أهمية التفكير الاستراتيجي في قيادة التغيير السياسي
مرسل: الاثنين نوفمبر 26, 2012 1:24 am
أهمية التفكير الاستراتيجي في قيادة التغيير السياسي
فإذا اعتبرنا التغيير السياسي تحولا تاريخيا يعني عملية تجديد شاملة في اتجاه حركة الشعب ومضمون نظامها السياسي، أي هو نتاج نهضة واعية وعامة للمجتمع تتوج بنظام حكم عادل، فإنه لا يكون كذلك إلا إذا استند على نظام تفكير يتسم بالعمق الاستراتيجي المصيري، لأن التحول التاريخي لا يحصل إلا إذا وُجِّهت عمليات بناء الأعمال الميدانية عند إنجاز مراحل ويوميات التغيير بنظر استراتيجي محكوم بغاية واضحة وضوحا تاما، وفاعلة في تدقيق مضامين كل حركة جزئية يومية. وهو ما يكشف الأهمية الكبيرة والحاجة العظمى لهذه الخاصية في نظام التفكير لدى قيادة التغيير لأنها تشيع مستوى من الوعي العام بالقضية الجامعة يتيح فرصة بناء الحوافز والدوافع نحو الحرية، ولذلك يتميز هذا النوع من التفكير بأربع خصائص هامة:
- الأولى: أنه تفكير غائي
أي له غاية جامعة وضامنة لتحقيق المصالح الضرورية للناس من حيث هم أفراد ومجتمعات؛ سواء من حيث نظام علاقاتها الداخلية أو نظام علاقاتها الخارجية، وكذلك ضامنة لتوازن هذه المصالح بما يحقق قيم العدل والحرية والكرامة.
فحينما يَنْشُد التفكير غاية واضحة وضامنة لهذه القواعد يستطيع أن ينجز أهدافا ويقيم مقاصد علمية وعملية تتجنب كل ما يؤثر سلبا على الحياة العامة والخاصة ويجلب كل ما يخدم هذه الحياة ويجعلها جميلة، حيث يحاصر فيها، إلى أبعد الحدود الممكنة، كل قيم الظلم والتظالم والفساد والإفساد والمسخ والعنف على الطبيعة والإنسان، ويشيع كل قيم النبل والعفة والجمال والأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان. وهو ما يقتضي وجود من يحمل وضوح هذه الغاية والقدرة على عرضها.
- الثانية: أنه تفكير عملي
أي أنه يحقق توازنا دقيقا بين الفكرة ومداها العملي، فهو لا ينجز أعمالا ومواقف لا قيمة ولا معنى لها، ولا يبني أفكارا وتصورات زائدة، فهناك تناسب دقيق بين مستوى التصورات ومستوى الأعمال؛ أي بين الفكرة وبين ما ينبني عليها عمليا، فإذا اكتشف أعمالا ومواقف فإنه يغطيها بما يناسبها من الأفكار والقواعد العلمية حفاظا على الاتجاه العام لحركة التغيير، أي لوجهة ومضمون التحول التاريخي، وهو المقصود في القرآن الكريم بمعنى "نبذ الترف"؛ فلا ترف في التفكير الاستراتيجي الصائب.
ولذلك كان دوما الترف باب الانهيارات الشاملة:
1. فكل فرد أصيب بمرض الترف، في الأفكار أو السلوكات، حتما يصاب بالانحراف، ومن ثمة سوء تقدير الموقف في اللحظة المناسبة لأن الترف يتعارض مع معنى الحكمة.
2. كل تنظيم سياسي أو مجتمعي، مهما كان حجمه وطبيعته، إذا أصيب بالترف، سواء من حيث الأفكار والتفكير أو الأعمال الزائدة أو التي في غير وقتها ومناسباتها، حتما يؤدي تراكم ذلك إلى فتنته التي تتمظهر في صور انشقاقات وتصدعات أفقية أو عمودية أو هذه مجتمعة.
3. على مستوى الأنظمة السياسية، أيا كانت طبيعتها وحجمها: قطرية، إقليمية، دولية... لائكية أو غير لائكية، إذا أصيبت بالترف في الفكر أو السياسة أو الاقتصاد...، حتما ستنهار مع مرور الزمن أو عند أي مستوى من مستويات الاهتزاز الحاد. وهو ما يعني أن التفكير الاستراتيجي لما ينبني على غاية واضحة ودقيقة المعنى يجنب الأشخاص والتنظيمات والأنظمة كل صور الانحرافات والانهيارات القاتلة.
- الثالثة: أنه تفكير واقعي
فحينما يستند المرء أو التنظيم أو النظام السياسي إلى نظام تفكير غائي فإنه يملك قوة هائلة على الانغراس في تفاصيل الواقع دون أن يصبح مجرد رقم أو جزء سلبي من أجزائه، خاصة إذا كان هذا الواقع يحتاج إلى عملية تغيير جذرية، أي عملية تحول تاريخي.
إن التفكير الاستراتيجي مهما أحاط بتفاصيل الواقع أيا كانت دقتها وحجمها، يبقى مشدودا إلى تلك الغاية الجامعة، ومن ثمة يوفر قوة اقتراحية هائلة للتغيير والإصلاح الحقيقيين، ويوفر الإجابات الممكنة والمناسبة للإشكالات العملية والعلمية المعيشة والمتوقعة.
الرابعة: أنه تفكير شمولي: ولا تعني هنا الشمولية الدلالة السياسية "الإيديولوجية" السائدة في خطاب اليوم، والتي تلغي قيم الحرية الحقيقية، وإنما تعني أن غائية التفكير نور كاشف وعمليته حكمة بالغة وواقعيته قوة ورحمة لا عنفا وجهلا، ذلك أن الغاية هنا لا تقف عند سقف الحياة السياسية والمجتمعية، وإنما تذهب مخترقة كل الحجب لتقف على معنى الموت وما بعد الحياة والموت لترجع إلى هنا، حيث مطلب التغيير الجذري والتحول التاريخي، لتعطيه معنى معرفيا وعمليا دقيقا عامرا بكل القيم السامية التي تبذل الغالي والنفيس من أجل أن يعيش الناس كرماء أحرارا كما ولدتهم أمهاتهم، وإنما حاملو القيم الرذيلة التي مصدرها الاستكبار والإفساد والمسخ والظلم، الذي يتعارض وكل جميل في الحياة، هم من يفسدون حياة الناس والأمم ويقحموها في صراعات هادمة ويصيروها جحيما محرقا.
إن الشمولية تضيف لهذا التفكير الاستراتيجي خاصية المصيرية، ولذلك غالبا ما أُردفُ في الحديث والبحث كلمة استراتيجي بكلمة مصيري تعبيرا عن هذه الحمولة العملية والمعرفية التي تصنع واقعا له ذوقه ومعناه الذي أصله: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
ومن ثمة تُوفر الشمولية بهذا المعنى قدرة كبيرة على استيعاب كل "سيناريوهات" التغيير المحتملة وغير المحتملة المتوقعة وغير المتوقعة لأنها تخوض في تفاصيل الواقع الإنساني بكل مستوياته وهي مشدودة إلى عمق استراتيجي مصيري جامع. والمصير هنا يشكل مصير الفرد بعد الموت، ويعني في الدلالة السياسية والمجتمعية وحدة الأمة وقوتها حيث يوفر التفكير الاستراتيجي المصيري تلازما وتكاملا وتناسقا وترابطا بين المصيرين، ويحقق توازنا بين جميع المصالح من خلال إنتاج فكر اجتهادي وإبداعي يغطي كل المجالات العلمية والمعرفية والعملية. وهو ما يفسر معنى القوة لدى كل فرد أو تنظيم أو نظام يتسم تدبيره بآلية التفكير الاستراتيجي المصيري بالمعنى المحدد. فليس الأمر تصلبا في الفكر والموقف وإنما سعة نظر وقوة اقتراح وتنفيذ على قواعد الحرية.
وهكذا تظهر قيمة هذا النمط من التفكير في قيادة التغيير.
فإذا اعتبرنا التغيير السياسي تحولا تاريخيا يعني عملية تجديد شاملة في اتجاه حركة الشعب ومضمون نظامها السياسي، أي هو نتاج نهضة واعية وعامة للمجتمع تتوج بنظام حكم عادل، فإنه لا يكون كذلك إلا إذا استند على نظام تفكير يتسم بالعمق الاستراتيجي المصيري، لأن التحول التاريخي لا يحصل إلا إذا وُجِّهت عمليات بناء الأعمال الميدانية عند إنجاز مراحل ويوميات التغيير بنظر استراتيجي محكوم بغاية واضحة وضوحا تاما، وفاعلة في تدقيق مضامين كل حركة جزئية يومية. وهو ما يكشف الأهمية الكبيرة والحاجة العظمى لهذه الخاصية في نظام التفكير لدى قيادة التغيير لأنها تشيع مستوى من الوعي العام بالقضية الجامعة يتيح فرصة بناء الحوافز والدوافع نحو الحرية، ولذلك يتميز هذا النوع من التفكير بأربع خصائص هامة:
- الأولى: أنه تفكير غائي
أي له غاية جامعة وضامنة لتحقيق المصالح الضرورية للناس من حيث هم أفراد ومجتمعات؛ سواء من حيث نظام علاقاتها الداخلية أو نظام علاقاتها الخارجية، وكذلك ضامنة لتوازن هذه المصالح بما يحقق قيم العدل والحرية والكرامة.
فحينما يَنْشُد التفكير غاية واضحة وضامنة لهذه القواعد يستطيع أن ينجز أهدافا ويقيم مقاصد علمية وعملية تتجنب كل ما يؤثر سلبا على الحياة العامة والخاصة ويجلب كل ما يخدم هذه الحياة ويجعلها جميلة، حيث يحاصر فيها، إلى أبعد الحدود الممكنة، كل قيم الظلم والتظالم والفساد والإفساد والمسخ والعنف على الطبيعة والإنسان، ويشيع كل قيم النبل والعفة والجمال والأمن والأمان والاستقرار والاطمئنان. وهو ما يقتضي وجود من يحمل وضوح هذه الغاية والقدرة على عرضها.
- الثانية: أنه تفكير عملي
أي أنه يحقق توازنا دقيقا بين الفكرة ومداها العملي، فهو لا ينجز أعمالا ومواقف لا قيمة ولا معنى لها، ولا يبني أفكارا وتصورات زائدة، فهناك تناسب دقيق بين مستوى التصورات ومستوى الأعمال؛ أي بين الفكرة وبين ما ينبني عليها عمليا، فإذا اكتشف أعمالا ومواقف فإنه يغطيها بما يناسبها من الأفكار والقواعد العلمية حفاظا على الاتجاه العام لحركة التغيير، أي لوجهة ومضمون التحول التاريخي، وهو المقصود في القرآن الكريم بمعنى "نبذ الترف"؛ فلا ترف في التفكير الاستراتيجي الصائب.
ولذلك كان دوما الترف باب الانهيارات الشاملة:
1. فكل فرد أصيب بمرض الترف، في الأفكار أو السلوكات، حتما يصاب بالانحراف، ومن ثمة سوء تقدير الموقف في اللحظة المناسبة لأن الترف يتعارض مع معنى الحكمة.
2. كل تنظيم سياسي أو مجتمعي، مهما كان حجمه وطبيعته، إذا أصيب بالترف، سواء من حيث الأفكار والتفكير أو الأعمال الزائدة أو التي في غير وقتها ومناسباتها، حتما يؤدي تراكم ذلك إلى فتنته التي تتمظهر في صور انشقاقات وتصدعات أفقية أو عمودية أو هذه مجتمعة.
3. على مستوى الأنظمة السياسية، أيا كانت طبيعتها وحجمها: قطرية، إقليمية، دولية... لائكية أو غير لائكية، إذا أصيبت بالترف في الفكر أو السياسة أو الاقتصاد...، حتما ستنهار مع مرور الزمن أو عند أي مستوى من مستويات الاهتزاز الحاد. وهو ما يعني أن التفكير الاستراتيجي لما ينبني على غاية واضحة ودقيقة المعنى يجنب الأشخاص والتنظيمات والأنظمة كل صور الانحرافات والانهيارات القاتلة.
- الثالثة: أنه تفكير واقعي
فحينما يستند المرء أو التنظيم أو النظام السياسي إلى نظام تفكير غائي فإنه يملك قوة هائلة على الانغراس في تفاصيل الواقع دون أن يصبح مجرد رقم أو جزء سلبي من أجزائه، خاصة إذا كان هذا الواقع يحتاج إلى عملية تغيير جذرية، أي عملية تحول تاريخي.
إن التفكير الاستراتيجي مهما أحاط بتفاصيل الواقع أيا كانت دقتها وحجمها، يبقى مشدودا إلى تلك الغاية الجامعة، ومن ثمة يوفر قوة اقتراحية هائلة للتغيير والإصلاح الحقيقيين، ويوفر الإجابات الممكنة والمناسبة للإشكالات العملية والعلمية المعيشة والمتوقعة.
الرابعة: أنه تفكير شمولي: ولا تعني هنا الشمولية الدلالة السياسية "الإيديولوجية" السائدة في خطاب اليوم، والتي تلغي قيم الحرية الحقيقية، وإنما تعني أن غائية التفكير نور كاشف وعمليته حكمة بالغة وواقعيته قوة ورحمة لا عنفا وجهلا، ذلك أن الغاية هنا لا تقف عند سقف الحياة السياسية والمجتمعية، وإنما تذهب مخترقة كل الحجب لتقف على معنى الموت وما بعد الحياة والموت لترجع إلى هنا، حيث مطلب التغيير الجذري والتحول التاريخي، لتعطيه معنى معرفيا وعمليا دقيقا عامرا بكل القيم السامية التي تبذل الغالي والنفيس من أجل أن يعيش الناس كرماء أحرارا كما ولدتهم أمهاتهم، وإنما حاملو القيم الرذيلة التي مصدرها الاستكبار والإفساد والمسخ والظلم، الذي يتعارض وكل جميل في الحياة، هم من يفسدون حياة الناس والأمم ويقحموها في صراعات هادمة ويصيروها جحيما محرقا.
إن الشمولية تضيف لهذا التفكير الاستراتيجي خاصية المصيرية، ولذلك غالبا ما أُردفُ في الحديث والبحث كلمة استراتيجي بكلمة مصيري تعبيرا عن هذه الحمولة العملية والمعرفية التي تصنع واقعا له ذوقه ومعناه الذي أصله: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
ومن ثمة تُوفر الشمولية بهذا المعنى قدرة كبيرة على استيعاب كل "سيناريوهات" التغيير المحتملة وغير المحتملة المتوقعة وغير المتوقعة لأنها تخوض في تفاصيل الواقع الإنساني بكل مستوياته وهي مشدودة إلى عمق استراتيجي مصيري جامع. والمصير هنا يشكل مصير الفرد بعد الموت، ويعني في الدلالة السياسية والمجتمعية وحدة الأمة وقوتها حيث يوفر التفكير الاستراتيجي المصيري تلازما وتكاملا وتناسقا وترابطا بين المصيرين، ويحقق توازنا بين جميع المصالح من خلال إنتاج فكر اجتهادي وإبداعي يغطي كل المجالات العلمية والمعرفية والعملية. وهو ما يفسر معنى القوة لدى كل فرد أو تنظيم أو نظام يتسم تدبيره بآلية التفكير الاستراتيجي المصيري بالمعنى المحدد. فليس الأمر تصلبا في الفكر والموقف وإنما سعة نظر وقوة اقتراح وتنفيذ على قواعد الحرية.
وهكذا تظهر قيمة هذا النمط من التفكير في قيادة التغيير.