومباشرة مهام الدولة , وأضاف إلي ذلك أن ترفع عن أبهة الحكم ومباهج السلطة , وحرص علي المال العام , وحافظ علي الجهد والوقت , ودقق في إختيار الولاة , وكانت لديه رغبة صادقة في تطبيق العدل 0
وخلاصة القول أن عمر بن عبد العزيز لم يكن رجل زهد وولاية وجد نفسه فجأة خليفة , بل كان رجل دولة استشعر الأمانة وراقب الله فيما أوكل إليه , وتحمل المسئولية لدولته الكبيرة بجد واجتهاد , فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير 0
وكان يختار ولاته بعد تدقيق شديد , ومعرفة كاملة بقدراتهم وأخلاقهم , فلا يلي عنده منصباً إلا من رجحت كفته كفاءة وعلماً وإيماناً , وحسبك أن تستعرض أسماء من أختارهم لولاياته , فتجد فيهم العالم الفقيه , والسياسي البارع , والقائد الفاتح , من أمثال أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم , أمير المدينة وقاضيها , والجراح بن عبد الله الحكيمي , أمير البصرة , وكان قائداً فاتحاً وإدارياً عظيماً وعابداً قائداً , والسمح بن مالك أمير الأندلس , وكان قائداً فداً , استشهد علي أرض الأندلس , وكان باقي ولاته علي هذه الدرجة من القدرة والكفاءة 0
وكان عمر لا يكتفي بحسن الاختيار بعد دراسة وتجربة , بل كان يتابع ويراقب , لكن مراقبته لم تكن مراقبة المتهم بل كان يراقب تطبيق السياسة العامة التي وضعها للدولة 0
وإذا كان قد أخذ نفسه بالشدة والحياة الخشنة فإنه لم يلزم بها ولاته بل وسع عليهم في العطاء وفرض لهم رواتب جيدة تحميهم من الأنشغال بطلب الرزق وتصرفهم عن الانشغال بأحوال المسلمين , كما منعهم من الإشتغال بالتجارة , وأعطي لهم الحرية في إدارة شئون ولاتهم , فلا يشاورونه إلا في الامور العظيمة وكان يظهر ضيقه من الولاة إذا استوضحوه في الأمور الصغيرة 00 كتب إليه أحد الولاة يستوضح منه أمراً لايحتاج إلي قرار من الخليفة , فضاق منه عمر , وكتب إليه " أما بعد , فأدراك لو أرسلت إليك أن أذبح شاة , ووزع لحمها علي الفقراء , لأرسلت إلي تسألني : كبيرة أم صغيرة ؟ فإن أجبتك أرسلت تسأل : بيضاء أم سوداء ؟ إذا أرسلت إليك بأمر , فتبين وجه الحق منه , ثم أمضه "
* اشتهرت خلافة عمر بن عبد العزيز بأنها الفترة التي عم فيها العدل والرخاء في أرجاء الدولة الاموية حتي أن الرجل كان ليخرج الذكاة من أمواله فيبحث عن الفقراء فلا يجد من في حاجة اليها 0 كان عمر رحمه الله قد جمع جماعة من الفقهاء والعلماء وقال لهم : " إني قد دعوتكم لأمر هذه المظالم التي في أيدي أهل بيتي , فما ترون فيها ؟ فقالوا : ياأمير المؤمنين : إن ذلك أمراً كان في غير ولايتك, وإن وزر هذه المظالم علي من غصبها " , فلم يرتح عمر إلي قولهم وأخذ بقول جماعة آخرين منهم ابنه عبد الملك الذي قال له : أري أن تردها إلي أصحابها ما دمت قد عرفت أمرها , وإنك إن لم تفعل كنت شريكاً للذين أخذوها ظلماًَ , فاستراح عمر لهذا الرأي وقام يرد المظالم لأهلها 0
وعن عطاء بن رباح قال : حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز : أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه, سالت دموعه , فقالت ياأمير المؤمنين , ألشئ حدث ؟ قال : يافاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلي الله عليه وسلم فتفكرت في الفقير الجائع , والمريض الضائع , والعاري المجهود , والمظلوم المقهور , والغريب المأسور , وذي العيال في أقطار الأرض , فعلمت أن ربي سيسألني عنهم , وأن خصني دونهم محمد صلي الله عليه وسلم , فخشيت أن لا تثبت لي حجة عن خصومته , فرحمت نفسي فبكيت 0 كان شديد المحاسبة لنفسه ورعاً تقياً كان يقسم تفاحاً أفاءه الله علي المسلمين , فتناول ابن له صغير تفاحة , فأخذها من فمه , وأوجع فمه فبكي الطفل الصغير , وذهب لأمه فاطمة فأرسلت من أشتري له تفاحاً وعاد إلي البيت وما عاد معه بتفاحة واحدة , فقال لفاطمة : هل في البيت تفاح ؟ إني أشم الرائحة , فقالت لا , وقصت عليه القصة قصة ابنها - فذوقت عيناه بالدموع وقال : والله لقد انتذعتها من فم ابني وكأنما انتزعها من قلبي , لكن كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فئ المسلمين قبل أن يقسم الفئ 0
تواضعه وذهده *
اشتهي عمر تفاحاً , فقال لو كان لنا شئ من التفاح , فإنه طيب الرائحة طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدي إليه تفاحاً فلما جاء به قال عمر : ما أطيب ريحه وأحسنه , أرفعه ياغلام فاقرئ فلانا منا السلام وقال له :إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب 0 فقال الرجل : ياأمير المؤمنين , ابن عمك ورجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة , فقال : ويحك , إن الهدية كانت للنبي وهي لنا اليوم رشوة 0
وعن بشير بن الحارث قال : أطري رجل عمر بن عبد العزيز في وجهه , فقال له عمر :ياهذا لو عرفت من نفسي ما أعرف منها ما نظرت في وجهي 0
* * * سياسته الداخلية * * *
قبل أن يلي عمر بن عبد العزيز الخلافة تمرس بالادارة والياً وحاكماً , واقترب من صانعي القرار , ورأي عن كثب كيف تدار الدولة , وخبر الاعوان والمساعدين , فلما تولي الخلافة كان لديه من عناصر الخبرة والتجربة ما يعينه علي تحمل المسئولية ومباشرة مهام الدولة , وأضاف إلي ذلك أن ترفع عن أبهة الحكم ومباهج السلطة , وحرص علي المال العام , وحافظ علي الجهد والوقت , ودقق في إختيار الولاة , وكانت لديه رغبة صادقة في تطبيق العدل 0
وخلاصة القول أن عمر بن عبد العزيز لم يكن رجل زهد وولاية وجد نفسه فجأة خليفة , بل كان رجل دولة استشعر الأمانة وراقب الله فيما أوكل إليه , وتحمل المسئولية لدولته الكبيرة بجد واجتهاد , فكان منه ما جعل الناس ينظرون إليه بإعجاب وتقدير 0
وكان يختار ولاته بعد تدقيق شديد , ومعرفة كاملة بقدراتهم وأخلاقهم , فلا يلي عنده منصباً إلا من رجحت كفته كفاءة وعلماً وإيماناً , وحسبك أن تستعرض أسماء من أختارهم لولاياته , فتجد فيهم العالم الفقيه , والسياسي البارع , والقائد الفاتح , من أمثال أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم , أمير المدينة وقاضيها , والجراح بن عبد الله الحكيمي , أمير البصرة , وكان قائداً فاتحاً وإدارياً عظيماً وعابداً قائداً , والسمح بن مالك أمير الأندلس , وكان قائداً فداً , استشهد علي أرض الأندلس , وكان باقي ولاته علي هذه الدرجة من القدرة والكفاءة 0
وكان عمر لا يكتفي بحسن الاختيار بعد دراسة وتجربة , بل كان يتابع ويراقب , لكن مراقبته لم تكن مراقبة المتهم بل كان يراقب تطبيق السياسة العامة التي وضعها للدولة 0
وإذا كان قد أخذ نفسه بالشدة والحياة الخشنة فإنه لم يلزم بها ولاته بل وسع عليهم في العطاء وفرض لهم رواتب جيدة تحميهم من الأنشغال بطلب الرزق وتصرفهم عن الانشغال بأحوال المسلمين , كما منعهم من الإشتغال بالتجارة , وأعطي لهم الحرية في إدارة شئون ولاتهم , فلا يشاورونه إلا في الامور العظيمة وكان يظهر ضيقه من الولاة إذا استوضحوه في الأمور الصغيرة 00 كتب إليه أحد الولاة يستوضح منه أمراً لايحتاج إلي قرار من الخليفة , فضاق منه عمر , وكتب إليه " أما بعد , فأدراك لو أرسلت إليك أن أذبح شاة , ووزع لحمها علي الفقراء , لأرسلت إلي تسألني : كبيرة أم صغيرة ؟ فإن أجبتك أرسلت تسأل : بيضاء أم سوداء ؟ إذا أرسلت إليك بأمر , فتبين وجه الحق منه , ثم أمضه "