سياسات الاستعمار
مرسل: الثلاثاء ديسمبر 11, 2012 1:44 pm
مر العالم الإسلامي بتجربة احتلالية قاسية، وبنظرة تحليلية يتبين لنا أنَّ كل دولة استعمارية كان لها سياستها الخاصة التي طبقتها على الدول التي خضعت لسيطرتها، وقد عانى العالم الإسلامي من كل أنواع الاستعمار، والتي يأتي في مقدمتها الاستعمار السياسي، وهو لا يتطلب قيام دولة معينة ببسط سلطانها ونفوذها على مناطق أخرى من العالم بهدف إخضاعها بصورة مباشرة، بل تكون العلاقة في هذا النوع من الاستعمار علاقة غير متكافئة بين دولتين تكون إحداهما دولة قوية قادرة على التأثير في سياسات الدولة الأخرى بحسب ما تقتضيه مصالحها الوطنية؛ وبعبارة أكثر وضوحًا هو قدرة إحدى الدول على بسط نفوذها على دولة أخرى بدون الاستخدام الفعلي للقوة أو إخضاعها للاحتلال المباشر.
ويبدأ الاستعمار السياسي عندما تحتاج إحدى الدول الصغيرة إلى دعم وتأييد قوة خارجية لضمان استمرارها والحفاظ على أمنها واستقرارها من ناحية، في حين تسعى الدول القوية إلى تدعيم مصالحها الوطنية في العالم الخارجي عن طريق الحصول على مناطق نفوذ لها في العالم من ناحية ثانية، وبمرور الوقت تزداد الصلات والروابط بين الطرفين وتنشأ بينهما علاقات اقتصادية من استثمارات ومشاريع مشتركة ومنح وقروض، ثمَّ يتطور الأمر حتى يصل إلى العلاقات العسكرية التي يتم بموجبها تقديم الدول القوية للأسلحة وبناء المنشآت العسكرية وتدريب أفراد القوات المسلحة للطرف الثاني، حتى يصل الأمر إلى التدخل من جانب الدولة القوية في شئون الدولة الثانية بهدف حماية النظام السياسي القائم، مع التزام الطرف الأضعف بانتهاج سياسات لا تتناقض مع المصالح الوطنية للدولة القوية، وتبنِّي سياسات خارجية متوافقة مع مواقف الدولة القوية وأهدافها حتى ولو كان ذلك لا ينسجم مع أهداف الدولة الضعيفة وسياساتها الداخلية أو الخارجية، ويقع بذلك الاستعمار السياسي(1).
كما عانى العالم الإسلامي بشدَّة من نوع آخر من الاستعمار وهو الاستعمار الاقتصادي.
ويُعَدُّ الاستعمار الاقتصادي شكلاً آخر من أشكال الاستعمار في العصر الحديث، ويتم هذا النوع من الاستعمار عن طريق إبرام اتفاقات غير متكافئة بين دولتين يتم بموجبها إعطاء حق احتكار الدولة القوية الغنيَّة لاستغلال الثروات الطبيعية للدولة الفقيرة، وتسعى الدول الغنية من خلال احتكار المصادر الأوَّلية إلى تأمين مصدر رخيص لتغطية حاجات نهضتها الصناعية.
ويشكِّل هذا النوع من الاستعمار بداية الصراع بين القوى الاستعمارية القديمة والقوى الحديثة، فلقد كانت بداية التنافس الأمريكي البريطاني على منطقة الخليج في بداية الثلاثينيَّات من هذا القرن مثالاً على ذلك.
وعلى الرغم من أن الصراع بين الولايات المتحدة وبريطانيا لم يبدأ علانيةً إلا مع حصول الولايات المتحدة على امتيازات التنقيب عن النفط في السعودية، فإن الولايات المتحدة تمكَّنت من الدخول إلى منطقة الخليج عندما استطاعت أربع شركات أمريكية الحصول على 23.5% من أسهم شركة نفط العراق، وكذلك بامتلاك الولايات المتحدة لشركة نفط البحرين.
ثمَّ بعد نجاح العديد من دول العالم الإسلامي في الحصول على استقلالها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، زادت حِدَّة التنافس بين الدول العظمى الجديدة المتمثِّلة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والدول الأوربية والصين، بجانب القوى الاقتصادية الحديثة مثل اليابان.
أخذت هذه الدول على عاتقها العمل على ربط اقتصاديات الدول النامية باقتصادياتها الوطنية، وعملت على تقييدها عن طريق الديون الخارجية والاستثمارات وغيرها من وسائل الاستعمار الاقتصادي.
وتسعى هذه الأطراف -وخاصةً الولايات المتحدة- إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من مناطق النفوذ في العالم بهدف بسط السيطرة على المصادر الأوَّليَّة التي يتملكها العالم الإسلامي، بجانب ضمان استمرار فتح أسواقٍ أمام منتجاتها الصناعية.
نختم هذا الحديث عن أنواع الاستعمار التي عانى منها العالم الإسلامي في العصر الحديث بأشدِّ هذه الأنواع خطرًا على المسلمين، ألاَّ وهو الاستعمار الثقافي.
على الرغم من أن هذا النوع من الاستعمار هو أحد أشكال الاستعمار الاستيطاني والعسكري القديم، فإنه لا يزال أحد الأشكال الاستعمارية في عصرنا الحديث.
والفرق بين الحالتين يكمن في أنه في حالة الاستعمار الاستيطاني والعسكري تسعى الدول والجماعات المغتصِبة إلى فرض لغتها وثقافتها وتراثها وأيديولوجيتها على الشعوب المستعمرة بالقوة.
لكن في الوقت الراهن، وخاصةً في الدول المستقلة من دول العالم الإسلامي، فإنَّ الاستعمار الثقافي يأخذ أشكالاً عديدة منها المخطَّطة ومنها العفوية؛ فعلى صعيد السياسيات المخططة والمنفَّذة بواسطة دول خارجية يمكن الإشارة إلى مسألة الغزو الفكري عن طريق الترويج للأفكار العلمانية الغربية، مثل التركيز على مبدأ فصل الدين عن الدولة، أو الترويج للأفكار المادية الشرقية، مثل الفكر الماركسي.
كذلك يمكن إدراج نشاطات حركات التنصير والاستشراق ضمن أساليب الاستعمار الثقافي، إضافةً إلى نشر الأفكار التي تؤدي إلى الفُرقة وتهدم وَحْدة المسلمين؛ مثل تشجيع القوميات والتنظيمات السياسية القائمة على أسس عرقيَّة، وإذكاء روح الطائفية والمذهبية.
كما يمكن تصنيف الإعلام الموجَّه في بعض البلدان الإسلامية على أنه إحدى أدوات التغريب والغزو الفكري والثقافي لشعوب العالم الإسلامي.
ويبدأ الاستعمار السياسي عندما تحتاج إحدى الدول الصغيرة إلى دعم وتأييد قوة خارجية لضمان استمرارها والحفاظ على أمنها واستقرارها من ناحية، في حين تسعى الدول القوية إلى تدعيم مصالحها الوطنية في العالم الخارجي عن طريق الحصول على مناطق نفوذ لها في العالم من ناحية ثانية، وبمرور الوقت تزداد الصلات والروابط بين الطرفين وتنشأ بينهما علاقات اقتصادية من استثمارات ومشاريع مشتركة ومنح وقروض، ثمَّ يتطور الأمر حتى يصل إلى العلاقات العسكرية التي يتم بموجبها تقديم الدول القوية للأسلحة وبناء المنشآت العسكرية وتدريب أفراد القوات المسلحة للطرف الثاني، حتى يصل الأمر إلى التدخل من جانب الدولة القوية في شئون الدولة الثانية بهدف حماية النظام السياسي القائم، مع التزام الطرف الأضعف بانتهاج سياسات لا تتناقض مع المصالح الوطنية للدولة القوية، وتبنِّي سياسات خارجية متوافقة مع مواقف الدولة القوية وأهدافها حتى ولو كان ذلك لا ينسجم مع أهداف الدولة الضعيفة وسياساتها الداخلية أو الخارجية، ويقع بذلك الاستعمار السياسي(1).
كما عانى العالم الإسلامي بشدَّة من نوع آخر من الاستعمار وهو الاستعمار الاقتصادي.
ويُعَدُّ الاستعمار الاقتصادي شكلاً آخر من أشكال الاستعمار في العصر الحديث، ويتم هذا النوع من الاستعمار عن طريق إبرام اتفاقات غير متكافئة بين دولتين يتم بموجبها إعطاء حق احتكار الدولة القوية الغنيَّة لاستغلال الثروات الطبيعية للدولة الفقيرة، وتسعى الدول الغنية من خلال احتكار المصادر الأوَّلية إلى تأمين مصدر رخيص لتغطية حاجات نهضتها الصناعية.
ويشكِّل هذا النوع من الاستعمار بداية الصراع بين القوى الاستعمارية القديمة والقوى الحديثة، فلقد كانت بداية التنافس الأمريكي البريطاني على منطقة الخليج في بداية الثلاثينيَّات من هذا القرن مثالاً على ذلك.
وعلى الرغم من أن الصراع بين الولايات المتحدة وبريطانيا لم يبدأ علانيةً إلا مع حصول الولايات المتحدة على امتيازات التنقيب عن النفط في السعودية، فإن الولايات المتحدة تمكَّنت من الدخول إلى منطقة الخليج عندما استطاعت أربع شركات أمريكية الحصول على 23.5% من أسهم شركة نفط العراق، وكذلك بامتلاك الولايات المتحدة لشركة نفط البحرين.
ثمَّ بعد نجاح العديد من دول العالم الإسلامي في الحصول على استقلالها في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، زادت حِدَّة التنافس بين الدول العظمى الجديدة المتمثِّلة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي والدول الأوربية والصين، بجانب القوى الاقتصادية الحديثة مثل اليابان.
أخذت هذه الدول على عاتقها العمل على ربط اقتصاديات الدول النامية باقتصادياتها الوطنية، وعملت على تقييدها عن طريق الديون الخارجية والاستثمارات وغيرها من وسائل الاستعمار الاقتصادي.
وتسعى هذه الأطراف -وخاصةً الولايات المتحدة- إلى الحصول على أكبر عدد ممكن من مناطق النفوذ في العالم بهدف بسط السيطرة على المصادر الأوَّليَّة التي يتملكها العالم الإسلامي، بجانب ضمان استمرار فتح أسواقٍ أمام منتجاتها الصناعية.
نختم هذا الحديث عن أنواع الاستعمار التي عانى منها العالم الإسلامي في العصر الحديث بأشدِّ هذه الأنواع خطرًا على المسلمين، ألاَّ وهو الاستعمار الثقافي.
على الرغم من أن هذا النوع من الاستعمار هو أحد أشكال الاستعمار الاستيطاني والعسكري القديم، فإنه لا يزال أحد الأشكال الاستعمارية في عصرنا الحديث.
والفرق بين الحالتين يكمن في أنه في حالة الاستعمار الاستيطاني والعسكري تسعى الدول والجماعات المغتصِبة إلى فرض لغتها وثقافتها وتراثها وأيديولوجيتها على الشعوب المستعمرة بالقوة.
لكن في الوقت الراهن، وخاصةً في الدول المستقلة من دول العالم الإسلامي، فإنَّ الاستعمار الثقافي يأخذ أشكالاً عديدة منها المخطَّطة ومنها العفوية؛ فعلى صعيد السياسيات المخططة والمنفَّذة بواسطة دول خارجية يمكن الإشارة إلى مسألة الغزو الفكري عن طريق الترويج للأفكار العلمانية الغربية، مثل التركيز على مبدأ فصل الدين عن الدولة، أو الترويج للأفكار المادية الشرقية، مثل الفكر الماركسي.
كذلك يمكن إدراج نشاطات حركات التنصير والاستشراق ضمن أساليب الاستعمار الثقافي، إضافةً إلى نشر الأفكار التي تؤدي إلى الفُرقة وتهدم وَحْدة المسلمين؛ مثل تشجيع القوميات والتنظيمات السياسية القائمة على أسس عرقيَّة، وإذكاء روح الطائفية والمذهبية.
كما يمكن تصنيف الإعلام الموجَّه في بعض البلدان الإسلامية على أنه إحدى أدوات التغريب والغزو الفكري والثقافي لشعوب العالم الإسلامي.