صفحة 1 من 1

وهل يقاضينا التاريخ؟

مرسل: الجمعة نوفمبر 30, 2012 4:47 am
بواسطة عبدالله حسين العنزي1
ما الذي يجب مراعاته بالدرجة الأولى حين يُكتب التاريخ درامياً: " أهي الحقيقة والمصداقية أم التشويق والجماهيرية "؟

هذه المعادلة الصعبة اختلف حولها كثيرون في كل زمان ومكان، فهي المحور ذاته الذي اختلف عليه حين تم عرض أعمال تمثيلية لسيرة بعض عمالقة الفن والأدب والسياسة والمال، وهي محور الجدل ذاته الذي دار حول أعمال جسدت سير شخصيات ووقائع دينية، وكذاك الذي دار حول تصوير البيئات المحلية العربية المبالغ في إظهارها بمظهر الطهارة والمبادىء المثالية، وهاهو يدار الآن حول سير بعض الشخصيات التاريخية، ومنها الشخصية الأحدث " السلطان سليمان " في المسلسل التركي " حريم السلطان".

انتقادات هذا المسلسل مثلاً جاءت مؤخراً على لسان شخصية سياسية بارزة بحجم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، فهو يعترض على تصوير جد من أجدادهم العظماء محاطاً بالنساء، بينما هو في التاريخ القائد العظيم الذي شهد عصره فتوحات واسعة طيلة ثلاثين عاماً حتى طالت أوروبا، وهو المشرّع " القانوني " الذي شرّع أكثر من مئتي قانون للدولة العثمانية.

فمن وجهة نظر أردوغان أن المسألة فيها إساءة للتاريخ وتستحق أن ينظر القضاء بأمرها، ولم يغيّر من نظرته لهذا الأمر حتى عندما أبلغته وزارة الثقافة التركية أن عوائد صادرات المسلسلات التركية بلغ خمسة وستين مليون دولار في نهاية عام 2010 فقط!

فمن هو على حق في هذه القضية – المثال – أهو المعترض الغيور على التاريخ " أردوغان " أم صاحبة الحجة الاقتصادية الدامغة " وزارة الثقافة التركية "؟

أعتقد أن الجدل في مثل هذه القضايا لن يتوقف أبداً، ولن يُحسم أبداً، وهذا ما أثبتته قضايا مماثلة أقامت الدنيا وأقعدتها فور بثها، وما ان مضى بها الزمن قليلاً حتى تناساها الناس، وتركوا أسئلتهم حولها معلقة بلا أجوبة!

والجواب الوحيد الذي يحصل عليه أولئك المتجادلون هو ما تظهره لغة الأرقام، لغة المال، فحين تكون إيرادات هذه الأعمال الفنية " خرافية " تصبح هي الفيصل، وهي الحكم، وهي الحجة الأبرز التي لا يجوز تجاوزها بأي حال من الأحوال، فإن تأثرت مصداقية التاريخ في عمل من هذه الأعمال فلتذهب إلى.......!