السماء
مرسل: الجمعة نوفمبر 30, 2012 3:36 am
...ﺳﻴﻌﺠﺐ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀ ﻭﻳﻘﻮﻟﻮﻥ: ﺍﺭﻓﻊ ﺭﺃﺳﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺗﺮَ ﻓﻮﻗﻚ ﺑﺤﺮًﺍ ﺃﺯﺭﻕ، ﻣﺎ ﻷﻭﻟﻪ ﺑﺪﺍﻳﺔ، ﻭﻻ ﻵﺧﺮﻩ ﻧﻬﺎﻳﺔ، ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺻﺎﺭ ﻣﻼﺀﺓ ﺳﻮﺩﺍﺀ، ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﺍﻟﺒﺼﺮ ﻃﺮﻓﻴﻬﺎ، ﻗﺪ ﻃُﺮِّﺯﺕ ﺑﻶﻟﺊ ﻣﻀﻴﺌﺔ، ﺗﻠﻤﻊ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ، ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻓﻬﻞ ﻳﺠﻬﻞ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺄﻝ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ. ﻣﺎ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﺍﻷﺯﺭﻕ ﺇﻻ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﻭﻟﻤﺎ ﺃﻃﻠﻖ ﺍﻟﺮﻭﺱ ﺃﻭﻝ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺍﺧﺘﺮﻗﺘﻪ ﺯُﻟﺰﻟﺖ ﻋﻘﻮﻝ ﻛﻨﺎ ﻧﺤﺴﺒﻬﺎ ﺃﺛﺒﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﻭﺧﻔَّﺖ ﺃﺣﻼﻡ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺛﻘﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﻭﺍﺳﻲ، ﻭﻛﺎﺩ ﺃﻗﻮﺍﻡ ﻳﻜﻔﺮﻭﻥ ﺑﻌﺪ ﺇﻳﻤﺎﻧﻬﻢ، ﻓﺤﺴﺒﻮﺍ- ﺟﻬﻠًﺎ ﻣﻨﻬﻢ- ﺃﻧﻬﻢ ﺷﺎﺭﻛﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻠﻜﻪ ﺑﻤﺎ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﺳﻴﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻗﻤﺮًﺍ ﺁﺧﺮ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ. ﻛﻨﺖ ﺃﺫﻳﻊ ﻳﻮﻣﺌﺬ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻣﻦ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺩﻣﺸﻖ، ﻓﻘﻠﺖ ﻣﻌﻠﻘًﺎ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ: ﺇﻧﻤﺎ ﻣﺜﻠﻜﻢ ﻭﻣﺜﻞ ﻗﻤﺮﻛﻢ ﻛﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻤﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻋﺎﺻﻒ، ﻓﺤﻤﻠﺖ ﻧﻤﻠﺔ ﻣﻨﻬﺎ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺶ، ﺛﻢ ﺃﻓﻠﺘﺘﻬﺎ ﻓﺤﻤﻠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺮﻳﺢ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﻋﺸﺮﺓ ﺃﻣﺘﺎﺭ، ﻓﻈﻨﺖ ﺍﻟﻨﻤﻠﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﺻﺎﺭﺕ ﻣﻦ ﺍﻵﻟﻬﺔ. ﻭﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺟﺎﺀ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻧﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻭﻗﻬﺮﻫﺎ، ﻓﺄﺫﻋﺖ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﺁﺧﺮ ﻗﻠﺖ ﻓﻴﻪ: ﺇﻥَّ ﺍﻟﻘﺸﺔ ﻣﺎ ﻃﺎﺭﺕ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻃﺒﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻣﺎ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﺣﺪ ﺃﻥ ﻳﻘﻬﺮ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭﺇﻥ ﻗﺎﻝ ﺫﻟﻚ ﺳﻔﺎﻫﺔ ﻭﺟﻬﻠًﺎ. ﻭﻗﺪ ﻧﺒَّﻬﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣَﻦ ﻳﺘﻨﺒَّﻪ؟! ﺃﻟﻢ ﺗﻘﺮﺀﻭﺍ ﺧﺒﺮ {ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺎﺝَّ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺭﺑِّﻪ ﺃﻥ ﺁﺗﺎﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﻠﻚ ﺇﺫ ﻗﺎﻝ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺭﺑﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﻴﻲ ﻭﻳﻤﻴﺖ ﻗﺎﻝ ﺃﻧﺎ ﺃﺣﻲ ﻭﺃﻣﻴﺖ}، ﺃﻱ ﺃﻧﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺮﺟﻞ ﺣُﻜﻢ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ، ﻓﻴﻌﻔﻮ ﻋﻨﻪ ﻓﻴﺤﻴﻴﻪ، ﻭﻳﻌﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﻓﻴﻘﺘﻠﻪ ﻓﻴﻤﻴﺘﻪ، ﻋﻠﻰ ﺃﻧَّﻪ ﻣﺎ ﺃﺣﻴﺎ ﻭﻻ ﺃﻣﺎﺕ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻨَّﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺒﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻋﻠﻴﻬﺎ، ﻓﻠﻤﺎ ﻃﻠﺐ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺨﺮﺝ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: {ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺎﻟﺸﻤﺲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺸﺮﻕ ﻓﺄﺕ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ} ﻣﺎﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺟﻮﺍﺑﻪ{ﻓﺒﻬﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻔﺮ}. ﻭﻟﻘﺪ ﻗﻠﺖ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺃﺣﺎﺩﻳﺜﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎﺋﺪﺓ ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ: ﺇﻥَّ ﻟﻜﻞ ﻋﺼﺮ ﻭﺛﻨﻴﺔ، ﻭﺇﻥَّ ﻭﺛﻨﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻭﺗﻘﺪﻳﺴﻪ، ﻭﺟﻌﻠﻪ ﻧﺪًّﺍ ﻟﻠﺪﻳﻦ. ﻭﻣﺎ ﺍﻟﻌﻠﻢ؟ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻋﻨﺪ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻫﻲ: ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﻤﺸﺎﻫﺪﺓ، ﺛﻢ ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ، ﺛﻢ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮﻓﺔ. ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻻﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ، ﻧﻴﻮﺗﻦ ﻣﺜﻠًﺎ ﺷﺎﻫﺪ ﺷﻴﺌًﺎ ﻳﺴﻘﻂ، ﻓﺮﺍﻗﺒﻪ ﻭﻻﺣﻈﻪ ﻭﻓﻜﺮ ﻓﻴﻪ، ﺛﻢ ﻓﺮﺽ ﻓﺮﺿﻴﺔ ﻭﺟﺎﺀ ﺑﻨﻈﺮﻳﺔ، ﺛﻢ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺨﺘﺒﺮ ﺻﺤﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﻈﺮﻳﺔ ﻣﻦ ﺑﻄﻼﻧﻬﺎ، ﻭﺻﻮﺍﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺌﻬﺎ، ﻓﻌﻤﺪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ، ﻓﺈﺫﺍ ﺍﺗﺤﺪﺕ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ، ﻭﻟﻮ ﺍﺧﺘﻠﻔﺖ ﺍﻟﺒﻠﺪﺍﻥ، ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ- ﻓﺬﻟﻚ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ . ﻭﺇﺫﺍ ﻗﻠﺖ (ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ) ﻓﻠﺴﺖ ﺃﻋﻨﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﻤﻘﺎﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺴﻔﻬﺎﺀ ﻭﺍﻟﺴﺨﻔﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﺖ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺻﻨﻌﺖ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﻋﻤﻠﺖ، ﺑﻞ ﺃﻋﻨﻲ ﺑﻘﻮﻝ (ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ) ﺃﻧَّﻪ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺒﺸﺮ، ﻭﺇﻻ ﻓﻤﺎ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ؟ ﺇﻥَّ ﻟﻔﻈﺔ ﻓﻌﻴﻠﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﻣﻔﻌﻮﻟﺔ، ﺃﻱ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻣﻄﺒﻮﻋﺔ، ﻭﻛﻞ ﻣﻄﺒﻮﻉ ﻻ ﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻃﺎﺑﻊ، ﻭﻗﺪ ﺑﻄﻠﺖ ﺍﻵﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻘﺎﻟﺔ، ﻭﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻋﺎﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ، ﻭﻫﻲ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﺑﺄﻥَّ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﺧﺎﻟﻘًﺎ ﺣﻜﻴﻤًﺎ ﻗﺎﺩﺭًﺍ ﺳﻤﻴﻌًﺎ ﺑﺼﻴﺮًﺍ، ﻭﺍﻗﺮﺀﻭﺍ ﺇﻥ ﺷﺌﺘﻢ ﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ) ﻭﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﻄﺐ ﻣﺤﺮﺍﺏ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ) ﻭﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃُﻟِّﻔﺖ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻋﻪ ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ. ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﻠﻢ، ﺛﻢ ﺇﻧَّﻨﺎ ﻟﻢ ﻧُﺆﺕَ ﻣﻨﻪ ﺇﻻ ﻗﻠﻴﻠًﺎ، ﻋﺮﻓﻨﺎ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ؟ ﻣﺎ ﻣﺎﻫﻴﺘﻬﺎ؟ ﻭﻋﺮﻓﻨﺎ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ﻭﻗﻮﺍﻧﻴﻨﻬﺎ ﻭﻇﻮﺍﻫﺮﻫﺎ، ﻭﺟﻌﻠﻨﺎﻫﺎ ﻋﻠﻤًﺎ ﻳُﺪﺭﺱ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺪﺍﺭﺱ ﻭﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺎﺕ، ﻭﺃﻟَّﻔﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺘﺒًﺎ ﻭﻣﺠﻠﺪﺍﺕ، ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻞ ﻋﺮﻑ ﺃﺣﺪ ﻣﺎﻫﻴﺔ ﺍﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺀ ... {ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻭﺗِﻴﺘُﻢ ﻣِّﻦَ ﺍﻟْﻌِﻠْﻢِ ﺇِﻟَّﺎ ﻗَﻠِﻴﻠًﺎ} ﺇﻥَّ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﺇﻧَّﻤﺎ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ﻇﺎﻫﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﺃﻣَّﺎ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭﺍﻟﻤﺎﻫﻴﺎﺕ ﻓﻠﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻋﻠﻤﻬﻢ... ﺇﻥَّ ﺍﻷﺭﺽ ﺫﺭﺓ ﺻﻐﻴﺮﺓ، ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺮﻓﻨﺎﻩ ﻣﻦ ﺧﺒﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ؟ ﻋﺮﻓﻨﺎ ﺑﻌﻠﻮﻣﻨﺎ ﻣﺎ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺃﻃﻔﺎﻝ ﻳﻠﻌﺒﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻃﺊ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ، ﺟﻤﻌﻮﺍ ﻗﻠﻴﻠًﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺻﺪﺍﻑ ﺍﻟﻤﻠﻮﻧﺔ، ﻭﻭﺿﻌﻮﺍ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ... ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻫﻞ ﺗﻨﻔﺬ ﻫﻲ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻮﺍﻟﻢ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ ﻋﻨﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻌﺮﻑ ﺇﻻ ﻟﻤﺤﺔ ﻋﻨﻬﺎ، ﺃﻡ ﻫﻲ ﻗﺎﺻﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﺍﻷﺭﺿﻲ ﻭﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﺑﻪ؟ﻟﺬﺍ ﺭﺟﻌﺖ ﺃﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻓﻠﻢ ﺃﺟﺪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻋﻠﻤًﺎ ﻣﻨﻪ، ﺇﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﺃﻃﻠﻌﻬﻢ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ...ﻓﻤﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ؟ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺏ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻼﻙ ﻓﺄﻇﻠﻚ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻬﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻳﺴﺒﺤﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ، ﻭﻫﺬﺍ ﺃﻣﺮ ﻗﺪ ﺻﺮﺡ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻓﻘﺎﻝ: {ﻭﻛﻞ ﻓﻲ ﻓﻠﻚ ﻳﺴﺒﺤﻮﻥ} ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻋﻨﺎ ﻳﺼﻞ ﻧﻮﺭﻫﺎ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻓﻲ ﻧﺤﻮ ﺛﻤﺎﻥ ﺩﻗﺎﺋﻖ؛ ﻷﻥَّ ﺍﻟﻨﻮﺭ ﻳﻘﻄﻊ ﻓﻲ ﻣﺴﻴﺮﺓ ﺛﻼﺛﻤﺎﺋﺔ ﺃﻟﻒ ﻛﻴﻞ (ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮ) ﻓﻲ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﺃﻱ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﺛﻤﺎﻥ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻀﻮﺋﻲ، ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺛﻠﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻓﻠﻮ ﺃﻧﻨﺎ ﺍﺳﺘﻄﻌﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺼﻨﻊ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺗﺴﻴﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﻀﻮﺀ (ﻭﻫﻲ ﺃﻗﺼﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﻣﻤﻜﻨﺔ، ﻓﺈﻥ ﺯﺍﺩﺕ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺫﻫﺐ ﺍﻟﺠﺴﻢ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺁﻳﻨﺸﺘﺎﻳﻦ، ﻭﺗﺤﻮﻝ ﻃﺎﻗﺔ) ﻟﺒﻠﻐﻨﺎ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﻓﻲ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻭﺛﻠﺚ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، ﻭﻟﻮﺻﻠﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻓﻲ ﺛﻤﺎﻥ ﺩﻗﺎﺋﻖ. ﻭﺃﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻠﺔ ﺍﻟﻈﻠﻤﺎﺀ (ﻭﻗﺪ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻨﺎ ﺃﺑﺪًﺍ) ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﺃﻟﻒ ﺃﻟﻒ (ﺃﻱ ﻣﻠﻴﻮﻧًﺎ) ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ ﺍﻟﻀﻮﺋﻲ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺒﻌﺪ ﻋﻨﺎ ﻣﺎﺋﺔ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﻭﺃﻟﻒ ﻣﻠﻴﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﻭﺃﻛﺜﺮ، ﻓﺎﺣﺴﺒﻮﺍ ﻛﻢ ﺛﻤﺎﻥ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻠﻎ ﺃﻟﻒ ﻣﻠﻴﻮﻥ؛ ﻟﺘﺘﺼﻮﺭﻭﺍ ﻛﻢ ﻫﻲ ﺃﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻤﺲ. ﺃﻣﺎ ﻛﺒﺮﻫﺎ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﻤﺮ ﺃﺻﻐﺮ ﻣﻦ ﺃﺭﺿﻨﺎ، ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻻ ﺗﻌﺪُّ ﺷﻴﺌًﺎ ﺇﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﻌﻤﻼﻗﺔ ﻣﺎ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺃﻟﻘﻴﺖ ﻓﻴﻪ ﻫﻲ ﻭﺳﻴﺎﺭﺍﺗﻬﺎ، ﻟﻜﺎﻧﺖ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻴﻪ ﻛﺤﺒﺔ ﺭﻣﻞ ﺃُﻟﻘﻴﺖ ﻓﻲ ﺑﻮﺍﺩﻱ ﻧﺠﺪ، ﺃﻭ ﻛﻘﻄﺮﺓ ﻣﺎﺀ ﻗﻄﺮﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ.ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻷﺟﺮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﺿﺨﺎﻣﺘﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻻ ﺗﺤﺼﻰ، ﻳﺰﻳﺪ ﻋﺪﺩﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ، ﻭﺗﺴﻴﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﻬﻮﻟﺔ، ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﻻ ﺗﺼﻄﺪﻡ ﺇﻻ ﺇﺫﺍ ﺍﺻﻄﺪﻣﺖ ﺳﺖ ﻧﺤﻼﺕ ﺗﻄﻴﺮ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺭﺽ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﺍﺳﻊ ﻭﺍﺳﻊ ﻛﺴﻌﺔ ﺟﻮ ﺍﻷﺭﺽ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺤﻼﺕ، ﻛﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﺆﻟﻒ ﻛﺘﺎﺏ (ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻟﻜﻬﺎ).ﻓﺄﻳﻦ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ؟ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺒَّﺮﻧﺎ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻴﺴﺖ ﺣﺪﻭﺩًﺍ ﻭﻫﻤﻴﺔ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﺟﺮﻡ ﺣﻘﻴﻘﻲ؛ ﻷﻧَّﻪ ﺳﻤﺎﻫﺎ ﺑﻨﺎﺀ، ﻭﻗﺎﻝ: {ﺑﻨﻴﻨﺎﻫﺎ} {ﺃﻓﻠﻢ ﻳﻨﻈﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻓﻮﻗﻬﻢ ﻛﻴﻒ ﺑﻨﻴﻨﺎﻫﺎ ﻭﺯﻳﻨﺎﻫﺎ}... ﻭﻗﺎﻝ: {ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﺑﻐﻴﺮ ﻋﻤﺪ ﺗﺮﻭﻧﻬﺎ} ﻭﻭﺻﻔﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺳﻘﻒ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻓﻘﺎﻝ: {ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺳﻘﻔﺎ}. ﻭﻗﺎﻝ: {ﻭﺍﻟﺴﻘﻒ ﺍﻟﻤﺮﻓﻮﻉ}ﻭﺟﻌﻞ ﻟﻬﺎ ﺃﺑﻮﺍﺑًﺎ ﺗُﻔﺘﺢ ﻭﺗُﻐﻠﻖ، ﻓﻘﺎﻝ: {ﻓﻔﺘﺤﻨﺎ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ}. ﻭ{ﻻ ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻬﻢ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ} ﻭﻧﻔﻰ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻨﺎﻓﺬ ﻏﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺑﻮﺍﺏ، ﻓﻘﺎﻝ: {ﻭﻣﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﻭﺝ} ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺗﻔﺘﺢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ، {ﻭﻓﺘﺤﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ} ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺗﻨﺸﻖ، {ﻓﺈﺫﺍ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻧﺸﻘﺖ} ﻭﺗﻨﻔﻄﺮ ﻭﺗﻜﺸﻂ، ﻭﺑﻴﻨﺖ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﺳﺒﻊ{ﻓﺴﻮﺍﻫﻦ ﺳﺒﻊ ﺳﻤﻮﺍﺕ}... ﻭﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺪ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻃﺒﺎﻗﺎ ﻗﺎﻝ: {ﺳﺒﻊ ﺳﻤﻮﺍﺕ ﻃﺒﺎﻗًﺎ}. ﻓﻠﻴﺴﺖ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﺧﻄﻮﻃًﺎ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﻫﻲ ﻣﺪﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ،ﻛﻤﺎ ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﻀﻼﺀ، ﺃﺧﻄﺆﻭﺍ ﻭﻣﺎ ﺃﺻﺎﺑﻮﺍ، ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺣﺎﺟﺰًﺍ ﻣﺘﺼﻮﺭًﺍ، ﺑﻞ ﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺭﺑﻨﺎ ﺑﻨﺎﺀ، ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺎﺩﺓ ﻣﺤﻴﻄﺔ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻭﻣﺎ ﻓﻴﻪ، ﻭﻟﻬﺎ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺗﻔﺘﺢ ﻭﺗﻐﻠﻖ، ﻭﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺮﺱ، ﻭﺇﺫﺍ ﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﻮﻋﺪ ﺗﻄﻮﻯ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻛﻄﻲ ﺍﻟﺴﺠﻞ ﻟﻠﻜﺘﺐ . ﺛﻢ ﺇﻥَّ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰَّ ﻭﺟﻞَّ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺑﻨﺎﺀ، ﻭﺃﻧﻬﺎ ﺳﻘﻒ ﻣﺮﻓﻮﻉ ﺃﻛﻤﻞ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ، ﻓﺠﻌﻞ ﻟﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﻘﻒ ﻣﺼﺎﺑﻴﺢ، ﻓﻘﺎﻝ: {ﻭﺯﻳﻨﺎ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻤﺼﺎﺑﻴﺢ}، ﻭﺻﺮَّﺡ ﺑﺄﻥَّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﻫﻲ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ. {ﺑﺰﻳﻨﺔ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ} ﻓﺪﻝَّ ﻋﻠﻰ ﺃﻥَّ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺼﺎﺑﻴﺢ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﻻ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﻘﻒ. ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺗﺒﻴﻦ ﻟﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﻛﻠِّﻪ؛ ﻣﻦ ﻧﺼﻮﺹ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﻤﺒﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﻣﻘﺮﺭﺍﺕ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻭﺗﻮﺍﺑﻌﻬﺎ (ﻭﻫﻦ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺃﺧﻮﺍﺗﻬﺎ)، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻷﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺤﺼﻲ ﻋﺪﺩﻫﺎ- ﺗﺴﺒﺢ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﻋﻈﻴﻢ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺗﺤﻴﻂ ﺑﻪ ﻛﻠﻪ ﻛﺮﺓ ﻫﺎﺋﻠﺔ، ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﺭﺿﻪ ﻭﺷﻤﺴﻪ ﻭﺃﺟﺮﺍﻣﻪ ﺟﻤﻴﻌًﺎ ﻓﻲ ﻭﺳﻄﻬﺎ. ﻭﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺳﻤﻚ، ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭﻩ، ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: {ﺭﻓﻊ ﺳﻤﻜﻬﺎ ﻓﺴﻮﺍﻫﺎ} ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺀ ﻟﻌﻠﻪ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺃﻭ ﺃﺻﻐﺮ ﺃﻭ ﺃﻛﺒﺮ، ﻭﺣﻮﻟﻪ ﻛﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ ﻟﻬﺎ ﺳﻤﻚ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺛﻢ ﻓﻀﺎﺀ ﺛﻢ ﻛﺮﺓ ... ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ، ﻭﺑﻐﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻃﺒﺎﻗًﺎ، ﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻃﺒﺎﻗًﺎ ﺇﻻ ﺇﻥ ﺍﻧﻄﺒﻘﺖ ﻛﻞُّ ﻧﻘﻄﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﺎﺑﻠﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻷﺧﺮﻯ. ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻣﺨﻠﻮﻗﺎﺕ ﻳﺴﺘﺤﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻴﻠﻬﺎ ﺃﻭ ﻳﺘﺼﻮﺭﻫﺎ، ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﻜﺮﺳﻲ {ﻭﺳﻊ ﻛﺮﺳﻴﻪ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ} ﺛﻢ ﺍﻟﻌﺮﺵ {ﻭﻫﻮ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ} ﻭﺳﺪﺭﺓ ﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ، ﻭﻣﺎ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﺗﺮﻩ ﺇﻻ ﻋﻴﻦ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺃﻛﺮﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، ﻓﺄﺭﺍﻩ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻤﻌﺮﺍﺝ، ﻫﻲ ﻋﻴﻦ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺣﺒﻴﺒﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.ﻭﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻈﻤﺔ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻕ ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻟﻜﻢ ﺑﻌﻈﻤﺔ ﺍﻟﺨﺎﻟﻖ، ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﻫﻮ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻮﻥ ﻋﻠﻮًّﺍ ﻛﺒﻴﺮًﺍ... ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﻔﻠﻚ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﺑﺄﻥَّ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ ﻣﺎ ﻳﺴﻴﺮ ﺍﻟﻀﻮﺀ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ، ﻓﻤﻌﻨﻰ ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻨﺎ ﻟﻮ ﺍﺧﺘﺮﻋﻨﺎ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﻓﻀﺎﺋﻴﺔ ﺗﺴﻴﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﻀﻮﺀ، ﻭﻟﻮ ﺭﻛﺒﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻳﻮﻡ ﻭُﻟﺪ ﻧﻮﺡ، ﻭﺳﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ- ﻻ ﻧﻜﻮﻥ ﻗﺪ ﻗﻄﻌﻨﺎ ﻣﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻻ ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻄﻊ ﺍﻟﻨﻤﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺸﻲ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻣﻴﺮﻛﺎ. ﻭﺃﻧﺎ ﺣﻴﻦ ﺃﻧﺘﻬﻲ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ، ﻭﺃﺭﻯ ﺃﻥ ﻋﺎﻟﻤﻨﺎ ﻛﻠﻪ ﺑﺄﺟﺮﺍﻣﻪ ﻭﻓﻀﺎﺋﻪ ﻣﺤﺒﻮﺱ ﻓﻲ ﻭﺳﻂ ﺍﻟﻜﺮﺓ ﺍﻟﺼﻐﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﺟﺪ ﺫﻫﻨﻲ ﻳﻨﺘﻘﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﻮﺱ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺃﻣﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﻨﻴﻦ ﻟﻮ ﺍﺳﺘﻄﻌﺖ ﺃﻥ ﺗﺴﺄﻟﻪ، ﻭﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺠﻴﺒﻚ، ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻪ: ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؟ ﻟﻘﺎﻝ ﻟﻚ: ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻫﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻄﻦ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻏﺸﻴﺔ. ﻓﻠﻮ ﺧﺒﺮﺗﻪ ﺃﻥ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﺩﻧﻴﺎ ﺃﻛﺒﺮ، ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﻓﻴﻪ ﺑﺮٌّ ﻭﺑﺤﺮ ﻭﺳﻬﻞ ﻭﺟﺒﻞ ﻭﻣﺪﻥ ﻛﺒﺎﺭ، ﻭﺃﻥ ﺩﺍﺭًﺍ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺩﻭﺭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﺩﻧﻴﺎﻩ ﻫﻮ ﺑﻤﻼﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺍﺕ- ﻟﻢ ﻳﺴﺘﻄﻊ ﺃﻥ ﻳﻔﻬﻢ ﻣﺎ ﺗﻘﻮﻝ ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﺘﺼﻮﺭﻩ، ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻧﺤﻦ ﺣﻴﻦ ﻧﺴﻤﻊ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻋﺮﺿﻬﺎ ﻛﻌﺮﺽ ﺍﻟﺴﻤﻮﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺃﻥ ﻗﺼﺮًﺍ ﻭﺍﺣﺪًﺍ ﻣﻦ ﻗﺼﻮﺭﻫﺎ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻠﻬﺎ. ﺇﻥَّ ﻧﺴﺒﺔ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻴﻪ ﺍﻟﻜﻮﺍﻛﺐ ﻭﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﺠﺮﺍﺕ ﻛﻨﺴﺒﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻔﻀﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺑﻄﻦ ﺍﻷﻡ ﺑﻞ ﻫﻮ ﺃﻛﺒﺮ، ﺴﺒﺤﺍن اﻟﻠﻪ!