الربيع العربي
مرسل: الخميس ديسمبر 06, 2012 2:23 pm
الربيع العربي
جلب الربيع العربي فرصة تاريخية صنعتها وقادتها شعوب المنطقة لبناء مجتمعات أكثر انفتاحا، وازدهارا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد بدا التغيير في أوضح تجلياته في مصر وليبيا وتونس، حيث سقطت الأنظمة بقوة إرادة الشعب. ومع ذلك لم تفلت أي من دول المنطقة من تردد أصداء الربيع العربي في ربوعها. وفي حين تتقدم بعض البلدان في منطقة الشرق الأوسط تدريجيا نحو بناء مجتمعات أكثر انفتاحا وديمقراطية، إلا أن القمع والعنف وعدم الاستقرار مازال مستمرا في أجزاء أخرى من المنطقة؛ كما هو الحال في سورية وايران.
وقد كانت المظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة في جوهرها تنبع من مطالبة المواطنين بحقوقهم الإنسانية المشروعة واسترداد كرامتهم. هذه الحقوق التي هي للجميع ليست أمرا مسلما به في كثير من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث حرمت منها شعوب المنطقة لعقود على يد أنظمة قائمة بوليسية ضيق الأفق وقائمة على قاعدة ضيقة تركز على التشبث بالسلطة ومفهوم العنجهية السياسية.
وكانت المملكة المتحدة ومازالت واضحة حيال قيمنا التي نؤمن بها. فلابد أن تكون استجابة الحكومات للمطالب المشروعة لمواطنيها استجابة غير عنيفة. وهذا هو السبب الذي جعلنا نتصرف على وجه السرعة في ليبيا بهدف منع المذبحة التي تعرض لها المواطنون في بنغازي ومصراتة وجميع أنحاء البلاد. أما في سوريا فنحن نعمل مع الدول الأخرى وجامعة الدول العربية بينما يحاولون التوصل لإيقاف أعمال العنف المروعة التي أطلق النظام السوري لها العنان.
مسببات الربيع العربي
كانت مطالب المتظاهرين كثيرة ومتشعبة، وتطورت أيضا بتزايد حركات الاحتجاج. ففي تونس، تطورت الاحتجاجات التي بدأت أول الأمر بسبب الإحباط الاقتصادي والظلم والإهانة لتعبر عن غضب الشعب من بطش السلطات الأمنية والفساد المستشري بين العائلات والنخب الحاكمة.
تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديا مركبا يجمع بين التزايد السريع في عدد السكان من الشباب وارتفاع الأسعار ونسبة البطالة. فمعدل النمو الاقتصادي لا يواكب معدل سرعة النمو السكاني، ومن ثم لا تتوافر فرص عمل كافية لمن يدخلون سوق العمل.
وكان سوء استغلال الأسر الحاكمة والنخبة لسلطة الدولة من خلال توجيه الموارد العامة لتحقيق مكاسب خاصة أحد المحركات الرئيسية للثورات في تونس ومصر وليبيا، حيث كانت النداءات بوضع حد للفساد المتفشي فيما بين الأسر الحاكمة في صُلب هذه الاحتجاجات. وفي المغرب أيضا كان وضع حد للفساد مطلبا رئيسيا لحركة 20 فبراير الشبابية.
وطالب المتظاهرون أيضا بقدر أكبر من الحرية السياسية. حيث تتسم المنطقة بضيق المساحة المتاحة للأحزاب السياسية وضعف الهيئات التشريعية وقِلّة صلاحياتها، وانتخابات تفتقر إلى الشرعية، وبيئات إعلامية تخضع لرقابة صارمة وقيود على حرية التعبير.
وقد لعب النمو السريع في انتشار الإنترنت والشبكات الاجتماعية دور المحرك لدفع هذه الاحتجاجات من خلال إتاحة قنوات جديدة للنقاش تقع خارج سيطرة الدولة. ففي عام 2010 التفَّ المصريون حول قضية خالد سعيد الذي توفي وهو رهن التوقيف لدى الشرطة في الإسكندرية. وباتت صفحة عنوانها "كلنا خالد سعيد" على موقع فيسبوك النقطة المركزية للتعبير عن الاستياء.
وكان الاعتقال التعسفي والاحتجاز المطلق والتعذيب وحتى الموت في السجون كلها من سمات سلوك جهازالأمن المصري وجهات السلطة التنفيذية. وكان هذا هو الحال في كل من الدول الثلاثة (مصر وتونس وليبيا) التي اندلعت فيها الثورات.
استجابة المملكة المتحدة للربيع العربي
العمل والكرامة
دخل صندوق الشراكة العربية للدعم الاقتصادي - والذي تشرف عليه وزارة التنمية الدولية - في شراكة مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لدعم توسيع المشاركة الاقتصادية من خلال خلق المزيد من فرص العمل وتحسين مستوى الحوكمة.
ويأتي عملنا من خلال شركاء استراتيجيين مثل المجلس الثقافي البريطاني من أجل تحسين فرص العمل بين الشباب في المنطقة. وفي الأردن، تشاركنا مع منظمات المجتمع المدني لمعالجة قضايا توظيف الشباب من خلال توفير التدريب والتوجيه المهني.
سيادة القانون
لقد كنا واضحين في رغبتنا في أن نرى احترام سيادة القانون وسير الإجراءات القضائية حسب الأصول القانونية في جميع أنحاء المنطقة. ومن ثم عرضنا المساعدة في إصلاح قطاع الأمن في مصر وليبيا وتونس.
وكذلك حثثنا الحكومات الانتقالية على ضمان أن يمثل المسؤولون عن ارتكاب أعمال وحشية خلال الاحتجاجات للمحاسبة، بما في ذلك من هم في المناصب العليا للسلطة. ومع ذلك، لقد كنا واضحين أيضا في التأكيد على أننا نؤمن أن كل شخص - بمن في ذلك الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وسيف الاسلام القذافي نجل الرئيس الزعيم الليبي السابق معمر القذافي - لديهم الحق المكفول في محاكمة عادلة. كما كنا واضحين في معارضتنا منذ زمن طويل لعقوبة الإعدام مهما كانت الظروف.
وفي البحرين، تحدثنا علنا ضد استخدام المحاكم العسكرية الخاصة لنظر القضايا المدنية وإصدار أحكام بعقوبات مُغلظة. إن حكومة البحرين حليف مقرب للمملكة المتحدة، وكدولة صديقة كنا صرحاء في إدانتنا لانتهاكات حقوق الإنسان التي أبرزتها استنتاجات لجنة التحقيق المستقلة في البحرين. وقد حثثنا الحكومة البحرينية على ضمان التنفيذ الكامل لنتائج التحقيق وتوصياته، وعرضنا عليها المساعدة العملية بناء على خبرة المملكة المتحدة العريضة في مجال سيادة القانون وحقوق الإنسان.
صوت الشعب
بعد سنوات طويلة من القيود الحكومية المفروضة على وسائل الإعلام، شهد الربيع العربي في بعض الدول مساحة أكبر من الانفتاح تجاه النقاش السياسي في وسائل الإعلام.
وقد دعم برنامج الشراكة العربية برامج لتعزيز المساءلة من خلال إتاحة فرص جديدة للنقاش الشعبي. فقد عملنا مع خدمة بي بي سي العربية لتطوير برامج جديدة تشجع النقاش السياسي والاجتماعي، ويمكن للشعب من خلالها محاسبة قادتهم. وفي الأردن وتونس ومصر دعم برنامج الشراكة العربية برنامجا يديره المجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة آنا لند لمنح الشباب المهارات والفرص التي يحتاجونها للمشاركة في النقاش السياسي والاجتماعي.
المشاركة السياسية
قدمنا دعمنا لأول انتخابات انتقالية أجريت في كل من مصر وتونس. والمملكة المتحدة ملتزمة بتنمية الديموقراطية، وسوف نحترم بالطبع خيارات شعوب المنطقة. ونعتقد بأن على كافة الأحزاب المنخرطة بالعملية السياسية أن تتبع سبيل الديموقراطية وأن تبدي التزاما واضحا تجاه حقوق الإنسان وسيادة القانون ونبذ العنف. ونحن نتواصل مع كافة الجماعات السياسية التي تطبق هذه المعايير.
الحرية الدينية وحقوق الأقليات
باستثناء البحرين، حيث اتسم الانقسام في المجتمع بالتوترات الطائفية طوال سنوات، غابت الانقسامات الطائفية عموما عن المظاهرات في أنحاء المنطقة خلال عام 2011
إلا أن الوضع في مصر على وجه التحديد شهد زيادة بانعدام الأمان لدى المسيحيين الأقباط خلال العام الماضي. وقد أعلنت الحكومة المصرية بأنها ستعمل على إصدار القانون الموحد لدور العبادة الذي ينظم تأسيس دور العبادة، والذي يُطبق على الأقباط والمسلمين بالتساوي. وسوف نراقب حدوث ذلك بكل اهتمام. وأعلنت الحكومة المصرية أيضا عن قانون جديد يحظر المظاهرات قرب المواقع الدينية ويجرّم الاعتداءات الطائفية. إلا أنه لم تحدث أي تطورات منذ ذلك الإعلان.
كما أننا نرحب بجهود الأزهر، تحت مبادرة "بيت العائلة" لتشجيع الحوار البناء بين المسيحيين والمسلمين لأجل معالجة مجالات الصراع.
وفي تونس، فإن المؤشرات المبكرة الصادرة عن حزب النهضة الإسلامي هي مؤشرات إيجابية. فقد نادى رئيس الحزب، راشد الغنوشي، علانية بأن "يعترف العالم بالتنوع الديني" وأدان استخدام العنف ضد الأديان الأخرى. كما اجتمع بالقيادات اليهودية بعد الانتخابات.
وفي ليبيا، حين حاول يهودي ليبي - كانت قد غادرت عائلته طرابلس بعد الاعتداءات على اليهود عام 1967 - إعادة تأسيس الجالية اليهودية في ليبيا قوبلت جهوده بالمقاومة المسلحة على يد الميليشيات، وهناك قلق بأن الغالبية المسلمة تقاوم أن يكون المجتمع الليبي متعدد الأديان. وقد قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، ردا على ذلك بأن لجميع الليبيين "حق التمتع بجميع الحقوق" وبأن الدستور الجديد سوف يوثق حرية العبادة.
وفي المغرب، وثق الدستور الجديد أهمية حقوق الأقليات، على سبيل المثال باعتبار اللغة البربرية لغة رسمية.
وعندما اجتمع وزير الخارجية مع نشطاء من المعارضة السورية في نهاية العام، أكد أهمية نهجنا المستند إلى المبادئ ودعا لأن تكون سورية مستقبلا مبنية على المساواة في الحقوق للجميع، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية.
حقوق المرأة
تعتبر المساواة بين الجنسين من المجالات الرئيسة التي تتطلب التركيز عليها استجابة للربيع العربي. فقد لعبت المرأة دورا بارزا، إلى جانب الرجل، في المظاهرات والاحتجاجات بأنحاء المنطقة. ومشاركة المرأة تمثل جزءا أساسيا من دعم عمليات الانتقال وبناء الاستقرار في أنحاء المنطقة.
في ليبيا، مولنا أول مؤتمر وطني للمرأة - نظمته مؤسسة صوت المرأة الليبية - والذي عقد في طرابلس بمنتصف شهر نوفمبر. وفي تونس عملنا على تعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة، بما في ذلك من خلال برنامج التواصل مع الناخبين الذين استهدف الناخبات في المناطق النائية.
وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة ندعم تحسين إمكانية اتصال ضحايا العنف المنزلي بوحدات حماية العائلة، وتشكيل محاكم متخصصة للنظر في قضايا العنف ضد المرأة.
وفي سورية، أثارت المبعوثة الخاصة للحكومة البريطانية بشأن المعارضة السورية موضوع حقوق المرأة خلال اجتماعها بكبار رموز المعارضة من كافة الطوائف السياسية. ومنذ شهر سبتمبر نعمل على ضمان مشاركة الناشطات السوريات في التدريب الذي نوفره للمعارضة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
التطلع نحو المستقبل في عام 2012
سوف نعمل من خلال برنامج الشراكة العربية تجاه أن تكون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر انفتاحا وديموقراطية ورخاء، بما في ذلك عبر صندوق الشراكة العربية الذي يبلغ حجمه 110 مليون جنيه استرليني.
سوف نركز على قضايا من بينها صيانة حقوق الإنسان والترويج لها في الأنظمة السياسية الانتقالية، وصياغة دساتير جديدة. وسنعمل في كل من مصر وليبيا وتونس على ضمان توثيق الحقوق الأساسية للجميع في الدساتير والقوانين، بما فيها حقوق المرأة والأقليات.
كما أننا على استعداد لمساعدة الحكومة البحرينية في تنفيذ توصيات لجنة التحقيق المستقلة، وضمان توفر محاسبة أكبر لمن ارتكبوا انتهاكات حقوق الإنسان.
وسنتعاون عن كثب مع مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية لإنهاء الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي يعاني منها المدنيون في سورية.
وفي اليمن نهدف إلى مواصلة العمل مع شركائنا الدوليين لدعم عملية الانتقال الجارية حاليا والترويج للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
كما أننا سنواصل تركيزنا على دعم حقوق الأقليات في أنحاء المنطقة، بما فيها الأقليات الدينية وحقوق المرأة.
منقول...
جلب الربيع العربي فرصة تاريخية صنعتها وقادتها شعوب المنطقة لبناء مجتمعات أكثر انفتاحا، وازدهارا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وقد بدا التغيير في أوضح تجلياته في مصر وليبيا وتونس، حيث سقطت الأنظمة بقوة إرادة الشعب. ومع ذلك لم تفلت أي من دول المنطقة من تردد أصداء الربيع العربي في ربوعها. وفي حين تتقدم بعض البلدان في منطقة الشرق الأوسط تدريجيا نحو بناء مجتمعات أكثر انفتاحا وديمقراطية، إلا أن القمع والعنف وعدم الاستقرار مازال مستمرا في أجزاء أخرى من المنطقة؛ كما هو الحال في سورية وايران.
وقد كانت المظاهرات والاحتجاجات التي اجتاحت المنطقة في جوهرها تنبع من مطالبة المواطنين بحقوقهم الإنسانية المشروعة واسترداد كرامتهم. هذه الحقوق التي هي للجميع ليست أمرا مسلما به في كثير من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث حرمت منها شعوب المنطقة لعقود على يد أنظمة قائمة بوليسية ضيق الأفق وقائمة على قاعدة ضيقة تركز على التشبث بالسلطة ومفهوم العنجهية السياسية.
وكانت المملكة المتحدة ومازالت واضحة حيال قيمنا التي نؤمن بها. فلابد أن تكون استجابة الحكومات للمطالب المشروعة لمواطنيها استجابة غير عنيفة. وهذا هو السبب الذي جعلنا نتصرف على وجه السرعة في ليبيا بهدف منع المذبحة التي تعرض لها المواطنون في بنغازي ومصراتة وجميع أنحاء البلاد. أما في سوريا فنحن نعمل مع الدول الأخرى وجامعة الدول العربية بينما يحاولون التوصل لإيقاف أعمال العنف المروعة التي أطلق النظام السوري لها العنان.
مسببات الربيع العربي
كانت مطالب المتظاهرين كثيرة ومتشعبة، وتطورت أيضا بتزايد حركات الاحتجاج. ففي تونس، تطورت الاحتجاجات التي بدأت أول الأمر بسبب الإحباط الاقتصادي والظلم والإهانة لتعبر عن غضب الشعب من بطش السلطات الأمنية والفساد المستشري بين العائلات والنخب الحاكمة.
تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديا مركبا يجمع بين التزايد السريع في عدد السكان من الشباب وارتفاع الأسعار ونسبة البطالة. فمعدل النمو الاقتصادي لا يواكب معدل سرعة النمو السكاني، ومن ثم لا تتوافر فرص عمل كافية لمن يدخلون سوق العمل.
وكان سوء استغلال الأسر الحاكمة والنخبة لسلطة الدولة من خلال توجيه الموارد العامة لتحقيق مكاسب خاصة أحد المحركات الرئيسية للثورات في تونس ومصر وليبيا، حيث كانت النداءات بوضع حد للفساد المتفشي فيما بين الأسر الحاكمة في صُلب هذه الاحتجاجات. وفي المغرب أيضا كان وضع حد للفساد مطلبا رئيسيا لحركة 20 فبراير الشبابية.
وطالب المتظاهرون أيضا بقدر أكبر من الحرية السياسية. حيث تتسم المنطقة بضيق المساحة المتاحة للأحزاب السياسية وضعف الهيئات التشريعية وقِلّة صلاحياتها، وانتخابات تفتقر إلى الشرعية، وبيئات إعلامية تخضع لرقابة صارمة وقيود على حرية التعبير.
وقد لعب النمو السريع في انتشار الإنترنت والشبكات الاجتماعية دور المحرك لدفع هذه الاحتجاجات من خلال إتاحة قنوات جديدة للنقاش تقع خارج سيطرة الدولة. ففي عام 2010 التفَّ المصريون حول قضية خالد سعيد الذي توفي وهو رهن التوقيف لدى الشرطة في الإسكندرية. وباتت صفحة عنوانها "كلنا خالد سعيد" على موقع فيسبوك النقطة المركزية للتعبير عن الاستياء.
وكان الاعتقال التعسفي والاحتجاز المطلق والتعذيب وحتى الموت في السجون كلها من سمات سلوك جهازالأمن المصري وجهات السلطة التنفيذية. وكان هذا هو الحال في كل من الدول الثلاثة (مصر وتونس وليبيا) التي اندلعت فيها الثورات.
استجابة المملكة المتحدة للربيع العربي
العمل والكرامة
دخل صندوق الشراكة العربية للدعم الاقتصادي - والذي تشرف عليه وزارة التنمية الدولية - في شراكة مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لدعم توسيع المشاركة الاقتصادية من خلال خلق المزيد من فرص العمل وتحسين مستوى الحوكمة.
ويأتي عملنا من خلال شركاء استراتيجيين مثل المجلس الثقافي البريطاني من أجل تحسين فرص العمل بين الشباب في المنطقة. وفي الأردن، تشاركنا مع منظمات المجتمع المدني لمعالجة قضايا توظيف الشباب من خلال توفير التدريب والتوجيه المهني.
سيادة القانون
لقد كنا واضحين في رغبتنا في أن نرى احترام سيادة القانون وسير الإجراءات القضائية حسب الأصول القانونية في جميع أنحاء المنطقة. ومن ثم عرضنا المساعدة في إصلاح قطاع الأمن في مصر وليبيا وتونس.
وكذلك حثثنا الحكومات الانتقالية على ضمان أن يمثل المسؤولون عن ارتكاب أعمال وحشية خلال الاحتجاجات للمحاسبة، بما في ذلك من هم في المناصب العليا للسلطة. ومع ذلك، لقد كنا واضحين أيضا في التأكيد على أننا نؤمن أن كل شخص - بمن في ذلك الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وسيف الاسلام القذافي نجل الرئيس الزعيم الليبي السابق معمر القذافي - لديهم الحق المكفول في محاكمة عادلة. كما كنا واضحين في معارضتنا منذ زمن طويل لعقوبة الإعدام مهما كانت الظروف.
وفي البحرين، تحدثنا علنا ضد استخدام المحاكم العسكرية الخاصة لنظر القضايا المدنية وإصدار أحكام بعقوبات مُغلظة. إن حكومة البحرين حليف مقرب للمملكة المتحدة، وكدولة صديقة كنا صرحاء في إدانتنا لانتهاكات حقوق الإنسان التي أبرزتها استنتاجات لجنة التحقيق المستقلة في البحرين. وقد حثثنا الحكومة البحرينية على ضمان التنفيذ الكامل لنتائج التحقيق وتوصياته، وعرضنا عليها المساعدة العملية بناء على خبرة المملكة المتحدة العريضة في مجال سيادة القانون وحقوق الإنسان.
صوت الشعب
بعد سنوات طويلة من القيود الحكومية المفروضة على وسائل الإعلام، شهد الربيع العربي في بعض الدول مساحة أكبر من الانفتاح تجاه النقاش السياسي في وسائل الإعلام.
وقد دعم برنامج الشراكة العربية برامج لتعزيز المساءلة من خلال إتاحة فرص جديدة للنقاش الشعبي. فقد عملنا مع خدمة بي بي سي العربية لتطوير برامج جديدة تشجع النقاش السياسي والاجتماعي، ويمكن للشعب من خلالها محاسبة قادتهم. وفي الأردن وتونس ومصر دعم برنامج الشراكة العربية برنامجا يديره المجلس الثقافي البريطاني ومؤسسة آنا لند لمنح الشباب المهارات والفرص التي يحتاجونها للمشاركة في النقاش السياسي والاجتماعي.
المشاركة السياسية
قدمنا دعمنا لأول انتخابات انتقالية أجريت في كل من مصر وتونس. والمملكة المتحدة ملتزمة بتنمية الديموقراطية، وسوف نحترم بالطبع خيارات شعوب المنطقة. ونعتقد بأن على كافة الأحزاب المنخرطة بالعملية السياسية أن تتبع سبيل الديموقراطية وأن تبدي التزاما واضحا تجاه حقوق الإنسان وسيادة القانون ونبذ العنف. ونحن نتواصل مع كافة الجماعات السياسية التي تطبق هذه المعايير.
الحرية الدينية وحقوق الأقليات
باستثناء البحرين، حيث اتسم الانقسام في المجتمع بالتوترات الطائفية طوال سنوات، غابت الانقسامات الطائفية عموما عن المظاهرات في أنحاء المنطقة خلال عام 2011
إلا أن الوضع في مصر على وجه التحديد شهد زيادة بانعدام الأمان لدى المسيحيين الأقباط خلال العام الماضي. وقد أعلنت الحكومة المصرية بأنها ستعمل على إصدار القانون الموحد لدور العبادة الذي ينظم تأسيس دور العبادة، والذي يُطبق على الأقباط والمسلمين بالتساوي. وسوف نراقب حدوث ذلك بكل اهتمام. وأعلنت الحكومة المصرية أيضا عن قانون جديد يحظر المظاهرات قرب المواقع الدينية ويجرّم الاعتداءات الطائفية. إلا أنه لم تحدث أي تطورات منذ ذلك الإعلان.
كما أننا نرحب بجهود الأزهر، تحت مبادرة "بيت العائلة" لتشجيع الحوار البناء بين المسيحيين والمسلمين لأجل معالجة مجالات الصراع.
وفي تونس، فإن المؤشرات المبكرة الصادرة عن حزب النهضة الإسلامي هي مؤشرات إيجابية. فقد نادى رئيس الحزب، راشد الغنوشي، علانية بأن "يعترف العالم بالتنوع الديني" وأدان استخدام العنف ضد الأديان الأخرى. كما اجتمع بالقيادات اليهودية بعد الانتخابات.
وفي ليبيا، حين حاول يهودي ليبي - كانت قد غادرت عائلته طرابلس بعد الاعتداءات على اليهود عام 1967 - إعادة تأسيس الجالية اليهودية في ليبيا قوبلت جهوده بالمقاومة المسلحة على يد الميليشيات، وهناك قلق بأن الغالبية المسلمة تقاوم أن يكون المجتمع الليبي متعدد الأديان. وقد قال رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، ردا على ذلك بأن لجميع الليبيين "حق التمتع بجميع الحقوق" وبأن الدستور الجديد سوف يوثق حرية العبادة.
وفي المغرب، وثق الدستور الجديد أهمية حقوق الأقليات، على سبيل المثال باعتبار اللغة البربرية لغة رسمية.
وعندما اجتمع وزير الخارجية مع نشطاء من المعارضة السورية في نهاية العام، أكد أهمية نهجنا المستند إلى المبادئ ودعا لأن تكون سورية مستقبلا مبنية على المساواة في الحقوق للجميع، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية.
حقوق المرأة
تعتبر المساواة بين الجنسين من المجالات الرئيسة التي تتطلب التركيز عليها استجابة للربيع العربي. فقد لعبت المرأة دورا بارزا، إلى جانب الرجل، في المظاهرات والاحتجاجات بأنحاء المنطقة. ومشاركة المرأة تمثل جزءا أساسيا من دعم عمليات الانتقال وبناء الاستقرار في أنحاء المنطقة.
في ليبيا، مولنا أول مؤتمر وطني للمرأة - نظمته مؤسسة صوت المرأة الليبية - والذي عقد في طرابلس بمنتصف شهر نوفمبر. وفي تونس عملنا على تعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة، بما في ذلك من خلال برنامج التواصل مع الناخبين الذين استهدف الناخبات في المناطق النائية.
وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة ندعم تحسين إمكانية اتصال ضحايا العنف المنزلي بوحدات حماية العائلة، وتشكيل محاكم متخصصة للنظر في قضايا العنف ضد المرأة.
وفي سورية، أثارت المبعوثة الخاصة للحكومة البريطانية بشأن المعارضة السورية موضوع حقوق المرأة خلال اجتماعها بكبار رموز المعارضة من كافة الطوائف السياسية. ومنذ شهر سبتمبر نعمل على ضمان مشاركة الناشطات السوريات في التدريب الذي نوفره للمعارضة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان.
التطلع نحو المستقبل في عام 2012
سوف نعمل من خلال برنامج الشراكة العربية تجاه أن تكون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر انفتاحا وديموقراطية ورخاء، بما في ذلك عبر صندوق الشراكة العربية الذي يبلغ حجمه 110 مليون جنيه استرليني.
سوف نركز على قضايا من بينها صيانة حقوق الإنسان والترويج لها في الأنظمة السياسية الانتقالية، وصياغة دساتير جديدة. وسنعمل في كل من مصر وليبيا وتونس على ضمان توثيق الحقوق الأساسية للجميع في الدساتير والقوانين، بما فيها حقوق المرأة والأقليات.
كما أننا على استعداد لمساعدة الحكومة البحرينية في تنفيذ توصيات لجنة التحقيق المستقلة، وضمان توفر محاسبة أكبر لمن ارتكبوا انتهاكات حقوق الإنسان.
وسنتعاون عن كثب مع مجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن الدولي وجامعة الدول العربية لإنهاء الانتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان التي يعاني منها المدنيون في سورية.
وفي اليمن نهدف إلى مواصلة العمل مع شركائنا الدوليين لدعم عملية الانتقال الجارية حاليا والترويج للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
كما أننا سنواصل تركيزنا على دعم حقوق الأقليات في أنحاء المنطقة، بما فيها الأقليات الدينية وحقوق المرأة.
منقول...