ابن خلدون و تنبأته عن سقوط الأندلس
مرسل: الاثنين ديسمبر 10, 2012 11:46 am
نص رائع وجليل من مقدمة ابن خلدون يتنبأ فيه بسقوط الأندلس !!
فصل , في أن المغلوب مولع أبداً بالإقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده والسبب في ذلك أن النفس أبدا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت اليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه , او لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب. فإذا غالطت بذلك واتصل لها حصل اعتقادا, فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به , وذلك هو الاقتداء , او لما تراه والله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية ولا قوة بأس , وإنما هو بما انتحلته من العوائد والمذاهب , تغالط ايضا بذلك عن الغلب , وهذا راجع للأول , ولذلك ترى المغلوب يتشبه ابدا بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها , بل في سائر أحواله , وانظر الى ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائما , وما ذلك إلا لإعتقادهم الكمال فيهم , وانظر الى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية جند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم , حتى إنه إذا كانت أمة تجاور أخرى ولها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه والإقتداء حظ كبير , كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة , فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم وشاراتهم والكثير من عوائدهم وأحوالهم , حتى في رسم التماثيل في الجدران والمصانع والبيوت , حتى لقد يستشعر عن ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء , والأمر لله , وتأمل في هذا سر قولهم (( العامة على دين الملك)) فإنه من بابه , إذ الملك غالب لمن تحت يده والرعيةمقتدون به لإعتقاد الكمال فيه اعتقاد الأبناء بآبائهم والمتعلمين بمعلميهم , والله العليم الحكيم وبه سبحانه وتعالى التوفيق.
فصل , في أن المغلوب مولع أبداً بالإقتداء بالغالب في شعاره وزيه ونحلته وسائر أحواله وعوائده والسبب في ذلك أن النفس أبدا تعتقد الكمال فيمن غلبها وانقادت اليه إما لنظره بالكمال بما وقر عندها من تعظيمه , او لما تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنما هو لكمال الغالب. فإذا غالطت بذلك واتصل لها حصل اعتقادا, فانتحلت جميع مذاهب الغالب وتشبهت به , وذلك هو الاقتداء , او لما تراه والله أعلم من أن غلب الغالب لها ليس بعصبية ولا قوة بأس , وإنما هو بما انتحلته من العوائد والمذاهب , تغالط ايضا بذلك عن الغلب , وهذا راجع للأول , ولذلك ترى المغلوب يتشبه ابدا بالغالب في ملبسه ومركبه وسلاحه في اتخاذها وأشكالها , بل في سائر أحواله , وانظر الى ذلك في الأبناء مع آبائهم كيف تجدهم متشبهين بهم دائما , وما ذلك إلا لإعتقادهم الكمال فيهم , وانظر الى كل قطر من الأقطار كيف يغلب على أهله زي الحامية جند السلطان في الأكثر لأنهم الغالبون لهم , حتى إنه إذا كانت أمة تجاور أخرى ولها الغلب عليها فيسري إليهم من هذا التشبه والإقتداء حظ كبير , كما هو في الأندلس لهذا العهد مع أمم الجلالقة , فإنك تجدهم يتشبهون بهم في ملابسهم وشاراتهم والكثير من عوائدهم وأحوالهم , حتى في رسم التماثيل في الجدران والمصانع والبيوت , حتى لقد يستشعر عن ذلك الناظر بعين الحكمة أنه من علامات الاستيلاء , والأمر لله , وتأمل في هذا سر قولهم (( العامة على دين الملك)) فإنه من بابه , إذ الملك غالب لمن تحت يده والرعيةمقتدون به لإعتقاد الكمال فيه اعتقاد الأبناء بآبائهم والمتعلمين بمعلميهم , والله العليم الحكيم وبه سبحانه وتعالى التوفيق.