المثقفون والعولمة: الضرورة و الضرر
مرسل: الاثنين ديسمبر 10, 2012 11:39 pm
المثقفون والعولمة: الضرورة و الضرر
إن ما يسمى العولمة لا يبدو أكثر من صورة معاصرة لعملية التمدد الجغرافي السياسي والاقتصادي الذي مارسته الدول الأوروبية منذ القرن الخامس عشر الميلادي، التمدد الذي ابتدأ بالكشوفات الجغرافية وانتهى بالاستعمار شبه التام في القرن التاسع عشر وحتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين، بل الذي لا تزال بعض صوره القديمة قائمة إلى اليوم. العولمة هي الاستعمار بثوب جديد، ثوب تشكله المصالح الاقتصادية ويحمل قيماً تدعم انتشار تلك المصالح وترسخها. إنها الاستعمار بلا هيمنة سياسية مباشرة أو مخالب عسكرية واضحة. إنها بكل بساطة عملية يدفعها الجشع الإنساني للهيمنة على الاقتصادات المحلية والأسواق وربطها بأنظمة أكبر والحصول على أكبر قدر من المستهلكين. وإذا كان البحث عن الأسواق والسعي للتسويق مطلباً إنسانياً قديماً وحيوياً ومشروعاً، فإن ما يحدث هنا يختلف في أنه بحث يمارس منافسة غير متكافئة وربما غير شريفة من ناحية، ويؤدي من ناحية أخرى إلى إضعاف كل ما قد يقف في طريقه من قيم وممارسات اقتصادية وثقافية. ما أود التحدث عنه هنا ليس الجانب الاقتصادي من هذه العملية وإنما جانبها الثقافي، وإن كان الجانبان يدعم بعضهما بعضاً، ويصعب الحديث عن أحدهما دون الآخر. لكن لعل فيما أشرت إليه ما يكفي لتوضيح الارتباط. ففي تاريخ الاستعمار ما يؤكد ارتباط المصالح الاقتصادية الغربية بعملية التشكيل الثقافي للبلاد المستعمرة، وما فعلته فرنسا في الجزائر وبريطانيا في مصر والعراق بعض أمثلة كثيرة لسنا هنا بصدد تعدادها. فأين هي إذاً صور العولمة الثقافية في وضعنا القريب المعاصر؟ ثم أين هي صور الخصوصية؟ وكيف تتم المواجهة بين الجانبين؟ قبل الدخول في تفاصيل تلك الصور والأسئلة ينبغي أن أشير إلى أنني بالثقافة أشير إلى الجانبين الرئيسين لها، الجانب العالم والجانب غير العالم، يشير الأول إلى ثقافة العلم والمتعلمين، ثقافة الكتابة والقراءة، والثاني إلى الثقافة بالمفهوم الذي يستخدمه الأنثربولوجيون ليعنون به كل النتاج الإنساني من أفكار ومعتقدات وعادات وما إلى ذلك، والتي تستوي في إنتاجها المجتمعات البدائية والمجتمعات المتطورة، دون اختلاف سوى في نوع الأفكار والمعتقدات إلخ. هنا أقصد المعنيين معاً، وهما بطبيعة الحال متداخلان في كثير من الأمثلة، وإن أمكن التفريق بينهما أحياناً، لأن ظاهرة العولمة الثقافية تنسحب على الجانبين مع اختلاف تأثيرها على كل منهما وكيفية ممارستها ذلك التأثير. إن الجانب الأوضح للعولمة الثقافية، والذي يتضح فيه تأثيرها على الثقافة بجانبيها، هو اللغة، ففي هذه الخصيصة الإنسانية الكبرى تحتدم معركة المؤثرات، وتصطرع حركتها، الهجوم على الذات الثقافية والدفاع عنها. أما مشاهد هذه المعركة فترتسم في حياتنا اليومية من ناحية، ونتاجنا الثقافي من ناحية أخرى. وسأتوقف عند هذين الجانبين فيما يلي: أما جانب الحياة اليومية فمظاهره واضحة قريبة للعيان في مدننا وقرانا، في مناهجنا التعليمية وفي مقروءاتنا من صحف ومجلات، في وسائل الإعلام وفي اللوحات الإعلانية والتجارية. إنها في كل مكان وما عليك إلا أن تتأمل كيف تنتشر اللغة الإنجليزية في كل مكان، ليس في الأماكن التي ينبغي أن توجد فيها ولكن حتى حين لا تكون هناك حاجة مطلقاً: اسم المحل التجاري الذي يتوسل اسماً أجنبياً، وموظف الفندق أو الشركة الذي يتحدث اللغة الإنجليزية حتى وإن كان عربياً، ومحدثك الذي يقحم الكلمات الأجنبية في كلامه دونما حاجة غير التأثر اللاواعي بمعطيات العصر أو الاختيار الواعي أو المقصود لمظهر التحضر. هذه المظاهر لا تنفصل أو تختلف عن مظاهر اللباس التي تحيط بنا والتي تدفع بشبابنا وشاباتنا للباس الغربي من قبعات وأحذية وما إليها، أو إلى الاستماع إلى موسيقى الروك والراب وغيرهما، وتجعلهم يألفون أسماء الممثلين والمطربين الغربيين بقدر ما يعرفون أسماء الممثلين والمطربين العرب وربما بألفة أكثر. ولكن هل تختلف هذه المظاهر الثقافية غير العالمة عما يفعله كاتب ما حين يتبنى شكلاً أدبياً غربياً، أو حين يتبنى ناقد أو مفكر منهجاً فكرياً غربياً؟ هذا سؤال ملح لكن لا ينبغي التعجل في الإجابة عنه فثمة أوجه شبه وأوجه اختلاف تقتضي التروي والتأمل. ففي الثقافة العالمة تحدث العولمة أيضاً، ولكن حدوثها هنا ذو طبيعة مختلفة إلى حد ما، كما أنه له في بعض الأحيان حاجة لا غنى عنها، وذلك على عكس ما يحدث في الثقافة الشعبية أو غير العالمة. في الثقافة العالمة تحدث العولمة بمسميات مختلفة منها المثاقفة والحداثة والتلاقح الفكري والانفتاح على الآخر والتقدم..... إلخ، ومع أن من هذه المسميات ما يفسر العولمة على المستويات الشعبية وفي الحياة العامة، فإن المثقفين من مفكرين وكتاب يمارسون «تعولمهم»، إن جاز التعبير، بقصدية ووعي، في حالات كثيرة. فطرائق التفكير والفلسفات المتبناة أحياناً من ليبرالية إلى ماركسية إلى وجودية إلى بنيوية هي نتاج بحث فردي أو جماعي عن التجديد والتغيير، عن حلول معاصرة لمشكلات معاصرة، كما أنها تعبر عن خيار أيديولوجي لدى الكاتب أو المفكر. غير أن هذه القصدية والوعي تخفي وراءها في أحايين كثيرة، دخولاً لا واعياً في معطيات الحضارة المعاصرة، أي الحضارة الغربية، وتبنياً تلقائياً وسهلاً لكثير من المناهج والتيارات والمفاهيم. فثمة جانب لاواقع في عملية التعولم يتخفى وراء الجانب الواعي. وحين أقول يتخفى فما ذلك إلا لأن الإنسان لا يدرك عادة ما يسكن لاوعيه، وإنما يتضح ذلك لمن يقرأه أو يتأمل أعماله فيكتشف المؤشرات إلى ذلك. تدخل العولمة إذاً إلى ثقافتنا عبر طريقين بارزين، واعٍ ولا واعٍ، وينسحب ذلك على جانبي الثقافة المشار إليهما، ثقافة المثقفين، أو ثقافة الخاصة، وثقافة العامة التي لا تتوقف حدودها عند غير المثقفين وإنما تشمل المثقفين أيضاً. فمهما توغل الإنسان في التثقيف والعلم سيظل نتاج ثقافة شعبية تسكنه وتشكل لاوعيه. ولعل هذا ما يفسر تماثل جانبي الثقافة الشعبي والعالم في التبني السهل أحياناً لمعطيات الحضارة الغربية، الشاب الذي يلبس القبعة بالمقلوب ويحرص على أكل الهامبورجر ويستمع إلى أغان لا يكاد يفقه معاني كلماتها، لا يختلف من حيث النوع عن ناقد أدبي يتبنى منهجاً لم يتأمل في مدى تناسبه مع المادة الأدبية التي يدرسها أو البيئة الثقافية التي أفرزت تلك المادة. كلاهما يمارس الانغمار في ثقافة أخرى تكتسحه بحضورها الطاغي، بعالميتها وجاذبية الاندماج فيها وسهولة تبني معطياتها. فتجده ينتقل من منهج إلى آخر ويطلق الشعارات حسب الموضة، فهو تارة بنيوي وأخرى نسوي، وبعدها ثقافي، على نحو لا يختلف كثيراً عن الكيفية التي يغير بها الشاب شكل قبعته ولون حذائه. لكن هذا الجانب اللاواعي في العولمة الثقافية لا ينبغي أن ينسينا ذلك الجانب الواعي في تعولم ثقافة الخاصة، أو غير الشعبية. فبينما تمارس العولمة الثقافية حضورها الشامل لتنتشر لدى مختلف فئات المجتمع وفي مختلف الأشكال من طريقة الأكل إلى طريقة اللباس إلى تبني المصطلحات والمناهج، فإنها تحضر لدى البعض كخيار عقلاني متعمد يدرك ما أمامه من مشكلات وتحديات، ولكنه لا يجد مفراً من التبني أحياناً ومن التحاور أحياناً أخرى. لكنه في كل الحالات لا يستطيع أن يغمض عينيه عما يجري حوله. وفي تقديري أن المقاومة التي تبذلها ثقافة غير غربية في مقاومة العولمة الغربية يتم على هذا المستوى، مستوى المثقفين الذين يدركون ضرورة الانفتاح ومخاطره في الوقت نفسه.
إن ما يسمى العولمة لا يبدو أكثر من صورة معاصرة لعملية التمدد الجغرافي السياسي والاقتصادي الذي مارسته الدول الأوروبية منذ القرن الخامس عشر الميلادي، التمدد الذي ابتدأ بالكشوفات الجغرافية وانتهى بالاستعمار شبه التام في القرن التاسع عشر وحتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين، بل الذي لا تزال بعض صوره القديمة قائمة إلى اليوم. العولمة هي الاستعمار بثوب جديد، ثوب تشكله المصالح الاقتصادية ويحمل قيماً تدعم انتشار تلك المصالح وترسخها. إنها الاستعمار بلا هيمنة سياسية مباشرة أو مخالب عسكرية واضحة. إنها بكل بساطة عملية يدفعها الجشع الإنساني للهيمنة على الاقتصادات المحلية والأسواق وربطها بأنظمة أكبر والحصول على أكبر قدر من المستهلكين. وإذا كان البحث عن الأسواق والسعي للتسويق مطلباً إنسانياً قديماً وحيوياً ومشروعاً، فإن ما يحدث هنا يختلف في أنه بحث يمارس منافسة غير متكافئة وربما غير شريفة من ناحية، ويؤدي من ناحية أخرى إلى إضعاف كل ما قد يقف في طريقه من قيم وممارسات اقتصادية وثقافية. ما أود التحدث عنه هنا ليس الجانب الاقتصادي من هذه العملية وإنما جانبها الثقافي، وإن كان الجانبان يدعم بعضهما بعضاً، ويصعب الحديث عن أحدهما دون الآخر. لكن لعل فيما أشرت إليه ما يكفي لتوضيح الارتباط. ففي تاريخ الاستعمار ما يؤكد ارتباط المصالح الاقتصادية الغربية بعملية التشكيل الثقافي للبلاد المستعمرة، وما فعلته فرنسا في الجزائر وبريطانيا في مصر والعراق بعض أمثلة كثيرة لسنا هنا بصدد تعدادها. فأين هي إذاً صور العولمة الثقافية في وضعنا القريب المعاصر؟ ثم أين هي صور الخصوصية؟ وكيف تتم المواجهة بين الجانبين؟ قبل الدخول في تفاصيل تلك الصور والأسئلة ينبغي أن أشير إلى أنني بالثقافة أشير إلى الجانبين الرئيسين لها، الجانب العالم والجانب غير العالم، يشير الأول إلى ثقافة العلم والمتعلمين، ثقافة الكتابة والقراءة، والثاني إلى الثقافة بالمفهوم الذي يستخدمه الأنثربولوجيون ليعنون به كل النتاج الإنساني من أفكار ومعتقدات وعادات وما إلى ذلك، والتي تستوي في إنتاجها المجتمعات البدائية والمجتمعات المتطورة، دون اختلاف سوى في نوع الأفكار والمعتقدات إلخ. هنا أقصد المعنيين معاً، وهما بطبيعة الحال متداخلان في كثير من الأمثلة، وإن أمكن التفريق بينهما أحياناً، لأن ظاهرة العولمة الثقافية تنسحب على الجانبين مع اختلاف تأثيرها على كل منهما وكيفية ممارستها ذلك التأثير. إن الجانب الأوضح للعولمة الثقافية، والذي يتضح فيه تأثيرها على الثقافة بجانبيها، هو اللغة، ففي هذه الخصيصة الإنسانية الكبرى تحتدم معركة المؤثرات، وتصطرع حركتها، الهجوم على الذات الثقافية والدفاع عنها. أما مشاهد هذه المعركة فترتسم في حياتنا اليومية من ناحية، ونتاجنا الثقافي من ناحية أخرى. وسأتوقف عند هذين الجانبين فيما يلي: أما جانب الحياة اليومية فمظاهره واضحة قريبة للعيان في مدننا وقرانا، في مناهجنا التعليمية وفي مقروءاتنا من صحف ومجلات، في وسائل الإعلام وفي اللوحات الإعلانية والتجارية. إنها في كل مكان وما عليك إلا أن تتأمل كيف تنتشر اللغة الإنجليزية في كل مكان، ليس في الأماكن التي ينبغي أن توجد فيها ولكن حتى حين لا تكون هناك حاجة مطلقاً: اسم المحل التجاري الذي يتوسل اسماً أجنبياً، وموظف الفندق أو الشركة الذي يتحدث اللغة الإنجليزية حتى وإن كان عربياً، ومحدثك الذي يقحم الكلمات الأجنبية في كلامه دونما حاجة غير التأثر اللاواعي بمعطيات العصر أو الاختيار الواعي أو المقصود لمظهر التحضر. هذه المظاهر لا تنفصل أو تختلف عن مظاهر اللباس التي تحيط بنا والتي تدفع بشبابنا وشاباتنا للباس الغربي من قبعات وأحذية وما إليها، أو إلى الاستماع إلى موسيقى الروك والراب وغيرهما، وتجعلهم يألفون أسماء الممثلين والمطربين الغربيين بقدر ما يعرفون أسماء الممثلين والمطربين العرب وربما بألفة أكثر. ولكن هل تختلف هذه المظاهر الثقافية غير العالمة عما يفعله كاتب ما حين يتبنى شكلاً أدبياً غربياً، أو حين يتبنى ناقد أو مفكر منهجاً فكرياً غربياً؟ هذا سؤال ملح لكن لا ينبغي التعجل في الإجابة عنه فثمة أوجه شبه وأوجه اختلاف تقتضي التروي والتأمل. ففي الثقافة العالمة تحدث العولمة أيضاً، ولكن حدوثها هنا ذو طبيعة مختلفة إلى حد ما، كما أنه له في بعض الأحيان حاجة لا غنى عنها، وذلك على عكس ما يحدث في الثقافة الشعبية أو غير العالمة. في الثقافة العالمة تحدث العولمة بمسميات مختلفة منها المثاقفة والحداثة والتلاقح الفكري والانفتاح على الآخر والتقدم..... إلخ، ومع أن من هذه المسميات ما يفسر العولمة على المستويات الشعبية وفي الحياة العامة، فإن المثقفين من مفكرين وكتاب يمارسون «تعولمهم»، إن جاز التعبير، بقصدية ووعي، في حالات كثيرة. فطرائق التفكير والفلسفات المتبناة أحياناً من ليبرالية إلى ماركسية إلى وجودية إلى بنيوية هي نتاج بحث فردي أو جماعي عن التجديد والتغيير، عن حلول معاصرة لمشكلات معاصرة، كما أنها تعبر عن خيار أيديولوجي لدى الكاتب أو المفكر. غير أن هذه القصدية والوعي تخفي وراءها في أحايين كثيرة، دخولاً لا واعياً في معطيات الحضارة المعاصرة، أي الحضارة الغربية، وتبنياً تلقائياً وسهلاً لكثير من المناهج والتيارات والمفاهيم. فثمة جانب لاواقع في عملية التعولم يتخفى وراء الجانب الواعي. وحين أقول يتخفى فما ذلك إلا لأن الإنسان لا يدرك عادة ما يسكن لاوعيه، وإنما يتضح ذلك لمن يقرأه أو يتأمل أعماله فيكتشف المؤشرات إلى ذلك. تدخل العولمة إذاً إلى ثقافتنا عبر طريقين بارزين، واعٍ ولا واعٍ، وينسحب ذلك على جانبي الثقافة المشار إليهما، ثقافة المثقفين، أو ثقافة الخاصة، وثقافة العامة التي لا تتوقف حدودها عند غير المثقفين وإنما تشمل المثقفين أيضاً. فمهما توغل الإنسان في التثقيف والعلم سيظل نتاج ثقافة شعبية تسكنه وتشكل لاوعيه. ولعل هذا ما يفسر تماثل جانبي الثقافة الشعبي والعالم في التبني السهل أحياناً لمعطيات الحضارة الغربية، الشاب الذي يلبس القبعة بالمقلوب ويحرص على أكل الهامبورجر ويستمع إلى أغان لا يكاد يفقه معاني كلماتها، لا يختلف من حيث النوع عن ناقد أدبي يتبنى منهجاً لم يتأمل في مدى تناسبه مع المادة الأدبية التي يدرسها أو البيئة الثقافية التي أفرزت تلك المادة. كلاهما يمارس الانغمار في ثقافة أخرى تكتسحه بحضورها الطاغي، بعالميتها وجاذبية الاندماج فيها وسهولة تبني معطياتها. فتجده ينتقل من منهج إلى آخر ويطلق الشعارات حسب الموضة، فهو تارة بنيوي وأخرى نسوي، وبعدها ثقافي، على نحو لا يختلف كثيراً عن الكيفية التي يغير بها الشاب شكل قبعته ولون حذائه. لكن هذا الجانب اللاواعي في العولمة الثقافية لا ينبغي أن ينسينا ذلك الجانب الواعي في تعولم ثقافة الخاصة، أو غير الشعبية. فبينما تمارس العولمة الثقافية حضورها الشامل لتنتشر لدى مختلف فئات المجتمع وفي مختلف الأشكال من طريقة الأكل إلى طريقة اللباس إلى تبني المصطلحات والمناهج، فإنها تحضر لدى البعض كخيار عقلاني متعمد يدرك ما أمامه من مشكلات وتحديات، ولكنه لا يجد مفراً من التبني أحياناً ومن التحاور أحياناً أخرى. لكنه في كل الحالات لا يستطيع أن يغمض عينيه عما يجري حوله. وفي تقديري أن المقاومة التي تبذلها ثقافة غير غربية في مقاومة العولمة الغربية يتم على هذا المستوى، مستوى المثقفين الذين يدركون ضرورة الانفتاح ومخاطره في الوقت نفسه.