- الجمعة نوفمبر 30, 2012 4:36 am
#55515
في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر2012، نسبت تقارير صحفية إلى مصادر عسكرية قولها إن الولايات المتحدة قد تتجه للإبقاء على عشرة آلاف جندي في أفغانستان، بعد الموعد المقرر رسمياً لسحب القوات، التي يقودها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بحلول نهاية العام 2014.
وستتولى القوة، المحتمل استمرارها، مهام تدريب القوات الأفغانية، والقيام بمهام أمنية خاصة بالتنسيق مع الجانب الأفغاني.
وفي 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، بدأت الولايات المتحدة وأفغانستان مفاوضات خاصة بتوقيع "اتفاقية وضع القوات" الأميركية، التي ستبقى بعد انسحاب القوات الأطلسية عام 2014.
وكانت الولايات المتحدة قد وقعت اتفاقيات مماثلة مع كل من العراق واليابان وألمانيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية. إلا أن مضامينها تفاوتت بين دولة وأخرى.
وتناولت المفاوضات الدائرة مع كابول العدد المرجح للقوات التي سيجري الاحتفاظ بها، لأغراض التدريب والاستشارة والمهام الخاصة. ووضعها القانوني، وطبيعة علاقتها بالسلطات الأفغانية.
وأكدت الولايات المتحدة للسلطات الأفغانية بأنها لا تسعى للاحتفاظ بقواعد عسكرية دائمة (بالمعنى المتعارف عليه). كما يُرجح أن تتحفظ واشنطن على فكرة توقيع اتفاق دفاعي خاص.
وقد تمكنت الولايات المتحدة، بعد شن الحرب على أفغانستان، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2001، من الإطاحة بالسلطة التي تقودها حركة طالبان، ولكن دون أن تنتهي الحركة ذاتها.
وقضت خطة الرئيس الأميركي، باراك أوباما بشأن أفغانستان، ببدء انسحاب تدريجي اعتباراً من منتصف العام 2011، على أن يكتمل سحب القوات بحلول نهاية عام 2014.
وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري 2012، كان ينتشر في أفغانستان نحو 67 ألف جندي أميركي، وحوالي 37 ألف جندي من التحالف الدولي. بينما بلغ إجمالي القوات الأفغانية من جيش وشرطة 337 ألف شخص.
وفي مطلع العام 2011، كان هناك نحو 150 ألفاً من القوات الأميركية والدولية. وهو رقم يزيد بثلاثين ألفاً عن القوات التي نشرها الاتحاد السوفياتي في ثمانينيات القرن العشرين، إبان احتلاله أفغانستان.
وكان حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد دخل على خط المهمة الدولية في أفغانستان اعتباراً من العام 2003، ثم تولى السيطرة الكاملة على هذه المهمة بعد ثلاثة أعوام من ذلك التاريخ.
وبالنسبة للولايات المتحدة ذاتها، فقد فقدت الحرب في أفغانستان الدعم الشعبي الذي كانت تحظى به. ورأى بعض الباحثين الأميركيين أن القوة الأميركية قد حققت نجاحاً تمثل بالإطاحة بحكم طالبان، وكان يفترض أن تنتهي المهمة عند تلك النقطة ويعود الجنود للوطن.
وعلى الرغم من ذلك، ثمة إجماع لدى النخبة الأميركية بأن ترك أفغانستان لمصيرها ليس خياراً يُمكن تداوله. وإن الولايات المتحدة معنية بتأكيد التزام بعيد المدى تجاه هذه الدولة. وعليها أن تستفيد من تجاربها المماثلة مع الدول الأخرى.
وفي الأول من أيار/ مايو 2012، وقعت الولايات المتحدة وأفغانستان اتفاقية شراكة استراتيجية، تحدد ملامح العلاقة طويلة الأمد بين البلدين.
وقد وقع الاتفاقية عن الجانب الأميركي الرئيس باراك أوباما، وعن الجانب الأفغاني رئيس أفغانستان حامد كرزاي.
وبموجب هذه الاتفاقية، تتعهد كل من الولايات المتحدة وأفغانستان بتعزيز التعاون الإستراتيجي طويل الأمد في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك "الإسراع بإرساء السلام والأمن والمصالحة، وتعزيز مؤسسات الدولة، ودعم جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية في أفغانستان، وتشجيع التعاون الإقليمي".
وتمنح الولايات المتحدة أفغانستان، بموجب هذه الاتفاقية، صفة "حليف رئيسي من غير دول الناتو". كما تلتزم بعد العام 2014 بالسعي للحصول على الأموال اللازمة سنوياً لتغطية مصاريف تدريب قوات الأمن الوطني الأفغانية، وتزويدها بالأسلحة والمعدات، وتقديم المشورة والدعم لها.
وتنص الاتفاقية على أن تلتزم أفغانستان بأن تتيح للقوات الأميركية حرية الوصول إلى التسهيلات الأفغانية، واستخدامها طوال العام 2014 وما بعده، حسبما يُتفق عليه في اتفاقية الأمن الثنائي المزمع توقيعها بين البلدين. وذلك "بغرض محاربة تنظيم القاعدة ومنسوبيه، وتدريب قوات الأمن الوطني الأفغانية، والاضطلاع بمهام أخرى يحددها الطرفان لتعزيز المصالح الأمنية المشتركة".
وأشارت الاتفاقية إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى للحصول على تسهيلات عسكرية دائمة في أفغانستان، أو التواجد بصورة تنطوي على تهديد لجيرانها. كما تتعهد بعدم استخدام الأراضي أو المنشآت الأفغانية كنقطة انطلاق لهجمات ضد دول أخرى.
وعلى نحو مجمل، هناك اليوم تحديان رئيسيان يواجهان السياسة الأميركية الخاصة بأفغانستان: يتمثل الأول في إيجاد إطار عمل إقليمي لدعم العملية السياسية القائمة، تكون مهمته تشجيع المصالحة الوطنية، ورفد مقومات التنمية الاجتماعية والاقتصادية بعيدة المدى.
ويتمثل التحدي الآخر أمام واشنطن، في إنجاز مهمة بناء قوات الجيش والشرطة الأفغانية، لتكون قادرة على الإمساك بزمام الوضع، وجعل الاستقرار حقيقة قائمة في مختلف أرجاء البلاد وليس العاصمة وحسب، وضمان عدم قدرة أية مجموعة مسلحة من السيطرة على السلطة بقوة السلاح.
وبطبيعة الحال، هذه ليست مهمة أميركية خالصة، بل هي مهمة إقليمية ودولية عامة. ولا يجوز أن تكون غير ذلك.
وفي حين يؤكد الأفغان قدرتهم على الإمساك بزمام الوضع بعد انسحاب القوات الأميركية والأطلسية، فإن بعض المسؤولين في كابول لم يتردد في إبداء خشيته من أن تتجه أولويات واشنطن بعيداً عن أفغانستان، في ظل التوجّه الأميركي الجديد نحو منطقة آسيا - الباسفيك. وسعي الولايات المتحدة، في الوقت نفسه، لتأكيد حضورها والتزاماتها في الشرق ألأوسط، وتطوير مساعداتها لدول عربية مثل تونس ومصر وليبيا. هذا فضلاً عن الوضع السوري، الذي بات يشغل الولايات المتحدة وغالبية الدول الغربية.
وتدفع الولايات المتحدة أكثر من 100 مليار دولار سنوياً لتواجد القوات الأميركية في أفغانستان، بينها عشرة مليارات دولار للإنفاق على مهمة تدريب قوات الأمن الأفغانية. ويتضمن ذلك شراء المعدات وبناء المنشآت والقواعد ومراكز الشرطة. كما يتضمن توفير متطلبات الأمن داخل مواقع التدريب، إلى جانب رواتب جميع الجنود التابعين للجيش.
وخارج الإنفاق العسكري للولايات المتحدة وحلف الناتو، تنفق الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ما يزيد على 320 مليون دولار شهرياً في أفغانستان.
وتقول السلطات الأفغانية إن وجود قوات أمن وطنية قوية بحاجة إلى نحو خمسة مليارات دولار سنوياً بعد انسحاب القوات الدولية عام 2014.
وبالإضافة للتطمينات الأميركية المستمرة، وفيما بدا محاولة للحد من هواجس المسؤولين الأفغان، قال الأمين العام لحلف الناتو، أندرس فوغ راسموسن: "يجب أن لا يكون هناك أي سوء فهم. نقل المسؤولية الأمنية ليس معناه المغادرة. لن نغادر عندما يتولى الأفغان مسؤولية القيادة. سوف نبقى ملتزمين بمهمتنا، ولن نغادر ونترك وراءنا فراغا أمنياً".
وحسب راسموسن، فإن تدريب قوات الأمن الأفغانية سوف يكون عنصرا رئيساً للتواجد في مرحلة ما بعد العام 2014.
وكانت البعثة التدريبية التابعة لحلف الناتو قد بدأت عملها في أفغانستان في نهاية العام 2009، بهدف تعزيز قدرات الجيش الأفغاني، وزيادة عدد قواته إلى 195 ألف جندي بحلول نهاية العام 2014.
وأياً تكن السياقات، فإن الحدث الأفغاني يرمي اليوم بتداعياته عميقة الأثر على دائرة واسعة من المحيط الإقليمي. وإن الأسرة الدولية، كما أقطار المنطقة، معنية بالبحث عن مقاربة ناجزة لاستقرار أفغانستان، باعتبار ذلك ضرورة لا غنى عنها لأمن الإقليم، والأمن الدولي عامة.
وبالطبع، فإن أفغانستان ليست بحاجة إلى قدرات أمنية فقط، بل كذلك إلى تنمية اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق. وكلا الأمرين متلازم على نحو لا لبس فيه.
وأفغانستان هذه لن تكون في القادم من السنين هي ذاتها التي عرفها الناس قبل بضعة عقود خلت، أو خلال الحروب الإمبراطورية التي شهدها هذا الشرق. إن مستقبل أفغانستان أمامها لا خلفها. فوظيفتها الجيوبوليتيكية قد تغيّرت على نحو جذري، باتجاه عزز من دورها ومكانتها.
وفي التأصيل الاستراتيجي، يُمكننا القول إن تداعيات الحرب الأميركية في أفغانستان عام 2001 قد أتت لتتفاعل مع متغيّر جيوسياسي طرأ على الدولة الأفغانية بعد انتهاء الحرب الباردة. وبصورة أدق إثر انهيار الاتحاد السوفياتي. فقد تغيّرت الوظيفة الجيوبوليتيكية لأفغانستان من دولة عازلة للنفوذ السوفياتي، ومانعة لانسيابه باتجاه العالم الهندي، إلى همزة وصل بين الجمهوريات الإسلامية حديثة الاستقلال في آسيا الوسطى وهذا العالم، حيث المياه الدافئة والممرات الاستراتيجية باتجاه أفريقيا وأوروبا .
كذلك، تحوَل الصراع الدولي على أفغانستان من صراع تؤطره مفاهيم الجيوبوليتيك العتيقة إلى صراع على الممرات النفطية ومستقبل السيطرة على حركة التجارة بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا.
وستتولى القوة، المحتمل استمرارها، مهام تدريب القوات الأفغانية، والقيام بمهام أمنية خاصة بالتنسيق مع الجانب الأفغاني.
وفي 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، بدأت الولايات المتحدة وأفغانستان مفاوضات خاصة بتوقيع "اتفاقية وضع القوات" الأميركية، التي ستبقى بعد انسحاب القوات الأطلسية عام 2014.
وكانت الولايات المتحدة قد وقعت اتفاقيات مماثلة مع كل من العراق واليابان وألمانيا وإيطاليا وكوريا الجنوبية. إلا أن مضامينها تفاوتت بين دولة وأخرى.
وتناولت المفاوضات الدائرة مع كابول العدد المرجح للقوات التي سيجري الاحتفاظ بها، لأغراض التدريب والاستشارة والمهام الخاصة. ووضعها القانوني، وطبيعة علاقتها بالسلطات الأفغانية.
وأكدت الولايات المتحدة للسلطات الأفغانية بأنها لا تسعى للاحتفاظ بقواعد عسكرية دائمة (بالمعنى المتعارف عليه). كما يُرجح أن تتحفظ واشنطن على فكرة توقيع اتفاق دفاعي خاص.
وقد تمكنت الولايات المتحدة، بعد شن الحرب على أفغانستان، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2001، من الإطاحة بالسلطة التي تقودها حركة طالبان، ولكن دون أن تنتهي الحركة ذاتها.
وقضت خطة الرئيس الأميركي، باراك أوباما بشأن أفغانستان، ببدء انسحاب تدريجي اعتباراً من منتصف العام 2011، على أن يكتمل سحب القوات بحلول نهاية عام 2014.
وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري 2012، كان ينتشر في أفغانستان نحو 67 ألف جندي أميركي، وحوالي 37 ألف جندي من التحالف الدولي. بينما بلغ إجمالي القوات الأفغانية من جيش وشرطة 337 ألف شخص.
وفي مطلع العام 2011، كان هناك نحو 150 ألفاً من القوات الأميركية والدولية. وهو رقم يزيد بثلاثين ألفاً عن القوات التي نشرها الاتحاد السوفياتي في ثمانينيات القرن العشرين، إبان احتلاله أفغانستان.
وكان حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد دخل على خط المهمة الدولية في أفغانستان اعتباراً من العام 2003، ثم تولى السيطرة الكاملة على هذه المهمة بعد ثلاثة أعوام من ذلك التاريخ.
وبالنسبة للولايات المتحدة ذاتها، فقد فقدت الحرب في أفغانستان الدعم الشعبي الذي كانت تحظى به. ورأى بعض الباحثين الأميركيين أن القوة الأميركية قد حققت نجاحاً تمثل بالإطاحة بحكم طالبان، وكان يفترض أن تنتهي المهمة عند تلك النقطة ويعود الجنود للوطن.
وعلى الرغم من ذلك، ثمة إجماع لدى النخبة الأميركية بأن ترك أفغانستان لمصيرها ليس خياراً يُمكن تداوله. وإن الولايات المتحدة معنية بتأكيد التزام بعيد المدى تجاه هذه الدولة. وعليها أن تستفيد من تجاربها المماثلة مع الدول الأخرى.
وفي الأول من أيار/ مايو 2012، وقعت الولايات المتحدة وأفغانستان اتفاقية شراكة استراتيجية، تحدد ملامح العلاقة طويلة الأمد بين البلدين.
وقد وقع الاتفاقية عن الجانب الأميركي الرئيس باراك أوباما، وعن الجانب الأفغاني رئيس أفغانستان حامد كرزاي.
وبموجب هذه الاتفاقية، تتعهد كل من الولايات المتحدة وأفغانستان بتعزيز التعاون الإستراتيجي طويل الأمد في المجالات ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك "الإسراع بإرساء السلام والأمن والمصالحة، وتعزيز مؤسسات الدولة، ودعم جهود التنمية الاجتماعية والاقتصادية في أفغانستان، وتشجيع التعاون الإقليمي".
وتمنح الولايات المتحدة أفغانستان، بموجب هذه الاتفاقية، صفة "حليف رئيسي من غير دول الناتو". كما تلتزم بعد العام 2014 بالسعي للحصول على الأموال اللازمة سنوياً لتغطية مصاريف تدريب قوات الأمن الوطني الأفغانية، وتزويدها بالأسلحة والمعدات، وتقديم المشورة والدعم لها.
وتنص الاتفاقية على أن تلتزم أفغانستان بأن تتيح للقوات الأميركية حرية الوصول إلى التسهيلات الأفغانية، واستخدامها طوال العام 2014 وما بعده، حسبما يُتفق عليه في اتفاقية الأمن الثنائي المزمع توقيعها بين البلدين. وذلك "بغرض محاربة تنظيم القاعدة ومنسوبيه، وتدريب قوات الأمن الوطني الأفغانية، والاضطلاع بمهام أخرى يحددها الطرفان لتعزيز المصالح الأمنية المشتركة".
وأشارت الاتفاقية إلى أن الولايات المتحدة لا تسعى للحصول على تسهيلات عسكرية دائمة في أفغانستان، أو التواجد بصورة تنطوي على تهديد لجيرانها. كما تتعهد بعدم استخدام الأراضي أو المنشآت الأفغانية كنقطة انطلاق لهجمات ضد دول أخرى.
وعلى نحو مجمل، هناك اليوم تحديان رئيسيان يواجهان السياسة الأميركية الخاصة بأفغانستان: يتمثل الأول في إيجاد إطار عمل إقليمي لدعم العملية السياسية القائمة، تكون مهمته تشجيع المصالحة الوطنية، ورفد مقومات التنمية الاجتماعية والاقتصادية بعيدة المدى.
ويتمثل التحدي الآخر أمام واشنطن، في إنجاز مهمة بناء قوات الجيش والشرطة الأفغانية، لتكون قادرة على الإمساك بزمام الوضع، وجعل الاستقرار حقيقة قائمة في مختلف أرجاء البلاد وليس العاصمة وحسب، وضمان عدم قدرة أية مجموعة مسلحة من السيطرة على السلطة بقوة السلاح.
وبطبيعة الحال، هذه ليست مهمة أميركية خالصة، بل هي مهمة إقليمية ودولية عامة. ولا يجوز أن تكون غير ذلك.
وفي حين يؤكد الأفغان قدرتهم على الإمساك بزمام الوضع بعد انسحاب القوات الأميركية والأطلسية، فإن بعض المسؤولين في كابول لم يتردد في إبداء خشيته من أن تتجه أولويات واشنطن بعيداً عن أفغانستان، في ظل التوجّه الأميركي الجديد نحو منطقة آسيا - الباسفيك. وسعي الولايات المتحدة، في الوقت نفسه، لتأكيد حضورها والتزاماتها في الشرق ألأوسط، وتطوير مساعداتها لدول عربية مثل تونس ومصر وليبيا. هذا فضلاً عن الوضع السوري، الذي بات يشغل الولايات المتحدة وغالبية الدول الغربية.
وتدفع الولايات المتحدة أكثر من 100 مليار دولار سنوياً لتواجد القوات الأميركية في أفغانستان، بينها عشرة مليارات دولار للإنفاق على مهمة تدريب قوات الأمن الأفغانية. ويتضمن ذلك شراء المعدات وبناء المنشآت والقواعد ومراكز الشرطة. كما يتضمن توفير متطلبات الأمن داخل مواقع التدريب، إلى جانب رواتب جميع الجنود التابعين للجيش.
وخارج الإنفاق العسكري للولايات المتحدة وحلف الناتو، تنفق الخارجية الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ما يزيد على 320 مليون دولار شهرياً في أفغانستان.
وتقول السلطات الأفغانية إن وجود قوات أمن وطنية قوية بحاجة إلى نحو خمسة مليارات دولار سنوياً بعد انسحاب القوات الدولية عام 2014.
وبالإضافة للتطمينات الأميركية المستمرة، وفيما بدا محاولة للحد من هواجس المسؤولين الأفغان، قال الأمين العام لحلف الناتو، أندرس فوغ راسموسن: "يجب أن لا يكون هناك أي سوء فهم. نقل المسؤولية الأمنية ليس معناه المغادرة. لن نغادر عندما يتولى الأفغان مسؤولية القيادة. سوف نبقى ملتزمين بمهمتنا، ولن نغادر ونترك وراءنا فراغا أمنياً".
وحسب راسموسن، فإن تدريب قوات الأمن الأفغانية سوف يكون عنصرا رئيساً للتواجد في مرحلة ما بعد العام 2014.
وكانت البعثة التدريبية التابعة لحلف الناتو قد بدأت عملها في أفغانستان في نهاية العام 2009، بهدف تعزيز قدرات الجيش الأفغاني، وزيادة عدد قواته إلى 195 ألف جندي بحلول نهاية العام 2014.
وأياً تكن السياقات، فإن الحدث الأفغاني يرمي اليوم بتداعياته عميقة الأثر على دائرة واسعة من المحيط الإقليمي. وإن الأسرة الدولية، كما أقطار المنطقة، معنية بالبحث عن مقاربة ناجزة لاستقرار أفغانستان، باعتبار ذلك ضرورة لا غنى عنها لأمن الإقليم، والأمن الدولي عامة.
وبالطبع، فإن أفغانستان ليست بحاجة إلى قدرات أمنية فقط، بل كذلك إلى تنمية اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق. وكلا الأمرين متلازم على نحو لا لبس فيه.
وأفغانستان هذه لن تكون في القادم من السنين هي ذاتها التي عرفها الناس قبل بضعة عقود خلت، أو خلال الحروب الإمبراطورية التي شهدها هذا الشرق. إن مستقبل أفغانستان أمامها لا خلفها. فوظيفتها الجيوبوليتيكية قد تغيّرت على نحو جذري، باتجاه عزز من دورها ومكانتها.
وفي التأصيل الاستراتيجي، يُمكننا القول إن تداعيات الحرب الأميركية في أفغانستان عام 2001 قد أتت لتتفاعل مع متغيّر جيوسياسي طرأ على الدولة الأفغانية بعد انتهاء الحرب الباردة. وبصورة أدق إثر انهيار الاتحاد السوفياتي. فقد تغيّرت الوظيفة الجيوبوليتيكية لأفغانستان من دولة عازلة للنفوذ السوفياتي، ومانعة لانسيابه باتجاه العالم الهندي، إلى همزة وصل بين الجمهوريات الإسلامية حديثة الاستقلال في آسيا الوسطى وهذا العالم، حيث المياه الدافئة والممرات الاستراتيجية باتجاه أفريقيا وأوروبا .
كذلك، تحوَل الصراع الدولي على أفغانستان من صراع تؤطره مفاهيم الجيوبوليتيك العتيقة إلى صراع على الممرات النفطية ومستقبل السيطرة على حركة التجارة بين آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأفريقيا.