- الثلاثاء ديسمبر 11, 2012 9:01 am
#56480
التفكير بصوت مسموع
أمن أمريكا بين مرشد وآية
منذ أن أصبحت أمريكا هدفاً لإرهابيين قادمين من الشرق الأوسط أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أنها لم تعد في معزل عن نتائج سياساتها في المنطقة، ولذلك دخلت بكل ثقلها محاولة للبحث عن مسببات هذا التطرف الذي يستهدفها في العمق، وبرز السؤال الكبير "لماذا يكرهوننا"؟
ولمقاربة هذا السؤال طرح خبراء الدراسات المستقبلية والمخططون المهتمون بالشرق الأوسط أمام صانع القرار الأمريكي مسارين مهمين يجب التعامل معهما بجدية إذا أرادت الولايات المتحدة راحة البال في هذه المنطقة الحيوية من العالم؛ تمثل المسار الأول في إيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية يعيد الحق لأصحابه ولجم الكيان الصهيوني، والمسار الثاني دمقرطة المنطقة أو على أقل تقدير العمل على إيجاد أنظمة يقبلها الشارع وتتمتع بشعبية بين عامة الناس.
ولأن المسار الأول يكتنفه عدد من الصعوبات لأنه لن يتحقق بغير ممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل سواء في العلاقات الثنائية أو من خلال مجلس الأمن وهو خيار سيسبب متاعب جمة لصانع القرار ولذلك رؤي تأجيل هذا المسار والتعامل معه وفق التقليد الأمريكي المعتاد في التعامل مع إسرائيل.
أما المسار الثاني والذي اصبح خيارا وحيدا فقد تعددت فيه التجارب الأمريكية بين فكرة استنبات الديمقراطية في كل من أفغانستان والعراق، ومن ثم تعميم التجربة، ثم حدوث تغيير تكتيكي نظرا لما تفاجأت به الولايات المتحدة الأمريكية من مقاومة عنيفة جعلتها تعيد حساباتها وتقدم نظرية الفوضى الخلاقة التي ترتكز على إعادة المنطقة للقرون الوسطى بحيث تكون مهيأة لطلب الدعم الأمريكي والغربي عموما دون مقاومة تذكر بسبب الحاجة إلى العودة للحياة.
ويبدو أن أجنحة أمريكية عديدة تتصارع في إثبات علمها بالمنطقة وتأكيد خبرتها وأنها الأقدر على إبتداع الحلول فقدمت وصفة عاجلة ترتكز على ضبط الشارع العربي والإسلامي من خلال المراجع الشيعية التي تتمتع بنفوذ واسع بين أتباعها بحيث لا يخرجون على أوامرها، ويعتبرون التمسك بما تمليه تقرباً إلى الله، وهو ما تريده أمريكا بعد ان تمرد السنة وتراجع دور المرجعيات الفقهية التي لا ترى الخروج على ولي الأمر، ولم يعد لها ذلك القبول وانصرف أتباعها إلى تلك الطروحات الراديكالية التي يبثها طلبة علم خرجوا من تحت عباءة المدرسة السلفية التقليدية وتمردوا عليها.
إزاء فوضى الشارع السني وجد الأمريكيون ضالتهم في تنظيم الإخوان المسلمين حيث مازال العالم والوزير والمهندس يجثو أمام المرشد مقبلًا يده، وفي ذلك طاعة لا تعدلها طاعة ما يبشر بفرصة مواتية لضبط الشارع السني.
وقد عمد المخططون الأمريكيون إلى تهيئة الشارع العربي لقبول هذا التحول منذ عدة سنوات وانفقت أمريكا مبالغ ضخمة لفرض هذه التحولات الدراماتيكية في الوطن العربية وجهزت قنوات إعلامية وشيوخا من العيار الثقيل لدعم هذا التوجه والدفع نحو فرض التغيير إما سلميا أو حتى ببعض الدماء إذا كانت النتيجة المؤملة - ولو بعد حين - تضمن للولايات المتحدة الأمريكية أنظمة مستقرة تضبط الشارع بممارساتها في الحكم الرشيد، وتستند على شرعية الطاعة العمياء للمرجعيات الدينية فيها.
ويبدو أن الخيار العاجل الذي وصلت الولايات المتحدة إليه فيما يخص هذه المنطقة من العالم هو تقسيم منطقتنا بين نفوذ "آية"، و"مرشد" وكلاهما لديه من الشرعية ما يمكنه من مساعدة الولايات المتحدة في ضبط الشارع والتحكم في ردود الأفعال بحيث تشعر بأنها غير مهددة في داخلها وأن مصالحها في مأمن من أن تؤتي من هذه المنطقة.
أعتقد جازماً أن التجربة حتى الآن تسير سيرا حسنا رغم تحركات مقلقة في كل من تونس ومصر، ولكن مازالت أمريكا تراهن على هذا الخيار مالم يثبت لها عاجلا بأنها تسير في الطريق الخطأ لتعيد حساباتها مرة أخرى باتجاه دمقرطة المنطقة بعيداً عن خيارها الذي تدفع باتجاهه حالياً.
أمن أمريكا بين مرشد وآية
منذ أن أصبحت أمريكا هدفاً لإرهابيين قادمين من الشرق الأوسط أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أنها لم تعد في معزل عن نتائج سياساتها في المنطقة، ولذلك دخلت بكل ثقلها محاولة للبحث عن مسببات هذا التطرف الذي يستهدفها في العمق، وبرز السؤال الكبير "لماذا يكرهوننا"؟
ولمقاربة هذا السؤال طرح خبراء الدراسات المستقبلية والمخططون المهتمون بالشرق الأوسط أمام صانع القرار الأمريكي مسارين مهمين يجب التعامل معهما بجدية إذا أرادت الولايات المتحدة راحة البال في هذه المنطقة الحيوية من العالم؛ تمثل المسار الأول في إيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية يعيد الحق لأصحابه ولجم الكيان الصهيوني، والمسار الثاني دمقرطة المنطقة أو على أقل تقدير العمل على إيجاد أنظمة يقبلها الشارع وتتمتع بشعبية بين عامة الناس.
ولأن المسار الأول يكتنفه عدد من الصعوبات لأنه لن يتحقق بغير ممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل سواء في العلاقات الثنائية أو من خلال مجلس الأمن وهو خيار سيسبب متاعب جمة لصانع القرار ولذلك رؤي تأجيل هذا المسار والتعامل معه وفق التقليد الأمريكي المعتاد في التعامل مع إسرائيل.
أما المسار الثاني والذي اصبح خيارا وحيدا فقد تعددت فيه التجارب الأمريكية بين فكرة استنبات الديمقراطية في كل من أفغانستان والعراق، ومن ثم تعميم التجربة، ثم حدوث تغيير تكتيكي نظرا لما تفاجأت به الولايات المتحدة الأمريكية من مقاومة عنيفة جعلتها تعيد حساباتها وتقدم نظرية الفوضى الخلاقة التي ترتكز على إعادة المنطقة للقرون الوسطى بحيث تكون مهيأة لطلب الدعم الأمريكي والغربي عموما دون مقاومة تذكر بسبب الحاجة إلى العودة للحياة.
ويبدو أن أجنحة أمريكية عديدة تتصارع في إثبات علمها بالمنطقة وتأكيد خبرتها وأنها الأقدر على إبتداع الحلول فقدمت وصفة عاجلة ترتكز على ضبط الشارع العربي والإسلامي من خلال المراجع الشيعية التي تتمتع بنفوذ واسع بين أتباعها بحيث لا يخرجون على أوامرها، ويعتبرون التمسك بما تمليه تقرباً إلى الله، وهو ما تريده أمريكا بعد ان تمرد السنة وتراجع دور المرجعيات الفقهية التي لا ترى الخروج على ولي الأمر، ولم يعد لها ذلك القبول وانصرف أتباعها إلى تلك الطروحات الراديكالية التي يبثها طلبة علم خرجوا من تحت عباءة المدرسة السلفية التقليدية وتمردوا عليها.
إزاء فوضى الشارع السني وجد الأمريكيون ضالتهم في تنظيم الإخوان المسلمين حيث مازال العالم والوزير والمهندس يجثو أمام المرشد مقبلًا يده، وفي ذلك طاعة لا تعدلها طاعة ما يبشر بفرصة مواتية لضبط الشارع السني.
وقد عمد المخططون الأمريكيون إلى تهيئة الشارع العربي لقبول هذا التحول منذ عدة سنوات وانفقت أمريكا مبالغ ضخمة لفرض هذه التحولات الدراماتيكية في الوطن العربية وجهزت قنوات إعلامية وشيوخا من العيار الثقيل لدعم هذا التوجه والدفع نحو فرض التغيير إما سلميا أو حتى ببعض الدماء إذا كانت النتيجة المؤملة - ولو بعد حين - تضمن للولايات المتحدة الأمريكية أنظمة مستقرة تضبط الشارع بممارساتها في الحكم الرشيد، وتستند على شرعية الطاعة العمياء للمرجعيات الدينية فيها.
ويبدو أن الخيار العاجل الذي وصلت الولايات المتحدة إليه فيما يخص هذه المنطقة من العالم هو تقسيم منطقتنا بين نفوذ "آية"، و"مرشد" وكلاهما لديه من الشرعية ما يمكنه من مساعدة الولايات المتحدة في ضبط الشارع والتحكم في ردود الأفعال بحيث تشعر بأنها غير مهددة في داخلها وأن مصالحها في مأمن من أن تؤتي من هذه المنطقة.
أعتقد جازماً أن التجربة حتى الآن تسير سيرا حسنا رغم تحركات مقلقة في كل من تونس ومصر، ولكن مازالت أمريكا تراهن على هذا الخيار مالم يثبت لها عاجلا بأنها تسير في الطريق الخطأ لتعيد حساباتها مرة أخرى باتجاه دمقرطة المنطقة بعيداً عن خيارها الذي تدفع باتجاهه حالياً.