صفحة 1 من 1

البعد العقدي في العلاقة بين الإسلام والغرب

مرسل: الاثنين ديسمبر 10, 2012 12:42 am
بواسطة رياض الغامدي
العلاقة بين الإسلام والغرب أصبحت من أهم القضايا الاستراتيجية والسياسية منذ نهاية الحرب الباردة، لكنها أصبحت بعد أحداث 11 سبتمبر أهم قضية كونية، تلك الأحداث التي هزت بقوة كبرياء القوة العظمى في العالم وغرورها، وكشفت عن الوجه الحقيقي للغرب في علاقته بالعالم الإسلامي؛ فما كان يُعَدّ له في الخفاء أصبح مكشوفاً، ولم تعد الخطط والاستراتيجيات قيد البحث في الدهاليز والغرف المغلقة، وإنما أصبحت مشاعاً لوسائل الإعلام الغربية، تتداولها مرئية ومسموعة بلا أي تحفظات أو قيود.

وكشفت هذه الخطط فيما كشفت عن وجود بعد عَقَدِيّ يحركها، فالإدارة اليمينية التي تحكم الولايات المتحدة الأمريكية لا تحركها فحسب الدوافع السياسية والاقتصادية ـ على الرغم من أهميتها ـ، وإنما تصدر عن بواعث ثقافية وحضارية ودينية؛ بحيث يمكن القول: إننا بحاجة إلى «علم سياسة» جديد، يجعل من (الدين، والهوية، والثقافة) موضوعه؛ بناء على أن المصالح لم تعد هي جوهر «علم السياسة» أو «العلاقات الدولية»، كما جرت تقاليد هذا العلم منذ (ميكافيللي) وحتى اليوم.

«علم السياسة» الجديد يجعل الجغرافيا السياسية الجديدة تقوم على الحدود الحضارية والثقافية والدينية، وليست خطوطاً وهمية على خريطة العالم، وفي الواقع؛ فإن «الدين» كان أحد محركات الغرب في علاقته بعالم الإسلام، لكن الجانب الثقافي والاجتماعي والحضاري لم يكن ظاهراً للعيان، كما كان جانباً أقل أهمية من الجانب السياسي، ومن ثم فإن الاهتمام بالعلاقة السياسية مع الغرب ـ والتي تمحورت حول التحرر السياسي منه ـ كانت هي الأساس، أما الجوانب الثقافية والحضارية والدينية فكانت غائمة ومشوشة، بل سعى الغرب إلى إسدال الحُجُب عليها، ولم ير المناضلون والساعون للتحرر في العالم الإسلامي المسألة الحضارية ذات بالٍ، بل كانوا ينازعون الغرب على المستوى السياسي، لكن على المستوى الثقافي كانوا يستلهمون قيم الغرب وطريقته للحياة! وكان الغرب اللئيم يدرك جيداً أن المعركة مع العالم الإسلامي خصوصاً هي بالأساس معركة الدين الإسلامي والثقافة العربية الإسلامية، وكأن لسان حاله يقول: إذا كسبنا معركة الدين والثقافة نكون قد انتصرنا حقاً، أما معركة السياسة والاقتصاد فخسارتها يمكن تعويضها بأدوات الهيمنة والضغوط المختلفة. واستطاع الغرب أن يستعيد مكاسب السياسة والاقتصاد، إلى حد أن التحرر السياسي والاقتصادي للعالم الثالث لم يكن سوى مسألة شكلية، لكن معركة الثقافة والحضارة والدين ظلت قائمة ومشتعلة.