- الجمعة نوفمبر 30, 2012 4:02 pm
#55576
مما ورد في معجم ابن منظور:
الحَدْسُ التوهُّم في معاني الكلام والأُمور.
بلَغَني عن فلان أَمر، وأَنا أَحْدس فيه؛ أَي: أقول بالظن والتوهُّم، وأَصلُ الحَدْسِ الرمي، ومنه حَدْسُ الظن إِنَّما هو رَجْمٌ بالغيب، والحَدْسُ: الظنّ والتخمين، يقال: هو يَحْدِس، بالكسر؛ أي: يقول شيئًا برأَيه، والحَدْسُ: السُّرعة والمُضِيُّ على استقامة، والحَدْسُ: الذَّهاب في الأرض على غير هداية.
ما الفَرْق بين الحدْس والتفكير؟
قيل في الحدس: إنَّه ما ينتج قبلَ التفكير، معارِف يتوصَّل إليها بدون إعْمال الفِكر، تحضُر الذهن فجأةً، وهل هذا ممكن؟
نعمْ يمكن للمعارِف أن تنتج بدون إعمال فِكر ظاهرًا لا باطنًا؛ فقد يكون الذِّهن مشغولاً بأمرٍ ما فتقفز إليه أمورٌ أخرى غير مطلوبة آنئذٍ، لكنَّها كانتْ مطلوبةً قبل، فهناك عواملُ معيَّنة ومثيرات خاصَّة تحفز الذِّهن أو تقدِّم له اللبنة الأخيرة في البِناء، وإذا رجعت إلى مُعظم الحدوس وجدتها مِن المطلوبات، وإن ظهرتْ في أشكالٍ أخرى توهم بالجدة.
ثَمَّة مسألة يجب التفصيلُ فيها قبل ذلك، وهي: هل كلُّ ما يتوصَّل إليه بالحدس صحيح؟ بل هل مُعظَمه صحيح؟ مما نتوصَّل إليه بالحَدْس الصحيح، وغير الصَّحيح، فأمَّا الصحيح منه، فإمَّا أن يكونَ من قبيل المصادفة، وهذا وارد، أو مِن قبيل التفكير وهذا غالِب؛ لأنَّ وراءَ الحدس تفكيرًا مِن نوع باطن، فالمسألة المؤرّقة التي ينشغل بها الذِّهن ظاهرًا، تكتسي - وفقًا لشروط معيَّنة - صبغة داخليَّة، منسية في الظاهِر غير منسية في الباطن، وعندما تظهر النتائج الإيجابيَّة الصحيحة يُسمَّى ذلك حدسًا، وما ذلك إلا نوعٌ من التفكير الداخلي.
إنَّ الحدوس المفتخر بها، والمتحدِّث عنها حدوس إيجابيَّة، أمَّا الحدوس السلبيَّة من حيث نتائجها، فلا تذكر، ولئن ذكرت فليس على سبيلِ الافتخار.
يذمُّ أكثرهم التفكير الحدسي، بل لا يعتبره تفكيرًا؛ لأنَّه لا يخضَع للعمليَّات العقليَّة، مثله مثل التفكير العاطِفي؛ لأنَّ العلم كما يَتَصوَّرون في مقابلِ العاطفة، وهذه نُقطة مُظلمة في العِلم ومناهجه، تنْضاف إلى غيرها.
فصل القول في الحدس:
إنَّه في بعضِ الأحيان يكون تفكيرًا غير معلن، وفي بعض الأحيان يختلط على الواصِف، بالتفكير المعلَن الصريح، وفي بعض الأحيان يكون مِن قبيل المصادفات، وفي بعض الأحيان يكون ردَّ فعلٍ لمثيرٍ قَوِيّ، مباشر وغير مباشِر، فيكون آخر لبنة في الفِكرة، وفي بعض الأحيان يكون إلهامًا، وهذا كذلك نوعٌ مِن الحديث الداخلي، يُمكن أن يختلط بغيره.
أ. حنافي جواد
مما ورد في معجم ابن منظور:
الحَدْسُ التوهُّم في معاني الكلام والأُمور.
بلَغَني عن فلان أَمر، وأَنا أَحْدس فيه؛ أَي: أقول بالظن والتوهُّم، وأَصلُ الحَدْسِ الرمي، ومنه حَدْسُ الظن إِنَّما هو رَجْمٌ بالغيب، والحَدْسُ: الظنّ والتخمين، يقال: هو يَحْدِس، بالكسر؛ أي: يقول شيئًا برأَيه، والحَدْسُ: السُّرعة والمُضِيُّ على استقامة، والحَدْسُ: الذَّهاب في الأرض على غير هداية.
ما الفَرْق بين الحدْس والتفكير؟
قيل في الحدس: إنَّه ما ينتج قبلَ التفكير، معارِف يتوصَّل إليها بدون إعْمال الفِكر، تحضُر الذهن فجأةً، وهل هذا ممكن؟
نعمْ يمكن للمعارِف أن تنتج بدون إعمال فِكر ظاهرًا لا باطنًا؛ فقد يكون الذِّهن مشغولاً بأمرٍ ما فتقفز إليه أمورٌ أخرى غير مطلوبة آنئذٍ، لكنَّها كانتْ مطلوبةً قبل، فهناك عواملُ معيَّنة ومثيرات خاصَّة تحفز الذِّهن أو تقدِّم له اللبنة الأخيرة في البِناء، وإذا رجعت إلى مُعظم الحدوس وجدتها مِن المطلوبات، وإن ظهرتْ في أشكالٍ أخرى توهم بالجدة.
ثَمَّة مسألة يجب التفصيلُ فيها قبل ذلك، وهي: هل كلُّ ما يتوصَّل إليه بالحدس صحيح؟ بل هل مُعظَمه صحيح؟ مما نتوصَّل إليه بالحَدْس الصحيح، وغير الصَّحيح، فأمَّا الصحيح منه، فإمَّا أن يكونَ من قبيل المصادفة، وهذا وارد، أو مِن قبيل التفكير وهذا غالِب؛ لأنَّ وراءَ الحدس تفكيرًا مِن نوع باطن، فالمسألة المؤرّقة التي ينشغل بها الذِّهن ظاهرًا، تكتسي - وفقًا لشروط معيَّنة - صبغة داخليَّة، منسية في الظاهِر غير منسية في الباطن، وعندما تظهر النتائج الإيجابيَّة الصحيحة يُسمَّى ذلك حدسًا، وما ذلك إلا نوعٌ من التفكير الداخلي.
إنَّ الحدوس المفتخر بها، والمتحدِّث عنها حدوس إيجابيَّة، أمَّا الحدوس السلبيَّة من حيث نتائجها، فلا تذكر، ولئن ذكرت فليس على سبيلِ الافتخار.
يذمُّ أكثرهم التفكير الحدسي، بل لا يعتبره تفكيرًا؛ لأنَّه لا يخضَع للعمليَّات العقليَّة، مثله مثل التفكير العاطِفي؛ لأنَّ العلم كما يَتَصوَّرون في مقابلِ العاطفة، وهذه نُقطة مُظلمة في العِلم ومناهجه، تنْضاف إلى غيرها.
فصل القول في الحدس:
إنَّه في بعضِ الأحيان يكون تفكيرًا غير معلن، وفي بعض الأحيان يختلط على الواصِف، بالتفكير المعلَن الصريح، وفي بعض الأحيان يكون مِن قبيل المصادفات، وفي بعض الأحيان يكون ردَّ فعلٍ لمثيرٍ قَوِيّ، مباشر وغير مباشِر، فيكون آخر لبنة في الفِكرة، وفي بعض الأحيان يكون إلهامًا، وهذا كذلك نوعٌ مِن الحديث الداخلي، يُمكن أن يختلط بغيره.
أ. حنافي جواد