صفحة 1 من 1

تطور الفقه السياسي

مرسل: الأحد ديسمبر 09, 2012 1:03 am
بواسطة فهد ابو مهيد 81
هناك فكرة رائجة تذهب إلى أن نصيب العلوم السياسية عند المسلمين نصيب ضئيل، وأن الفقه السياسي الإسلامي لم يتطور بالقدر الذي تطورت به بقية شُعَب الفقه الأخرى، فهو ليس غنياً غناها ولا شاملاً وافياً مثلها. فكتبه قليلةٌ نادرةٌ، ومباحثه قاصرة على مسائل محدودة. وهو في جلّته لا يفي بحاجات الدولة المعاصرة ووظائفها المتعددة.



ويعبر عن هذه الفكرة أحد الكتاب فيقول:

(من الملاحظ البين في تاريخ الحركة العلمية عند المسلمين أن حظ العلوم السياسية فيهم كان بالنسبة لغيرها من العلوم الأخرى أسوأ حظ، وأن وجودها بينهم كان أضعف وجود. فلسنا نعرف لهم مؤلفاً في السياسة ولا مترجماً، ولا نعرف لهم بحثاً في شي من أنظمة الحكم ولا أصول السياسة، اللهم إلا قليلاً لا يقام له وزن إزاء حركتهم العلمية في غير السياسة من الفنون).



وقد يبدو هذا الرأي للوهلة الأولى عل درجة كبيرة من الصحة. ومما ساعد على التسليم بـهذه المقولة لدى الكثيرين بادئ الرأي أن معرفتهم بكتب الفقه السياسي لا تزيد على كتب قليلة مثل الأحكام السلطانية للماوردي، والسياسة الشرعية لابن تيمية، وقليل غيرها. ويزداد المرء قبولاً لهذا الرأي إذا توجه بنظره إلى تاريخ الفكر السياسي في الغرب. فهناك مفكرون معروفون، وأسماء لامعة كثيرة وكتب مشهورة وقد أصبحت العلوم السياسية في الغرب منذ زمن ليس بالقليل فرعاً مستقلاً للمعرفة، وله كلياته وأقسامه، وفيه باحثون وخبراء ومتخصصون يحملون أعلى الألقاب العلمية. ونريد في هذا المقال التالي أن نسبر غور هذه الفكرة ونتحقق من مدى صدقها وصحتها، وذلك بالبحث في الفقه الإسلامي عن تلك الدراسات التي يمكن تصنيفها تحت عنوان - علم السياسة - وننظر في قيمة تلك الدراسات وسعتها وعمقها وفائدتـها.



موضوعات علم السياسة:

من الضروري لتحديد مكانة السياسة في العلوم الإسلامية أن نلم بالمقصود من مصطلح علم السياسة. يعرف علم السياسة عموماً : بأنه علم الدولة. فهو العلم الذي يبحث في الدولة وممارساتـها السياسية ومؤسساتـها وأشكالها ونظمها. ومن هذا يتبين أن أهم الموضوعات في علم السياسة تشمل الدولة مقوماتـها ووظائفها، وتشمل الحكومة وأنواعها وسلطاتـها التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتشمل الرأي العام ومكوناته والجماعات والهيئات ذات الأثر في السلطة، كما تشمل العلاقات الدولية والقوانين التي تنظم هذه العلاقات .



هذه هي موضوعات علم السياسة بصفة عامة ومجملة فهل بحث الفقه الإسلامي هذه الموضوعات؟ وهل نجد مقابلاً لها في العلوم الإسلامية؟