الاسلام والغرب
مرسل: الاثنين ديسمبر 10, 2012 12:48 am
تُحيل قضية "الإسلام والغرب" إلى الجمع بين مصطلحين غير قابلين للمقارنة، لاختلاف الطبيعة البنيوية لكل منهما، كان لابد من تحديد المستويات الدلالية لهذين المصطلحين.
فالإسلام: دين عقائدي كياني روحي سماوي، قوامه الأساسي الأيمان بالله الخالق الواحد وبرسله وكتبه واليوم الآخر، يحوي قيماً أخلاقية وحضارية ومبادئ عابرة للحدود الجغرافية، لقد انتشر الإسلام بين أمم ودخل ثقافات عديدة وتكيف مع مختلف العادات والتقاليد والطرائق والأعراف الاجتماعية المحلية لتلك الأمم.
بينما يعني مصطلح الغرب جهة جغرافية تشير إلى حقائق جيوبوليتك لبشر يعيشون في غرب خارطة العالم{وإن كانت اليابان واستراليا وكوريا تقعان في شرق العالم لكن أنظمتهما السياسية ومدنيتهما غربية التوجه} في دول محددّة ومتعدّدة، تحكمهم حكومات مختلفة في أنظمتها السياسية، ذات حضارة علمانية تشكلت من أرضية ثقافية تجمع بين الديانتين المسيحية واليهودية.
المفهوم يحاول إيجاد علاقة بين طرفين، يشوبهما نوعاً من الاضطراب، أنه يؤجج مشاعر الحيطة والتوجس والخوف عند الطرفين، رغم اعتقاد بعض الأوساط الغربية أنه يثير مشاعر عن الخطر القادم من الإسلام والمسلمين، بدون تمييز بين الإسلام كرسالة ودين سماوي، وبين قراءة بعض المسلمين المتشددين له، وبواعث الإسلام السياسي للوصول الى السلطة، أو مقارعة السياسيات الغربية التي ينظر إليها بعين الريبة والشك بكونها استعمارية صليبية تجاه المسلمين كما ينظر لها المتطرفون، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، وما تبعها من كوارث وأزمات زادت من تصاعد حدة الكراهية بين المسلمين والدول الغربية. المصطلح قد روج له، وبقي يتداول لبحث نوعية العلاقات بين"الإسلام والغرب" بالرغم من تصاعد الحملة ضد هذا المصلح، وتولّد اتجاه يطلب تحديد من هو الغرب، ومن هو الإسلام، فمعظم النقد من المسلمين موجّه الى أمريكا وليس للدول الأوروبية ومعارضة العديد من السياسات الأمريكية تجاه القضايا العربية والإسلامية.
إن التزام نهج الحوار، كأساس لتطوير العلاقة بين الإسلام والغرب، يبدد الكثير من سوء الفهم، ويساهم في حل الكثير من المشكلات بين الطرفين، فهو يحول دون الصدام. وعليه ينبغي تكريس الجهود لإقامة الحوار واستمراره، والعمل على تعميق الصلات التفاهمية والحوارية الداخلية بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد والحضارة الواحدة، فلم نشهده منذ انبثاق نظرية صراع الحضارات أي نوع من الصراع الحضاري، الذي تكلم عنه واضع النظرية ومؤيدوها، وإنما شاهدنا العكس الصراع الدموي بين أبناء الحضارة الواحدة، فداخل كل حضارة توجد تكوينات متعددة ومختلفة من القوميات والمذاهب والاتجاهات السياسية، تنافست دموياً وتطاحنت بكل ما ملكت من أسلحة، وشاهدنا العودة إلى جاهلية وبربرية قطع الرؤوس وتهشيم الأجساد بالفؤوس، كما في الجزائر والعراق والسيارات المدمرة، وتفجيرات عمياء كما في الباكستان وبيروت وفي الدار البيضاء وبالي والرياض، وفي أنحاء متفرقة من العالم مؤخراً وغيرها من البلاد الإسلامية.
إن قيام إسلام على أرضية ليبرالية أو يفهم الإسلام من مواقع ليبرالية يمكن أن يساهم بشكل فعال في تهدئة التوترات والصراع بين الطوائف والجماعات الدينية، منعاً لنشوب حرب أهلية مدمرة تتخذ من الدين أو المذهب أو القومية مبرراً لاندلاعها، كما عانت أوروبا من دموية الحروب الدينية في القرون الماضية، وملايين ضحايا الحرب العالمية الثانية ماثلة أمامنا بدعوى التفوق القومي، وفي منطقتنا لابد من أخذ الدروس والعبر من الحروب المتكررة مع إسرائيل، والحرب الأهلية اللبنانية التي جرى القتل فيها على الهوية الدينية في بعض مراحلها، والقتل المجاني المتبادل بين أطراف النزاع في العراق.
إن الأوضاع الجارية في العراق تدعو لبذل الجهد من قبل كافة الأطراف ذات الصلة في العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب، من أجل البدء بعملية الحوار والتفاهم، وندعو إلى تأسيس ثقافة التسامح التي تتطلب الاعتراف بالآخر وثقافته، وإيجاد سبل للتوافق على طرق التعايش والتعاون بين الجميع عبر اتفاقيات ومعاهدات شراكة دولية بين الأطراف.
والقيادات الدينية أن تأخذ على مسؤوليتها إظهار دور الدين في تحقيق التعايش السلمي ومنع التصادم داخل أو بين المجتمعات البشرية، معتمدين بالدرجة الأولى على تقديريهم في كيفية التعامل مع الآخر المختلف، وتفسير المفاهيم الدينية برؤية إنسانية سمحة، فالدين وجد لخدمة الإنسان وليس لتدميره أو تعقيد حياته، وخلق البيئة الصالحة، فمقاصد الدين جاءت لخدمة الإنسان وليس لتدميره أو تعقيد حياته.
إن أخطر ما يهدد الوجود البشري هو التعصب الديني، وتحويل الدين إلى آلة سلطة قاهرة، مما تسبب في توليد توجهات وأزمات معقدة مثل "التطرف، والتعصب، والإرهاب، والجريمة المنظمة، والتطهير العرقي، واضطهاد القوي للضعيف على مستوى الأفراد والجماعات والشعوب.
الدعوة المطروحة هي بذل مزيد من الجهود في إقامة حوارات داخلية بين أبناء الدين الواحد، والحضارة الواحدة التي تحوي داخلها تكوينات مختلفة من الأديان والعقائد والطوائف، وفتح النقاش العام تجاه المشاكل القائمة. فلا بد من فتح ملفات الخلافات المسكوت عنها بين مختلف الأديان والطوائف. وفي الوقت نفسه لابد من تجاوز الأحكام التعميمية، فليس كل الغرب مسيحي، وليس كل الأمريكان يؤيدون الرئيس بوش، وليس كل مسلم يفكر بطريقة بن لادن. فالحوار الداخلي مطلوب بنفس مستوى الحوار مع الغرب، لأنه يستهدف رأب الصدع الداخلي بين تلك المكونات الاجتماعية، وهو من المستلزمات الأولية للحوار العام مع الغرب أو على الأقل أن يوازيه.
فلا سلام بين الطوائف والقوميات والإتجاهات أو التيارات السياسية بلا حوار بينها، ولا حوار بين الأحزاب والمذاهب والقوميات والأديان بلا دراسات جادة وبحوث موضوعية، تعمق معرفة كل طرف بالآخر، لتصوغ الإنسان المؤمن بقيم عالمية مشتركة في جميع الحضارات الإنسانية، متمثلة في قيم التنوع الحضاري المبني على احترام حق الحياة، والتعددية المذهبية والثقافية والسياسية، وسيادة مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بكل أشكالها، ويؤكد الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، ونبذ العنف السياسي والديني، والنهي عن التمييز والتطرف والتعصب، عبر تفعيل الآليات التي يسيطر بها منطق الحوار على منطق الصراع، وعلى هذا الأساس ندعو كل علماء الدين إلى أن لا يكونوا جزءاً من مشكلة الصراع، بل يسعون إلى حلّها في سباق لتضافر الجهود من أجل توفير فهم صحيح للدين، يقيم حياة اجتماعية روحية تعتمد روح الدين وجوهره السامي.
كان لإصرار بعض الدوائر الغربية على التعامل وفق مزدوجة إسلام ـ غرب بالمعنى الأيديولوجي، مدعاة لسوء الفهم وإرباك العلاقة الملتبسة المبنية أساساً على تعميم عدم الثقة وسوء التفاهم المتبادل بين العالم الإسلامي والغرب، وحلول مفهوم الصراع بدلاً عن الحوار بين الإسلام ونظم الغرب الحاكمة.
فالإسلام: دين عقائدي كياني روحي سماوي، قوامه الأساسي الأيمان بالله الخالق الواحد وبرسله وكتبه واليوم الآخر، يحوي قيماً أخلاقية وحضارية ومبادئ عابرة للحدود الجغرافية، لقد انتشر الإسلام بين أمم ودخل ثقافات عديدة وتكيف مع مختلف العادات والتقاليد والطرائق والأعراف الاجتماعية المحلية لتلك الأمم.
بينما يعني مصطلح الغرب جهة جغرافية تشير إلى حقائق جيوبوليتك لبشر يعيشون في غرب خارطة العالم{وإن كانت اليابان واستراليا وكوريا تقعان في شرق العالم لكن أنظمتهما السياسية ومدنيتهما غربية التوجه} في دول محددّة ومتعدّدة، تحكمهم حكومات مختلفة في أنظمتها السياسية، ذات حضارة علمانية تشكلت من أرضية ثقافية تجمع بين الديانتين المسيحية واليهودية.
المفهوم يحاول إيجاد علاقة بين طرفين، يشوبهما نوعاً من الاضطراب، أنه يؤجج مشاعر الحيطة والتوجس والخوف عند الطرفين، رغم اعتقاد بعض الأوساط الغربية أنه يثير مشاعر عن الخطر القادم من الإسلام والمسلمين، بدون تمييز بين الإسلام كرسالة ودين سماوي، وبين قراءة بعض المسلمين المتشددين له، وبواعث الإسلام السياسي للوصول الى السلطة، أو مقارعة السياسيات الغربية التي ينظر إليها بعين الريبة والشك بكونها استعمارية صليبية تجاه المسلمين كما ينظر لها المتطرفون، خصوصاً بعد أحداث 11 سبتمبر، وما تبعها من كوارث وأزمات زادت من تصاعد حدة الكراهية بين المسلمين والدول الغربية. المصطلح قد روج له، وبقي يتداول لبحث نوعية العلاقات بين"الإسلام والغرب" بالرغم من تصاعد الحملة ضد هذا المصلح، وتولّد اتجاه يطلب تحديد من هو الغرب، ومن هو الإسلام، فمعظم النقد من المسلمين موجّه الى أمريكا وليس للدول الأوروبية ومعارضة العديد من السياسات الأمريكية تجاه القضايا العربية والإسلامية.
إن التزام نهج الحوار، كأساس لتطوير العلاقة بين الإسلام والغرب، يبدد الكثير من سوء الفهم، ويساهم في حل الكثير من المشكلات بين الطرفين، فهو يحول دون الصدام. وعليه ينبغي تكريس الجهود لإقامة الحوار واستمراره، والعمل على تعميق الصلات التفاهمية والحوارية الداخلية بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد والحضارة الواحدة، فلم نشهده منذ انبثاق نظرية صراع الحضارات أي نوع من الصراع الحضاري، الذي تكلم عنه واضع النظرية ومؤيدوها، وإنما شاهدنا العكس الصراع الدموي بين أبناء الحضارة الواحدة، فداخل كل حضارة توجد تكوينات متعددة ومختلفة من القوميات والمذاهب والاتجاهات السياسية، تنافست دموياً وتطاحنت بكل ما ملكت من أسلحة، وشاهدنا العودة إلى جاهلية وبربرية قطع الرؤوس وتهشيم الأجساد بالفؤوس، كما في الجزائر والعراق والسيارات المدمرة، وتفجيرات عمياء كما في الباكستان وبيروت وفي الدار البيضاء وبالي والرياض، وفي أنحاء متفرقة من العالم مؤخراً وغيرها من البلاد الإسلامية.
إن قيام إسلام على أرضية ليبرالية أو يفهم الإسلام من مواقع ليبرالية يمكن أن يساهم بشكل فعال في تهدئة التوترات والصراع بين الطوائف والجماعات الدينية، منعاً لنشوب حرب أهلية مدمرة تتخذ من الدين أو المذهب أو القومية مبرراً لاندلاعها، كما عانت أوروبا من دموية الحروب الدينية في القرون الماضية، وملايين ضحايا الحرب العالمية الثانية ماثلة أمامنا بدعوى التفوق القومي، وفي منطقتنا لابد من أخذ الدروس والعبر من الحروب المتكررة مع إسرائيل، والحرب الأهلية اللبنانية التي جرى القتل فيها على الهوية الدينية في بعض مراحلها، والقتل المجاني المتبادل بين أطراف النزاع في العراق.
إن الأوضاع الجارية في العراق تدعو لبذل الجهد من قبل كافة الأطراف ذات الصلة في العلاقة بين العالم الإسلامي والغرب، من أجل البدء بعملية الحوار والتفاهم، وندعو إلى تأسيس ثقافة التسامح التي تتطلب الاعتراف بالآخر وثقافته، وإيجاد سبل للتوافق على طرق التعايش والتعاون بين الجميع عبر اتفاقيات ومعاهدات شراكة دولية بين الأطراف.
والقيادات الدينية أن تأخذ على مسؤوليتها إظهار دور الدين في تحقيق التعايش السلمي ومنع التصادم داخل أو بين المجتمعات البشرية، معتمدين بالدرجة الأولى على تقديريهم في كيفية التعامل مع الآخر المختلف، وتفسير المفاهيم الدينية برؤية إنسانية سمحة، فالدين وجد لخدمة الإنسان وليس لتدميره أو تعقيد حياته، وخلق البيئة الصالحة، فمقاصد الدين جاءت لخدمة الإنسان وليس لتدميره أو تعقيد حياته.
إن أخطر ما يهدد الوجود البشري هو التعصب الديني، وتحويل الدين إلى آلة سلطة قاهرة، مما تسبب في توليد توجهات وأزمات معقدة مثل "التطرف، والتعصب، والإرهاب، والجريمة المنظمة، والتطهير العرقي، واضطهاد القوي للضعيف على مستوى الأفراد والجماعات والشعوب.
الدعوة المطروحة هي بذل مزيد من الجهود في إقامة حوارات داخلية بين أبناء الدين الواحد، والحضارة الواحدة التي تحوي داخلها تكوينات مختلفة من الأديان والعقائد والطوائف، وفتح النقاش العام تجاه المشاكل القائمة. فلا بد من فتح ملفات الخلافات المسكوت عنها بين مختلف الأديان والطوائف. وفي الوقت نفسه لابد من تجاوز الأحكام التعميمية، فليس كل الغرب مسيحي، وليس كل الأمريكان يؤيدون الرئيس بوش، وليس كل مسلم يفكر بطريقة بن لادن. فالحوار الداخلي مطلوب بنفس مستوى الحوار مع الغرب، لأنه يستهدف رأب الصدع الداخلي بين تلك المكونات الاجتماعية، وهو من المستلزمات الأولية للحوار العام مع الغرب أو على الأقل أن يوازيه.
فلا سلام بين الطوائف والقوميات والإتجاهات أو التيارات السياسية بلا حوار بينها، ولا حوار بين الأحزاب والمذاهب والقوميات والأديان بلا دراسات جادة وبحوث موضوعية، تعمق معرفة كل طرف بالآخر، لتصوغ الإنسان المؤمن بقيم عالمية مشتركة في جميع الحضارات الإنسانية، متمثلة في قيم التنوع الحضاري المبني على احترام حق الحياة، والتعددية المذهبية والثقافية والسياسية، وسيادة مبادئ المساواة والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة بكل أشكالها، ويؤكد الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان، ونبذ العنف السياسي والديني، والنهي عن التمييز والتطرف والتعصب، عبر تفعيل الآليات التي يسيطر بها منطق الحوار على منطق الصراع، وعلى هذا الأساس ندعو كل علماء الدين إلى أن لا يكونوا جزءاً من مشكلة الصراع، بل يسعون إلى حلّها في سباق لتضافر الجهود من أجل توفير فهم صحيح للدين، يقيم حياة اجتماعية روحية تعتمد روح الدين وجوهره السامي.
كان لإصرار بعض الدوائر الغربية على التعامل وفق مزدوجة إسلام ـ غرب بالمعنى الأيديولوجي، مدعاة لسوء الفهم وإرباك العلاقة الملتبسة المبنية أساساً على تعميم عدم الثقة وسوء التفاهم المتبادل بين العالم الإسلامي والغرب، وحلول مفهوم الصراع بدلاً عن الحوار بين الإسلام ونظم الغرب الحاكمة.