صفحة 1 من 1

العلاقات الدبلوماسية مع إيران

مرسل: الأحد ديسمبر 09, 2012 6:52 pm
بواسطة مشعل الشعلان 80
عندما دخل باراك أوباما البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) عام 2009، سادت حالة من الحماسة الملحوظة داخل وزارة الخارجية. لا يخفى سرا على أحد أن العاصمة الأميركية واشنطن مدينة تجنح إلى تيار اليسار، وأن وزارة الخارجية على وجه الخصوص هي هيئة حكومية يعمل بها كادر من الأفراد الذين يوظفون قوة الصبر والتحمل والاستماع والحوار بشكل يومي. على مدار أربعة أعوام، عملت في مكتب الشؤون الإيرانية. علمنا أن السياسة الأميركية القائمة تجاه إيران لم تكن مجدية، واتفق معظمنا في الرأي مع الرئيس أوباما على أنه قد حان الوقت لتبني نهج جديد.

والآن، بعد مرور أربعة أعوام بسرعة، تقف كل من الولايات المتحدة وإيران على حافة الهاوية من نزاع عسكري يمكن أن يجتاح الشرق الأوسط بأكمله، إن لم يكن العالم بأسره. وعلى الرغم من اهتمام إدارة أوباما الصادق بعنصر الابتكار والإبداع في إجراءاتها، فإن استراتيجيتها الدبلوماسية كانت مرهونة بالصورة الشاملة والمعوقات السياسية.

ثمة طريقة واحدة فقط لكسر حالة الجمود التي استمرت على مدى 34 عاما: كسر القوانين. ينبغي على أميركا وإيران أن تتحدثا بعضهما إلى البعض وتتبادلا تسويات متساوية القيمة بهدف القضاء على حالة العداء والمفاهيم الخاطئة التي تشل العلاقات.

فيما يلي إرشادات للرئيس الأميركي حول كيفية التعامل مع إيران في الفترة الرئاسية المقبلة:

ابدأ على الفور: الحقيقة المرة هي أنه لن يكون هناك مطلقا «وقت مناسب» بالنسبة لأميركا للمضي قدما في إقامة علاقات دبلوماسية مع إيران بشكل جاد. عندما دخل أوباما البيت الأبيض في عام 2009، تم اتخاذ قرار واع بالانتظار إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في إيران في يونيو (حزيران) قبل بدء محاولات جادة على نطاق واسع للتواصل مع إيران. ارتأت المدرسة الفكرية السائدة في الإدارة أن أحمدي نجاد كان له تأثير سياسي سيئ في واشنطن وتل أبيب، وأن بدء تواصل جاد مع الحكومة الإيرانية من شأنه أن يدعم المراهنة على إعادة انتخابه بشكل غير مقصود. غير أن قرار الانتظار كلف واشنطن ستة أشهر قيمة من جدولها الزمني الممتد على مدى عام للتواصل مع إيران. بعدها، أدت مظاهرات ما بعد الانتخابات وانتهاكات حقوق الإنسان في إيران إلى جعل المشاركة مستحيلة على مدار فترة إضافية تتراوح ما بين أربعة وخمسة أشهر. بالتطلع للمستقبل، يجب أن تجدد واشنطن تواصلها الدبلوماسي مع إيران بأسرع ما يمكن. غير أن ثمة مخاطر قائمة ينطوي عليها القيام بذلك – الانتخابات الرئاسية الإيرانية، المقرر إجراؤها في يونيو 2013، تخيم على المناخ السياسي في إيران بصورة تفوق المعتاد – إلا أن المسؤولين الأميركيين (والإيرانيين) لا يتمتعون برفاهية الانتظار حتى نهاية عام 2013، إذا ما كانوا يعتزمون بحق القيام بكل ما هو ضروري لتفادي مواجهة عسكرية.

الرأي قبل شجاعة الشجعان: لقد تمت غالبية المفاوضات الأميركية الإيرانية إبان رئاسة أوباما أمام الكاميرات أو مع الصحافيين الذين ينتظرون خارج قاعة الاجتماعات. إن القضاء على عداء كامن في النظام تشكل على مدار ثلاثة عقود، في الوقت الذي يبدو فيه واضحا للعيان بشكل دائم، يكاد يكون مستحيلا. ومن أجل زيادة فرص تحقيق النجاح، فإن زيادة عدد الاجتماعات المباشرة رفيعة المستوى يمكن أن تساعد في تجنب الكثير من المآزق الشائعة التي يحدثها اهتمام وسائل الإعلام والمواجهات السياسية.

تحدث إلى الجميع بشكل مباشر: بوصفها العضو الدائم الوحيد في مجلس الأمن الذي لا يملك قناة اتصال مباشرة مع إيران، فإن الولايات المتحدة، في وضع سيئ. بالمضي قدما للأمام، نجد أن ثمة جهودا يجب أن تتخذ في سبيل إنشاء مثل تلك القناة بسرعة. واعتقاد أن الحوار لن يكون متاحا إلا في حالة إنشاء قناة اتصال حقيقية واحدة بإيران يجب تجاهله. فمثل تلك القناة لا توجد. لكن يجب أن تدرك واشنطن أن هناك الكثير من مراكز القوى في إيران، والتي يجب تضمينها بأكملها في العملية. وليس من المرجح أن يتخذ أي قرار رئيسي في إيران من دون أن تشارك مجموعة من الأطراف المعنية الرئيسية في المناقشة. إذا تعذر التواصل المباشر مع البرلمان الإيراني ومكتب المرشد الأعلى والمراكز السياسية الأخرى، ينبغي أن يكون المفاوضون على استعداد لمنحهم وقتا، بحيث يقضي على ميل تلك الأطراف المعنية إلى إحباط اتفاق لم يكونوا جزءا منه.

ابق على مسارك: الآن، أدرك أوباما ما كان يجب أن يعرفه على طول الطريق: إقامة علاقات دبلوماسية مع إيران أمر صعب وسوف تزداد صعوبته. منذ أن تولى أوباما منصبه، تقلصت المساحة السياسية المتاحة في واشنطن لمواصلة العلاقات الدبلوماسية مع إيران تدريجيا. ينبغي أن تتجه الإدارة الأميركية المقبلة إلى محادثات تركز على المكاسب طويلة الأجل لإشراك إيران. كذلك، يتحتم عليها أن تكون على استعداد للاستثمار السياسي اللازم لمنح العملية فرصة حقيقية للنجاح. إذا كانت الإدارة ستنسحب عند أول إشارة إلى عناد إيراني أو معارضة بمجلس الشيوخ والنواب – وهما أمران ربما يتعذر تجنبهما – فربما يكون من الأفضل عدم بدء جولة جديدة من المحادثات الدبلوماسية على الإطلاق.

لدى الولايات المتحدة الكثير لتكسبه والقليل لتخسره بتجنب سياسات العقود الثلاثة الماضية – من بينها سياسة بوش المنقحة التي أصبحت سياسة أوباما – وبدء جهد حقيقي من أجل إقامة علاقات عمل مع إيران.

ولن تنتهي حالة العداء بعد بضعة اجتماعات. سيتحقق النجاح فقط إذا ما وجه الدبلوماسيون تركيزهم إلى الصبر والتقدم طويل الأجل لا الإصلاحات السريعة التي تستهدف تهدئة الدوائر الانتخابية السياسية المحلية. يقف قليلون ضد الحاجة للمحاولة، وليس ثمة بديل واقعي يخدم واجبات الأمن القومي الأميركي بشكل أفضل. إن العلاقات الدبلوماسية مع إيران سباق ماراثوني طويل وليس سباق عدو سريع.