صفحة 1 من 1

أسباب الحياد الأمريكي

مرسل: الأربعاء ديسمبر 12, 2012 9:31 pm
بواسطة علي الشهري 31
اسباب الحياد الامريكي

مما لا شك فيه أن هناك أسباب عديدة ومتشابكة كانت وراء تبني الولايات المتحدة موقف الحياد تجاه طرفي النزاع ولعل ابرز هذه الأسباب هي :

1- الأسباب الاقتصادية
عندما اندلعت الحرب العالمية الاولى كانت الولايات المتحدة الامريكية تعاني من ضيق اقتصادي وكساد بين عامي 1913 – 1914 نتيجة التنافس على الاسواق مع الدول الاوربية الاخرى وما ادته سياسة الدولار من ردود افعال سلبية تجاه الاستثمارات الامريكية من جهة وحصول صراعات بين ارباب العمل والعمال والتي كانت بالأساس ناتجة عن عدم وجود فرص للازدهار الاقتصادي المرتبط بالحاجة الى التوسع الاقتصادي الخارجي والحاجة الى اسواق خارجية من جهة ثانية . لذلك اعتقدت الاوساط الحاكمة امكانية استغلال هذه الفرصة لتطوير البلاد صناعيا وتجاريا على حساب الاطراف المتحاربة بوسائل تمهد لها طريق السيطرة على اقتصاديات العالم. وقد اصابت الادارة الامريكية فيما إعتقد أنه فاستغلت ظروف الحرب ، خاصة حاجة الدول المتحاربة الملحة الى السلاح والسلع الى الحد الاقصى الممكن فلم تمانع بالأتجار على نطاق واسع بأحدث الاسلحة الفتاكة مع الخندقيين المتقابلين . واذا جاءت لوحة تجارتها الخارجية في صالح الحلفاء اكثر من دول الوسط فان ذلك يعود بالدرجة الأساس إلى سيطرة الأسطول البريطاني المحكمة على البحار التي كانت تشكل حلقة وصل التبادل الوحيدة مع امريكا انذاك وهكذا فتحت اوروبا ابوابها امام المنتوجات الامريكية بعد ان حولت جميع الدول الرأسمالية الاخرى تقريبا مصانعها الى الانتاج الحربي مما ادى الى تضاعف الانتاج الصناعي الامريكي بوتائر مذهلة وبدأت المصانع الامريكية تنتج بطاقتها القصوى بعد ان كانت تنتج حتى بداية الحرب في حدود نصف طاقتها الاجمالية تقريبا . وتحولت الولايات المتحدة في الوقت نفسه الى المصدر الرئيس لتمويل عدد كبير من الدول المتحاربة بالقروض بعد ان كانت هي نفسها تلتجئ قبل الحرب الى الديون الاجنبية وكان من الطبيعي ان تحقق الاحتكارات الامريكية في ظل هذه الظروف رباحا وصلت حد الخيال وسنتطرق إلى تفاصيلها فيما بعد.

2- اسباب سياسية

كانت احدى تقاليد الدبلوماسية الاميركية بعدم التدخل في الشؤون الدولية في المناطق البعيدة وهذا ما عرف بسياسة العزلة الامريكية التي بدأت منذ عهد جورج واشنطن الرئيس الامريكي الاول وظلت الحكومات الامريكية المتعاقبة تسير عليها ثم تم ترسيخها بمبدأ مونرو الذي حاول اقامة حاجز سياسي بينها وبين اوروبا. لذلك عندما نشبت الحرب العالمية الأولى لم تكن للولايات المتحدة الأمريكية اية تحالفات سياسية او عسكرية تستوجب مشاركة الولايات المتحدة في الحرب ولم تكن لديها مصالح مباشرة يمكن ان تهددها الحرب هذا من جهة ، ومن جهة ثانية كانت الادارة الامريكية ترى من مصلحتها – واصابت في ذلك ايضا – ان يدب الوهن عسكريا واقتصاديا في كيانات الانظمة الاوربية التي كانت بإمكانها الوقوف امام التوسع الامريكي السياسي والاقتصادي.
وانطلاقا من الاسباب السياسة نفسها كانت حكومة ولسن ضد الانتصار الكامل لأي من الجانبين المتحاربين وظلت تعمل في هذا الاتجاه حتى اشهر قليلة قبل دخولها الحرب . وفي مرحلة معينة – خاصة بعد ان حققت المانيا بعض الانتصارات الكبيرة – حاول الرئيس ويلسون ان يقوم بدور الوسيط لأقرار السلم بين الطرفين والذي اطلق عليه الاسم المعبر عن واقعه " سلم بدون انتصار " وقد كانت الترجمة الواقعية لهذا الشعار خروج اقوى دول أوربا من الحرب منهكة وضعيفة مستسلمة عمليا للدولة الرأسمالية الأقوى التي حققت كما سنرى مكاسب ضخمة للغاية جراء موقفها المحايد وبالطبع لم يكن على ساسة مجربين من أمثال كليم نصو و لو يد جورج ادراك حقيقة هذه السياسة بسهولة فجاء ردهم على لسان الأخير بان بلدانهم سوف تستمر في الحرب بجميع طاقاتها الى ان تحقق سلما حقيقيا.