المشكلة المالية
مرسل: الاثنين ديسمبر 10, 2012 8:15 pm
طلعت زكي حافظ
تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين والمحللين الماليين، حول خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية، التي حلت بالعالم في عام 2008، وتفجرت أولى فقاعاتها عندما أشهر أكبر رابع بنك استثماري على مستوى الولايات المتحدة، في 15 أيلول (سبتمبر) 2008، وهو بنك ليمان براذرز الاستثماري، إفلاسه بحجم أصول بلغت قيمتها آنذاك نحو 600 مليار دولار.
تباين آراء الخبراء الاقتصاديين والمحللين الماليين، حول خروج الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية العالمية وتعافيه من عدمه، مرده إلى أن البعض يؤكد جازماً أن العالم قد تجاوز الأسوأ في الأزمة، وأن الأسوأ فيها قد أصبح حدثاً تاريخياً وماضياً لا يستحق التفكير فيه، مثله مثل أزمة الكساد العالمي الكبير، التي حلت بالاقتصاد العالمي في عام 1929، وتمكن العالم من تجاوزها في حدود خمس سنوات، كما أن البعض يؤكد أن الأزمة المالية العالمية، لا تعدو كونها دورة اقتصادية، ستنتهي بمجرد انتهاء العوامل، التي تسببت في حدوثها، ولا سيما أن العالم وقف وقفة الرجل الواحد في وجهها ورصد لها مليارات الدولارات، وعقد لها عددا كبيرا من القمم والمؤتمرات والندوات العالمية للتعامل معها ولمعالجة أسبابها وتفادي حدوثها في المستقبل.
البعض الآخر يؤكد جازماً أن العالم لا يزال يعيش تبعات وتداعيات الأزمة، وأنها ما زالت تتفاعل في جنبات الاقتصاد العالمي وتضرب بأطنابها يمنة ويسرة، وأن العالم لم يتجاوز أسوأها حتى اليوم، وما يؤكد ذلك تساقط وتهاوي يومياً مؤسسات وشركات مالية ومصرفية مرموقة على مستوى العالم في مستنقع الأزمة.
في تصوري أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعيش إرهاصات الأزمة، وبالذات أن تبعاتها وتداعياتها تخطت حدود المؤسسات والشركات العالمية، لتطول الميزانيات العامة للحكومات وللمؤسسات العامة على مستوى العالم مثل حكومة أيسلندا، واليونان، وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا، كما أن الأزمة ضاعفت وفاقمت حدة عدد كبير من المشاكل الإنمائية والاقتصادية على مستوى العالم، وبالذات تلك المشاكل، التي تعانيها اقتصادات الدول النامية والفقيرة، مثل قضايا الجوع والفقر والبطالة والأمن الغذائي والأمية، إضافة إلى أنها قد تسببت في تفاعل وبروز عدد من القضايا والمشاكل الاقتصادية والمالية الجديدة على السطح، مثل قضايا حرب العملات، وقضايا الحمائية، والإغراق، وإلى غير ذلك من القضايا.
إن مقياس خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية، هو قدرة الاقتصاد العالمي على النمو بشكل تلقائي وطبيعي، وبقوة دفع ذاتية، دون الاعتماد على الدعم المالي وعلى محفزات النمو والمساعدات المالية المؤقتة، التي تقدمها الحكومات للمالية العامة للدولة، وللمؤسسات وللشركات العامة والخاصة، لضمان استمرارية النمو، كما أن هناك مقياسا آخر للحكم على خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية، وهو الذي يتمثل في مدى قدرة المؤسسات والشركات العالمية، بما في ذلك الحكومات والمؤسسات العامة، على مواجهة التزاماتها المالية القادمة (القروض والسندات والخدمات المترتبة عليها) في تواريخ استحقاقاتها المستقبلية.
إن عدم التزام دول العالم بتطبيق سياسات التحفيز والتقشف وترشيد الإنفاق، وفقاً للبرامج التي تم الاتفاق عليها في المنتديات والمؤتمرات والقمم الدولية، التي عقدت على مستوى العالم، مثل قمم دول مجموعة العشرين، سيعوق بكل تأكيد نجاح جميع الجهود الرامية لإعادة الاقتصاد العالمي إلى النمو وإلى الاستقرار المالي والاقتصادي بدوافع ذاتية وطبيعية.
من هذا المنطلق يتوقع لتداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية أن تستمر تفاعلاتها وتأثيراتها السلبية خلال عام 2011 على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى اقتصادات الدول الفقيرة والنامية بشكل خاص، بالذات في حال عدم التعامل مع المشاكل، التي تسببت في حدوث الأزمة في الأساس، وفاقمت من تعقيداتها وضاعفت من تشعباتها إفرازاتها السلبية، وبالذات المتمثلة في ضعف الرقابة على المؤسسات المالية، وفي التحرير المفرط للأسواق بشكل غير مدروس وغير منضبط، كما أن عدم قدرة الدول على تطوير التشريعات والقوانين، وبالذات القوانين والتشريعات المتعلقة بالإفصاح والرقابة على العمليات المالية والمصرفية، المتعلقة بهندسة وهيكلة المشتقات المالية، بما في ذلك المتعلقة بتصميم وإدارة صناديق التحوط والصناديق السيادية، سيعوق الجهود العالمية الرامية للقضاء على أساس وجذور المشكلة أو المشاكل التي تسببت في حدوث الأزمة.
بالنسبة للوضع في المملكة العربية السعودية، ولكون اقتصادها لم يكن في الأساس جزءا من مشكلة الأزمة المالية العالمية، وتبعاً لذلك كان الاقتصاد السعودي في منأى عن التأثر المباشر بتداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية، بما في ذلك الأنظمة والأنشطة المالية والاستثمارية والمصرفية الأخرى، كما أن استمرار الحكومة السعودية في متابعة تداعيات الأزمة ورصد تبعاتها على الاقتصاد الوطني، واتخاذ التدابير الكفيلة بالتخفيف من آثارها، قد أسهم بشكل كبير في تجنيب الاقتصاد السعودي من الدخول في نفق الأزمة وفي تعقيداتها وتشعباتها المختلفة، وبالذات حين ربط تلك التدابير بإعلان خادم الحرمين الشريفين عن مبادرة توجه الحكومة لإنفاق 400 مليار دولار خلال خمسة أعوام، واستمرار التوسع في الإنفاق العام على مشاريع التنمية الاقتصادية.
إن استمرار انتهاج مؤسسة النقد العربي السعودي لسياسية نقدية ومصرفية مرنة تستجيب وتتفاعل مع المتغيرات والمستجدات الاقتصادية، وبالذات لاحتياجات ومتطلبات السيولة، بما في ذلك تشديد الرقابة على النشاط المصرفي للتأكد من سلامة المصارف والودائع، وقدرة المصارف المحلية على التعامل مع المخاطر والمحافظة على مستويات ملاءة مالية معينة، ساعد إلى حد كبير على تجنيب المصارف المحلية، أن تكون عرضة للتأثيرات المباشرة للأزمة.
خلاصة القول، في تصوري أن خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية وتعافيه من عدمه، سيظل أمراً مرهوناً بمدى قدرة دول العالم وأنظمتها الاقتصادية والمالية والمصرفية والاستثمارية المختلفة، على مواجهة أساسيات المشكلة في عام 2011 وجهاً لوجه، والتعامل معها بالجدية المطلوبة، وبالذات فيما يتعلق بإحكام الرقابة على العمليات والأنشطة المصرفية والمالية عابرة الحدود، أو كما يطلق عليها أحيانا بعابرة القارات.
الوضع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية خلال عام 2011، سيكون ـــ بإذن الله ـــ قوياً وجيداً ومطمئناً للغاية، رغم استمرار إرهاصات وتداعيات وتبعات الأزمة، وبالذات في ظل استمرار الدولة في اتخاذها التدابير الاقتصادية والمالية والنقدية اللازمة، للمحافظة على وتيرة التنمية الاقتصادية في البلاد، كما أن محافظة أسعار النفط العالمية على مستويات أو نطاق سعري معين في حدود 70 ـــ 75 دولارا للبرميل، سيعزز من قدرة الاقتصاد الوطني للتعامل مع الأسوأ القادم من تلك الأزمة، وسيمكن المملكة من الاستمرار في سياسة الإنفاق التوسعية، التي تكفل للاقتصاد النمو والازدهار بوتيرة مستقرة، والله من وراء القصد
تباينت آراء الخبراء الاقتصاديين والمحللين الماليين، حول خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية، التي حلت بالعالم في عام 2008، وتفجرت أولى فقاعاتها عندما أشهر أكبر رابع بنك استثماري على مستوى الولايات المتحدة، في 15 أيلول (سبتمبر) 2008، وهو بنك ليمان براذرز الاستثماري، إفلاسه بحجم أصول بلغت قيمتها آنذاك نحو 600 مليار دولار.
تباين آراء الخبراء الاقتصاديين والمحللين الماليين، حول خروج الاقتصاد العالمي من الأزمة المالية العالمية وتعافيه من عدمه، مرده إلى أن البعض يؤكد جازماً أن العالم قد تجاوز الأسوأ في الأزمة، وأن الأسوأ فيها قد أصبح حدثاً تاريخياً وماضياً لا يستحق التفكير فيه، مثله مثل أزمة الكساد العالمي الكبير، التي حلت بالاقتصاد العالمي في عام 1929، وتمكن العالم من تجاوزها في حدود خمس سنوات، كما أن البعض يؤكد أن الأزمة المالية العالمية، لا تعدو كونها دورة اقتصادية، ستنتهي بمجرد انتهاء العوامل، التي تسببت في حدوثها، ولا سيما أن العالم وقف وقفة الرجل الواحد في وجهها ورصد لها مليارات الدولارات، وعقد لها عددا كبيرا من القمم والمؤتمرات والندوات العالمية للتعامل معها ولمعالجة أسبابها وتفادي حدوثها في المستقبل.
البعض الآخر يؤكد جازماً أن العالم لا يزال يعيش تبعات وتداعيات الأزمة، وأنها ما زالت تتفاعل في جنبات الاقتصاد العالمي وتضرب بأطنابها يمنة ويسرة، وأن العالم لم يتجاوز أسوأها حتى اليوم، وما يؤكد ذلك تساقط وتهاوي يومياً مؤسسات وشركات مالية ومصرفية مرموقة على مستوى العالم في مستنقع الأزمة.
في تصوري أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعيش إرهاصات الأزمة، وبالذات أن تبعاتها وتداعياتها تخطت حدود المؤسسات والشركات العالمية، لتطول الميزانيات العامة للحكومات وللمؤسسات العامة على مستوى العالم مثل حكومة أيسلندا، واليونان، وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا، كما أن الأزمة ضاعفت وفاقمت حدة عدد كبير من المشاكل الإنمائية والاقتصادية على مستوى العالم، وبالذات تلك المشاكل، التي تعانيها اقتصادات الدول النامية والفقيرة، مثل قضايا الجوع والفقر والبطالة والأمن الغذائي والأمية، إضافة إلى أنها قد تسببت في تفاعل وبروز عدد من القضايا والمشاكل الاقتصادية والمالية الجديدة على السطح، مثل قضايا حرب العملات، وقضايا الحمائية، والإغراق، وإلى غير ذلك من القضايا.
إن مقياس خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية، هو قدرة الاقتصاد العالمي على النمو بشكل تلقائي وطبيعي، وبقوة دفع ذاتية، دون الاعتماد على الدعم المالي وعلى محفزات النمو والمساعدات المالية المؤقتة، التي تقدمها الحكومات للمالية العامة للدولة، وللمؤسسات وللشركات العامة والخاصة، لضمان استمرارية النمو، كما أن هناك مقياسا آخر للحكم على خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية، وهو الذي يتمثل في مدى قدرة المؤسسات والشركات العالمية، بما في ذلك الحكومات والمؤسسات العامة، على مواجهة التزاماتها المالية القادمة (القروض والسندات والخدمات المترتبة عليها) في تواريخ استحقاقاتها المستقبلية.
إن عدم التزام دول العالم بتطبيق سياسات التحفيز والتقشف وترشيد الإنفاق، وفقاً للبرامج التي تم الاتفاق عليها في المنتديات والمؤتمرات والقمم الدولية، التي عقدت على مستوى العالم، مثل قمم دول مجموعة العشرين، سيعوق بكل تأكيد نجاح جميع الجهود الرامية لإعادة الاقتصاد العالمي إلى النمو وإلى الاستقرار المالي والاقتصادي بدوافع ذاتية وطبيعية.
من هذا المنطلق يتوقع لتداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية أن تستمر تفاعلاتها وتأثيراتها السلبية خلال عام 2011 على الاقتصاد العالمي بشكل عام وعلى اقتصادات الدول الفقيرة والنامية بشكل خاص، بالذات في حال عدم التعامل مع المشاكل، التي تسببت في حدوث الأزمة في الأساس، وفاقمت من تعقيداتها وضاعفت من تشعباتها إفرازاتها السلبية، وبالذات المتمثلة في ضعف الرقابة على المؤسسات المالية، وفي التحرير المفرط للأسواق بشكل غير مدروس وغير منضبط، كما أن عدم قدرة الدول على تطوير التشريعات والقوانين، وبالذات القوانين والتشريعات المتعلقة بالإفصاح والرقابة على العمليات المالية والمصرفية، المتعلقة بهندسة وهيكلة المشتقات المالية، بما في ذلك المتعلقة بتصميم وإدارة صناديق التحوط والصناديق السيادية، سيعوق الجهود العالمية الرامية للقضاء على أساس وجذور المشكلة أو المشاكل التي تسببت في حدوث الأزمة.
بالنسبة للوضع في المملكة العربية السعودية، ولكون اقتصادها لم يكن في الأساس جزءا من مشكلة الأزمة المالية العالمية، وتبعاً لذلك كان الاقتصاد السعودي في منأى عن التأثر المباشر بتداعيات وتبعات الأزمة المالية العالمية، بما في ذلك الأنظمة والأنشطة المالية والاستثمارية والمصرفية الأخرى، كما أن استمرار الحكومة السعودية في متابعة تداعيات الأزمة ورصد تبعاتها على الاقتصاد الوطني، واتخاذ التدابير الكفيلة بالتخفيف من آثارها، قد أسهم بشكل كبير في تجنيب الاقتصاد السعودي من الدخول في نفق الأزمة وفي تعقيداتها وتشعباتها المختلفة، وبالذات حين ربط تلك التدابير بإعلان خادم الحرمين الشريفين عن مبادرة توجه الحكومة لإنفاق 400 مليار دولار خلال خمسة أعوام، واستمرار التوسع في الإنفاق العام على مشاريع التنمية الاقتصادية.
إن استمرار انتهاج مؤسسة النقد العربي السعودي لسياسية نقدية ومصرفية مرنة تستجيب وتتفاعل مع المتغيرات والمستجدات الاقتصادية، وبالذات لاحتياجات ومتطلبات السيولة، بما في ذلك تشديد الرقابة على النشاط المصرفي للتأكد من سلامة المصارف والودائع، وقدرة المصارف المحلية على التعامل مع المخاطر والمحافظة على مستويات ملاءة مالية معينة، ساعد إلى حد كبير على تجنيب المصارف المحلية، أن تكون عرضة للتأثيرات المباشرة للأزمة.
خلاصة القول، في تصوري أن خروج الاقتصاد العالمي من نفق الأزمة المالية العالمية وتعافيه من عدمه، سيظل أمراً مرهوناً بمدى قدرة دول العالم وأنظمتها الاقتصادية والمالية والمصرفية والاستثمارية المختلفة، على مواجهة أساسيات المشكلة في عام 2011 وجهاً لوجه، والتعامل معها بالجدية المطلوبة، وبالذات فيما يتعلق بإحكام الرقابة على العمليات والأنشطة المصرفية والمالية عابرة الحدود، أو كما يطلق عليها أحيانا بعابرة القارات.
الوضع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية خلال عام 2011، سيكون ـــ بإذن الله ـــ قوياً وجيداً ومطمئناً للغاية، رغم استمرار إرهاصات وتداعيات وتبعات الأزمة، وبالذات في ظل استمرار الدولة في اتخاذها التدابير الاقتصادية والمالية والنقدية اللازمة، للمحافظة على وتيرة التنمية الاقتصادية في البلاد، كما أن محافظة أسعار النفط العالمية على مستويات أو نطاق سعري معين في حدود 70 ـــ 75 دولارا للبرميل، سيعزز من قدرة الاقتصاد الوطني للتعامل مع الأسوأ القادم من تلك الأزمة، وسيمكن المملكة من الاستمرار في سياسة الإنفاق التوسعية، التي تكفل للاقتصاد النمو والازدهار بوتيرة مستقرة، والله من وراء القصد