الشؤون السياسية والعلاقات الخارجية ( الملك فيصل)
مرسل: السبت نوفمبر 24, 2012 11:39 pm
لقد سارت ثوابت السياسة الخارجية السعودية خلال حقبة الملك فيصل على نفس النهج التي وضع أساسها مؤسس وموحد المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز، ولكن المتغيرات الدولية المتلاحقة والمتعاقبة دائمًا تفرض إعادة النظر في التطوير والتحديث لسياسات الدول، وكما طرأ تحديث لهذه السياسة في عهد الملك سعود، فقد فرضت الظروف والأحداث تطوير تلك الثوابت وتحديثها في عهد الملك فيصل دون المساس بالجوهر الذي وضعه باني هذه الأمة ومؤسس كيانها، ولقد أكد على ذلك الملك فيصل عندما تسلم السلطة في عام 1384هـ حينما قال: "ولسنا أيضًا في حاجة لتكرار الأساس التقليدي الذي تسير عليه سياستنا الخارجية، فنحن منذ أن أسس هذه الدولة بانيها ووضع أساس نهضتها المغفور له الملك عبدالعزيز، قد أثبتنا في هذا المجال الدولي إيماننا بالسلام العالمي ورغبتنا في دعمه وتقويته ونشره في ربوع العالم، وكنا ولا نزال نفعل ذلك بوحي من تعاليم ديننا وتقاليدنا العربية الأصيلة، ونحن نؤيد الآن في سبيل ذلك نزع السلاح وتجنيب البشرية مخاطر الأسلحة الفتاكة، وندعو إلى حرية تقرير المصير لكل الشعوب وحل المنازعات الدولية بالوسائل المرتكزة على الحق والعدل.. ومن أهداف سياستنا الخارجية المعروفة التعاون إلى أقصى الحدود مع الدول العربية الشقيقة.. والسعي إلى تحرير جميع أجزاء الوطن العربي التي لا تزال تحت الاستعمار، والسير مع الدول الإسلامية في كل ما يحقق للمسلمين عزتهم ورفعة شأنهم".
لقد أكد الملك فيصل أن تصفية جميع الخلافات مع دول الجوار يعتبر من أولويات السياسة الخارجية السعودية، ولو كان ذلك سيتسبب في تقديم بعض التضحيات، وكانت مسألة الحدود مع دول مجلس التعاون من أهم الأمور التي ركز عليها الملك فيصل وحث على إنهائها بطرق سلمية وأخوية حتى لا تكون سببًا يجر المنطقة إلى ويلات الصراعات، وحتى تكون جدارًا منيعًا ضد تدخل القوى الأجنبية وزرع الفتن بين شعوب المنطقة الواحدة، وهو ما تم بالفعل مع دول الخليج العربي، حيث قاد الملك فيصل دول المنطقة إلى البدء بتصفية الخلافات ووضع حد للمشاكل الحدودية التي تعتبر من أخطر المعضلات في تاريخ الأمم والتي قامت معظم الحروب بسببها.
لقد كان الجلاء البريطاني من منطقة الخليج نهاية عام 1971م، عاملا هامًّا هيأ الفرصة لاتصال وتشاور مستمر بين كافة دول الخليج العربي بما فيها حديثة الاستقلال في ذلك الوقت، وبرز الملك فيصل كزعيم ذي أهمية كبيرة ليس فقط على المستوى الإقليمي وإنما على المستوى العالمي بما في ذلك العربي والإسلامي، وأولى اتصالاته بأمراء وشيوخ الخليج كل اهتمام وحرص، وقد أثارت مساندته القوية والمخلصة الداعية لاستقلال مشيخات الخليج حفيظة بريطانيا، كما وقف بكل قوة بوجه إيران على كافة المستويات لمنعها من ضم البحرين لها، بل إن سياسته وبعد نظره تجاه إيران وتعامله مع الشاه، ساعد بشكل كبير على إقناع طهران بالعدول والتخلي عن مطالبها بالبحرين وقبول مسألة الاستفتاء، والذي كان حتمًا يتجه نحو المطالبة القوية باستقلال البحرين وإعلانها كدولة مستقلة، وتميزت علاقات الرياض بالمنامة منذ قيام المملكة العربية السعودية بالاستقرار والتفاهم في معظم الأمور، وكانت البحرين من أوائل الدول الخليجية التي توصلت مع المملكة إلى حل سريع لمشكلة المياه الإقليمية، وذلك منذ عام 1958م.
وعندما تعثرت الوساطات لحل مشكلة البريمي التي اختلقتها بريطانيا، كانت مبادرة الملك فيصل عام 1974م الحل النهائي للمشكلة، وذلك عندما اتفقت مع دولة الإمارات على تسوية مشكلة الحدود والمناطق المتنازع عليها بشكل نهائي في 19 / 8 من نفس العام، بل إن الملك فيصلا أكد في ذلك الوقت أن المملكة لن تقف عند تصفية الخلافات الحدودية، والتي تم بالفعل معالجة الكثير منها، بل إنها مستعدة لزيادة التنسيق والتعاون الاقتصادي والفني والثقافي مع جميع دول الخليج، بما في ذلك الدول التي استقلت في عام 1971م وذلك من خلال التنسيق فيما بينها ضمن الاتفاقيات الثنائية والجماعية، وأكد على أن أهمية التنسيق في السياسات الخارجية، وكذلك الأمنية والبترولية تعتبر من أولويات تطلعاته لخدمة النظام السياسي الخليجي؛ لذا نجد أن السياسة الخارجية السعودية في الدائرة الخليجية في هذه الفترة ركزت على أربعة محاور، هي:
1 - تصفية الخلافات حول معظم المشاكل الناتجة عن الحدود.
2 - التنسيق والتعاون الاقتصادي بين المملكة ودول الخليج بغية إسعاد شعوبها ورفاهيتها.
3 - تنسيق سياستها الخارجية وخاصة في مجال البترول. 4 - العمل على إيجاد صيغة مقبولة لاتفاقيات أمنية تخدم استقرار الأنظمة السياسية لدول الخليج، وبالتالي ضمان استقرار ورفاهية شعوب المنطقة.
وكما ترجم حل العديد من قضايا الحدود في عهد الملك فيصل إلى واقع ملموس في وضع الحلول الدائمة أو المؤقتة لها، فإن المواضيع الأخرى سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية سارت باتجاه إيجابي وترجم العديد منها إلى واقع ملموس؛ لذا فقد عملت آنذاك المملكة العربية السعودية جاهدة لتغطية أوجه النقص في عملية التنمية في بعض دول الخليج، وعلى وجه الخصوص سلطنة عمان والبحرين، بنفس الوقت الذي بدا واضحًا أن تلك الدول والمملكة العربية السعودية بدأت في منتصف السبعينيات تتجه بشكل جدي لعقد اتفاقيات ثنائية وجماعية بينهما، وذلك إدراكًا منها أن الطريق الصحيح يتمثل بخلق جو تعاوني لحفظ الأمن والاستقرار والذي يعد ركيزة أساسية لتطوير التنمية والاستقرار ومحاربة التيارات التي تهدف إلى زرع الفتن وخلق عدم الاستقرار في المنطقة بما في ذلك الوقوف بوجه انتشار أيدلوجيات هدامة تسعى جاهدة لتقويض استمرارية بناء المجتمع الخليجي.
وبشكل عام فإن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي أخذت تتطور عبر السنين من حسن إلى أحسن، إذا ما استثنينا بعض الفتور من وقت لآخر مع بعض تلك الدول، وهذا أمر طبيعي جدًّا يحدث بين كافة دول العالم التي تتمتع بصداقات مثالية وتحالفية، وحتى إذا ما قورنت علاقات المملكة وبقية دول مجلس التعاون بدول إقليمية ودولية، فإننا نجد العلاقة بينهما بمثابة العلاقات المثالية والحميمة ورمز للتعاون لإدراك تلك المجموعة بأهمية المصير المشترك.
وحيث إن العلاقات بين المملكة وتلك الدول مرت بعدة مراحل من التطور والتعاون منذ تأسيس المملكة، فإن المراحل الثلاث، وهي مرحلة الملك عبدالعزيز وسعود وفيصل شكلت إطارًا مهما لدفع العلاقات إلى تطويرها بشكل أفضل وعلى أسس تتواكب مع المتغيرات الإقليمية والدولية، سواء تلك المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، وحيث إن تلك الأعمدة الثلاثة (الاقتصادية، السياسية، الأمنية) ذات أهمية قصوى في الترابط والتكامل لخلق منطقة آمنة مستقرة تقودها علاقة تعاون وتفاهم وسط الأسرة الخليجية الواحدة والتي تهدف إلى الوصول إلى وحدة تكاملية مستمدة من العبر والدروس التي مرت بها المنطقة ويمر بها العالم أجمع على كافة المستويات، فإن مسألة التعاون والتنسيق بين المملكة وبقية دول مجلس التعاون قائمة على روح من التفاهم والمصارحة بغية الوصول إلى الهدف المنشود.
لقد أكد الملك فيصل أن تصفية جميع الخلافات مع دول الجوار يعتبر من أولويات السياسة الخارجية السعودية، ولو كان ذلك سيتسبب في تقديم بعض التضحيات، وكانت مسألة الحدود مع دول مجلس التعاون من أهم الأمور التي ركز عليها الملك فيصل وحث على إنهائها بطرق سلمية وأخوية حتى لا تكون سببًا يجر المنطقة إلى ويلات الصراعات، وحتى تكون جدارًا منيعًا ضد تدخل القوى الأجنبية وزرع الفتن بين شعوب المنطقة الواحدة، وهو ما تم بالفعل مع دول الخليج العربي، حيث قاد الملك فيصل دول المنطقة إلى البدء بتصفية الخلافات ووضع حد للمشاكل الحدودية التي تعتبر من أخطر المعضلات في تاريخ الأمم والتي قامت معظم الحروب بسببها.
لقد كان الجلاء البريطاني من منطقة الخليج نهاية عام 1971م، عاملا هامًّا هيأ الفرصة لاتصال وتشاور مستمر بين كافة دول الخليج العربي بما فيها حديثة الاستقلال في ذلك الوقت، وبرز الملك فيصل كزعيم ذي أهمية كبيرة ليس فقط على المستوى الإقليمي وإنما على المستوى العالمي بما في ذلك العربي والإسلامي، وأولى اتصالاته بأمراء وشيوخ الخليج كل اهتمام وحرص، وقد أثارت مساندته القوية والمخلصة الداعية لاستقلال مشيخات الخليج حفيظة بريطانيا، كما وقف بكل قوة بوجه إيران على كافة المستويات لمنعها من ضم البحرين لها، بل إن سياسته وبعد نظره تجاه إيران وتعامله مع الشاه، ساعد بشكل كبير على إقناع طهران بالعدول والتخلي عن مطالبها بالبحرين وقبول مسألة الاستفتاء، والذي كان حتمًا يتجه نحو المطالبة القوية باستقلال البحرين وإعلانها كدولة مستقلة، وتميزت علاقات الرياض بالمنامة منذ قيام المملكة العربية السعودية بالاستقرار والتفاهم في معظم الأمور، وكانت البحرين من أوائل الدول الخليجية التي توصلت مع المملكة إلى حل سريع لمشكلة المياه الإقليمية، وذلك منذ عام 1958م.
وعندما تعثرت الوساطات لحل مشكلة البريمي التي اختلقتها بريطانيا، كانت مبادرة الملك فيصل عام 1974م الحل النهائي للمشكلة، وذلك عندما اتفقت مع دولة الإمارات على تسوية مشكلة الحدود والمناطق المتنازع عليها بشكل نهائي في 19 / 8 من نفس العام، بل إن الملك فيصلا أكد في ذلك الوقت أن المملكة لن تقف عند تصفية الخلافات الحدودية، والتي تم بالفعل معالجة الكثير منها، بل إنها مستعدة لزيادة التنسيق والتعاون الاقتصادي والفني والثقافي مع جميع دول الخليج، بما في ذلك الدول التي استقلت في عام 1971م وذلك من خلال التنسيق فيما بينها ضمن الاتفاقيات الثنائية والجماعية، وأكد على أن أهمية التنسيق في السياسات الخارجية، وكذلك الأمنية والبترولية تعتبر من أولويات تطلعاته لخدمة النظام السياسي الخليجي؛ لذا نجد أن السياسة الخارجية السعودية في الدائرة الخليجية في هذه الفترة ركزت على أربعة محاور، هي:
1 - تصفية الخلافات حول معظم المشاكل الناتجة عن الحدود.
2 - التنسيق والتعاون الاقتصادي بين المملكة ودول الخليج بغية إسعاد شعوبها ورفاهيتها.
3 - تنسيق سياستها الخارجية وخاصة في مجال البترول. 4 - العمل على إيجاد صيغة مقبولة لاتفاقيات أمنية تخدم استقرار الأنظمة السياسية لدول الخليج، وبالتالي ضمان استقرار ورفاهية شعوب المنطقة.
وكما ترجم حل العديد من قضايا الحدود في عهد الملك فيصل إلى واقع ملموس في وضع الحلول الدائمة أو المؤقتة لها، فإن المواضيع الأخرى سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية سارت باتجاه إيجابي وترجم العديد منها إلى واقع ملموس؛ لذا فقد عملت آنذاك المملكة العربية السعودية جاهدة لتغطية أوجه النقص في عملية التنمية في بعض دول الخليج، وعلى وجه الخصوص سلطنة عمان والبحرين، بنفس الوقت الذي بدا واضحًا أن تلك الدول والمملكة العربية السعودية بدأت في منتصف السبعينيات تتجه بشكل جدي لعقد اتفاقيات ثنائية وجماعية بينهما، وذلك إدراكًا منها أن الطريق الصحيح يتمثل بخلق جو تعاوني لحفظ الأمن والاستقرار والذي يعد ركيزة أساسية لتطوير التنمية والاستقرار ومحاربة التيارات التي تهدف إلى زرع الفتن وخلق عدم الاستقرار في المنطقة بما في ذلك الوقوف بوجه انتشار أيدلوجيات هدامة تسعى جاهدة لتقويض استمرارية بناء المجتمع الخليجي.
وبشكل عام فإن العلاقات بين المملكة العربية السعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي أخذت تتطور عبر السنين من حسن إلى أحسن، إذا ما استثنينا بعض الفتور من وقت لآخر مع بعض تلك الدول، وهذا أمر طبيعي جدًّا يحدث بين كافة دول العالم التي تتمتع بصداقات مثالية وتحالفية، وحتى إذا ما قورنت علاقات المملكة وبقية دول مجلس التعاون بدول إقليمية ودولية، فإننا نجد العلاقة بينهما بمثابة العلاقات المثالية والحميمة ورمز للتعاون لإدراك تلك المجموعة بأهمية المصير المشترك.
وحيث إن العلاقات بين المملكة وتلك الدول مرت بعدة مراحل من التطور والتعاون منذ تأسيس المملكة، فإن المراحل الثلاث، وهي مرحلة الملك عبدالعزيز وسعود وفيصل شكلت إطارًا مهما لدفع العلاقات إلى تطويرها بشكل أفضل وعلى أسس تتواكب مع المتغيرات الإقليمية والدولية، سواء تلك المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، وحيث إن تلك الأعمدة الثلاثة (الاقتصادية، السياسية، الأمنية) ذات أهمية قصوى في الترابط والتكامل لخلق منطقة آمنة مستقرة تقودها علاقة تعاون وتفاهم وسط الأسرة الخليجية الواحدة والتي تهدف إلى الوصول إلى وحدة تكاملية مستمدة من العبر والدروس التي مرت بها المنطقة ويمر بها العالم أجمع على كافة المستويات، فإن مسألة التعاون والتنسيق بين المملكة وبقية دول مجلس التعاون قائمة على روح من التفاهم والمصارحة بغية الوصول إلى الهدف المنشود.