صفحة 1 من 1

أمن الخليج

مرسل: الثلاثاء ديسمبر 04, 2012 8:25 pm
بواسطة سلطان ال طلحان 81
أمن الخليج (1)
قبل الدخول في الحديث عن امن الخليج العربي ، يتوجب علينا أولاً أن نتوقف قليلاً لتحديد معنى بعض المفاهيم الضرورية لفهم هذا الموضوع:
الأمن:
كما هو معروف هو نقيض الخوف، وهو غياب الشعور بالتهديد والخطر، وهو كذلك الإحساس بالاستقرار النفسي. وتحقيق الأمن لأي مجتمع أو دولة هو القيمة العليا التي تبحث عنها المجتمعات والدول باختلاف درجات تطورها، والأمن وسيلة وغاية وسيلة البقاء والتماسك الاجتماعي والتطور وحماية المصالح، وهو غاية لأنه الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والتنموي والنفسي لأي مجتمع.
والخليج:
هو خليجنا العربي الممتد من البحر العربي جنوباً إلى شط العرب شمالاً وتقع على هذا الخليج سبع دول عربية هي، من الجنوب إلى الشمال (عمان – الإمارات العربية المتحدة – قطر – البحرين – المملكة العربية السعودية – الكويت – العراق).
أمن الخليج:
هو ذلك الاستقرار بشتى أنواعه وهو شعور حكومات وشعوب الدول المطلة على الخليج بانتفاء التهديد، أياً كان نوعه، للمنطقة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً وتنموياً، والذي من شأنه أن يؤدي إلى البدء في بناء قواعد وأسس التنمية الكفيلة بمواجهة التحديات التي تعترض طريق الاستقرار والتقدم والازدهار.
وتحديد مفهوم الأساس للأمن يحتاج إلى تفكير استراتيجي عميق. فمفهوم الأمن هنا لا يقتصر على مفهومه التقليدي الذي يتمحور حول المفهوم العسكري للمن، مع أهميته، إلا انه يتجاوز ذلك الفهم الضيق إلى مفهوم أشمل للأمن، وهو المن الذي يشمل بالإضافة إلى الأمن العسكري، أمورا ذات طبيعة اقتصادية وسياسية واجتماعية وعلمية. بمعنى أخر، عن الأمن العسكري ليس إلا أحد أبعاد الأمن بمفهومه الشامل والذي يتمثل في تطوير وتنمية القدرات السياسية والاقتصادية والعلمية وكذلك القدرات العسكرية للدولة.
وعلى هذا الأساس ليس من السهولة بمكان التنبؤ بالمستقبل دون التأمل في دروس الماضي ومن ثم تشخيص الوضع الراهن. لذلك فإننا، ومن خلال هذه المقابلة، يجب أن نقسم الحديث عن أمن الخليج إلى قسمين: يتناول القسم الأول، امن الخليج في إطاره الإقليمي والعوامل الإقليمية التي تهدد امن وسياسات الدول الخليجية. أما القسم الثاني فيتناول امن الخليج في إطاره الدولي، والعلاقة بين هذا الأمن والصراع الدولي.

أمن الخليج في إطاره الإقليمي:
يشكل تكوين دول مجلس التعاون الخليجي الجغرافي وثرواتها الطبيعية وتجربتها السياسية والتاريخية، وكذلك البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، خاصية مختلفة تميزها عن باقي دول المنطقة، ونتيجة لهذه الخاصية المميزة لدول المجلس وبالتالي للخليج العربي، يواجه الخليج مجموعة من التحديات منذ زمن ليس بالقريب، والتي تصل إلى درجة تهديد أمنه واستقراره والدول المطلة عليه. ومن هذه التحديات:
- تحدي عملية التنمية وما يصاحبها من آثار سلبية، وتوترات داخلية وخارجية.
- تهديد بعض الدول الإقليمية ذات الأطماع التاريخية للسيطرة على المنطقة، بل وتوجيهها وما يتفق وسياساتها الإقليمية والدولية.
- تحدي المشاكل البينية، وخاصة مشاكل الحدود، والت لم تحل إلى الوقت الراهن والتي قد تكون سبباً في عدم استقرار المنطقة.
- تحدي التركيبة الاجتماعية والعامل السكاني لبعض دول المجلس، والذي قد يكون أحد عناصر عدم الاستقرار .
هذه التحديات ليست منفصلة عن بعضها البعض، بل هي مترابطة ومتداخلة. فالمشاكل البينية عامل يعوق التنمية ويشجع على التجزئة ومن ثم وضع المنطقة على فوهة بركان يهدد بالتدخل الدولي نظراً للعلاقة الوثيقة بين أمن المنطقة ومصالح الدول الكبرى، فعملية التنمية التي بدأت منذ السبعينات في دول المنطقة نتيجة للعائدات النفطية الكبيرة بدأت وكأنها عملية تغييرية جذرية لنقل المنطقة من حال إلى حال مختلف. ولا شك انه وفي مثل تلك الظروف لابد أن يؤدي ذلك إلى خلل في العملية المنية، فالعمالة الهائلة التي وفدت إلى المنطقة بما تحمل من تصورات وخلفيات وتراث مختلف عن تراث أبناء المنطقة، لابد أنها أحدثت ثغرة في النظام الأمني، وهذا بطبيعة الحال شيء طبيعي لمثل هذا التحول التدريجي والذي يحتاج في تحقيقه إلى الاعتماد على تلك العناصر المختلفة.
ومع أن عملية التنمية عملية ذات أبعاد استراتيجية تحاول كل الدول تحقيقها للانتقال من مرحلة إلى مرحلة أخرى متقدمة ومفيدة إلا انه عادة ما يصاحب هذا الانتقال بعض السلبيات، وقد تكون هذه السلبيات نتيجة خطأ في التنفيذ أو نتيجة لاستخدام عناصر غير ملائمة للوضع، وقد تكون نقص في أساسيات الاستراتيجية وهذا يمكن تلافيه بتعديل الاستراتيجية بما يتلاءم والهداف المرسومة من دون أن يؤثر ذلك على المسار العام لخطة التنمية.
ثم إن للبعد السكاني والاجتماعي دور كبير في الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني، فمنطقة مثل منطقة الخليج وهي تنام فوق بحيرة نفط وتفتقر نسبياً إلى أحد عوامل قوة الدولة ألا وهو القوة البشرية لا شك أنها قد تواجه بتهديدات إقليمية ودولية. ومع أهمية أبعاد المن المختلفة وضرورتها في تنمية وتقدم المجتمع إلا أن البعد العسكري له مدلول متميز في وجود المجتمع وتميزه هويته واستقلاله وضمان صيرورته ومستقبله الحضاري، لذلك سوف يكون التركيز هنا على البعد الأمني العسكري بشقيه الإقليمي والدولي.
ليس ثمة شك في أن منطقة الخليج تعتبر من أكثر المناطق الجغرافية في العالم حساسية وقابلية للتفجر والصراع فيما بين الدول. ويعود ذلك إلى عدد من العوامل، بعضها جغرافية، حيث تتوسط هذه المنطقة العالم جغرافياً، وتكاد تمثل مفترق الطرق فيها وما الصراع التاريخي بين الدول الغربية للسيطرة على طرق التجارة وبالذات الطرق البحرية والبرية التي توصل إلى الشرق لهو اكبر دليل على أهمية المنطقة جغرافياً. وبعضها تاريخي حضاري، حيث هي مهبط الدين الخالد، الإسلام، وقبلة المسلمين في كل مكان، وتهفو أفئدة جميع المسلمين في العالم لزيارة المقدسات الإسلامية فيها وتأدية الشعائر الإسلامية، والبعض الآخر استراتيجي، حيث هي مركز كثير من الموارد والطاقات الحيوية. فدول المنطقة تمتلك من مصادر الطاقة الناضبة والمتجددة الشيء الكثير، فمصادر الطاقة الناضبة وهي البترول والغاز توجد وبكميات كبيرة جداً تحت أرض دول المنطقة. وهما مصدران للطاقة في العالم في الوقت الراهن والمستقبل. وهي كذلك تسيطر على مركز الطاقة المتجددة، وقد بدأ الاهتمام بتزايد بأبحاث الطاقة الشمسية خاصة في مجال تطوير الخلايا الشمسية. وتحتوي دول الخليج على إمكانات تمنحها ميزة نسبية في إنتاج الطاقة الشمسية نظراً لتوافر الأراضي الصحراوية والمساحات الشاسعة التي تتطلبها الطاقة الشمسية. ومثال ذلك قيام المملكة العربية السعودية ببناء مدينة تعمل بالطاقة الشمسية في غرب الرياض تحت إشراف مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. وقد بدأ العمل في هذا المجمع في سبتمبر من عام 1980م (والذي يعتبر أكبر مجمع لتوليد الطاقة الشمسية في العالم ). وهذا يبين أن المنطقة تمتلك مصادر استراتيجية مختلفة، ففي حالة التحول من استخدام البترول كمصدر للطاقة فإن الطاقة الشمسية هي الطاقة الواعدة مما يحتم بقاء المنطقة ذات بعد استراتيجي بالنسبة للعالم وبالذات العالم الصناعي. ولذلك فإن قضية الأمن فيها تعتبر من أهم القضايا التي تحتل دائماً موقع الأولوية في قائمة أولويات دول الخليج.