صفحة 1 من 1

أخلاق الحرب في الاسلام

مرسل: الأربعاء ديسمبر 12, 2012 5:33 pm
بواسطة محمد العلياني
عندنا أخلاقيات سامية للحروب‏,‏ أمرنا بها ربنا سبحانه‏,‏ ونظمها رسوله القائل‏:‏ إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق‏.‏ وأخلاقيات الحرب لا تختلف عن الأخلاق بشكل عام‏.‏

عندنا في عقيدتنا نحن المسلمين قول الله تعالى‏:‏ ( لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ)‏ المنظم للعلاقات بين المسلمين وغيرهم..

وعندنا‏ ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ) ،
وفي معرض أخلاقيات القتال بين المسلمين والمشركين‏,‏ والذي استغرق جزءا كبيرا من سورة الأنفال‏,‏ نجد قوله تعالى‏: (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) ,‏
وعندنا‏: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ)،
عندنا في الآثار الإسلامية‏: ( الآدمي بنيان الله ملعون من هدمه),‏ وقوله عليه السلام لقادة الحرب‏: ( اغزوا باسم الله وفي سبيل الله‏,‏ قاتلوا من كفر بالله‏,‏اغزوا ولا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا‏),‏ وقول أبي بكر الصديق الخليفة الأول للرسول عليه السلام‏,‏ موصيا جنوده وعساكره‏:‏ ألا يخونوا ولا يغدروا ولا يغلوا ولا يمثلوا ولا يقتلوا طفلا أو امرأة أو شيخا‏,‏ وألا يحرقوا نخلا ولا يقطعوا شجرة‏,‏ ولا يذبحوا شاة ولا بعيرا إلا لمأكله‏,‏ وقال لهم‏:‏ إذا مررتم بقوم تفرغوا للعبادة في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له‏..

لقد أوجب الإسلام علي المسلم احترام النفس البشرية في كل الأوقات وفي كل الأحوال‏,‏ سواء في السلم أو في الحرب‏,‏ فالإسلام لا يرفع حصانة النفس البشرية إلا لأسباب واضحة‏,‏ والقرآن الكريم يقرر هذه الحصانة في العديد من آياته‏,‏ ومنها‏:‏ قوله تعالى‏: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ)
وقد تجلى موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من احترام الإنسان وعدم الإفساد في الحرب في فتح مكة‏,‏ عندما سمع سعد بن معاذ يقول‏:‏ اليوم يوم الملحمة‏,‏ اليوم تستباح الدماء‏,‏ فقد أخذ الراية من يده وأعطاها لولده‏,‏ وأكد أن الحرب لا تستباح فيها الدماء إلا لضرورات‏..‏ بل إن الإسلام يأمر أتباعه ليس باحترام النفس الإنسانية فقط ‏,‏ بل يأمرهم باحترام الحيوان الأعجم‏,‏ والنبات وشتى مفردات الطبيعة والكون‏,‏ وحتى الجماد‏..

وهذا ما تجلى واضحا في غزوات الرسول عليه السلام‏,‏ وأتباعه من بعده والمتتبع لغزواته صلى الله عليه وسلم يدرك تماما أنه صلى الله عليه وسلم ما حارب أحدا لم يعتد عليه‏،‏ وأن حروبه وغزواته كانت حروبا مشروعة لرد العدوان ودفع الظلم والاضطهاد‏,‏ وتأمين حرية العقيدة والدعوة‏.‏ وعلى الرغم من دخوله مضطرا في هذه المعارك‏,‏ إلا أنها جميعا كانت كلها تنبئ عن كريم خصاله وجليل سجاياه‏.‏

إن الإسلام يأمر المسلم والدولة الإسلامية‏,‏ بأن يكونوا إيجابيين مع غيرهم‏,‏ متعاونين علي البر والتقوى‏,‏ ويقرر القرآن الكريم‏,‏ هذا الواجب العام‏,‏ بقول الله تعالي ( وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا) فإذا كان المستغيث بالمسلمين دولة مظلومة‏,‏ تصبح هذه المساعدة واجبة‏,‏ لقوله تعالى‏(وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ)

وهكذا فقد جاء الإسلام بالأخلاقيات التي تضبط سلوك المقاتلين‏,‏ والتعامل مع ضحايا الحرب‏.