صفحة 1 من 1

المتغيرات الدولية واثرها في القضية الأحوازية

مرسل: الخميس نوفمبر 29, 2012 3:28 pm
بواسطة ابراهيم الصبيحي 101
لاشك ان الكثير من ملامح العالم ومعالمه السياسية والثقافية وعلاقات الامم والشعوب بعضها ببعض قد شهدت تغيرا واسعة وهي ايضا اخذة بالتوسع لتنهي بذلك كل ما بنته القوة الاستعمارية من تشكل لدول ونظم ومصطلحات سياسية في القرن المنصرم.

وكان الأبرزفي معالم السياسية العالمية (طبقا لمفهوم النظام العالمي الجديد) الجديدة , هي اعادة تشكل نظم وخرائط سياسية مناقضة تماما لكل النظم والمفاهيم والمصطلحات التي سادة القرن الماضي , حيث حل مصطلح العولمة محل الامبريالية , ونظام السوق محل الرأسمالية , كما ان مصطلح دولة الامة الواحدة , اصبح يحل محله مصطلح دويلات الامة والشعوب المتأخية, وما الى ذلك من مصطلحات كثيرة اخرى ذات صلة بالنظام العالمي الجديد الذي ورغم ما تحقق له من تقدم على الصعد الثقافية , الانه مازال الى الان يواجه عقبات عديدة على الصعد الاقتصادية والسياسية في مناطق واسعة من العالم , ولو اخذنا بمنطقة الشرق الاوسط وبعض من اجزاء اسيا المجاورة لوجدنا ان هناك العديد من العقبات ماتزال تحد من تطبيق هذا النظام ( العالمي) حتى يصبح سائدا

وعلى سبيل المثال ماسميه بالعملية السلمية بين العرب - والكيان الصهيوني وبما ان امريكا هي راعية العملية والنظام العالمي في ان واحدالانها عجزت عن اتمام هذه العملية التي يعد انجازها احد اهم مرتكزات النظام العالمي الجديد .هذا بالأضافة الى ماواجهة امريكا من احداث واهمها على اطلاق لحد الان هي احداث 11سيبتمر وما اعقبتها من تجريد حملة عسكرية امريكية على بلد محطم الديار والبنا التحتية لتسقط فيه نظام حركة سياسية (طالبان) دون ان تتمكن من القضاء على وجودها , و ما اعقبه من تجريد حملة سياسية واعلامية وتحشد عسكري هائل استعدادا لضرب العراق وتغير نظام الحكم فيه على غرار ما حدث في افغانستان , حيث ترى امريكا ان هذا النظام يشكل عقبة حقيقية في اتمام مايسمى بالعملية السلمية, .

هذه الحملة التي تعد لها امريكا قد تصور لها بعض المحللين والخبراء السياسين والاقتصاديين سناريوهاة عدة من ضمنهاتغير الخارطة الجغرافية لهذا البلد الذي يضم في حضنه اقليات اثنية ودينية عديدة , وبناء عراق جديد ممزق الاوصال متوحد في خدمت المصالحة الامريكا . هذا في حال صحة رؤى واضعي هذه السناريوهات, حيث انها لحد الان لم تأتي على لسان اي مسؤول امريكي رسمي ولهذا تبقى هذه السناريوهات في دائرة التكهنات , غير انها ليست بمستبعدة ايضا كونها تتقاطع ومنطلقات النظام العالمي الامريكي الجديد .

ولكن السؤال الذي من الممكن ان يتبادر الى ذهن القارىء وهو ماالمراد من هذه المقدمة المستفيضة التي يرى القارىء انها قد تكون بعيدة عن عنوان المقال .

لذا نقول اننا وددنا ان تكون هذه المقدمة مدخلا للحديث عن قضية منسية او ربما مغيبة عن مخيلة العالم ولاوجود لها الا في ضمائر الشعب الأحوازي وحده ويعاني من تبعاتها وهو يسعى لحلها والوصول الى حيث تحقيق اهدافه وبلوغ غاياته في نيل حريته وسيادته على نفسه مثله بذلك مثل سائر الشعوب الحرة في العالم .

وحيث ان هذا الشعب يعيش ضمن منظومة اقليمية تعد من اهم مناطق العالم حساسية وذلك لحتوائها على ثلثي الطاقة , فمن هنا لايمكن لنا الحديث عن هذه القضية ومعانات هذا الشعب بمعزل عن ما يدور في العالم عامة والمنظومة الاقليمية خاصة, ولهذا جاء ت المقدمة تحضيرا للحديث عن القضية الأحوازية وموقعها من الاحداث الجارية حاليا.

المقدمة الثانية :

لقد مر اكثر من سبعة عقود من الزمن والشعب الأحوازي يعيش تحت بطش سلطة الدولة الفارسية التي مكنتها القوى الاستعمارية انذاك من الاستيلاء على الأحواز وقد قاوم الأحوازيون هذا الضم رافضين ان يتخلوا عن سيادتهم على انفسهم وينسلخواعن هويتهم ويذوبوا في دولة وثقافة اعجمية , إلا انه ورغم جميع هذه المحاولات الجريئة التي تمثلت بانتفاضات وثورات عد يدة فانه لم يتمكن من تحرير نفسه من قيود الأغتصاب الفارسي وذلك لعدة اسباب , اهمها غياب توازن القوى بين هذاالشعب والدولة الغاصبة , بالاضافة الى انه قاد نضاله منفردا دون ان يكون له اي ناصر او معين , وقد تخلى عنه الشقيق قبل الصديق وهو ما ادى الى بسط السلطة والهيمنة الفارسية التي راحت تضرب بالحديد والنار كل تحرك تحرري يصدر عن هذا الشعب الأعزل ألا من الارادة والتصميم , لقد تمكنت السلطة الغاصبة ونتيجة لقهرها من اخماد حركة الشعب الأحوازي وهوما ادى الى تراجع الروح النضالية في اوساط الجماهير وخيم عليها اليأس نتيجة لفشل الانتفاضات والثورات السابقة , وبماانه اصبحت للدولة الفارسية السلطة المطلقة واليد العليا على الاحوازيين , فقد راحت هذه الدولة تفرض مناهجها التربوية والتعليمية وقيمها الثقافية على العرب هناك وهو ما ادى ومع مرور الزمان الى نشوءاجيال احوازية لاعهد لها بالعلوم والاداب والمعارف العربية واصبحت الثقافة الفارسية المكون الاساسي لمفاهيمها الفكرية والمعرفية , كما ان العجمة قد اخذت مأخذها على لسان هذه الاجيال . لقد نشأت هذه الاجيال وهي لاتعرف عن ماضيها سوا انها عربية لاغير دون ان تعرف ان كان يترتب على ذلك حقوق وواجباة ام لا , ومن اين لها ان تعرف ذلك مادام انها فتحت اعينها وهي تر وتسمع كل ما يدور حولها من سلطة وتعليم وثقافة وإعلام جميعها فارسية ليس للعروبة والأحواز وجود فيها , الى جانب ذلك كله كان للصمت وتغيب القضية الأحوازية عن المسرح السياسي على الساحة الايرانية والعربية (الاماندر) , دورا كبيرا في اضعاف الحس القومي واحباط العمل الثوري لدى هذه الاجيال.

ولكن هذه الحالة لم تمنع من بروز حركات ثورية بين الفينة والأخرى محاولة منها لزرع الامل وابعاد حالة الياس لدى جماهير الشعب وكانت لأ د بيات هذه الحركات دورا في خلق نوع من الوعي القومي وتحريك الحس الثوري الذي ابقى القضية موجودة في ضمير الجماهير حية الى الان وذلك نتيجة لتضحيةابناء هذه الحركات الذين كانوا يواجهون بقساوة شديدة من قبل السلطة الغاصبة .

ولكن ورغم هذه القسوة و شدة الضربات الموجهة لها من قبل الانظمة الفارسية المتعاقبة , بقيت الحركة الآحوازية تسير في نضالها المبني على استراتيجية التحرر والخلاص من قيود الأغتصاب مستخدمة اشكال مختلفة من طرق النضال وذلك حسب الضروف السياسية الاقليمية للحفاظ على ماتقدر الحفاظ عليه من قيم قومية وروح ثورية في نفوس الجماهير وهو ما ابقا هذه الروح حية الىالان .

وهنا يجب ان ننحني اجلالا واكراما لأولأءك الابطال المناضلون الذين قدموا ماكانوا يملكون من نفس ونفيس في سبيل ان تبقى القضية شاخصة في نفوس وضمائر اهلها ولولا تلك التضحيات لما اصبح اليوم اسم لحركة سياسية وقضية احوازية , وان ما هو موجود اليوم يعود الفضل فيه الى اولاءك الذين منهم من ضحى بنفسه ومنهم من ضحى بحريته واخرون عاشوا مطاردون بعيدا عن الاهل والوطن .

ولكن التساؤل الذي يأتي مرادف للعرض الذي تقدم هو لماذا لم تنجح الحركة الأحوازية في تفعيل الشارع وابراز قضيتها وجعلها شاخصة وفاعلة ولو على الساحة الأيرانية على اقل تقدير ؟

في الواقع ان هذا التساؤل يقودنا الى معرفت كيف ان القوى العظمى لعبت دورا وما تزال تلعبه في ابقاء القضية الأحوازية حبيسة ذاتها ومغيبة عن مسرح الاحداث طوال القرن الماضي , وهنا يمكن ان نستشهد بعدد من الحوادث الدالة على ذلك . ومنها على سبيل المثال لا للحصر : حادثة اغتيال الشيخ جاسب الخزعل عند توجهه الى مقر عصبة الامم المتحدة انذاك , حامل شكوى عرب الاحواز من جور السلطات الشاهنشاهية واثناء توقفه في لندن تعرض الى الاغتيال عن طريق دس السم اليه من قبل المخابرات البريطانية( في الفندق الذي جعله محطة استراحة لرحلته الطويلة في طريقه الى المنظمة الدولية ولقاء امينها العام,) وذلك منعا لما قد يحدث من ضجة اعلامية وسياسية حول مسئلة الأحواز والتي كانت تعرف دوليابعربستان انذاك والتي كان لبريطانيا الدور الاكبر في ضمها لايران .

الحادثة الثانية: احباط محاولة طرح القضية الاحوازية على مجلس الجامعة العربية حيث حضي هذا المشروع بدعم سوريا والعراق الا ان الامين العام للجامعة انذاك الدكتور عبد الرحمن عزام رفض مناقشة المشروع وذلك بضغط امريكي - بريطاني .

اما الحادثةالثالثة: فقد جاء ت اثناء الحرب الأيرانية – العراقية حيث وبعد ان تمكن الجيش العراقي من تحرير بعض المدن والأراضي الأحوازية فقد تم انشاء حكومة مستقلة في هذه المناطق المحررة وقد سميت بحكومة عربستان وكان مقرها في مدينة الخفاجية وكان اول من اعترض على انشائها الاتحاد السوفياتي انذاك وهدد بقطع امدادات السلاح عن العراق اذا ما استمره في دعمه لهذه الحكومة وقد استجاب العراق للضغوط السوفياتية نظرا لحاجته الماسة لسلاح ذلك البلد كونه المصدر الاول للاسلحة العراقية .(ومن شهود العيان على هذه الحادثة من غير الأحوازيين هو اللواء عبد الامير عبيس وهو من الضباط العراقيين الذين كانوا قادة في تلك القواطع انذاك وهو الان في صفوف المعارضة العراقية في لندن ) .

هذا ناهيك عن الكثير من الشواهد الاخرى التي تثبت دور القوى الكبرى في خنق القضية الأحوازية وتغيبها عن المسرح السياسي , ومن بين هذه الدلائل غياب القضية الاحوازية في خطابات وبرامج العمل القومي للزعيم الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله , حيث ان هذا الرجل ورغم خطابتها القومية الكثيرة الانه لم ينطق ولو بكلمة واحدة عن القضية الأحوازية وكأنها ليست بقضية عربية . بالرغم من ان مصرفي عهده قد تصدرت الدول الداعمة للمعارضة الايرانية , وكانت حركة نهضة الحرية الايرانية صاحبة الحضوة لدى مصر عبد الناصر الذي حدد ثمانية اسئلة لقادة هذه الحركة والمعارضة الايرانية الاخرون عامة لمعرفت موقف الحركة والمعارضة الايرانية منها, وقد طرح عبد الناصر القضية الكردية ومسئلة الشيعة في العراق والموقف من (اسرائيل) دون ان يتطرق للقضية الأحوازية وذلك لمعرفته بأن هذه القضية لايمكنه التطرق اليها لكونها خارج اجندة القوى الدوليه وصاراعاتها في المنطقة . (لمعرفة التفاصيل الرجوع الى كتاب عبد الناصر والثورة الايرانية لمؤلفه السفير فتحي الديب)

ألمقدمة الثالثة :

الا يؤكد كل ما تقدم دور القوى الكبرى في تغيب القضية الأحوازية عن المسرح السياسي, والا مامعنى ان تثار مسئلة الاقلية التركمانية في العراق والذي لايتجاوز عدد نفوسها المليون نسمة جلهم جائوا في ظل الدولة العثمانية وسكنوا العراق وتحضى حركتهم اليوم بدعم ايراني وعربي وامريكي فيما يتم التعتيم على قضية الشعب العربي الأحوازي الذي يبلغ تعداد نفوسه اكثر من اربعة ملايين نسمة متمركزيين في قطرهم منذ الالف السنين .الايؤكد ذلك ان هناك ارادة دولية عظمى بعدم تغير الحالة القائمة عليها ما سمية بايران بعد ضم الأحواز اليها عام 1925م.

وما يؤكد هذا الرأىان امريكا عندما ارادة تغير نظام الشاه في ايران عبر دعمها لحركة المعارضة استثنت حركات التحرر الأحوازية والحركات المطالبة بالحقوق القومية الاخرى في ايران , بينما صبت جل دعمها على الحركات الفارسية اليسارية والقومية والدينية( لمعرفت ادق التفاصيل مراجعة كتاب ايران بين التاج والعمامة , لاحمد مهابة اخر ملحق ثقافي مصري في طهران ايام الرئيس المقتول انور السادات )

وهكذا هي اليوم (امريكا) ورغم اعلانها الخصومة مع النظام الايراني الا انها لم تقدم اي دعم لحركة الشعوب والقوميات الواقعة تحت سلطة الدولة الفارسية ومن بينها شعبنا العربي الأحوازي فيما نراها وقد قدمت كامل دعمها لشعوب والاقليات القومية المكونة للا تحاد اليوغسلافي من اجل اسقاط هذا الاتحاد وتفكيك هذه الدولة , كما انها اصبحت النائحة الباكية على المسلمين في كوسوفا وذلك من اجل اسقاط نظام الرئيس سلوبودان مسلوفيش . وهاهي اليوم تصبح الاب الودود لشيعة العراق والام الحنون لاكراده وتركمانه وسائر اقلياته . لكنها تقض الطرف عن كل ما يجري من مأسي على الشعوب والاقليات القومية الواقعة تحت سلطة الدولة الفارسية .

اذا ماتم عرضه الى الان يحيلون الى قراءة سياسة النظام العالمي الجديد للتفحصي عن مكانة للقضية الأحوازية في خرطة الاحداث والنظام الاقليمي القادم حيث ان ما شهدته قضايا مماثلة او مشابهة للقضية الأحوازية في مناطق من اروبا الشرقية واجزاء من شرق اسيا وافريقا العربية . ومنهاعلى سبيل المثال الاتفاق الأخذ بالأتمام بين الحكومة وابناء الجنوب السوداني والذي يقضي بمنح ابناء الجنوب حق تقرير المصير بعد خمسة اعوام من اكمال هذا الاتفاق , اضافة الى اتفاق السلام الذي تم بين حركة نمور التاميل والحكومة السرلانكية والذي قضى بمنح الحكم الذاتي للتاميل بعد عشرين عاما من الصراع الدموي ,وتحويل سرلانكا الى دولة فدرالية كذلك الاتفاق الذي جاي متزامنا مع اتفاق النمور وحكومت سريلانكا وهو اتفاق الحكومة الاندنوسية مع حركة اتشة الاستقلالية و الذي منح حق الحكم الذاتي لاقليم اتشة . جميع هذا الاتفاقيات الى جانب احداث مهمة اخرى ذات صلة تسترعي انتبها المتابع السياسي والذي يرى فيها تفائل في امكانية تحرك القضية الأحوازية على المستوى الداخلي والاقليمي فيمالو صحت السناريوهات المتوقعة للمنطقة برمتها .

الاان هذا الفائل يبقى تفائل مشروط بتحرك الشعب الأحوازي , حيث انه لاقيمت لاي خطة او سناريو بدون تحرك ذلك الشعب المراد مساعدته . وهنا يقع الفصل الاكبرمن اي خطة على عاتق هذا الشعب الذي يجب ان يقدم لنفسه اولا ويهييء الارضية والمناخ المولائم للأخير في مد يد العون له ثانيا.

ولهذا فأن شعبنا العربي الأحوازي مطالب اليوم اكثر من اي وقت مضى ان يكثف من تحركه السياسي ويصعد من المطالبه بحقوقه المغتصبة وعليه ان يجعل الشارع مسرحا لعمله النضالي وعليه ان يظهر بكل قوة واقتدار امام الرأي العام العالمي شعب صاحب قضية ويعاني اشد الاضطهاد الانساني والقومي , كاسرا حاجز الخوف والرعب الذي زرعته فية آلة القمع الفارسي ضاربا بعرض الحائط جميع العوائق المادية والنفسية التي تمعنة من التحرك , بما فيها تلك الصيحات وذلك النهيق الصادر من بعض المتلبسين بالعروبة والزي العربي الداعين للأستكانة والخنوع بأسم الاخوة المذهبية تارة وتارة اخرى بأسم العمل الثقافي ,او ذلك الهجيج الصادر من اصحاب الدعوات الخارمة بالسير خلف التيار الاصلاحي في النظام الفارسي العنصري على امل الحصول على بعض من الحقوق القومية التي يأملون الحصول عليها من خلال البكاء والعويل .



بقي علينا ان نلتمس مواقع الفرص ونستفيد منها والعاقل من اتعض بغيره