- الاثنين ديسمبر 10, 2012 6:03 pm
#56376
تتسارع الأحداث في سوريا، وتتشابك المواضيع المرتبطة بالأزمة المتفاقمة، من التحذير من عواقب إستخدام الأسلحة الكيميائية، مروراً بنشر صواريخ باتريوت على الحدود التركية مع سوريا والتهديد بالتدخّل العسكري الغربي، وصولاً إلى كثرة الأحاديث عن مفاوضات تدور تحت الطاولة تمهيداً لوضع أسس عريضة لاتفاق تسوية للأزمة. وفي ظلّ كل هذه الأقاويل والمواقف، وبغض النظر عن مدى صحّتها، بقيت الإشتباكات العنيفة قائمة في أكثر من موقع على إمتداد الأراضي السورية، مع تسجيل تطوّر مهم في الأيّام الماضية تمثّل بسيطرة المعارضة السورية على مزيد من المعابر الحدودية، وهذه المرّة مع الأردن. لكن الأنظار بقيت مشدودة إلى العاصمة دمشق التي طغت أحداثها على كل التطوّرات السياسية والأمنيّة في سوريا. فماذا حاولت المعارضة السورية أن تنفّذه في العاصمة دمشق في الأسبوعين الأخيرين، وكيف إنتهت المعركة؟
بداية، لا بد من الإشارة إلى أنّ المعارضة السورية إقتنعت أخيراً أنّها ما لم تُحرز نتيجة ميدانية مهمّة في دمشق، فإنّ معنويات النظام السوري وكل القوى الدائرة في فلكه لن تهتزّ، باعتبار أنّ فقدان السيطرة على مدينة من هنا وعلى بلدة من هناك، وخسارة معبر من هنا ومركز عسكري من هناك، لن يغيّر شيئاً في المعادلة القائمة. من هنا إتخذ القرار بإحراز "نصر ميداني" أو أقلّه "نصر معنوي" على النظام في دمشق! ولهذا الغرض، نفّذت وحدات كبيرة من مقاتلي المعارضة السورية هجمات كثيفة على عدد من المطارات العسكرية الصغيرة المتفرّقة، ونجحت في السيطرة على عدد من الأسلحة والذخائر التابعة للجيش السوري، مستفيدة من عنصر المفاجأة، وكذلك من تفوّقها العددي حيث أشركت أعداداً كبيرة من المقاتلين في الهجمات التي نفّذتها. وحاولت المعارضة أيضاً التقدّم بإتجاه مطار دمشق الدولي، لجعله تحت نيرانها ولو من مسافة بعيدة، على أمل أن تكون كافية لشلّ حركة الملاحة الجويّة فيه. وبالتالي، كان إغلاق مطار دمشق الرئيس من بين أهداف هجمات المعارضة الأخيرة. وعلى خطّ مواز، تحرّكت وحدات من المعارضة السورية من حيّي التضامن والقدم جنوب دمشق، في محاولة للتقدّم بإتجاه وسط العاصمة. وكان الهدف وضع اليد على عدد من المواقع الإستراتيجيّة داخل العاصمة، ليس لأهمّيتها العسكرية في القتال الدائر، ولكن لأهميتها المعنويّة على مقاتلي الطرفين. يُذكر أنّه توجد جيوب للمعارضة في جنوب العاصمة وفي شرقها، وهي متّصلة من الناحية الجغرافية بريف دمشق. وشهدت مناطق عدّة في وسط دمشق إشتباكات متفرّقة، منها حيّ العبّاسيين وشارع بغداد، وبساتين كفرسوسة، لكنها لم تدم لفترات طويلة. وكان من بين أهداف المعارضة السورية، تحريك "خلايا نائمة" تابعة لها داخل العديد من أحياء دمشق، فيما لو تمكّنت من تأمين الدعم اللوجستي لها من الخارج.
ولمواجهة خطّط المعارضة، سارع الجيش السوري إلى تنفيذ هجمات مضادة على بعض الأماكن حيث تمكّنت المعارضة من تسجيل تقدّم ميداني، وذلك بهدف إستردادها. كما شنّ الجيش السوري أيضاً هجمات إستباقية في أماكن أخرى، منعاً لوقوعها بيد المعارضة. ولهذا الغرض حرّك النظام السوري وحدات الحرس الجمهوري التي كان لا يُشركها في المعارك القائمة في سوريا، إلا نادراً وبشكل محدود. لكن هذه المرّة تحرّك نحو 30000 عنصر من الحرس الجمهوري، مع دبّاباتهم المتطوّرة، وتوزّعوا على المواقع التي تشهد ضغطاً أمنياً بفعل عمليّات المعارضة. والأهمّ نفّذ الجيش السوري إنتشاراً دائرياً في كل المناطق المحيطة بالعاصمة، بهدف إيجاد حزام أمني بعمق كيلومترات عدّة وبشكل دائري حول العاصمة، لتكون بمثابة خط دفاع أوّل للجيش. وبهدف منع تحرّك الخلايا النائمة التابعة للمعارضة في دمشق، نشر الجيش السوري نحو 400 حاجز أمني ثابت، إضافة إلى عشرات الحواجز "الطيّارة" أو المتحرّكة. كما هاجم الجيش السوري بعنف العديد من المناطق في ريف دمشف، مستخدماً الطيران الحربي وراجمات الصواريخ والمدفعيّة الثقيلة، علماً أنّه إستحدث أخيراً العديد من المرابض، ومنها مثلاً في مطار المزّة العسكري. وقصف الجيش السوري داريا بريف دمشق بالطيران، قبل أن تنفّذ وحدات من لواء الحرس الجمهوري هجوماً مدعوماً بالدبابات على المدينة وتنجح في إجبار المعارضة على التراجع، علماً أنّ البساتين المحيطة بداريا ما زالت تحت سيطرة المعارضة. كما حقّق الجيش السوري تقدّماً كبيراً في بلدة عقربا، وتقدّماً جزئياً في حرستا. إشارة إلى أنّ مناطق حرستا، ودوما، وزملكا، وسقبا في الغوطة الشرقية تُعتبر من أبرز أماكن تجمّع المعارضة، خاصة في ظلّ كثرة البساتين التي تسهّل عمليات التسلّل والإختباء. وقد قاوم مقاتلو المعارضة السورية بشراسة هجمات الجيش، وكان لافتاً إستخدامهم صواريخ أرض – جوّ ضدّ الطائرات المغيرة، ولوّ بأعداد قليلة. ولاحق الجيش السوري المعارضة في أحياء دمشق الجنوبيّة، وتحديداً في الحجر الأسود والتضامن والقدم والعسالي ونهر عيشة.
في الخلاصة، لا تزال العاصمة السورية دمشق بيد الجيش السوري حتى اليوم، لكن مناطق واسعة من ريف دمشق صارت بيد المعارضة. وبالتالي، إنّ الضغط على العاصمة سيبقى مستمراً في الفترة المقبلة، خاصة وأنّ المعارضة تعتبر أنّه كلما وسّعت سيطرتها الميدانية حول العاصمة، إقتربت أكثر من الدخول إلى دمشق. لكن النظام لا يقف مكتوف اليدين أمام هذا الأمر، وهو يعمل على ضرب المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بالطيران والصواريخ والمدفعيّة الثقيلة، وهو مصرّ هذه المرّة على إقامة حزام أمني دائري حول العاصمة، منفّذاً هجمات محكمة عبر نخبة قواته العسكرية، ومصرّ أيضاً على إحكام قبضته الحديدية داخل أحياء دمشق نفسها، لإفشال أي خطة مستقبلية للمعارضة شبيهة بتلك التي نفّذتها في الأيام الماضية من دون أن تنجح، لكن من دون أن تفقد أيضاً القدرة على تكرار المحاولة من جديد!
بداية، لا بد من الإشارة إلى أنّ المعارضة السورية إقتنعت أخيراً أنّها ما لم تُحرز نتيجة ميدانية مهمّة في دمشق، فإنّ معنويات النظام السوري وكل القوى الدائرة في فلكه لن تهتزّ، باعتبار أنّ فقدان السيطرة على مدينة من هنا وعلى بلدة من هناك، وخسارة معبر من هنا ومركز عسكري من هناك، لن يغيّر شيئاً في المعادلة القائمة. من هنا إتخذ القرار بإحراز "نصر ميداني" أو أقلّه "نصر معنوي" على النظام في دمشق! ولهذا الغرض، نفّذت وحدات كبيرة من مقاتلي المعارضة السورية هجمات كثيفة على عدد من المطارات العسكرية الصغيرة المتفرّقة، ونجحت في السيطرة على عدد من الأسلحة والذخائر التابعة للجيش السوري، مستفيدة من عنصر المفاجأة، وكذلك من تفوّقها العددي حيث أشركت أعداداً كبيرة من المقاتلين في الهجمات التي نفّذتها. وحاولت المعارضة أيضاً التقدّم بإتجاه مطار دمشق الدولي، لجعله تحت نيرانها ولو من مسافة بعيدة، على أمل أن تكون كافية لشلّ حركة الملاحة الجويّة فيه. وبالتالي، كان إغلاق مطار دمشق الرئيس من بين أهداف هجمات المعارضة الأخيرة. وعلى خطّ مواز، تحرّكت وحدات من المعارضة السورية من حيّي التضامن والقدم جنوب دمشق، في محاولة للتقدّم بإتجاه وسط العاصمة. وكان الهدف وضع اليد على عدد من المواقع الإستراتيجيّة داخل العاصمة، ليس لأهمّيتها العسكرية في القتال الدائر، ولكن لأهميتها المعنويّة على مقاتلي الطرفين. يُذكر أنّه توجد جيوب للمعارضة في جنوب العاصمة وفي شرقها، وهي متّصلة من الناحية الجغرافية بريف دمشق. وشهدت مناطق عدّة في وسط دمشق إشتباكات متفرّقة، منها حيّ العبّاسيين وشارع بغداد، وبساتين كفرسوسة، لكنها لم تدم لفترات طويلة. وكان من بين أهداف المعارضة السورية، تحريك "خلايا نائمة" تابعة لها داخل العديد من أحياء دمشق، فيما لو تمكّنت من تأمين الدعم اللوجستي لها من الخارج.
ولمواجهة خطّط المعارضة، سارع الجيش السوري إلى تنفيذ هجمات مضادة على بعض الأماكن حيث تمكّنت المعارضة من تسجيل تقدّم ميداني، وذلك بهدف إستردادها. كما شنّ الجيش السوري أيضاً هجمات إستباقية في أماكن أخرى، منعاً لوقوعها بيد المعارضة. ولهذا الغرض حرّك النظام السوري وحدات الحرس الجمهوري التي كان لا يُشركها في المعارك القائمة في سوريا، إلا نادراً وبشكل محدود. لكن هذه المرّة تحرّك نحو 30000 عنصر من الحرس الجمهوري، مع دبّاباتهم المتطوّرة، وتوزّعوا على المواقع التي تشهد ضغطاً أمنياً بفعل عمليّات المعارضة. والأهمّ نفّذ الجيش السوري إنتشاراً دائرياً في كل المناطق المحيطة بالعاصمة، بهدف إيجاد حزام أمني بعمق كيلومترات عدّة وبشكل دائري حول العاصمة، لتكون بمثابة خط دفاع أوّل للجيش. وبهدف منع تحرّك الخلايا النائمة التابعة للمعارضة في دمشق، نشر الجيش السوري نحو 400 حاجز أمني ثابت، إضافة إلى عشرات الحواجز "الطيّارة" أو المتحرّكة. كما هاجم الجيش السوري بعنف العديد من المناطق في ريف دمشف، مستخدماً الطيران الحربي وراجمات الصواريخ والمدفعيّة الثقيلة، علماً أنّه إستحدث أخيراً العديد من المرابض، ومنها مثلاً في مطار المزّة العسكري. وقصف الجيش السوري داريا بريف دمشق بالطيران، قبل أن تنفّذ وحدات من لواء الحرس الجمهوري هجوماً مدعوماً بالدبابات على المدينة وتنجح في إجبار المعارضة على التراجع، علماً أنّ البساتين المحيطة بداريا ما زالت تحت سيطرة المعارضة. كما حقّق الجيش السوري تقدّماً كبيراً في بلدة عقربا، وتقدّماً جزئياً في حرستا. إشارة إلى أنّ مناطق حرستا، ودوما، وزملكا، وسقبا في الغوطة الشرقية تُعتبر من أبرز أماكن تجمّع المعارضة، خاصة في ظلّ كثرة البساتين التي تسهّل عمليات التسلّل والإختباء. وقد قاوم مقاتلو المعارضة السورية بشراسة هجمات الجيش، وكان لافتاً إستخدامهم صواريخ أرض – جوّ ضدّ الطائرات المغيرة، ولوّ بأعداد قليلة. ولاحق الجيش السوري المعارضة في أحياء دمشق الجنوبيّة، وتحديداً في الحجر الأسود والتضامن والقدم والعسالي ونهر عيشة.
في الخلاصة، لا تزال العاصمة السورية دمشق بيد الجيش السوري حتى اليوم، لكن مناطق واسعة من ريف دمشق صارت بيد المعارضة. وبالتالي، إنّ الضغط على العاصمة سيبقى مستمراً في الفترة المقبلة، خاصة وأنّ المعارضة تعتبر أنّه كلما وسّعت سيطرتها الميدانية حول العاصمة، إقتربت أكثر من الدخول إلى دمشق. لكن النظام لا يقف مكتوف اليدين أمام هذا الأمر، وهو يعمل على ضرب المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بالطيران والصواريخ والمدفعيّة الثقيلة، وهو مصرّ هذه المرّة على إقامة حزام أمني دائري حول العاصمة، منفّذاً هجمات محكمة عبر نخبة قواته العسكرية، ومصرّ أيضاً على إحكام قبضته الحديدية داخل أحياء دمشق نفسها، لإفشال أي خطة مستقبلية للمعارضة شبيهة بتلك التي نفّذتها في الأيام الماضية من دون أن تنجح، لكن من دون أن تفقد أيضاً القدرة على تكرار المحاولة من جديد!