منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#56141
مالكولم مور



يبدو أنَّ هناك صراعًا عسكريًّا يلوح في الأفق بين الصين واليابان؛ بسبب التوتر القائم بشأن السيادة على سلسلة الجزر المتنازَع عليها، حسب تحذيرات الكثير من الخبراء.

في الشهر الماضي تصاعدت حِدَّة الخلاف بين البلدين بشأن جزر "سينكاكو"، حسب اليابانيين، وجزر "دياويو"، كما يسميها الصينيون- بشكل كبير، مع اندلاع بعض الاحتجاجات العنيفة في أرجاء الصين. ونظرًا لاقتراب موعد الانتخابات اليابانية والتغيير في القيادة الصينية رفض الساسةُ من الجانبين التراجعَ عن الحافة خشية من ظهورهم بمظهر الضعيف.

من جانبه، يقول "يان تسويتونج", أحد الخبراء الإستراتيجيين الصينيين في السياسة الخارجية: "هناك خطر وقوع حرب عسكرية بين الصين واليابان, وعلى أحد الطرفين أنْ يتنازل, وإنْ كنتُ لا أرى اليابان قد تفعل وكذلك الصين, قد يرغب الطرفان في التوصل إلى حلٍّ سلمي إلَّا أنَّ كليهما عاجز عن تقديم الحل الأمثل".

كما حذر "تسويتونج" أنَّ هذا التوتر القائم- وفقًا للعلاقات الدولية- قد يعيد سيناريو الحرب بسبب جزر "الفوكلاند" بين المملكة المتحدة والأرجنتين عام 1982م، ولكنَّ هذه المرة في آسيا, وهذا إذا لم تتنازل إحدى الدولتين للأخرى".

مضيفًا: "تنتهج الصين سياسة أكثر تسامحًا في أماكن أخرى وقوى أصغر, لكنها مع اليابان تتعامل بشكل مختلف؛ لأنَّ اليابان قوة إقليمية كبرى وربَّما عالمية؛ لذا تعتبرها الصين نِدًّا كفؤًا لها، وإذا كنا بنفس القدر من القوة لا يمكن أنْ تهزأ بنا, ولا يمكن ارتكاب أخطاء في هذا الصدد".

جدير بالإشارة أنَّ عددًا من الدبلوماسيين الصينيين واليابانيين التقوا الأسبوع الماضي من أجل التوصل إلى حلٍّ للأزمة، ولكنْ لم يتم التوصل إلى أي اتفاق فيما بينهما، ولم يصلا لأي نتيجة تذكر.

ومؤخرًا هاجم المتحدثُ باسم وزارة الخارجية الصينية "يوشيهيكو نودا" رئيسَ وزراء اليابان لقوله للصحافيين في الأمم المتحدة: إنَّ الجزر تنتمي لليابان.

كان "نودا", رئيس وزراء اليابان، قد قال: "لا توجد قضايا إقليمية كهذه؛ لهذا السبب لا يمكن أنْ يكون هناك أي حل وسط يمكن أنْ يعتبر تراجعًا في الموقف".

وردَّت الخارجية الصينية عليه قائلة: "إنَّ الصين تشعر بخيبة أمل شديدة، وتُعارِض بقوةٍ عنادَ الزعيم الياباني فيما يتعلق بموقفه الخاطئ بقضية جزر دياويو".

هذه الأزمة- بلا شك- ضربت الاقتصاد الياباني؛ حيث إنَّّ التجارة الثنائية تقدر بحوالي 216 مليارًا إسترلينيًّا, وتمثل صادرات اليابان إلى الصين في العام الماضي 3% من اقتصادها, في الوقت ذاته بدا "شينزو ابي"، زعيم المعارَضة الياباني الجديد، أكثرَ تصميمًا من السيد "نودا"؛ حيث قال: "مجموع الجزر والبحار والأراضي اليابانية مهددة, ومهمتي التغلب على هذه الصعوبات".

بسبب هذه الأزمة ونتائجها السلبية أُغلقتْ العديد من الشركات اليابانية على الأراضي الصينية؛ مثل مصنع نيسان للسيارات، والذي يعتمد بشكل أساس على السوق الصيني بما يقدر بحوالي 25% من إيراداتها, لكنها أُغلقتْ حتى 7 أكتوبر بعد انخفاض الطلب عليها, كما علقت مصانع تويوتا في مدن صينية عديدة أعمالها حتى 8 أكتوبر؛ حيث يتراجع المستهلكون الصينيون عن شراء السيارات اليابانية، ليس بسبب القومية فحسب ولكن خوفًا من تعرضهم للضرب المبرِّح حتى الغيبوبة بسبب ركوبه سيارة يابانية.

في الوقت نفسه, أعلنت شركة الخطوط اليابانية الجوية "أول نيبون" عن إلغاء أربعين ألف حجز على رحلات بين الصين واليابان حتى شهر نوفمبر, كما ستعلق جميع الرحلات البحرية من شنغهاي إلى ناجازاكي من 13 أكتوبر, وحظر بث جميع الإعلانات التلفزيونية لِكِلَا البلدين.

من جهة أخرى، توقع "تسويتونج" أنَّه إذا ما نشبت حربٌ عسكرية بين الصين واليابان فإنَّ الولايات المتحدة لن تتدخل؛ حيث يقول: "لا أعتقد أنَّ الأمريكان سيرسلون جنودًا للقتال ضد جيش التحرير الشعبي, ولكنهم قد يتدخلون من خلال طرق أخرى مختلفة, من خلال تقديم الدعم اللوجيستي؛ سواء المعلومات أو المساندة السياسية".

مشيرًا إلى: "أيًّا كان مَنْ سيفوز في الانتخابات الأمريكية فإنَّه سيواصل السياسة المتشددة مع الصين".

كما استطرد تسويتونج قائلًا: "إنَّ هذه الفجوة بين مركز الصين الدولي وسياستها الخارجية آخذةٌ في الاتساع؛ لقد وصلنا إلى نقطة ينبغي فيها على الصين أنْ تبحث بشكل جِدِّي عن سياسة جديدة تتواءم مع وضعها الدولي".

مضيفًا: "لابد أنْ تتخلى عن اتِّباع نهج "دينج تسوبينج" الإصلاحي الصيني، الذي قاد الصين نحو اقتصاد السوق، والذي دعا إلى عدم لعب دور قيادي، وألَّا تدخل الصين في تحالفات مع أحد، وعليها أنْ تصب تركيزها على الاقتصاد".

جدير بالذكر، أنَّ النزاع على الجزر لا يقتصر فحسب على اليابان والصين، ولكنْ تدخل فيه "تايوان", بما يعرف عن هذه الجزر بأنَّ مياهها غنية بمكامن الغاز الطبيعي, ولكنَّ الجزر تقع منذ 1895م تحت إدارة اليابان.