- الأحد ديسمبر 09, 2012 10:02 am
#56193
السعودية تتصدر الدول العربية في التبادل التجاري مع ألمانيا
شريك تقليدي
لا بد من القول إن "الربيع العربي" الذي شهدته بلدان عربية، لم يؤثر كثيرا على الحركة التجارية مع ألمانيا بشكل عام، فبعض البلدان العربية ظلت محافظة على نسبة الصادرات كما الوارادت، وبالأخص الصادرات النفطية، بينما تراجعت الحركة بشكل ملحوظ مع بلدان أخرى لم تشهد أي تغييرات سياسية كبيرة، ما شكل تراجعا كبيرا في حجم التبادل التجاري، مقارنة مع فترة عام 2010 التي شهدت انتعاشا كبيرا.
تبادل تجاري بالمليارات بين ألمانيا والدول العربية
ففي هذا العام 2012 شهد التبادل التجاري بين ألمانيا وبلدان العالم العربي، نموا وصل الى 16.2 في المائة، حيث ارتفعت قيمة الصادرات الألمانية إلى الدول العربية بنسبة 17 في المائة لتصل الى 29034.4 مليار يورو وزادت الواردات الألمانية من الدول العربية بنسبة وصلت الى 13.7 في المائة أي ما قيمته 9.632.2 مليار يورو.
الصادرات الألمانية الى اهم شركائها التجاريين في العالم العربي ما بين شهري يناير واغسطس من العام 2012 وتتضمن الاليات والاجهزة الالكترونية والكهربائية والمعدات الكبيرة
وحافظت المملكة العربية السعودية على مرتبة الصدارة، إن في الصادرات أم الواردات، كما هي الحال مع دولة الإمارات العربية المتحدة وليبيا أحد أهم مصدر للنفط إلى ألمانيا. كما نما في عام 2010 تصدير السلع الزراعية ونصف المصنعة من البلدان العربية، إضافة إلى الأنسجة، وظلت مبيعات سوريا من النفط الى المانيا كبيرة.
لكن وبدلا من مواصلة الصادرات الألمانية لنموها، سجلت تراجعا النمو مع بداية عام 2011 بنسبة 3.92 في المائة، وهي نسبة يعتبرها خبرها الاقتصاد كبيرة لتصل القيمة الى حوالي 28 مليار يورو، بينما واصلت الواردات الألمانية من البلدان العربية، ومعظمها من النفط، النمو فزادت بنسبة 20.06 في المائة أي بقيمة قاربت من الـ12 مليار يورو.
إلا أن الصورة انقلبت في عام 2012 فيما يتعلق بالواردات الألمانية من العالم العربي. إذ تلقي البيانات الصادرة عن المكتب الاتحادي للإحصاء في مدينة فيسبادن، الضوء على حجم التبادل التجاري العربي الألماني للفترة ما بين شهري يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب). فمع أن حركة التجارة بين ألمانيا في الواردات والسعودية، حافظت على مستواها مقارنة مع العام الماضي، وينطبق ذلك ايضا على بلدان كدولة الإمارات العربية المتحدة وليبيا، إلا أنها شهدت تراجعا حادا جدا على سبيل المثال مع الجزائر( 16.24 في المائة) وسوريا (49 في المائة) وتونس (16.75 في المائة). لكن ما يلفت النظر أن الحركة التجارية بين ليبيا وألمانيا ورغم الأوضاع الأمنية غير المستقرة في هذه الفترة، سجلت نموا كبيرا ما بين يناير وأغسطس عام 2012، بعد تراجع وصل إلى 35 في المائة في نفس الفترة من العام 2011 (أكثر من 90 في المائة من النفط)، وفي الوقت الذي حافظت فيه الواردات الألمانية من سوريا على مستواها (ويشكل النفط نسبة عالية) تراجعت الصادارات الألمانية إليها بحوالي 50 في المائة.
الواردات الالمانية من البلدان العربية للفترة ما بين شهري يناير واغطس من العام 2012 واهمها النفط والمواد الغذائية والفلاحية وبعض الانسجة والسلع نصف المصنعة
وحسب قول مسؤول في المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن لـ”المجلة” فإن السعودية من الشركاء التقليدين بالنسبة لألمانيا وحركة التجارة بين البلدين تحافظ على مستواها منذ سنوات، واليوم وبفضل عائدات النفط العالية، فإن المملكة في وضع يمكنها من استيراد كميات كبيرة من المنتجات المختلفة الألمانية والخدمات وهذا الوضع في تصاعد. ففي النصف الأول من العام الحالي زاد حجم التبادل التجاري حوالي 47 في المائة، مقارنة مع نفس الفترة من عام 2011، ووصلت القيمة إلى خمسة مليارات يورو.
أمين عام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية:
سوق السعودية واعد ولدى مصر مقومات توازي ما لدى تركيا
عبد العزيز المخلافي
من الشخصيات العربية في ألمانيا، التي يمكنها أن تتحدث عن العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية، وتستطيع تقييمها هو عبد العزيز المخلافي أمين عام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في برلين، الذي أجرت معه مجلة “المجلة” هذا اللقاء.
* بعد أن حقق التبادل التجاري العربي الألماني في عام 2010، نموا ملحوظا فارتفع حجم الصادرات الألمانية حوالي 17 في المائة والواردات 14 في المائة تقريبا، بدأ بالتراجع في عام 2011. بالطبع التراجع مختلف النسب حسب البلدان، ومن المتوقع أن يواصل تراجعه أيضا حتى نهاية عام 2012. فحسب بيانات مكتب الإحصاء في فيسبادن تراجع حجم التبادل التجاري مع الكثير من البلدان ما بين شهري يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب)، ما الأسباب من وجهة نظركم؟
ـ أولا، يجب أن ننطلق من حقيقة أن التبادل التجاري العربي الألماني تضاعف تقريبا، خلال العشرة أعوام الأخيرة، وإذا أخذنا الأرقام ما بين 2001 و2011 نجد أن التبادل ارتفع من 22 مليار يورو إلى أكثر من 40 مليار يورو، ولقد تحقق في العام 2010 فعلا نمو مرتفع، لكن العام 2011 لم يحقق تراجعا بالمعنى الكلي، بل حصل تراجع في الصادرات الألمانية إلى بعض الدول العربية مثل ليبيا وسوريا واليمن، التي شهدت تحولات سياسية واجتماعية. وخلال الأشهر الـ8 الأولى من هذا العام، تحقق نمو في التبادل التجاري على صعيد الصادرات أو الواردات. فالصادرات الألمانية الى الدول العربية ارتفعت بشكل اجمالي في حدود 21 في المائة، والواردات من الدول العربية بنسبة 15 في المائة. بالطبع هناك أيضا تراجع كما ذكرت في قليل من الدول العربية يعوضه نمو في دول أخرى. فالمملكة العربية السعودية مثلا، شهدت نموا في استقبال الصادرات الألمانية بواقع 33 في المائة خلال المدة المذكورة سابقا، في حين حدث تراجع في دول أخرى، لكن في المؤشر العام للمبادلات التجارية حقق نموا بنسبة 16 في المائة، وهو مؤشر إيجابي مقابل نسبة نمو التجارة الألمانية على المستوى العالمي، التي تتراوح ما بين الـ10 و11 في المائة.
المرتبة الأولى
* مقابل نمو الصادرات الألمانية إلى المملكة العربية السعودية، ما بين شهري يناير وأغسطس، منيت الواردات من المملكة بتراجع، وكان من المتوقع زيادتها فما هو سبب التباطؤ؟
ـ دعينا نرى ما تحمله الأرقام، فقيمة الصادرات الألمانية إلى المملكة، نمت ووصلت خلال الـ8 أشهر الأولى من هذا العام إلى ما يقارب الـ6 مليارات يورو، وبلغت الصادرات من المملكة مليارا و200 مليون يورو، وهذا اعتبره تطورا. صحيح أن الامكانيات للتعاون بين البلدين يمكن أن تتطور بشكل أفضل، ولكن المملكة أصبحت تحتل الآن المرتبة الأولى كشريك تجاري لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط، بعد احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة هذه المرتبة سنوات عديدة. واليوم فإن سوق المملكة واعد، فهناك مشاريع بمئات المليارات ونتوقع نموا متزايدا، واذا ما نظرنا إلى إمكانية التعاون في مجالي الطاقة والطاقة المتجددة، فإن الملتقى العربي الألماني للطاقة المتجددة الأخير في برلين، حمل أخبارا عن مشروعات ضخمة ستقام في المملكة، وعما هو مخطط له أن ينفذ في المملكة، في مجال الطاقة خلال السنوات القادمة.
* فيما يتعلق بالعراق اليوم، فإن التبادل التجاري بينه وبين ألمانيا في نمو، فهل سيعود إلى حجمه السابق، فألمانيا كانت شريكا تجاريا للعراق؟
ـ العراق كان الشريك التجاري الأول لألمانيا في المنطقة العربية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، لكن هذا التعاون تراجع نتيجة الظروف التي مر بها العراق، وفي السنوات الأخيرة شهدنا ونشهد ونتابع تطورا ملحوظا. فالعراق بدأ يأخذ دوره من جديد في المنطقة العربية، واليوم تزايد انتاج النفط العراقي إلى ما فوق الـ3 ملايين برميل يوميا، وبدأ يأخذ مكانه كثاني أكبر مصدر للنفط في العالم، وهذا سبب للتفاؤل، فالصادرات الألمانية إلى العراق حققت ارتفاعا في حدود الـ36 في المائة لغاية شهر أغسطس من العام الحالي، مقارنة مع نفس الفترة الزمنية من عام 2011.
الصادرات والورادات بين ألمانيا والمملكة العربية السعودية بين شهري يناير واغسطس عام 2012
* ألمانيا كانت أحد البلدان التي تستورد نفطا من سوريا بقيمة مليار يورو تقريبا سنويا، وحسب البيانات فإن مشترياتها من سوريا تراجعت كثيرا، هل لديها بديل؟
ـ إن ما كانت تستورده ألمانيا من سوريا من النفط، لا يشكل سوى واحد في المائة من حجم استيرادها النفطي، ما يعني أن سوريا ليست من ضمن الدول العشرة الأولى المصدرة للنفط إلى ألمانيا، لأن معظم استيراد ألمانيا للنفط يتم من النرويج وروسيا والمملكة المتحدة، ومن الدول العربية في شمال أفريقيا، لذا فإن واحدا في المائة لا يشكل بالنسبة للاقتصاد الألماني أي إشكال أو أي اختناقات في الحاجات النفطية.
* هل تعتقدون بأن الاستثمارات الألمانية في بلدان مثل ليبيا أو تونس أو مصر سوف تزداد، في ظل التغييرات السياسية وضبابية الوضع السياسي هناك؟
ـ الاستثمارات الألمانية في المنطقة العربية ما زالت محدودة، لكنها بدأت تشهد تطورات في السنوات الأخيرة في مجالات اقتصادية معينة. فالشركات الألمانية، كما نعرف، توجد في السعودية، وبعض دول الخليج وفي تونس والمغرب ومصر. طبعا الاستثمارات الألمانية في الدول العربية لا تشكل إلا ما يقارب الواحد في المائة من حجم الاستثمارات الألمانية في الخارج، والإحصاءات والمعلومات المتوفرة تشير مع الأسف إلى حدوث تراجع في الاستثمارات الخارجية الألمانية في الدول العربية بشكل كامل العام الماضي، وذلك نتيجة تأثيرات التحول العربي، التي مازال انعكاسها ملموسا حتى اليوم. لكن إذا ما نظرنا إلى المدى المتوسط والطويل، فنحن متفائلون بأن الاقتصاد الألماني سوف يكون له دور كبير في التعاون والشراكة مع العالم العربي، فالمقومات يمكن أن تتوفر، إلا أنها تحتاج الى مناخات. فلدى مصر على سبيل المثال مقومات توازي ما لدى تركيا. بالطبع لا يوجد اليوم تناسب بين الناتج القومي في مصر، والناتج القومي في تركيا، فالناتج القومي المصري لا يشكل أكثر من 20 في المائة من الناتج القومي في تركيا، لكن إذا ما حصلت هذه المجتمعات العربية في السنوات القادمة على استقرار، واستخدمت مواردها بشكل صحيح، فإنها لا بد من أن تشهد نموا، مع الأخذ بعين الاعتبار تفاوت الأوضاع العربية، فهناك دول متقدمة اقتصاديا، وفيها صناعات وهناك دول لديها فائض بشري وأخرى عندها نقص بشري، ولدى دول فوائض مالية وأخرى تعاني من العجز المالي.
التكامل الاقتصادي وفتح الأسواق بين الدول العربية سوف يساعد على التغلب على هذه التحديات.
علاقة مستدامة
* ما تقييكم للعلاقات الاقتصادية العربية الألمانية؟
ـ إننا كغرفة تجارية عربية ألمانية، يهمنا التوازن في العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية، ويهمنا ألا تكون الدول العربية فقط محطة صادرات للصناعة الألمانية وإنما أيضا شركاء. الصادرات الألمانية تشكل حوالي 75 في المائة من حجم التبادل التجاري، بينما الصادرات من البلدان العربية فهي 25 في المائة. لكن عندما نطرح موضوع الشراكة وموضوع شراء سلع من العالم العربي، نكتشف أن السلع العربية متشابهة، فالنفط تصدره أكثر من دولة عربية، وبالتالي فهو يشكل السلعة الأكثر تصديرا إلى ألمانيا. وهنا علينا التفكير في علاقة مستدامة، يمكن أن تشكل أحد نقاط التحول، وأقصد بذلك أنه علينا الاستثمار في التعليم وإنشاء معاهد تكنولوجيا، مستفيدين من معاهد البحث في ألمانيا ومن امكانيات ألمانيا في مجالي الطاقة والطاقة المتجددة، كل هذه مجالات، يمكنها أن تشكل علاقات مستديمة، ويمكنها أن تؤسس صناعات في منطقتنا العربية، تستفيد منها ألمانيا وأوروبا أيضا. وهناك أيضا قطاعات مهمة لدينا مثل قطاع صناعة الألومنيوم، فعبرها يمكن أن تنشأ صناعات أساسية، بالإمكان تصديرها إلى العالم الصناعي.
* تعتبر قطر من البلدان المهمة في تصدير الغاز والنفط، واحتلت المراتب الأولى في تصدر الغاز المسيل في العامين الماضين، لكن ألمانيا مازالت بعيدة عن هذا المصدر، فما الأسباب حسب رأيكم؟
ـ هناك أسباب منطقية جدا، فنقل الغاز المسيل إلى ألمانيا مكلف، وهذا يعني أن الأسباب اقتصادية، فتكلفة إيصال الغاز عبر الأنابيب أقل تكلفة من الغاز المسيل المنقول في السفن. علاوة على ذلك لا توجد حاليا محطات لاستقبال الغاز المسيل. وألمانيا استثمرت في خطوط الأنابيب، وخاصة لنقل الغاز من روسيا ومن دول أخرى، وحاليا يتم التفكير في الاستثمار في محطة لاستقبال الغاز في مدينة بريمرهافن الألمانية. هذا المشروع لا يزال قيد الدراسة، لأن السفن الكبيرة لنقل الغاز لا بد أن تأتي من الخليج عبر البحرالأحمر، ثم البحر المتوسط وعبر المحيط، وبالتالي تأخذ دورتها في الشمال، وميناء روتردام أكثر قربا من الموانئ الألمانية.
شريك تقليدي
لا بد من القول إن "الربيع العربي" الذي شهدته بلدان عربية، لم يؤثر كثيرا على الحركة التجارية مع ألمانيا بشكل عام، فبعض البلدان العربية ظلت محافظة على نسبة الصادرات كما الوارادت، وبالأخص الصادرات النفطية، بينما تراجعت الحركة بشكل ملحوظ مع بلدان أخرى لم تشهد أي تغييرات سياسية كبيرة، ما شكل تراجعا كبيرا في حجم التبادل التجاري، مقارنة مع فترة عام 2010 التي شهدت انتعاشا كبيرا.
تبادل تجاري بالمليارات بين ألمانيا والدول العربية
ففي هذا العام 2012 شهد التبادل التجاري بين ألمانيا وبلدان العالم العربي، نموا وصل الى 16.2 في المائة، حيث ارتفعت قيمة الصادرات الألمانية إلى الدول العربية بنسبة 17 في المائة لتصل الى 29034.4 مليار يورو وزادت الواردات الألمانية من الدول العربية بنسبة وصلت الى 13.7 في المائة أي ما قيمته 9.632.2 مليار يورو.
الصادرات الألمانية الى اهم شركائها التجاريين في العالم العربي ما بين شهري يناير واغسطس من العام 2012 وتتضمن الاليات والاجهزة الالكترونية والكهربائية والمعدات الكبيرة
وحافظت المملكة العربية السعودية على مرتبة الصدارة، إن في الصادرات أم الواردات، كما هي الحال مع دولة الإمارات العربية المتحدة وليبيا أحد أهم مصدر للنفط إلى ألمانيا. كما نما في عام 2010 تصدير السلع الزراعية ونصف المصنعة من البلدان العربية، إضافة إلى الأنسجة، وظلت مبيعات سوريا من النفط الى المانيا كبيرة.
لكن وبدلا من مواصلة الصادرات الألمانية لنموها، سجلت تراجعا النمو مع بداية عام 2011 بنسبة 3.92 في المائة، وهي نسبة يعتبرها خبرها الاقتصاد كبيرة لتصل القيمة الى حوالي 28 مليار يورو، بينما واصلت الواردات الألمانية من البلدان العربية، ومعظمها من النفط، النمو فزادت بنسبة 20.06 في المائة أي بقيمة قاربت من الـ12 مليار يورو.
إلا أن الصورة انقلبت في عام 2012 فيما يتعلق بالواردات الألمانية من العالم العربي. إذ تلقي البيانات الصادرة عن المكتب الاتحادي للإحصاء في مدينة فيسبادن، الضوء على حجم التبادل التجاري العربي الألماني للفترة ما بين شهري يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب). فمع أن حركة التجارة بين ألمانيا في الواردات والسعودية، حافظت على مستواها مقارنة مع العام الماضي، وينطبق ذلك ايضا على بلدان كدولة الإمارات العربية المتحدة وليبيا، إلا أنها شهدت تراجعا حادا جدا على سبيل المثال مع الجزائر( 16.24 في المائة) وسوريا (49 في المائة) وتونس (16.75 في المائة). لكن ما يلفت النظر أن الحركة التجارية بين ليبيا وألمانيا ورغم الأوضاع الأمنية غير المستقرة في هذه الفترة، سجلت نموا كبيرا ما بين يناير وأغسطس عام 2012، بعد تراجع وصل إلى 35 في المائة في نفس الفترة من العام 2011 (أكثر من 90 في المائة من النفط)، وفي الوقت الذي حافظت فيه الواردات الألمانية من سوريا على مستواها (ويشكل النفط نسبة عالية) تراجعت الصادارات الألمانية إليها بحوالي 50 في المائة.
الواردات الالمانية من البلدان العربية للفترة ما بين شهري يناير واغطس من العام 2012 واهمها النفط والمواد الغذائية والفلاحية وبعض الانسجة والسلع نصف المصنعة
وحسب قول مسؤول في المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن لـ”المجلة” فإن السعودية من الشركاء التقليدين بالنسبة لألمانيا وحركة التجارة بين البلدين تحافظ على مستواها منذ سنوات، واليوم وبفضل عائدات النفط العالية، فإن المملكة في وضع يمكنها من استيراد كميات كبيرة من المنتجات المختلفة الألمانية والخدمات وهذا الوضع في تصاعد. ففي النصف الأول من العام الحالي زاد حجم التبادل التجاري حوالي 47 في المائة، مقارنة مع نفس الفترة من عام 2011، ووصلت القيمة إلى خمسة مليارات يورو.
أمين عام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية:
سوق السعودية واعد ولدى مصر مقومات توازي ما لدى تركيا
عبد العزيز المخلافي
من الشخصيات العربية في ألمانيا، التي يمكنها أن تتحدث عن العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية، وتستطيع تقييمها هو عبد العزيز المخلافي أمين عام غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية في برلين، الذي أجرت معه مجلة “المجلة” هذا اللقاء.
* بعد أن حقق التبادل التجاري العربي الألماني في عام 2010، نموا ملحوظا فارتفع حجم الصادرات الألمانية حوالي 17 في المائة والواردات 14 في المائة تقريبا، بدأ بالتراجع في عام 2011. بالطبع التراجع مختلف النسب حسب البلدان، ومن المتوقع أن يواصل تراجعه أيضا حتى نهاية عام 2012. فحسب بيانات مكتب الإحصاء في فيسبادن تراجع حجم التبادل التجاري مع الكثير من البلدان ما بين شهري يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب)، ما الأسباب من وجهة نظركم؟
ـ أولا، يجب أن ننطلق من حقيقة أن التبادل التجاري العربي الألماني تضاعف تقريبا، خلال العشرة أعوام الأخيرة، وإذا أخذنا الأرقام ما بين 2001 و2011 نجد أن التبادل ارتفع من 22 مليار يورو إلى أكثر من 40 مليار يورو، ولقد تحقق في العام 2010 فعلا نمو مرتفع، لكن العام 2011 لم يحقق تراجعا بالمعنى الكلي، بل حصل تراجع في الصادرات الألمانية إلى بعض الدول العربية مثل ليبيا وسوريا واليمن، التي شهدت تحولات سياسية واجتماعية. وخلال الأشهر الـ8 الأولى من هذا العام، تحقق نمو في التبادل التجاري على صعيد الصادرات أو الواردات. فالصادرات الألمانية الى الدول العربية ارتفعت بشكل اجمالي في حدود 21 في المائة، والواردات من الدول العربية بنسبة 15 في المائة. بالطبع هناك أيضا تراجع كما ذكرت في قليل من الدول العربية يعوضه نمو في دول أخرى. فالمملكة العربية السعودية مثلا، شهدت نموا في استقبال الصادرات الألمانية بواقع 33 في المائة خلال المدة المذكورة سابقا، في حين حدث تراجع في دول أخرى، لكن في المؤشر العام للمبادلات التجارية حقق نموا بنسبة 16 في المائة، وهو مؤشر إيجابي مقابل نسبة نمو التجارة الألمانية على المستوى العالمي، التي تتراوح ما بين الـ10 و11 في المائة.
المرتبة الأولى
* مقابل نمو الصادرات الألمانية إلى المملكة العربية السعودية، ما بين شهري يناير وأغسطس، منيت الواردات من المملكة بتراجع، وكان من المتوقع زيادتها فما هو سبب التباطؤ؟
ـ دعينا نرى ما تحمله الأرقام، فقيمة الصادرات الألمانية إلى المملكة، نمت ووصلت خلال الـ8 أشهر الأولى من هذا العام إلى ما يقارب الـ6 مليارات يورو، وبلغت الصادرات من المملكة مليارا و200 مليون يورو، وهذا اعتبره تطورا. صحيح أن الامكانيات للتعاون بين البلدين يمكن أن تتطور بشكل أفضل، ولكن المملكة أصبحت تحتل الآن المرتبة الأولى كشريك تجاري لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط، بعد احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة هذه المرتبة سنوات عديدة. واليوم فإن سوق المملكة واعد، فهناك مشاريع بمئات المليارات ونتوقع نموا متزايدا، واذا ما نظرنا إلى إمكانية التعاون في مجالي الطاقة والطاقة المتجددة، فإن الملتقى العربي الألماني للطاقة المتجددة الأخير في برلين، حمل أخبارا عن مشروعات ضخمة ستقام في المملكة، وعما هو مخطط له أن ينفذ في المملكة، في مجال الطاقة خلال السنوات القادمة.
* فيما يتعلق بالعراق اليوم، فإن التبادل التجاري بينه وبين ألمانيا في نمو، فهل سيعود إلى حجمه السابق، فألمانيا كانت شريكا تجاريا للعراق؟
ـ العراق كان الشريك التجاري الأول لألمانيا في المنطقة العربية في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي، لكن هذا التعاون تراجع نتيجة الظروف التي مر بها العراق، وفي السنوات الأخيرة شهدنا ونشهد ونتابع تطورا ملحوظا. فالعراق بدأ يأخذ دوره من جديد في المنطقة العربية، واليوم تزايد انتاج النفط العراقي إلى ما فوق الـ3 ملايين برميل يوميا، وبدأ يأخذ مكانه كثاني أكبر مصدر للنفط في العالم، وهذا سبب للتفاؤل، فالصادرات الألمانية إلى العراق حققت ارتفاعا في حدود الـ36 في المائة لغاية شهر أغسطس من العام الحالي، مقارنة مع نفس الفترة الزمنية من عام 2011.
الصادرات والورادات بين ألمانيا والمملكة العربية السعودية بين شهري يناير واغسطس عام 2012
* ألمانيا كانت أحد البلدان التي تستورد نفطا من سوريا بقيمة مليار يورو تقريبا سنويا، وحسب البيانات فإن مشترياتها من سوريا تراجعت كثيرا، هل لديها بديل؟
ـ إن ما كانت تستورده ألمانيا من سوريا من النفط، لا يشكل سوى واحد في المائة من حجم استيرادها النفطي، ما يعني أن سوريا ليست من ضمن الدول العشرة الأولى المصدرة للنفط إلى ألمانيا، لأن معظم استيراد ألمانيا للنفط يتم من النرويج وروسيا والمملكة المتحدة، ومن الدول العربية في شمال أفريقيا، لذا فإن واحدا في المائة لا يشكل بالنسبة للاقتصاد الألماني أي إشكال أو أي اختناقات في الحاجات النفطية.
* هل تعتقدون بأن الاستثمارات الألمانية في بلدان مثل ليبيا أو تونس أو مصر سوف تزداد، في ظل التغييرات السياسية وضبابية الوضع السياسي هناك؟
ـ الاستثمارات الألمانية في المنطقة العربية ما زالت محدودة، لكنها بدأت تشهد تطورات في السنوات الأخيرة في مجالات اقتصادية معينة. فالشركات الألمانية، كما نعرف، توجد في السعودية، وبعض دول الخليج وفي تونس والمغرب ومصر. طبعا الاستثمارات الألمانية في الدول العربية لا تشكل إلا ما يقارب الواحد في المائة من حجم الاستثمارات الألمانية في الخارج، والإحصاءات والمعلومات المتوفرة تشير مع الأسف إلى حدوث تراجع في الاستثمارات الخارجية الألمانية في الدول العربية بشكل كامل العام الماضي، وذلك نتيجة تأثيرات التحول العربي، التي مازال انعكاسها ملموسا حتى اليوم. لكن إذا ما نظرنا إلى المدى المتوسط والطويل، فنحن متفائلون بأن الاقتصاد الألماني سوف يكون له دور كبير في التعاون والشراكة مع العالم العربي، فالمقومات يمكن أن تتوفر، إلا أنها تحتاج الى مناخات. فلدى مصر على سبيل المثال مقومات توازي ما لدى تركيا. بالطبع لا يوجد اليوم تناسب بين الناتج القومي في مصر، والناتج القومي في تركيا، فالناتج القومي المصري لا يشكل أكثر من 20 في المائة من الناتج القومي في تركيا، لكن إذا ما حصلت هذه المجتمعات العربية في السنوات القادمة على استقرار، واستخدمت مواردها بشكل صحيح، فإنها لا بد من أن تشهد نموا، مع الأخذ بعين الاعتبار تفاوت الأوضاع العربية، فهناك دول متقدمة اقتصاديا، وفيها صناعات وهناك دول لديها فائض بشري وأخرى عندها نقص بشري، ولدى دول فوائض مالية وأخرى تعاني من العجز المالي.
التكامل الاقتصادي وفتح الأسواق بين الدول العربية سوف يساعد على التغلب على هذه التحديات.
علاقة مستدامة
* ما تقييكم للعلاقات الاقتصادية العربية الألمانية؟
ـ إننا كغرفة تجارية عربية ألمانية، يهمنا التوازن في العلاقات الاقتصادية العربية الألمانية، ويهمنا ألا تكون الدول العربية فقط محطة صادرات للصناعة الألمانية وإنما أيضا شركاء. الصادرات الألمانية تشكل حوالي 75 في المائة من حجم التبادل التجاري، بينما الصادرات من البلدان العربية فهي 25 في المائة. لكن عندما نطرح موضوع الشراكة وموضوع شراء سلع من العالم العربي، نكتشف أن السلع العربية متشابهة، فالنفط تصدره أكثر من دولة عربية، وبالتالي فهو يشكل السلعة الأكثر تصديرا إلى ألمانيا. وهنا علينا التفكير في علاقة مستدامة، يمكن أن تشكل أحد نقاط التحول، وأقصد بذلك أنه علينا الاستثمار في التعليم وإنشاء معاهد تكنولوجيا، مستفيدين من معاهد البحث في ألمانيا ومن امكانيات ألمانيا في مجالي الطاقة والطاقة المتجددة، كل هذه مجالات، يمكنها أن تشكل علاقات مستديمة، ويمكنها أن تؤسس صناعات في منطقتنا العربية، تستفيد منها ألمانيا وأوروبا أيضا. وهناك أيضا قطاعات مهمة لدينا مثل قطاع صناعة الألومنيوم، فعبرها يمكن أن تنشأ صناعات أساسية، بالإمكان تصديرها إلى العالم الصناعي.
* تعتبر قطر من البلدان المهمة في تصدير الغاز والنفط، واحتلت المراتب الأولى في تصدر الغاز المسيل في العامين الماضين، لكن ألمانيا مازالت بعيدة عن هذا المصدر، فما الأسباب حسب رأيكم؟
ـ هناك أسباب منطقية جدا، فنقل الغاز المسيل إلى ألمانيا مكلف، وهذا يعني أن الأسباب اقتصادية، فتكلفة إيصال الغاز عبر الأنابيب أقل تكلفة من الغاز المسيل المنقول في السفن. علاوة على ذلك لا توجد حاليا محطات لاستقبال الغاز المسيل. وألمانيا استثمرت في خطوط الأنابيب، وخاصة لنقل الغاز من روسيا ومن دول أخرى، وحاليا يتم التفكير في الاستثمار في محطة لاستقبال الغاز في مدينة بريمرهافن الألمانية. هذا المشروع لا يزال قيد الدراسة، لأن السفن الكبيرة لنقل الغاز لا بد أن تأتي من الخليج عبر البحرالأحمر، ثم البحر المتوسط وعبر المحيط، وبالتالي تأخذ دورتها في الشمال، وميناء روتردام أكثر قربا من الموانئ الألمانية.