منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية
#55357
مبادئ العلاقات الدولية في المنظور الإسلامي
إن التصور الذي يحكم العلاقات الدولية في المنظور الإسلامي ينطلق بشكل عام من الإطار الذي يحكم كل مناهج النظر في قضايا الوجود و الفكر و هو الإطار الذي يحدد ضوابط التطبيق الإنساني لتلك المناهج بما يحقق إرادة الله تعالى في اعمار الحياة على الأرض، ذلك أن الله سبحانه و تعالى قد شرع المنهج الإسلامي لكل البشرية في جميع أزمانها و أطوارها، ليكون ذلك أصلا ثابتا تتطور في حدوده و في إطاره.
و بالتالي فإن الثوابت الإسلامية هي التي تضبط الحركة البشرية و التصورات الحيوية، فلا ينفلت زمامها كما وقع لأوروبا عندما أفلتت من عروة العقيدة و يمكن النظر إلى جملة هذه الثوابت من خلال المبادئ التالية:
- أولا: التوحيد الإسلامي: ينفرد المنظور الإسلامي بتصور التوحيد الكامل، الخالص من بين سائر التصورات الإعتقادية و الفلسفية السائدة في جنيات الأرض و التوحيد "هو أول الثوابت الإسلامية و مصدر باقي المسلمات الفكرية و الإيمانية، طالبنا الحق سبحانه و تعالى به في أول ما نزل من آيات القرآن الكريم ليكون بمثابة نقطة الانطلاق و حجر الزاوية في بناء أي نسق عملي سليم، يوجه رؤية الإنسان الصائبة لحقائق الحياة و الفكر و الوجود و يساعده على فهم و قراءة كلمات الله القرآنية في كتابه المسطور و كلماته الكونية في كتابه المنظور"[1]
إن تأكيد هذه الحقيقة في منظور الفكر الإسلامي باعتبارها أهم مقومات الشخصية المسلمة فرديا و جماعيا يجعلها هي الضابط لمختلف التصورات و لمختلف التصرفات سواء في بعدها الذاتي أو فيما يربطها بغيرها من علاقات و بذلك يتحقق الانسجام الكامل بين الفكر و العمل بعيدا عن التصورات الفلسفية الوضعية المبنية أساسا على الفردية الإنسانية و المصلحة الخاصة.