منتديات الحوار الجامعية السياسية

خاص بالمشكلات السياسية الدولية
#56750
دفعتْ أوروبا تضحياتٍ كبيرةً في الحربِ العالمية الثانية من أجلِ مبادئ الحرية والعدالة والمساواة ، ولم يعدِ الغرب بمجمله راغباً في دفع ضريبة

حرب عالمية ثالثة لا يعرف هل ستكون نتائجها إبادة البشرية أم لا؟ ومع الانتهاء من تركة الرّجل المريض وتقاسمها . كان الوضع في الدول العربية أفضل مع الاحتلال الغربي ، حيث نقل لها بعض مدنيته وثقافته ، لكنّ طبيعة البشر تسعى دائماً إلى التّغيير وإلى التّخلص من الاحتلال ، قدّمت الشعوب الضحايا للخلاص من الاحتلال ، وأتت بعده حكومات قد تكون غربية الهوى . لكنّها لم تحتكر السّلطة إلى أن ظهر القوميون العرب ذوو الطابع اليساري ، ومن بعدهم ظهر الاسلام السياسي، وبدأ العمل بالتّباري بينهم حول قضية العرب المركزية الأولى " فلسطين " حتى أنّ بعض الدول الغير عربية التي تسيطر عليها حركات إسلامية . وضعت شعار القدس على طاولتها على مدى عقود من الزمن . مثل إيران وتركيا .

قد نكون نحن شعوب الشرق نتعامل مع عواطفنا بمنطق الحقيقة المطلقة . لذا أوجد اليساريون الماركسيون والقوميون قائداً رمزاً على الدّوام تمثل في الأمين العام ، ووجد الحكام قائداً من فصيلة الآلهة هو القائد الخالد . وجرت الانشقاقات داخل الأحزاب من أجل هذا اللقب ، والتناحرات بين القوميين على رأس السلطة كصدام ، والأسد ، كما سموا أحزابهم باسم العقيدة الراسخة ، فكان لكلّ دولة عربية مفوض إلهي خالد . على الشعب الإيمان به .

كانت الانقسامات على أشدها في سورية داخل الأحزاب التي انضمت إلى الجبهة الوطنية التقدمية ، وبقيت القضية المركزية الأولى للعرب هي الحكم بالخيانة على كلّ من يتفوه حول الحاكم أو الأوضاع الداخلية بأية كلمة مستحضرين بطولات زائفة يقتل من خلالها أكبر عدد من الفلسطينيين، ومع هذا الوضع القومي في سورية . اعتبر الأكراد غرباء ، مع أنّهم يختلطون في كل أماكن سورية مع الأقوام السورية الأخرة . اعتبروا أجانب ليس لهم حقوق على الإطلاق حتى لو لم يشار في جواز سفر بعضهم إلى ذلك ،وبخاصة أكراد الجزيرة السّورية ، وهذا لا يشمل القلّة في أعلى الهرم الذين تعاملوا مع السلطة وربما بعضهم أنشأ حزبه بمساعدتها المالية والعسكرية ، وقد قالها رئيس العراق السيد جلال الطالباني صراحة وبعد تقلده لهذا المنصب الرّفيع : سورية الأسد أمدتنا بالمال ، والسلاح ، ليس هو وحده من أعطته المال . بل أعطت الحزب الشيوعي العراقي بينما كانت تقتل الشيوعيين السوريين . كما اعتبر البعثيون أنّ السّريان عرب مع كل ما يسمعونه من الأحزاب السّريانية في الداخل والخارج . أنهم قومية مستقلة ومن هنا كانت هجرة الكثير من الكورد والسريان ، وعددهم بمئات الآلاف .

مع استلام " الثورة الإسلامية " السلطة في إيران ، والتي أعدم فيها في يوم واحد مئة ألف إيراني مصلوبين أمام منازلهم . تراجعت الحياة المدنية لصالح الحكم الاستبدادي الذي عادة يعيّن رجال الدين بشكل مباشر أو غير مباشر ، وجرى التنسيق بين الحركة الاستبدادية في إيران التي تتاجر بدم الحسين والدم الفلسطيني . والحركات الإسلاموية الأخرى ، لذا كانت تبذخ عليهم كحركة حماس والجهاد الإسلامي .

نحن أمام حكومات ذات إيديلوجية استبدادية . قومية . دينية ، ولا يختلف تنظيم الأخوان عن التنظيم الشيوعي أو الشيعي الإيراني .

كما حدث في الثورة الفرنسية أتت ثورات الربيع العربي ، ومع تطور وسائل الاتصال توسعت ، وشارك فيها أغلب الشعب بشكل علني أو ضمني ، لكن ليس لأنّه كان يعرف ماذا يفعل في البدء . بل لأن الغضب في داخله من وضعه المتردّي يتفجر ولا شيء لديه ليخسرة ، ثم تبلورت أهداف كلّ فئة أو مجموعة ،فكان ذلك الشعار الرائع " الشعب السوري واحد " الذي اجتمع عليه جميع السوريين وشعار " الكرامة والحرية " ولن ننسى كلمات القاشوش الرّائعة في أغنيته يلا ارحل يابشار " سورية بدها حرية "

وصلت التيارات الإسلامية السياسية التي تنتمي بفكرها إلى لإيديولوجية اليسارية إلى السلطة في بعض الدول بمساعدة أمريكا وبعض الدول العربية . بعد أن وعدت الشعب بأن تكون مدنية على النمط التركي " السيء الصيت ". لكنّها لم تكن حتى مثل هذا النمط ، وسلبت المكتسبات البسيطة الموجودة ، والتي لم يستطع المستبدون تغييرها ، حيث سلبت بالدرجة الأولى حقوق المرأة بل إن حزب تونس الإسلامي نادى بعودة الجواري بعد أن كان قانون الزواج مدنياً في تونس .

مع قيام ثورة الشعب السوري ، وتأييد الغرب للأسد ، لم يستطيع الغرب تثبيت الأسد رغم تشجيعه على القتل . لذا يتحايلون اليوم لإيجاد حكومة تشبه حكومة مرسي في مصر ، وقد فاجأتهم أحداث مصر كما فاجأتنا جميعاً . يتهمون الآن فلول النظام السابق بها . والحقيقة أن بعض مسوّقي النظام السابق مثل سامح عاشور الناصري والذي أطلق على بشار الأسد محامي العرب الأول ،وعادل إمام الذي أقحم نفسه بحب الأسد، بينما لا يليق به إلا التهريج . لكن هؤلاء لا يختزلون شعب مصر . فالصريون لم يرق لهم أن يكون حاكمهم أشدّ عبثاً بمصيرهم من مبارك ، وسيسقط مرسي تحت إرادة الشعب الجبارة .

قد تكون الحركات القومية واليسارية قائمة . لكنّها ستسقط جميعها . فالشّرق اليوم كما الغرب بعد الحرب العالمية الثانية يحاول معرفة نفسه ، والكلّ يصرخ بأعلى صوته مطالباً بحقه ، لذا لن يكون سقوط الأسد هو النهاية . بل بداية الثورة السّلمية ، التي سينشأ من خلالها أجيال جديدة ، فأحفاد الشهداء لن يسمحوا بالتفريط بحقّ آبائهم . الإنسان السوري يعيد بناء نفسه ويردّد الشّعارات بصوت عالٍ ليختار مايناسبه منها ، وكما ألهمتنا الثورة الفرنسية التي استمرت عقوداً حتى نجحت . ستلهم الثورة السورية الغرب المتمدن . عندما يشعر أن الذّهن السوري قد تغيّر . إنّها الحرب العالمية الثانية تجري اليوم في سورية . فالحرب العالمية الثّانية التي كانت على أرض أوروبا لم نشعرْ بها ، لأنّ بيننا وبينهم مسافة . تقترب يوماً بعد يوم .