By فهد العزاز 81 - الأحد ديسمبر 02, 2012 9:25 pm
- الأحد ديسمبر 02, 2012 9:25 pm
#55741
بصراحة، لم أعد أرغب في الخوض في وضع المعارضة السياسية لأسباب كثيرة، ليس أولها التخوين ولا آخرها الترهل السياسي وعدم الحس بالمسؤولية أو الاتهام بأني أسعى لمنصب ولذلك أقف ضد أي مبادرة لا أستلم فيها منصباً، لذلك ابتعدت عن السياسة لصالح التركيز على حقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات... لكني أجد نفسي مضطراً للكتابة هنا حول الطبخة التي تطبخ في الدوحة... لا تشكيكاً بأحد وإنما لإيضاح ما يحصل للمواطن السوري العادي البعيد عن الحياة السياسية.
الكلمات أدناه فيها تحليل صرف وآراء (يشاطرني بها العشرات من الأشخاص الذين تحاورت معهم) لما حصل في القاهرة في مؤتمر المعارضة ولما يحصل اليوم في الدوحة:
- هناك حاجة لجسم سياسي يمثل الثورة في الخارج كون الثوار على الأرض محاصرين ولا يستطيعون تمثيل أنفسهم على صعيد الدبلوماسية الدولية. شاءت الأقدار تشكيل المجلس الوطني السوري في 2/10/ 2011.
- اكتشف المجتمع الدولي أن المجلس الوطني السوري يتبنى مطالب الثورة كاملة، وأن سقفه السياسي مطابق لسقف الثوار في الداخل وأن المجلس يرفض أنصاف الحلول التي يقدمها المجتمع الدولي، فلم يعد المجتمع الدولي مرتاحاً للمجلس بتاتاً.
- بدأت العروض السياسية تنهال على الثورة والمعارضة والمجلس، وقام المجلس الوطني بموقف ممتاز وهو رفض أنصاف الحلول ورفض أي شي لا يحقق مطلب الثورة المباشرة: تنحي الأسد.
- بدأ المجلس الوطني السوري يشكل عبئاً كبيراً على المجتمع الدولي الذي أكتشف أن سقف المجلس الوطني أعلى بكثير من سقفه ومما يعرضه.
- بدأ المجلس الوطني بمطالب معلنة ومحرجة للمجتمع الدولي بالتدخل في سوريا وحماية المدنيين، ومطالب بمساعدات إغاثية. أحرج المجتمع الدولي وضاق ذرعاً بالمجلس الذي أحرجه، لذلك قرر تجاوزه وإنهاءه.
- سمحت حالة الترهل في صفوف المجلس الوطني، وغياب الشفافية وإنعدام الممارسة الديمقراطية في صفوفه (تجلى ذلك بالتمديد لرئيسه الأول لثلاث مرات) إلى إضعاف صورة المجلس في عيون السوريين داخل سوريا وخارجها. شكل هذا فرصة ذهبية للمجتمع الدولي (الولايات المتحدة تحديداً) لإنهاء المجلس والتخلص من الضغط الذي يشكله عليها.
- بدأت مهمة إنهاء المجلس الوطني السوري على يد السفير الأميركي روبرت فورد، وبدأها بتصريحات مسيئة للمجلس على مدى عدة أشهر تتحدث عن تغييب الأقليات والافتقار لتمثيل شامل للثورة.
- تبع تلك المرحلة محاولة محاصرة المجلس وعزله دولياً وإنهاكه، وتمثل ذلك بإيقاف الدعم المالي الخليجي عن المجلس ولعدة أشهر بإيعاز أميركي. بدا المجلس ضعيفاً في عيون السوريين، لم يقدم سلاحاً، ولا إغاثة، ولا حلاً للأزمة.
- توافق ذلك مع دور أميركي سلبي في موضوع التسليح، تجلى باختصار بفلترة السلاح القادم للثوار وسحب أي سلاح نوعي أو فوق المتوسط منه، بحجة عدم وقوع السلاح بيد "إرهابيين" أو "متطرفين".
- في القاهرة، 3/تموز/ 2012. تقدم السفير الأميركي بمشروعه، مشروع إنهاء المجلس الوطني السوري، عبر إقتراح إقامة لجنة المتابعة والاتصال وتضم كل من المجلس الوطني السوري، هيئة التنسيق، تيار بناء الدولة، إضافة لبعض الكتل الصغيرة والمستقلين من هنا وهناك.
- أجهض المجلس الوطني اقتراح فورد ومشروعه عبر رفض الانضواء مع الكتل الأخرى في جسم واحد. هذا أغضب فورد ودفعه للخطة الثانية، وهي ما يجري الإعداد له في الدوحة اليوم.
- إقتراح تشكيل حكومة انتقالية لتحظى بشرعية دولية كاملة، (وبالتالي التخلص من المجلس الوطني)، وتنصيب رياض سيف رئيساً لها.
- أدرك السفير فورد استحالة تجاوز المجلس أو مقاطعته لأنه أصبح الكتلة الأكبر داخل المعارضة وهي الكتلة التي حظيت باعترافات سياسية متعددة عبر مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري المتعددة.
- لذلك عمل السفير فورد على المشروع على مرحلتين: أولى هي محاولة تمرير المشروع عبر المجلس الوطني نفسه وإقناع المجلس بتشكيل حكومة انتقالية. طرح رياض سيف المشروع على المجلس الوطني في السويد وصوتت الأمانة العامة ضده، فغضب رياض سيف وانسحب من القاعة مهدداً الأمانة العامة للمجلس: من أنتم حتى تصوتوا ضد مشروع روبرت فورد.
- ترافق ضغط فورد على المجلس مع العمل الممنهج على تحطيمه، وتم الإيعاز لبسمة القضماني بالإنسحاب من المجلس الوطني والإساءة له، بهدف ترويج فكرة الحكومة الانتقالية أكثر فأكثر. نفذت القضماني المهمة ونشرت شتائم متعددة ضد المجلس ودعمت وروجت لفكرة حكومة رياض سيف لدى الفرنسيين.
- المرحلة الثانية لعمل فورد هو استخدام الطرف الممول للمجلس للضغط على المجلس الوطني للقبول بفكرة حكومة رياض سيف، قطر. تذكرت قطر المجلس فجأة بعد قطع المساعدات عنه لأكثر من ستة أشهر (بطلب أميركي) وتواصلت مع المجلس ومولت رحلته لنيويورك للمشاركة في اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة. ثم وجهت قطر دعوة للمجلس الوطني لعقد مؤتمر الامانة العامة في الدوحة، قدمت الدوحة فيها فندقاً وتذاكر سفر كدعم للمجلس كي لا يتكلف مالياً.
- بدأت المساومات مع المجلس في الدوحة، ابتزاز المجلس للقبول بفكرة حكومة رياض سيف تحت التهديد بقطع المساعدات عن المجلس وسحب الاعتراف منه.
- ناور المجلس قليلاً وقبل طرح فكرة الحكومة الانتقالية لكنه اشترط فعل ذلك بعد مؤتمر الهيئة العامة للمجلس كي ينهي المجلس ترتيب بيته الداخلي قليلاً.
- حاولت قطر توجيه دعوات للكتل الأخرى للمشاركة، قبل المجلس واشترط للقيام بذلك التشاور مع المجلس حول المشاركين. ذهب رياض سيف منفرداً للقاء نائب وزير الخارجية القطري وأبلغه أن هذه هي قائمة الأسماء التي يريد المجلس الوطني دعوتها لمؤتمر تشكيل الحكومة.
- لم يشاور سيف المجلس بالأسماء وإنما وضع لائحة بنفسه فقط، وبالتشاور مع بسمة القضماني، فيها أسماء أصدقاءه ومن سيصوتون له ليكون رئيساً للحكومة.
- علم المجلس بتصرف سيف واحتج لدى القطريين لكن نائب وزير الخارجية القطري قال أن سيف سلم قائمة الأسماء على أنها موجهة من المجلس وأننا وجهنا الدعوات ولا نستطيع التراجع بها.
- بدأ الابتزاز والضغط مجدداً على المجلس الوطني ليصوت بالقبول على مشروع حكومة رياض سيف، وبدأ التواصل مع أعضاء المكتب التنفيذي، كل على حدة، لضمان موافقتهم على الفكرة.
- أبدى د. برهان غليون رفضه ورفض كتلته للفكرة.
- وافق أحمد رمضان فوراً بشرط أن يكون عضواً في الحكومة العتيدة المزمعة التشكيل.
- رفض الحراك الثوري وممثلوه الفكرة رفضاً قاطعاً، بإستثناء لجان التنسيق المحلية (هناك أخبار غير مؤكدة بعد أن لجان التنسيق المحلية تؤيد تشكيل حكومة رياض سيف لأسباب ترتبط بالحصول على دعم مالي من سيف وحكومته).
- بقي الإخوان المسلمون على موقف غامض، لم يعلنوا القبول بمشروع حكومة رياض سيف ولكنهم يروجون لقبوله في المجلس الوطني بذريعة عدم الاصطدام بالمجتمع الدولي حيث يبحثون عن رضا واشنطن عليهم.
فكرة الحكومة:
لست ضد فكرة أي حكومة انتقالية حقيقة، لكني أقف ضد حكومة رياض سيف لسببين:
الأول: أن الهدف الوحيد لهذه الحكومة هو تحقيق توجه لدى أطراف إقليمية ودولية لإنهاء دور المجلس الوطني السوري وخلق كيان سياسي جديد يستجيب لتوجهاتها وطلباتها.
الثاني: أن الهدف من الحكومة هو اعتماد حلول سياسية تقفز على الهدف الرئيس للثورة :اسقاط النظام، وتبني خيار حل وسط أو لا غالب ولا مغلوب.
باختصار، الهدف من تشكيل الحكومة الانتقالية هو الموافقة على ما رفضه المجلس الوطني سابقاً: الحوار مع النظام والقبول بأفكار نبيل العربي والأخضر الإبراهيمي حول حل سياسي في سوريا يتبنى الرؤية الإيرانية للحل: حكومة تقودها شخصية معارضة مع بقاء الأسد حتى 2014 وإجراء انتخابات عندها.
ستصبح مهمة جر الحكومة القاادمة لحوار مع الأسد وحلول وسط أسهل بكثير عندما نعلم أن "التعددية" و "التمثيل" يقتضي أن تكون شخصيات هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة في تشكيلة الحكومة.
لا أملك أي موقف شخصي من رياض سيف، والرجل صديق منذ ما قبل الثورة لكني مستاء من سلوكه وتصرفاته لعدة أسباب:
أولاً: كونه مريض سرطان ويخضع للعلاج في ألمانيا وعليه فإن وضعه الصحي لا يؤهله للعب هذا الدور، مع تمنياتي الصادقة له بالشفاء العاجل.
ثانياً: أن الهدف من الحكومة ليس فعلاً في صالح الثورة السورية وإنما للالتفاف على الثورة ومحاولة الحد من انتصاراتها.
يعرف رياض سيف ذلك جيداً لكنه يتصرف على مبدأ "أنا والطوفان من بعدي"، وهو موقف لا يليق بمن يحاول طرح نفسه كرجل سياسة؛ تجاهل 40 ألف سوري ضحوا بأنفسهم والقبول بحل وسط سخيف يلتف عن الثورة ويجهض انتصارها.
الثالُث: أن الوعود التي يطرحها رياض سيف من أجل تشجيع الآخرين على قبول حكومته غير صحيحة، ما يطرحه رياض سيف من فوائد لحكومته هو التالي:
- ستحصل الحكومة على اعتراف دولي سريع (هذا غير مضمون ولو كان مضموناً فإنه لن يوقف البراميل التي تلقى على رؤوس السوريين يومياً).
- ستحصل الحكومة الجديدة على الأموال السورية المجمدة لنظام الأسد. وهذا الوعد غير صحيح على الإطلاق وممكن مقارنة الوضع بليبياً: حكومة منتخبة وبرلمان منتخب ودولة حقيقة ولا تزال أموال نظام القذافي مجمدة.
- الإعتراف بالحكومة سيسمح بإحالة الملف إلى محكمة الجنايات الدولية: وهذا الموضوع غير صحيح البتة ولم تقبل محكمة الجنايات الدولية أي إحالة من المجلس الانتقالي الليبي (رغم أنه كان معترف به كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي) وقبلت المحكمة فقط الإحالة بقرار من مجلس الأمن.
- الحكومة المعترف بها ستحصل على سلاح: وهذا غير صحيح لأن الهدف من الحكومة هو عرقلة انتصار الثورة والثوار على الأرض وأن الطرف المعرقل لعمليات تسليح جدية هي الولايات المتحدة، وهي الدولة التي ستملك تأثيراً كبيراً على الحكومة.
بكلمة أخيرة، لا الحكومة القادمة حكومة سورية ولا هي صنيعة السوريين، هي صنيعة تجاذبات عربية-غربية ومحاصصات وأفكار وحلول وسط لا تخدم الثورة ولا ترضي الثوار. أقف ضدها بشكل علني ومباشر وأتمنى لها الفشل وعدم النجاح. وأطالب الثورة، بالوقوف ضدها والتصدي لها ورفضها وعدم تأييد مشروعها.
كانت لي تجربة سلبية مع المجلس الوطني السوري، دفعتني لمغادرته في أسبوعه الثالث، ربما قسوت قليلاً على المجلس في بعض المناسبات الخاصة لكني تحاشيت إلى حد كبير التعليق ضده في العلن أو انتقاده أو الإساءة له... وهنا اعلن احترامي الكبير للمجلس وموقفه الشجاع ورفضه لمشروع السفير الأميركي روبرت فورد والدفاع عن استقلالية القرار السوري رغم الحصار المالي الخانق الذي تعرض له المجلس. كلمة حق مدين بها للمجلس أمام السوريين..
الكلمات أدناه فيها تحليل صرف وآراء (يشاطرني بها العشرات من الأشخاص الذين تحاورت معهم) لما حصل في القاهرة في مؤتمر المعارضة ولما يحصل اليوم في الدوحة:
- هناك حاجة لجسم سياسي يمثل الثورة في الخارج كون الثوار على الأرض محاصرين ولا يستطيعون تمثيل أنفسهم على صعيد الدبلوماسية الدولية. شاءت الأقدار تشكيل المجلس الوطني السوري في 2/10/ 2011.
- اكتشف المجتمع الدولي أن المجلس الوطني السوري يتبنى مطالب الثورة كاملة، وأن سقفه السياسي مطابق لسقف الثوار في الداخل وأن المجلس يرفض أنصاف الحلول التي يقدمها المجتمع الدولي، فلم يعد المجتمع الدولي مرتاحاً للمجلس بتاتاً.
- بدأت العروض السياسية تنهال على الثورة والمعارضة والمجلس، وقام المجلس الوطني بموقف ممتاز وهو رفض أنصاف الحلول ورفض أي شي لا يحقق مطلب الثورة المباشرة: تنحي الأسد.
- بدأ المجلس الوطني السوري يشكل عبئاً كبيراً على المجتمع الدولي الذي أكتشف أن سقف المجلس الوطني أعلى بكثير من سقفه ومما يعرضه.
- بدأ المجلس الوطني بمطالب معلنة ومحرجة للمجتمع الدولي بالتدخل في سوريا وحماية المدنيين، ومطالب بمساعدات إغاثية. أحرج المجتمع الدولي وضاق ذرعاً بالمجلس الذي أحرجه، لذلك قرر تجاوزه وإنهاءه.
- سمحت حالة الترهل في صفوف المجلس الوطني، وغياب الشفافية وإنعدام الممارسة الديمقراطية في صفوفه (تجلى ذلك بالتمديد لرئيسه الأول لثلاث مرات) إلى إضعاف صورة المجلس في عيون السوريين داخل سوريا وخارجها. شكل هذا فرصة ذهبية للمجتمع الدولي (الولايات المتحدة تحديداً) لإنهاء المجلس والتخلص من الضغط الذي يشكله عليها.
- بدأت مهمة إنهاء المجلس الوطني السوري على يد السفير الأميركي روبرت فورد، وبدأها بتصريحات مسيئة للمجلس على مدى عدة أشهر تتحدث عن تغييب الأقليات والافتقار لتمثيل شامل للثورة.
- تبع تلك المرحلة محاولة محاصرة المجلس وعزله دولياً وإنهاكه، وتمثل ذلك بإيقاف الدعم المالي الخليجي عن المجلس ولعدة أشهر بإيعاز أميركي. بدا المجلس ضعيفاً في عيون السوريين، لم يقدم سلاحاً، ولا إغاثة، ولا حلاً للأزمة.
- توافق ذلك مع دور أميركي سلبي في موضوع التسليح، تجلى باختصار بفلترة السلاح القادم للثوار وسحب أي سلاح نوعي أو فوق المتوسط منه، بحجة عدم وقوع السلاح بيد "إرهابيين" أو "متطرفين".
- في القاهرة، 3/تموز/ 2012. تقدم السفير الأميركي بمشروعه، مشروع إنهاء المجلس الوطني السوري، عبر إقتراح إقامة لجنة المتابعة والاتصال وتضم كل من المجلس الوطني السوري، هيئة التنسيق، تيار بناء الدولة، إضافة لبعض الكتل الصغيرة والمستقلين من هنا وهناك.
- أجهض المجلس الوطني اقتراح فورد ومشروعه عبر رفض الانضواء مع الكتل الأخرى في جسم واحد. هذا أغضب فورد ودفعه للخطة الثانية، وهي ما يجري الإعداد له في الدوحة اليوم.
- إقتراح تشكيل حكومة انتقالية لتحظى بشرعية دولية كاملة، (وبالتالي التخلص من المجلس الوطني)، وتنصيب رياض سيف رئيساً لها.
- أدرك السفير فورد استحالة تجاوز المجلس أو مقاطعته لأنه أصبح الكتلة الأكبر داخل المعارضة وهي الكتلة التي حظيت باعترافات سياسية متعددة عبر مؤتمرات أصدقاء الشعب السوري المتعددة.
- لذلك عمل السفير فورد على المشروع على مرحلتين: أولى هي محاولة تمرير المشروع عبر المجلس الوطني نفسه وإقناع المجلس بتشكيل حكومة انتقالية. طرح رياض سيف المشروع على المجلس الوطني في السويد وصوتت الأمانة العامة ضده، فغضب رياض سيف وانسحب من القاعة مهدداً الأمانة العامة للمجلس: من أنتم حتى تصوتوا ضد مشروع روبرت فورد.
- ترافق ضغط فورد على المجلس مع العمل الممنهج على تحطيمه، وتم الإيعاز لبسمة القضماني بالإنسحاب من المجلس الوطني والإساءة له، بهدف ترويج فكرة الحكومة الانتقالية أكثر فأكثر. نفذت القضماني المهمة ونشرت شتائم متعددة ضد المجلس ودعمت وروجت لفكرة حكومة رياض سيف لدى الفرنسيين.
- المرحلة الثانية لعمل فورد هو استخدام الطرف الممول للمجلس للضغط على المجلس الوطني للقبول بفكرة حكومة رياض سيف، قطر. تذكرت قطر المجلس فجأة بعد قطع المساعدات عنه لأكثر من ستة أشهر (بطلب أميركي) وتواصلت مع المجلس ومولت رحلته لنيويورك للمشاركة في اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة. ثم وجهت قطر دعوة للمجلس الوطني لعقد مؤتمر الامانة العامة في الدوحة، قدمت الدوحة فيها فندقاً وتذاكر سفر كدعم للمجلس كي لا يتكلف مالياً.
- بدأت المساومات مع المجلس في الدوحة، ابتزاز المجلس للقبول بفكرة حكومة رياض سيف تحت التهديد بقطع المساعدات عن المجلس وسحب الاعتراف منه.
- ناور المجلس قليلاً وقبل طرح فكرة الحكومة الانتقالية لكنه اشترط فعل ذلك بعد مؤتمر الهيئة العامة للمجلس كي ينهي المجلس ترتيب بيته الداخلي قليلاً.
- حاولت قطر توجيه دعوات للكتل الأخرى للمشاركة، قبل المجلس واشترط للقيام بذلك التشاور مع المجلس حول المشاركين. ذهب رياض سيف منفرداً للقاء نائب وزير الخارجية القطري وأبلغه أن هذه هي قائمة الأسماء التي يريد المجلس الوطني دعوتها لمؤتمر تشكيل الحكومة.
- لم يشاور سيف المجلس بالأسماء وإنما وضع لائحة بنفسه فقط، وبالتشاور مع بسمة القضماني، فيها أسماء أصدقاءه ومن سيصوتون له ليكون رئيساً للحكومة.
- علم المجلس بتصرف سيف واحتج لدى القطريين لكن نائب وزير الخارجية القطري قال أن سيف سلم قائمة الأسماء على أنها موجهة من المجلس وأننا وجهنا الدعوات ولا نستطيع التراجع بها.
- بدأ الابتزاز والضغط مجدداً على المجلس الوطني ليصوت بالقبول على مشروع حكومة رياض سيف، وبدأ التواصل مع أعضاء المكتب التنفيذي، كل على حدة، لضمان موافقتهم على الفكرة.
- أبدى د. برهان غليون رفضه ورفض كتلته للفكرة.
- وافق أحمد رمضان فوراً بشرط أن يكون عضواً في الحكومة العتيدة المزمعة التشكيل.
- رفض الحراك الثوري وممثلوه الفكرة رفضاً قاطعاً، بإستثناء لجان التنسيق المحلية (هناك أخبار غير مؤكدة بعد أن لجان التنسيق المحلية تؤيد تشكيل حكومة رياض سيف لأسباب ترتبط بالحصول على دعم مالي من سيف وحكومته).
- بقي الإخوان المسلمون على موقف غامض، لم يعلنوا القبول بمشروع حكومة رياض سيف ولكنهم يروجون لقبوله في المجلس الوطني بذريعة عدم الاصطدام بالمجتمع الدولي حيث يبحثون عن رضا واشنطن عليهم.
فكرة الحكومة:
لست ضد فكرة أي حكومة انتقالية حقيقة، لكني أقف ضد حكومة رياض سيف لسببين:
الأول: أن الهدف الوحيد لهذه الحكومة هو تحقيق توجه لدى أطراف إقليمية ودولية لإنهاء دور المجلس الوطني السوري وخلق كيان سياسي جديد يستجيب لتوجهاتها وطلباتها.
الثاني: أن الهدف من الحكومة هو اعتماد حلول سياسية تقفز على الهدف الرئيس للثورة :اسقاط النظام، وتبني خيار حل وسط أو لا غالب ولا مغلوب.
باختصار، الهدف من تشكيل الحكومة الانتقالية هو الموافقة على ما رفضه المجلس الوطني سابقاً: الحوار مع النظام والقبول بأفكار نبيل العربي والأخضر الإبراهيمي حول حل سياسي في سوريا يتبنى الرؤية الإيرانية للحل: حكومة تقودها شخصية معارضة مع بقاء الأسد حتى 2014 وإجراء انتخابات عندها.
ستصبح مهمة جر الحكومة القاادمة لحوار مع الأسد وحلول وسط أسهل بكثير عندما نعلم أن "التعددية" و "التمثيل" يقتضي أن تكون شخصيات هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة في تشكيلة الحكومة.
لا أملك أي موقف شخصي من رياض سيف، والرجل صديق منذ ما قبل الثورة لكني مستاء من سلوكه وتصرفاته لعدة أسباب:
أولاً: كونه مريض سرطان ويخضع للعلاج في ألمانيا وعليه فإن وضعه الصحي لا يؤهله للعب هذا الدور، مع تمنياتي الصادقة له بالشفاء العاجل.
ثانياً: أن الهدف من الحكومة ليس فعلاً في صالح الثورة السورية وإنما للالتفاف على الثورة ومحاولة الحد من انتصاراتها.
يعرف رياض سيف ذلك جيداً لكنه يتصرف على مبدأ "أنا والطوفان من بعدي"، وهو موقف لا يليق بمن يحاول طرح نفسه كرجل سياسة؛ تجاهل 40 ألف سوري ضحوا بأنفسهم والقبول بحل وسط سخيف يلتف عن الثورة ويجهض انتصارها.
الثالُث: أن الوعود التي يطرحها رياض سيف من أجل تشجيع الآخرين على قبول حكومته غير صحيحة، ما يطرحه رياض سيف من فوائد لحكومته هو التالي:
- ستحصل الحكومة على اعتراف دولي سريع (هذا غير مضمون ولو كان مضموناً فإنه لن يوقف البراميل التي تلقى على رؤوس السوريين يومياً).
- ستحصل الحكومة الجديدة على الأموال السورية المجمدة لنظام الأسد. وهذا الوعد غير صحيح على الإطلاق وممكن مقارنة الوضع بليبياً: حكومة منتخبة وبرلمان منتخب ودولة حقيقة ولا تزال أموال نظام القذافي مجمدة.
- الإعتراف بالحكومة سيسمح بإحالة الملف إلى محكمة الجنايات الدولية: وهذا الموضوع غير صحيح البتة ولم تقبل محكمة الجنايات الدولية أي إحالة من المجلس الانتقالي الليبي (رغم أنه كان معترف به كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي) وقبلت المحكمة فقط الإحالة بقرار من مجلس الأمن.
- الحكومة المعترف بها ستحصل على سلاح: وهذا غير صحيح لأن الهدف من الحكومة هو عرقلة انتصار الثورة والثوار على الأرض وأن الطرف المعرقل لعمليات تسليح جدية هي الولايات المتحدة، وهي الدولة التي ستملك تأثيراً كبيراً على الحكومة.
بكلمة أخيرة، لا الحكومة القادمة حكومة سورية ولا هي صنيعة السوريين، هي صنيعة تجاذبات عربية-غربية ومحاصصات وأفكار وحلول وسط لا تخدم الثورة ولا ترضي الثوار. أقف ضدها بشكل علني ومباشر وأتمنى لها الفشل وعدم النجاح. وأطالب الثورة، بالوقوف ضدها والتصدي لها ورفضها وعدم تأييد مشروعها.
كانت لي تجربة سلبية مع المجلس الوطني السوري، دفعتني لمغادرته في أسبوعه الثالث، ربما قسوت قليلاً على المجلس في بعض المناسبات الخاصة لكني تحاشيت إلى حد كبير التعليق ضده في العلن أو انتقاده أو الإساءة له... وهنا اعلن احترامي الكبير للمجلس وموقفه الشجاع ورفضه لمشروع السفير الأميركي روبرت فورد والدفاع عن استقلالية القرار السوري رغم الحصار المالي الخانق الذي تعرض له المجلس. كلمة حق مدين بها للمجلس أمام السوريين..