منتديات الحوار الجامعية السياسية

محاضرات مكتوبة خاصة بالمقررات الدراسية

المشرف: رجاء الرشيد

By ابراهيم آل تويم 3_1
#56698

كثيرا ما نسمع في الأخبار عن عقد المعاهدات بين الدول والدول الأخرى أو فيما بين الدول والمنظمات الدولية كالأمم المتحدة.

فما هو تعريف المعاهدة ؟ وما هي مراحلها ؟


التعريف : هي عبارة عن اتفاق يعقد بين شخصين أو أكثر من أشخاص القانون الدولي العام ترمي إلى إحداث آثار قانونية معينة. وأشخاص القانون الدولي هو مكونات المجتمع الدولي من دول ذات سيادة ومنظمات مختلفة.


إبـرام الـمـعـاهـدات

تمر المعاهدات قبل أن يتم إبرامها نهائيا بأربع مراحل شكلية وهي : المفاوضة ، التحرير والتوقيع ، التصديق ، التسجيل.



أولا : المفاوضة :-
· هي وسيلة لتبادل وجهات النظر بين ممثلي دولتين أو أكثر بقصد توحيد آرائهما ووضع الحلول أو التنظيم الذي يتفقون عليه في صورة مواد تكون مشروع الاتفاق المزمع إبرامه.
· ويستخدم المتفاوضون حنكتهم وقبولهم السياسي في سبيل تقريب وجهات النظر والتوصل إلى الحلول المرضية للأطراف.
· قد يقوم بإجراء المفاوضات رؤساء الدول مباشرة ، لكن الغالب وزراء الخارجية أو ممثلي الدول المتفاوضة.

يجب أن يزود من يعهد إليه بمهمة إجراء المفاوضات بوثائق تفويض إلا إذا كان رئيسا لدولة أو لحكومة أو وزيرا للخارجية أو رئيسا للبعثة الدبلوماسية.






ثانيا : تحرير المعاهدات وتوقيعها :-
إذا أدت المفاوضة إلى اتفاق وجهات النظر تبدأ مرحلة تسجيل ما اتُفِق عليه في مستند مكتوب ، وذلك بعد أن يتم الاتفاق على تحديد اللغة الواجب استعمالها في تحرير المعاهدة.

إذا كانت الدول المتفاوضة تتكلم لغة واحدة فلا تبرز أية صعوبة ، أما إذا كانت الدول المتفاوضة تتكلم لغات مختلفة فيتبع حينئذ أحد الأساليب :

1. تحرر المعاهدة بلغة واحدة تختارها الدول المتفاوضة : كانت اللاتينية ثم الفرنسية ثم الانجليزية أصبحت تنافس الفرنسية.
2. تحرر المعاهدة بلغتين على أن تعطى الأفضلية لإحداهما لتعتبر مرجع عند الاختلاف.
3. تحرر المعاهدة بلغات جميع الدول المشتركة فيها وتتمتع جميعها بالقوة نفسها ، وقد يؤدي إلى مشاكل في تفسير المعاهدة حيث من الصعب التعبير عن المقصود على وجه الدقة بلغات مختلفة.





التوقيع :
بعد الانتهاء من تحرير المعاهدة يوقع عليها ممثلو الدول المتفاوضة لكي يسجلوا ما تم الاتفاق عليه فيما بينهم.

يشترط العرف الدبلوماسي أن يحمل المندوبون المفوضون بالتوقيع وثائق تفويض.
وتصدر وثيقة التفويض بالتوقيع من السلطات المختصة في كل دولة ، وتنص صراحة على إعطاء شخص معين سلطة التوقيع على المعاهدة ، إلا إذا كان يحمل تفويض خاص بالتوقيع.
وذلك لاستقلال مرحلة المفاوضات عن مرحلة التوقيع.

قد يتم التوقيع بأسماء المفاوضين كاملة أو بالأحرف الأولى في حالة :
1. إذا كانوا غير مزودين بالتفويض للتوقيع أو في انتظار وصول التفويض.
2. في حال ترددهم في الموافقة النهائية ورغبتهم للرجوع لحكوماتهم للمشورة.

التوقيع بالأحرف الأولى لا يعد ملزماً للدولة بالتوقيع النهائي ويحق للدولة المعنية الامتناع عن التوقيع النهائي إلا إذا كان هناك اتفاق مسبق على غير ذلك.

بعد التوقيع لا يعني أن الدولة ملتزمة قانوناً بالمعاهدة ، فهذا لا يتحقق إلا بالتصديق ،

التوقيع لا يكفي لإبرام المعاهدة بالأصل ولكنه يمكن أن يكفي استثناءاً :-
1. إذا نصت المعاهدة على أن يكون للتوقيع هذا الأثر.
2. إذا نصت وثيقة التفويض بالتوقيع على موافقة الدولة وارتضائها الالتزام بأحكام المعاهدة.
3. لا وثيقة التفويض تنص ولا المعاهدة ، الدول تبدي رغبتها أثناء المفاوضات بجعل التوقيع بمثابة تصديق.




ما الذي يجعل التوقيع بمثابة تصديق ؟
هي إرادة الدول الأطراف ، لأن المعاهدة نظام قانوني يرتكز على إرادة الدول ، وأن الدول ذات إرادة عليا وكائن مطلق ليس فوقها إرادة وتتصف بالسيادة.








ثالثا : التصديق :-
هو طور جديد للمعاهدة ينقل المعاهدة من أيدي مندوبي الدول الأطراف إلى سلطات الدول الأطراف الداخلية.
وهو إجراء يقصد به الحصول على إقرار السلطات المختصة في داخل الدول للمعاهدة وهذه السلطات :
1. رئيس الدولة منفرداً
2. رئيس الدولة مشتركا مع السلطة التشريعية.
3. السلطة التشريعية لوحدها ، كل ذلك تبعا لنظام الدول.



الحكمة من التصديق هي :
1. إعطاء الفرصة لكل دولة قبل الإلتزام نهائيا بالمعاهدة للتفكير والتدبر فليس من المصلحة التسرع.
2. إفساح المجال للسلطة التشريعية لإبداء رأيها في المعاهدة.
3. أكد القضاء الدولي على أهمية التصديق واعتبره إجراء لازم لصيرورة المعاهدة ملزمة.


تبادل التصديقات أو إيداعها :
لكي ينتج التصديق آثاره يجب أن تعلم به جميع أطراف المعاهدة ، ويتحقق ذلك عن طريق تبادل التصديقات بالنسبة للمعاهدات الثنائية أو إيداعها لدى إحدى الدول الأطراف أو المنظمة الدولية بالنسبة للمعاهدات الجماعية.



مبدأ حرية التصديق :
التصديق إجراء حر ، وللدولة مطلق الحرية في التصديق أو عدمه على ما يوقع عليه ممثلوها من المعاهدات.

يترتب على حرية التصديق 3 نتائج :

أولا : عدم تحديد موعد التصديق :-
في المعاهدات التي لا تحتوي على نص يحدد صراحة موعدا للتصديق فإن للدولة الموقعة مطلق الحرية في اختيار الوقت المناسب للتصديق مهما طال الوقت بين التوقيع والتصديق.

ثانيا : التصديق المشروط :-
أن الطبيعة التقديرية للتصديق تعطي للدولة حقاً في أن تقرن التصديق بشروط معينة.

ثالثا : رفض التصديق :-
لا تسأل الدولة دوليا في حالة رفضها التصديق على معاهدة سبق أن وقعتها وإن كان غير ودي وقد يرتب آثار سياسية سيئة وعلى سمعة الدولة ولكنه مشروع وجائز.



السلطة المختصة بالتصديق : الدستور الداخلي لكل دولة هو الذي يحدد السلطة المختصة بالتصديق على المعاهدات.


أولا : التصديق من اختصاص السلطة التنفيذية :-
إن هذا الأسلوب كان متبع في ظل الأنظمة الملكية والدكتاتورية ، وكان أسلوب استثنائي فرضته ظروف تاريخية معينة وأصبح وضعاً نادرا في الوقت الحاضر لانتشار النظم الديمقراطية.


ثانيا : التصديق من اختصاص السلطة التشريعية :-
إن هذا الأسلوب استثنائي أيضاً ويطبق في الدول التي تتبع نظام الحكم الجماعي.


ثالثا : التصديق من اختصاص السلطتين التنفيذية والتشريعية :-
إن توزيع حق التصديق بين السلطتين يعتبر القاعدة التي تتبعها غالبية الدول ، غير أن هذا التوزيع يختلف من دولة لأخرى. معظم الدساتير الحديثة تنص على وجوب الحصول على موافقة البرلمان للتصديق على كل المعاهدات أو الهامة منها ، وتضع الدساتير عادة لائحة بالمعاهدات الهامة التي تخضع لموافقة البرلمان وهذه الطريقة هي الأكثر شيوعاً.









رابعا : التسجيل :-


نصت المادة 18 من عهد عصبة الأمم على الآتي :
كل معاهدة أو اتفاق دولي بين أعضاء عصبة الأمم يجب تسجيله في سكرتارية العصبة وإعلانه في أقرب فرصة ممكنة ولا تكون ملزمة إلا بعد التسجيل.

كان الباعث آنذاك هو القضاء على الاتفاقات السرية ، خصوصا العسكرية التي قد تهدد السلام العالمي.


لكن الفقهاء اختلفوا في تفسير النص السابق لأنه لم يذكر جزاء عدم التسجيل فكانت آرائهم كالتالي :

1. المعاهدة غير المسجلة معاهدة باطلة لأن التسجيل شرط من شروط صحة المعاهدات.
2. المعاهدة غير المسجلة معاهدة صحيحة وملزمة وإنما لا يمكن الاحتجاج بها لدى العصبة أو فروعها ، وهذا الرأي هو ما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة وأخذ به في نص المادة 102 من نظامها الأساسي.

التحفظات :يحصل أحيانا أن الدولة مع قبولها للمعاهدة تبدي بعض التحفظات ، أي تصرح برفضها لبعض النصوص أو تعطي لها تحديدا معينا.

التحفظ ينصب على الأثر القانوني المترتب على أحكام المعاهدة بالتعديل أو استبعاد التطبيق أو بالاستبدال.

نماذج التحفظات :-
1. قد يكون التحفظ في صورة إعفاء من تطبيق بعض نصوص المعاهدة ، مثالها السعودية تحفظت على المعاهدة الثقافية لدول الجامعة العربية 1945 بشأن ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية أو ظروفها.

2. قد يكون التحفظ في صورة استبدال نصوص بأخرى ، مثالها تركيا وإيران عند التوقيع على إتفاقية جنيف بشأن مرضى وجرحى الحرب 1906 استبدلتا الصليب الأحمر بالهلال الأحمر لتركيا والأسد والشمس الحمراء لإيران.

3. يمكن أن يكون التحفظ عبارة عن إضافة نص في حالة سكوت المعاهدة ، مثالها دستور منظمة الصحة العالمية عندما إنضمت أمريكا إليه إضافت نصا بخصوص حقها في الإنسحاب وطريقته.

يتم إبداء التحفظ بإحدى الطرق :-
1. قد تبدي الدولة التحفظ عند توقيعها على المعاهدة ويثبت في محضر التوقيع أو بروتوكول خاص.
2. قد تبدي الدولة التحفظ وقت التصديق على المعاهدة ويثبت في وثيقة تبادل التصديقات ا, في وثيقة إيداع التصديق.
3. قد تبدي الدولة التحفظ عند إنضمامها إلى معاهدة مفتوحة مع تسجيل التحفظ في وثيقة الانضمام.


آثار التحفظ :-
1. المعاهدات الثنائية : لا يمكن ابداء التحفظات إلا عند التوقيع على المعاهدة أو التصديق عليها ، ويكون بمثابة عرض جديد وللطرف الآخر أن يقبلها أو يرفضها ويقضي عليها أي إما أن يؤكد المعاهدة المبرمة أو يسقطها.
2. المعاهدات الجماعية : يمكن إبداء التحفظات عند التوقيع على المعاهدة أو التصديق عليها أو الانضمام إليها ، ويكون مشروع وجائز ما دام لا يتعارض مع موضوع المعاهدة وذلك ما لم ينص في المعاهدة على عدم جواز التحفظ بصفة عامة أو على بعض نصوصها.