- الجمعة نوفمبر 30, 2012 3:43 am
#55513
ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺒﺘﺪﺅﻭﻥ ﻭﺍﻟﻤﺘﻮﺳﻄﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘَّﺎﺏ: ﺑﻨﺎﺕ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ. ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﻤﻠِّﺤﻮﺍ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ، ﻭﻳﺪﻟﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺰﻟﻬﻢ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ، ﻭﻫﻢ ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﻋﻨﺪ ﻟﻔﻆ ﻫﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﺃﻓﻮﺍﻫﻬﻢ ﺇﻻ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻻﺳﺘﻌﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﻗﺔ ﺍﻟﻤﺒﺬﻭﻟﺔ ﺣﺪﻭﺙ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﺫﻛﺮﻭﻩ ﻋﻦ ﺍﺯﺩﻭﺍﺝ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺎﺕ ﻭﺗﻤﺨﺾ ﺍﻟﻔﻜﺮ.ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺫﺍﻫﻠًﺎ ﺃﻭ ﻋﺎﺟﺰًﺍ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ؛ ﻓﻼ ﻋﺠﺐ ﺃﻧﻬﻢ ﺫﻫﻠﻮﺍ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﺃﻛﺒﺮ ﻣﻨﻪ ﺃﻓﺎﺩﺗﻪ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻭﻣﺎ ﺃﺭﺍﺩﻩ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ: ﻭﻫﻮ ﺗﻤﺎﻡ ﺍﻟﺘﺸﺎﺑﻪ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻧﺘﺴﺎﺏ ﺍﻟﺒُﻨُﻮﺓ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻃﺮﺍﻓﻪ، ﺣﺘﻰ ﺗﺠﺪ ﻣُﺒْﺘَﻜَﺮَ ﻓﻜﺮﻙ ﻣﻨﻚ ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺍﺑﻨﻚ ﺃﻭ ﺑﻨﺘﻚ، ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﺍﺧﺘﺎﺭﻭﺍ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ؛ ﻗﺼﺪًﺍ ﻟﻠﻤﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺮﻣﺔ ﻭﺍﻟﻐﻴﺮﺓ.ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻨﺴﺐ ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻴﻦ: ﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻪ ﻗﺒﻞ ﻗﻮﺍﻣﻪ، ﺃﻱ ﺃﻥ ﻳُﺘﻮﺧﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﺧﺘﻼﻃًﺎ ﺃﻭ ﻓﺴﺎﺩًﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺴﺐ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻤﺎﻩ ﻋﻠﻤﺎﺀ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺣﻔﻆ ﺍﻷﻧﺴﺎﺏ، ﻭﻧﺎﻃﻮﻩ ﻣﻊ ﺍﻟﻜﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺳﺎﺱ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻲ، ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣﻪ ﻣﻦ ﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻌﺪ ﻭﺟﻮﺩﻩ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺴﺐَّ ﺃﻭ ﻳﻨﺒﺬ، ﺃﻭ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﺑﺎﻟﻄﻌﻦ.ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺃﻧﺴﺎﺑًﺎ ﺃﺩﺑﻴﺔ ﻓﺒﻐﻴﺮ ﺷﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻻﺟﺘﺮﺍﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻮﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻫﺬﻳﻦ ﺍﻟﺠﺮﻣﻴﻦ- ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺍﺣﺘﺮﻣﺎ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮﺍﻣﻴﻦ- ﺟﻨﺎﻳﺔً ﻋﻈﻴﻤﺔً ﻓﻲ ﺑﺎﺏ ﺍﻷﺩﺏ ﻟﻮ ﺳﻦَّ ﻟﻪ ﺃﻫﻠﻪ ﺣﺪﻭﺩًﺍ ﻳُﺨﺰﻯ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﻌﺘﺪﻭﻥ، ﻭﻳﺨﺴﺄ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﻟﺒﻮﻥ.ﻭﺿﻊ ﺷﻲﺀ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻣﺎ ﻭﺿﻌﺘﻪ ﻳﺪ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﺇﻥ ﺗﻘﺼﻰ ﻋﻦ ﻛﻠﻔﺔ ﺍﻟﺘﺼﻨﻊ ﻻ ﻳﻔﺎﺭﻕ ﻣﻔﺴﺪﺓ ﺍﻻﺟﺘﺮﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺜﺮﺓ ﻧﻮﺍﻣﻴﺲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭﺍﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺎﻣﻪ، ﻭﺇﻳﻬﺎﻡ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﻗﻌًﺎ.ﻭﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻣﺎ ﺃﻭﺟﺐ ﺗﺤﺮﻳﻢ ﺍﻟﻜﺬﺏ، ﻭﺗﻜﺮﻳﺮ ﻟﻌﻦ ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﺬﺏﺍﻟﺬﻱ ﻳﺬﻛﺮﻭﻧﻪ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻪ ﺍﻟﻠﺴﺎﻧﻲ، ﻓﻬﺬﺍ ﺍﻟﺘﻤﻮﻳﻪ ﺍﻟﻔﻌﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺷﺪ ﻣﺘﻰ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻌﻞ ﺃﻭﻗﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻮﻝ: ﻟﻮ ﻋﻤﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺳﻮﻗﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻓﺄﺳﻨﺪﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺣﻘﻘﺘﻬﺎ، ﺃﻭ ﺭﺳﺎﺋﻞ ﻧَﻤَّﻘﺘﻬﺎ، ﻟﻜﻨﺖ ﺗﻮﺣﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺃﻥ ﺗﺴﻨﺪ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻣﻨﺼﺐ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﻋﻠﻮﻣﻬﺎ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﺗﻜﻞ ﺇﻟﻴﻪ ﻗﻠﻤﻬﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻪ ﺗﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ.ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺠﺮ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻟﻨﻔﺴﻚ ﻭﻟﺼﺎﺣﺒﻚ ﻭﻟﻸﻣﺔ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻓﻘﺪ ﺿﺮﺏ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﻣﻨﺬ ﺻﺎﺭﺕ ﺑﻴﺪ ﻣﻦ ﻻ ﻳﻌﺮﻑ ﻛﻴﻒ ﻳﺪﻳﺮ، ﻭﺣﺴﺒﻚ ﻣﻦ ﻫﺎﺗﻪ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﺗﺸﺨﻴﺼًﺎ ﻟﺤﺎﻟﻬﺎ.ﻭﺃﻣﺎ ﺻﺎﺣﺒﻚ ﻓﺮﺟﻞ ﺃﻟﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﻮﺻﻒ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﺮﺍﻩ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺗﺘﻘﺎﻃﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﻋﻴﻮﻥ ﺍﻟﺤﻴﺮﺓ ﺗﻌﺸﻮ ﺇﻟﻰ ﺿﻮﺀ ﺍﻫﺘﺪﺍﺋﻪ، ﻭﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ، ﺛﻢ ﻻ ﻳﺒﻮﺀ ﻟﻬﻢ ﺃﻣﺮﻫﻢ ﺇﻻ ﺑﻀﻼﻝ ﻣﺒﻴﻦ، ﺃﻭ ﺳﻜﻮﺕ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻣﻦ ﺧُﻠَّﺺ ﺍﻟﺠﺎﻫﻠﻴﻦ.ﻭﺃﻣﺎ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﺄﻧﺖ ﺇﺫﻥ ﺑﻬﺎ ﺃﻋﺮﻑ.ﻗﻀﺖ ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺗﺨﻀﻊ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﺍﻟﺜﺎﺑﺖ، ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺗُﺴﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻬِﻨﺔُ ﻭﻫﻮ ﺑﺮﻱﺀ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﺘﺼﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﺩﻣﺎﻏﻪ ﺩﻣﺎﺀ ﺍﻟﻐﻀﺐ، ﻭﻳﺪﺍﻓﻊ ﻋﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﺩﻓﺎﻉ ﺍﻟﺒﺮﻱﺀ ﺍﻟﻤﺨﻠﺺ، ﺑﻠﺴﺎﻥ ﻓﺼﻴﺢ، ﻭﻗﻠﺐ ﺻﺤﻴﺢ، ﺛﻢ ﺗﺮﺍﻩ ﺗﺴﻨﺪ ﺇﻟﻴﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﻓﻬﺎ، ﻓﻴﻄﺄﻃﻰﺀ ﻟﻬﺎ ﺭﺃﺳًﺎ، ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﻨﺎﺻًﺎ، ﻣﻬﻤﺎ ﺳﺘﺮﻫﺎ ﺑﺄﻃﻤﺎﺭ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ ﻭﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﺓ، ﺣﺘﻰ ﺗﻔﺘﻀﺢ ﺣﺎﻟﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﻗﺔ، ﺃﻭ ﻳﺰﻟﻖ ﻟﺴﺎﻧﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ، ﺃﻟﻴﺲ ﺫﻟﻚ ﺁﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﺨﻀﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺸﺘﻬﺎﻫﺎ؟ ﻭﺗﺒﺮﺃ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻫﻮﺍﻫﺎ؟ﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﺒﻠﻮﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻨﺒﺎﺕ ﺫﺭﻳﺔ ﺳﻮﺀ، ﻓﻴﺴﺘﺴﻠﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﺭ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﻟﺪ ﺩَﻋِﻴَّﻪ ﻟﻘﺮﻉ ﺍﻟﺴﻦ ﻣﻦ ﻧﺪﻡ، ﻭﺭﺿﻲ ﺃﻥ ﻟﻮ ﺑﺎﺀ ﻣﻦ ﺳﻌﻴﻪ ﺑﺎﻟﻌﺪﻡ.ﻫﻜﺬﺍ ﺣﺎﻝ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﻣﻨﺸﺌﺎﺗﻬﺎ ﻣﺘﻰ ﺃﺳﻨﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮ ﺃﺻﻠﻬﺎ ﻗﺎﺭﻧﺘﻬﺎ ﻧﺪﺍﻣﺔ ﻭﺍﻏﺘﺒﺎﻁ، ﻭﻓﻀﻴﺤﺔ ﺗﻠﻮﺡ ﻋﻠﻰ ﺃﺧﻮﺍﺗﻬﺎ ﻣِﻦْ ﺗﺨﺎﻟﻒِ ﺷﻜﻞ، ﻭﺍﻧﺤﻼﻝ، ﻭﺭﺑﺎﻁ.ﻟﻌﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺪﺍﺭ ﻣَﻘْﻨَﻌًﺎ ﻣﻦ ﺇﻳﺼﺎﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺍﻟﺤﻜﻤﻲ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﻮﺳﻜﻢ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﻘﺎﺩ، ﻭﺗﻌﺮﻳﻔًﺎ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﺩﻋﺎﺋﻨﺎ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺁﺑﺎﺋﻬﺎ؛ ﻟﻨﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﻘﺴﻂ، ﻓﻠﻦ ﻧﻜﻮﻥ ﻛﺬﻱ ﺫﻫﻦ ﻋﺎﻗﺮ ﻳُﺸَﻮِّﻩ ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ﺑﺎﻧﺘﺤﺎﻝ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻴﻨﺎﻝ ﺃﻣﺜﺎﻟﻬﺎ.ﻗﺪ ﺗﻐﺘﻔﺮ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻳﺔ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﻔﻄﺮﻳﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﺮﻙ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻷﻣﺔ ﻣﺘﻰ ﺗﻘﺎﺭﺑﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ، ﻓﻼ ﻳﺠﺐ ﺇﺳﻨﺎﺩﻫﺎ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﺍﺳﺘﺤﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺫﻟﻚ، ﺇﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻟﻢ ﻳﺼﺪﺭ ﻛﻼﻣﻪ ﺣﺘﻰ ﻗﺎﻝ ﻣﺜﻠﻬﺎ، ﺃﻭ ﻗﺎﺭﺑﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺁﺧﺮ.ﺃﻣﺎ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻓﺤﻖ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺻﺎﺣﺐ ﻓﻜﺮ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﺑﻞ ﻓﻜﺮ ﻏﻴﺮﻩ ﺑﺎﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻬﺰﻭ؛ ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺳﺘﺮﺳﺎﻝ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻳُﺠْﺒِﻦُ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﺨﻠﻘﺖ ﻓﻴﻬﻢ ﻣﺒﺎﺩﺉ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﻟﻨﻈﺮﻱ ﻋﻦ ﺍﻹﻋﻼﻥ ﺑﻤﺎ ﻭُﻫِﺒﻮﻩ؛ ﺧﺸﻴﺔ ﺍﻻﺳﺘﻬﺰﺍﺀ ﻭﺍﻻﺳﺘﺴﺨﺎﺭ، ﻭﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻭﺻﻠﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﻤﻜﻦ ﻭﺍﻟﺮﺳﻮﺥ ﻷَﻣَّﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺇﻥ ﺗﺘﺴﺘﺮ ﻛﺸﻤﺲ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ، ﺃﻭ ﻛﺈﺩﺑﺎﺭ ﺍﻟﻤﺤﺘﺮﻑ ﻟﻠﻘﺘﺎﻝ، ﺃﺗﺮﻭﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺮﺯﻭﻧﺎ ﺍﻟﻤﻨﻔﻌﺔ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩﺓ؟ ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﻻ ﻧﺨﺸﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺇﻻ ﺃﻥ ﺗﻤﻮﺕ ﺗﺤﺖ ﺃﻗﻔﺎﻝ ﺍﻷﺳﺮ ﻓﻲ ﺻﺒﺎﻫﺎ، ﻭﻣﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺃَﺷُﺪًّﺍ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺑﻪ ﻣﻘﺎﻭﻣﺔَ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻟَﻲَّ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻟﻤﻀﻄﻬﺪﻳﻦ.ﻧﺤﻦ ﻧﻮﻗﻦ ﺃﻥ ﺃﻓﻜﺎﺭًﺍ ﺳﺎﻗﻄﺔ ﺗﻨﺸﺄ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺔ ﻗﺪ ﻳﺠﺐ ﺍﻟﻀﻐﻂ ﺃﻥ ﻻ ﺗﺸﻴﻊ؛ ﻓﺘﺴﺘﻬﻮﻱ ﺃﻗﻮﺍﻣًﺎ ﻏﺎﻓﻠﻴﻦ ﺑﺴﻄﺎﺀ، ﻓﺘﺼﺒﺢ ﻭﺑﺎﺀًﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻟﺔ.ﻭﻟﻜﻨَّﺎ ﻟﻤﺎ ﻭﺍﺯﻧَّﺎ ﺑﻴﻦ ﻫﺎﺗﻪ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺩﺭﺓ، ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻔﺴﺪﺓ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻻ ﺯﺍﻟﺖ ﺗﺘﻀﺎﺀﻝ ﻣﻦ ﺍﺿﻄﻬﺎﺩ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ، ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺁﻭﻧﺔ ﻭﺑﺎﺳﻢ.... ﺃﺧﺮﻯ؛ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺗﻮﺍﻓﻖ ﺍﻟﺮﻏﺒﺎﺕ، ﻭﻻ ﺗﺠﺎﺭﻱ ﺍﻟﺸﻬﻮﺍﺕ ﺣﻜﻤﻨﺎ ﻟﻸﻓﻜﺎﺭ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻣﻬﺎ، ﻭﺟﻌﻠﻨﺎ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻭﺍﻟﻨﻘﺪ ﻣﻌﻴﺎﺭًﺍ ﻳُﻤَﻴِّﺰ ﺑﻪ ﺧﺒﻴﺜﻬﺎ ﻣﻦ ﻃﻴﺒﻬﺎ، ﻭﻻ ﻳﻠﺒﺚ ﺍﻟﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﻬﺰﻡ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ.ﻟﻮ ﻛﻨﺎ ﻧﻀﻄﻬﺪ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻻﺷﺘﺒﻪ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺤﻖ، ﻓﻴﺼﺮﺥ ﻳﺴﺘﻨﺼﺮ ﻻﻫﺘﻀﺎﻣﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺘﺼﺮﺥ ﺍﻟﺤﻖ ﺷﻴﻌﺘﻪ، ﻭﺭﺑﻤﺎ ﻭﺟﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻣﻌﻴﻦ ﻗﻠﻮﺑًﺎ ﺗﺮﻕ ﻟﻠﻤﻀﻌﻮﻑ ﻭﺇﻥ ﺟﺎﺭ، ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻓﺘﻨﺔ ﺃﺷﺪ ﻣِﻦْ ﺃَﻥْ ﻟﻮ ﺗﺮﻙ ﻳﺘﻤﺎﺭﺽ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ ﻭﺍﻟﺤﺠﺔ ﺍﻟﺪﺍﻣﻐﺔ، ﺣﺘﻰ ﻳﻤﻮﺕ ﺣﺘﻒ ﺃﻧﻔﻪ، ﺛﻢ ﻻ ﻳﺜﺄﺭ ﻟﻪ ﺃﺣﺪ.ﻟﻴﺲ ﻳﺤﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻣﻦ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺍﻟﻤﺨﻄﺊ، ﺇﻧﺎ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺃﻥ ﻻ ﻳُﺘَﻌﺮَّﺽ ﻟﺼﺎﺣﺒﻪ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﺑﺎﻟﻄﻌﻦ ﻭﺍﻻﺳﺘﺨﻔﺎﻑ.ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﺼﻔﺔ ﻛﻠﻴﺔ، ﻭﺗﻌﺮﻳﺾ ﺑﺴﻴﻂ ﺑﻴﻦ ﺳﻘﻮﻁ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺑﻮﺟﻪ ﺑﺮﻫﺎﻧﻲ، ﺃﻭ ﺧﻄﺎﺑﻲ ﻳﻨﻔﺮ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻴﻦ.ﻭﻟﻴﺲ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻳﺄﺑﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﻀﻌﻔﻬﺎ، ﻟﻜﻦ ﺗﺠﺐ ﺍﻷﻧﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﺃﻥ ﻻ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺑﺎﻟﻨﻘﺪ، ﻣﺎﺩﺍﻡ ﻓﻴﻪ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺍﻟﺼﻮﺍﺏ.ﺃﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺍﺭﺗﻴﺎﺀ ﻣﻘﺎﺻﺪ ﺍﻟﻤﺘﻜﻠﻤﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺘﺴﺎﺭﻉ ﺇﻟﻰ ﺗﻐﻠﻴﻄﻬﻢ ﺑﺒﻮﺍﺩﺭ ﺍﻟﻈﻨﻮﻥ، ﺃﻭ ﺑﺸﻬﻮﺍﺕ ﻧﻔﺲ ﺗﺨﺐ ﺧَﺒَﺐَ ﺍﻟﺒﺎﺯﻝ ﺍﻷﻣﻮﻥ، ﻣﺎ ﻧﻘﺘﺼﺪ ﺑﻪ ﺯﻣﺎﻥ ﺍﻟﻤﺮﺍﺟﻌﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺌﻨﺎﻑ ﺷﻲﺀ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﻧﺤﻔﻆ ﺑﻪ ﻛﺮﺍﻣﺔ ﺍﻻﺗﺤﺎﺩ، ﻭﺳﻼﻣﺔ ﺍﻟﻀﻤﻴﺮ، ﻭﻧﺴﻠﻢ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺍﻓﺘﻀﺎﺡ ﺣﺐ ﺍﻟﺘﺸﻔﻲ، ﻭﺍﻻﻧﺘﻘﺎﻡ ﻹﻃﻔﺎﺀ ﺛﻮﺍﺋﺮ ﺍﻟﺤﺴﺪ ﻭﺍﻟﻐﻞ؟ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺘﻘﺮﻳﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺨﻄﺄ ﺇﻻ ﺧﻄًﺎ ﻭﺗﻀﻠﻴﻠًﺎ، ﻭﻟﻜﻦ ﻧﻈﻴﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻀﻠﻴﻞ، ﻭﺃﻋﻈﻢ ﻣﻨﻪ ﻓﺴﺎﺩًﺍ ﺍﻟﺘﺴﺎﺭﻉُ ﺇﻟﻰ ﺗﻐﻠﻴﻂ ﺍﻟﺼﺎﺋﺒﻴﻦ، ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺇﻥ ﻗﺎﺭﻧﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺎﺭﻥ ﺳﻔﺎﻫﺔ ﺍﻟﺮﺃﻱ، ﻭﺿﻴﻖ ﺍﻟﺼﺪﺭ، ﻭﺑﺎﻟﺜﺎﻧﻲ ﻏﻠﻴﻞ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻣﻦ ﺗﻔﻮﻳﻖ ﺳﻬﺎﻡِ ﻧﻘﺪٍ ﺗﺨﻄﺊ ﺍﻟﺮﻣﻴﺔ، ﻭﺍﻷﺧﺬ ﺑﺴﻼﺡ ﺍﻟﻌﺎﺟﺰﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔﻭﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﺮﺣﻢ ﻋﻦ ﻗﺼﺪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻏﺮﺽ ﺗﺮﺷﻘﻪ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻻ ﺭﺃﻱ ﺭﺟﻞ ﺍﻋْﺘَﺪْﺕ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﻤﻜﺎﺑﺮﺓ، ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﺭﻋﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺰﺝ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﻳﺪﺑﺮ ﻣﻨﻪ ﻣﺨﺮﺟًﺎ، ﻭﻻ ﻳﺠﺪ ﻟﻤﺜﻠﻪ ﻓﻴﻪ ﻣﻮﻟﺠًﺎ، ﺛﻢ ﻗﻮﻣﺘﻪ ﺍﻟﻤﺮﺓ ﻭﺍﻟﻤﺮﺗﻴﻦ، ﻓﻤﺎ ﺯﺍﺩﻩ ﺗﻘﻮﻳﻤﻚ ﺇﻻ ﻋﻨﺎﺩًﺍ، ﻭﻻ ﺃﻛﺴﺒﻪ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻙ ﺇﻟَّﺎ ﺳﺮﺍﻓًﺎ ﻭﺍﺯﺩﻳﺎﺩًﺍ؛ ﻓﺈﻧﻚ ﺇﻥ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻨﻪ ﻣﺎ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺃﻥ ﺗﺴﻠﻚ ﻣﻌﻪ ﻣﺴﻠﻚ ﺍﻟﺨﻄﺎﺑﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﺒﻴﺢ ﺍﻧﺘﺤﺎﻟﻪ، ﻭﺗﺸﺨﻴﺺ ﻣﺸﻮﻩ ﺣﺎﻟﻪ، ﻓﻼ ﻣﻼﻡ ﻋﻠﻴﻚ ﺇﻥ ﻛﻨﺖ ﻗﺪ ﺻﺎﺩﻓﺖ ﺍﻟﺒﻼﻏﺔ ﻓﻲ ﻓﻌﻠﻚ ﺃﻭ ﻗﺎﺭﺑﺖ.ﻗﺪ ﺗﺮﻯ ﻗﻮﻣًﺎ ﺃﻏﺮﻗﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﺎ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻰ ﻏﻮﺭ ﻋﻤﻴﻖ، ﻓﻐﺸﻴﻬﻢ ﻇﻼﻡ ﻃﻤﺲ ﻋﻠﻰ ﺃﻋﻴﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﺗﻠﻘﻮﺍ ﻛﻞ ﻗﻮﻝ ﺑﺎﻟﺘﺄﻳﻴﺪ، ﻭﺣﻜﻤﻮﺍ ﻓﻲ ﻛﻼ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﻗﻀﻴﻦ ﺑﺄﻧﻪ ﺳﺪﻳﺪ، ﻭﺍﺗﺴﻤﻮﺍ- ﺃﻛﺮﻣﻚ ﺍﻟﻠﻪ- ﺑِﺴﻤَﺔِ ﺍﻟﺒﻠﻴﺪ، ﺛﻢ ﺗﺮﻯ ﺭﺟﻠًﺎ ﻳﺨﺘﺮﻕ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺑﻨﺼﺎﺋﺢ ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻬﻢ ﺃﻋﻴﻨًﺎ ﻋﻤﻴًﺎ، ﻭﻗﻠﻮﺑًﺎ ﻏﻠﻔًﺎ، ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﺻﻤﻢ ﻋﻦ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ؛ ﺃﻓﺘﻌﺬﺭﻩ ﺇﻥ ﺭﺃﻳﺘﻪ ﻳﺴﻠﻚ ﻣﻌﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻤﺴﻠﻚ؟ ﺃﻡ ﺗﻌﺬﺭﻩ ﺇﻥ ﺧﺎﻟﻒ ﻣﺎ ﺗﺄﺻﻞ ﻣﻦ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ؟ﻟﻌﻠﻚ ﺗﺸﻌﺮ ﺳﺎﻋﺘﺌﺬٍ ﺑﺄﻥ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺘﻬﺬﻳﺐ ﺩﻭﺍﻟﻴﺐ ﺗﺪﻭﺭ، ﻭﺃﻧﻪ ﺗﺤﺪﺙ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺃﻗﻀﻴﺔ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺃﺣﺪﺛﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻔﺠﻮﺭ؟ﺳﻴﻈﻦ ﺍﻟﺒﺴﻄﺎﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﺣﺮﻳﺘﻬﺎ ﻳﺨﻮﻟﻬﺎ ﺣﻖ ﺍﻻﺟﺘﺮﺍﺀ ﺑﻨﺤﻮ ﺍﻟﺸﺘﻴﻤﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻇﻦ ﺳﺮﻳﻊ ﺍﻟﺘﻘﺸﻊ ﻣﺘﻰ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻟﺴﺎﻧًﺎ ﺣﻜﻴﻤًﺎ ﻳﺒﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺃﻥَّ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﺷﻲﺀ، ﻭﺃﻥَّ ﺍﻻﺟﺘﺮﺍﺀ ﺷﻲﺀ ﺁﺧﺮ؛ ﻷﻥَّ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﺇﻧﻤﺎ ﻳﻨﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﺑﻌﺪ ﺷﻌﻮﺭﻩ ﺑﻮﺟﻮﺏ ﻣﺴﺎﻭﺍﺗﻪ ﻣﻊ ﻏﻴﺮﻩ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺇﻻ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻻﺳﺘﻌﺒﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻔﺮ ﻣﻨﻪ، ﻓﺈﻥ ﻃﻠﺒﺖ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﺒﻴﺎﻥ، ﻓﺈﻧﺎ ﻧﺤﻴﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻛﻼﻡ ﻃﻮﻳﻞ ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ، ﻟﻮ ﺑﺴﻄﻨﺎﻩ ﻟﻔﺼﻢ ﻋﻨﺎ ﺳﻠﻚ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻓﻲ ﻣﺮﺍﺩﻧﺎ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻝ.ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻣﺤﺘﺮﻣﺔ- ﻛﻤﺎ ﻗﻠﻨﺎ- ﻓﺎﻻﺟﺘﺮﺍﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﺫﻛﺮﻧﺎ ﻳﺘﺴﺎﻫﻞ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﻕ ﺳﻴﺎﺝ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ ﺣﻘًّﺎ؛ ﻷﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺜﻴﺮ ﺍﻟﻌﺼﺒﻴﺎﺕ ﻭﻳﺠﻔﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺍﺣﺘﺮﻣﺖ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺇﻻ ﻷﺟﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻬﺎ.ﻣﻦ ﺃﻛﺒﺮ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻷﻣﺔ ﺑﻌﻠﻮﻣﻬﺎ ﻭﻗﺒﻮﻟﻬﺎ ﻟﺮﺗﺒﺔ ﺍﻟﺘﻨﻮﻳﺮ، ﻭﺃﻫﻠﻴﺘﻬﺎ ﻟﻼﺧﺘﺮﺍﻉ ﻓﻲ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺗﻬﺎ ﺃﻥ ﺗﺸﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺻﻔﻨﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻭﻋﺴﻰ ﺃﻥ ﻧﺼﻒ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ.ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻆ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﻳﻮﻣﺌﺬٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺴﺎﻣﺢ ﻣﻊ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﺷﻬﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻭﺃﻫﻠﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻤﺘﻌﺼﺒﻴﻦ ﻣﻨﻬﻢ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺑﻴﻦ ﺃﺻﻨﺎﻑ ﺃﻫﻞ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻨﺎﻇﺮ ﻭﺍﻟﺠﺪﻝ، ﻭﻟﻜﻨﻚ ﻻ ﺗﺠﺪ ﺫﻟﻚ ﻣﺤﻔﻮﻇًﺎ ﺑﺘﻌﺼﺐ ﻭﻻ ﺍﺿﻄﻬﺎﺩ، ﻛﻨﺖ ﺗﺮﻯ ﺍﻷﺷﻌﺮﻱ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﻲ ﻻ ﻳﺴﺘﻨﻜﻒ ﻋﻦ ﺗﻠﻘﻲ ﻓﻮﺍﺋﺪﻩ، ﻭﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﻟﻪ ﺑﺤﻖ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، ﻭﺗﺮﻯ ﺍﻟﺴﻨﻲ ﻳﺘﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻘﺪﺭﻱ ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻔﻴﻠﺴﻮﻑ ﺍﻟﺸﺎﻙ ِّ، ﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﺍﻟﺰﺍﻫﺪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮ ﻣﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﺗﻼﻣﻴﺬﺍﻟﺤﺴﻦ ﺍﻟﺒﺼﺮﻱ ﺭﺣﻤﻬﻤﺎ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﻜﻠﻔًﺎ ﺑﻜﺘﺎﺑﺔ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻴﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺩ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺪﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻨﻌﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺎﻫﺮﺓ ﺑﺎﺗﺒﺎﻋﻪ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﻤﻌﺘﺰﻟﺔ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺘﺤﺎﻗﻪ ﺑﺪﺭﻭﺱ ﻭﺍﺻﻞ ﺑﻦ ﻋﻄﺎﺀ ﺍﻟﻐﺰﺍﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﻝ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻟﻤﺎ ﻛﺜﺮﺕ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻪ: ﺍﻋﺘﺰﻝ ﻣﺠﻠﺴﻨﺎ. ﻓﻜﺎﻥ ﻋﻤﺮﻭ ﺑﻦ ﻋﺒﻴﺪ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺭﺳﻴﻦ ﺟﻤﻴﻌًﺎ، ﻭﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻣﻦ ﺗﻜﻠﻴﻔﻪ ﺑﺈﻣﻼﺀ ﺗﻔﺴﻴﺮﻩ، ﺣﺘﻰ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﺍﺧﺘﻼﻑ ﺍﻵﺭﺍﺀ ﺁﻟﺔ ﻟﻠﺘﺸﻴﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﺫﻧﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺑﺎﻻﻧﺤﻼﻝ ﻭﺍﻻﻓﺘﺮﺍﻕ ﺍﻟﻠﺬﻳﻦ ﺗﺮﻛﺎ ﻣﻦ ﺍﻵﺛﺎﺭ ﻣﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺘﺨﺒﻂ ﻓﻲ ﻣﺼﺎﺋﺒﻪ ﻭﻷﻭﺍﺋﻪ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ.ﻭﻛﺬﻟﻚ ﺍﻟﺤَﺠْﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺬﺭًﺍ ﺑﺴﻮﺀ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻷﻣﺔ، ﻭﺩﻟﻴﻠًﺎ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﺪ ﺃﻭﺟﺒﺖ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺧﻔﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻑ ﺍﻟﻤﺨﺎﻟﻔﻴﻦ، ﻭﺟﺪﻝ ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﻴﻦ، ﻭﺫﻟﻚ ﻳﻜﻮﻥ ﻗﺮﻳﻦ ﺃﺣﺪ ﺃﻣﺮﻳﻦ، ﺇﻣﺎ ﺿﻌﻒ ﻓﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ، ﻭﻗﺼﻮﺭ ﻋﻦ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﺇﻣﺎ ﻗﻴﺪ ﺍﻻﺳﺘﻌﺒﺎﺩ ﺍﻟﺬﻱ ﺇﺫﺍ ﺧﺎﻟﻂ ﻧﻔﻮﺱ ﺃﻣﺔ ﻛﺎﻥ ﺳﻘﻮﻃﻬﺎ ﺃﺳﺮﻉ ﻣﻦ ﻫﻮﻱّ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺍﻟﺼﻠﺪ.