مشاكل الجوع العالمي
مرسل: الجمعة ديسمبر 14, 2012 1:22 pm
على الرغم من الدراسات المكثفة عن الجوع في العالم، فمن المدهش حقًّا أنه لا تزال توجد آراء متباينة حول عدد الناس الذين يعانون من نقص معتدل إلى حاد في سعرات البروتينات.
إذ يستنتج إيبرشتات في الثمانينيات من هذا القرن أن الجوع يؤثر في حوالي 100 مليون شخص، بينما يستنتج برويتلنغر وسيلوسكي في السبعينيات أن العدد يبلغ أكثر من بليون شخص في العالم، ويشير بولمان في هذا الصدد إلى أن عدد المصابين بسوء التغذية يحتمل أن يقل عن 300 مليون شخص.
وترجع هذه الاختلافات في الآراء إلى أسباب عديدة منها:
الحجم الحقيقي للمتطلبات اليومية لمختلف المواد المغذية، وتحديد العلاقات بين الدخل والاستهلاك والتغذية، ومدى تعويض التكيفات السلوكية، ومدى تفاعل المرض والغذاء الذي يتناوله الشخص للتسبب في سوء التغذية.
لقد استنتجت اللجنة الرئاسية عن الجوع في العالم عام 1980م أن ما يتراوح بين 500 مليون وبليون شخص يعانون من نقص حاد في سعرات البروتينات بشكل يكفي لأن يشكل مشكلة صعبة للسياسة العامة.
يقول والثرب فالكن في كتاب "لتنمية الزراعية في العالم الثالث": من بين حوالي 750 مليون شخص يُعتقد أنهم يعانون من سوء التغذية المعتدل أو الحاد، يعيش نحو الثلثان في آسيا.
والواقع أنه على أساس عالمي يتركز حوالي 70% من مجموع الجوع في تسعة مناطق هي: الهند، وباكستان، وبنغلاديش، وإندونيسيا، والفلبين، وكمبوديا، وزائير، وإثيوبيا، والبرازيل.
إن أية مقترحات داخلية أو دولية تستهدف إنهاء الجوع في العالم عليها أن تهتمَّ بشكل أساسي بتلك الدول.
وبغض النظر عن المجموع الدقيق للأفراد المتأثرين بالجوع هناك مجموعات خاصة ضمن السكان يكون انتشار نقص سعرات البروتينات فيها على أشده، ويمثل الأطفال حديثو الولادة من سن الواحدة إلى الرابعة أخطر المشكلات.
إن النساء الحوامل والمرضعات أيضًا يحتمل أن يتعرضن للمخاطر؛ لأن الضغوط الإضافية للحمل تُعرِّض هذه المجموعات إلى مخاطر كبيرة فيما يتعلق بالتغذية.
السعرات عنصرية في مشكلة الجوع فرغم أن هذه النقطة تلقى اعترافًا متزايدًا، إلا أنه وطيلة عشرين سنة جعل كثير من المختصين في مهنة التغذية العالم يتجه في الاتجاه الخاطئ.
إن المشكلة الرئيسية المتعلقة بنقص سعرات البروتينات هي مجرد الحصول على سعرات كافية.
والبعد المزمن للجوع عنصر مهم للجوع العالمي؛ إذ إن شبح المجاعات بسبب الحروب أو الجفاف معروف جيدًا، وللأسف فإن سُدس سكان العالم يعانون من سوء التغذية المعتدل بشكل مستمر.
إن شدة مشكلة نقص سعرات البروتين أسوأ في مناطق المجاعات، وللأسف فإن المجاعات تحدث بتكرار وبشدة؛ لذا فالدعم العالمي ينبغي تعبئته بشكل أسرع لدى وقوع الكوارث خاصة.
الفقر عنصر مهم وسبب رئيسي للجوع في العالم؛ فالسبب الغالب لجوع الناس هو ليس أنهم جهلة أو غير متعلمين، بل لأنهم فقراء.
لذا يذكر بعض الاقتصاديين أنه إذا كان من الصعب فصل الجوع عن الفقر، فماذا بوسع الآخرين القيام به لمعالجة المشكلات الأساسية المتعلقة بمستويات الدخل وتوزيع الدخل؟!
إن أي تصدٍّ حقيقي للجوع ينبغي أن يتناول مجموعة واسعة من السياسات التي تؤثر في المجموعات المعرضة للمخاطر ضمن الأُسَر الفقيرة، كما ينبغي أن يتمَّ ذلك ضمن إطار اقتصاد غذائي عالمي، تحققت في مكوناته الدينامية تغييرات مهمة منذ منتصف السبعينيات.
إن الجوع العالمي مستمر ومن المحتمل أن يكون تأثيره دوليًّا زعزعة الاستقرار في المستقبل أكثر من الماضي.
كما أن مسألة تخفيف الجوع يمكن أن تتم من خلال سبعة مقترحات عملية هي:
(1) الجوع مركز اهتمام الدول الغنية بالدول النامية؛ لأن قضايا الجوع هي في قلب الاقتصاد السياسي لدول كثيرة؛ لذا فالجوع يمكن أن يعبأ فيه قدر كبير من الدعم الحكومي.
(2) تأكيد الزراعة والتنمية الريفية تأكيدًا رئيسيًّا؛ إذ في تخفيف الجوع تكون آثار الزراعة في العمالة والدخل أكبر أهمية بكثير من توسيع الإنتاج الزراعي.
(3) إذا أُريد للتقنية الزراعية أن تكون فعَّالة، فلا بد من استثمارات كبيرة في حقول كثيرة منها حقول تطوير الموارد المائية.
إن مَن يريد معالجة مشكلة الجوع دون أن يضيف شيئًا مهمًّا إلى مجموع الاستثمارات، فإنه يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين.
(4) إذا أريد للتقنية والمؤسسات النجاح، فهناك حاجة في الأقطار الأقل نموًّا إلى إعادة توجيه واسع في السياسة الاقتصادية.
لقد كان النمو الحديث في تجارة الحبوب العالمية واسعًا، فبينما تستمر تجارة الحبوب في الاحتفاظ بأهميتها بالنسبة لأقطار جائعة كثيرة، فإن تكاليف الحل الدولي لمشكلات الغذاء يحتمل أن تكون أعلى، وهكذا فإن هذه النظرة إلى التجارة العالمية توفر منطقًا لزيادة تأكيد النمو الداخلي في الزراعة لتوفير الغذاء والعمالة.
(5) من مصلحة الدول الغنية اقتصاديًّا المساعدة في تخفيف الجوع، وإيجاد اقتصاد غذائي عالمي أكثر استقرارا في جميع أنحاء العالم، فمن المفارقات العجيبة أن عدة دول تعاني من الجوع وفي الوقت نفسه تتمتع بقدرة نووية.
لقد كانت مسائل الاستهلاك والجوع أساسية في كل حالة، ويبدو أنها إحدى أسباب حدوث النزاعات العالمية.
(6) لأن تخفيف الجوع يخدم المصلحة الذاتية للدول المتقدمة؛ لذا فالضرورة تقتضي إحداث تغيُّرات واسعة في المواقف والإمكانات للعمل مع الدول النامية، فإذا اختارت الدول الغنية اقتصاديًّا جعل قضايا الجوع مركزًا لجهودها المتعلقة بالمساعدات التنموية، فلا بد من إجراء أكثر من مجرَّد تغييرات هامشية.
(7) التأكيد على الاهتمام بالوسائل التقنية في الزراعة والصناعة، ولأن التقنية لا يمكن أن تحل كافة مشكلات التنمية؛ لذا ينبغي أن يكون بالإمكان تطوير برنامج واسع إيجابي في هذا المجال.
بشكل عام، فإنه إذا لم يتم القيام بتوزيع الغذاء بشكل مناسب وسريع، فقد تكون له عواقب دولية بعيدة المدى خلال القرن القادم.
ختامًا أقول:
إن مشكلات الجوع العالمي سوف تزداد حِدة وتسبب زعزعة الاستقرار قبل نهاية القرن الحالي.
إلا إذا تضافرت الجهود، واجتمعت الآراء واتفقت الوسائل وحسنت النوايا، ووضعت الخطط الكفيلة للتصدي لمشكلات الجوع وأزمة المجاعة، وقد آن أوان المواجهة!
إذ يستنتج إيبرشتات في الثمانينيات من هذا القرن أن الجوع يؤثر في حوالي 100 مليون شخص، بينما يستنتج برويتلنغر وسيلوسكي في السبعينيات أن العدد يبلغ أكثر من بليون شخص في العالم، ويشير بولمان في هذا الصدد إلى أن عدد المصابين بسوء التغذية يحتمل أن يقل عن 300 مليون شخص.
وترجع هذه الاختلافات في الآراء إلى أسباب عديدة منها:
الحجم الحقيقي للمتطلبات اليومية لمختلف المواد المغذية، وتحديد العلاقات بين الدخل والاستهلاك والتغذية، ومدى تعويض التكيفات السلوكية، ومدى تفاعل المرض والغذاء الذي يتناوله الشخص للتسبب في سوء التغذية.
لقد استنتجت اللجنة الرئاسية عن الجوع في العالم عام 1980م أن ما يتراوح بين 500 مليون وبليون شخص يعانون من نقص حاد في سعرات البروتينات بشكل يكفي لأن يشكل مشكلة صعبة للسياسة العامة.
يقول والثرب فالكن في كتاب "لتنمية الزراعية في العالم الثالث": من بين حوالي 750 مليون شخص يُعتقد أنهم يعانون من سوء التغذية المعتدل أو الحاد، يعيش نحو الثلثان في آسيا.
والواقع أنه على أساس عالمي يتركز حوالي 70% من مجموع الجوع في تسعة مناطق هي: الهند، وباكستان، وبنغلاديش، وإندونيسيا، والفلبين، وكمبوديا، وزائير، وإثيوبيا، والبرازيل.
إن أية مقترحات داخلية أو دولية تستهدف إنهاء الجوع في العالم عليها أن تهتمَّ بشكل أساسي بتلك الدول.
وبغض النظر عن المجموع الدقيق للأفراد المتأثرين بالجوع هناك مجموعات خاصة ضمن السكان يكون انتشار نقص سعرات البروتينات فيها على أشده، ويمثل الأطفال حديثو الولادة من سن الواحدة إلى الرابعة أخطر المشكلات.
إن النساء الحوامل والمرضعات أيضًا يحتمل أن يتعرضن للمخاطر؛ لأن الضغوط الإضافية للحمل تُعرِّض هذه المجموعات إلى مخاطر كبيرة فيما يتعلق بالتغذية.
السعرات عنصرية في مشكلة الجوع فرغم أن هذه النقطة تلقى اعترافًا متزايدًا، إلا أنه وطيلة عشرين سنة جعل كثير من المختصين في مهنة التغذية العالم يتجه في الاتجاه الخاطئ.
إن المشكلة الرئيسية المتعلقة بنقص سعرات البروتينات هي مجرد الحصول على سعرات كافية.
والبعد المزمن للجوع عنصر مهم للجوع العالمي؛ إذ إن شبح المجاعات بسبب الحروب أو الجفاف معروف جيدًا، وللأسف فإن سُدس سكان العالم يعانون من سوء التغذية المعتدل بشكل مستمر.
إن شدة مشكلة نقص سعرات البروتين أسوأ في مناطق المجاعات، وللأسف فإن المجاعات تحدث بتكرار وبشدة؛ لذا فالدعم العالمي ينبغي تعبئته بشكل أسرع لدى وقوع الكوارث خاصة.
الفقر عنصر مهم وسبب رئيسي للجوع في العالم؛ فالسبب الغالب لجوع الناس هو ليس أنهم جهلة أو غير متعلمين، بل لأنهم فقراء.
لذا يذكر بعض الاقتصاديين أنه إذا كان من الصعب فصل الجوع عن الفقر، فماذا بوسع الآخرين القيام به لمعالجة المشكلات الأساسية المتعلقة بمستويات الدخل وتوزيع الدخل؟!
إن أي تصدٍّ حقيقي للجوع ينبغي أن يتناول مجموعة واسعة من السياسات التي تؤثر في المجموعات المعرضة للمخاطر ضمن الأُسَر الفقيرة، كما ينبغي أن يتمَّ ذلك ضمن إطار اقتصاد غذائي عالمي، تحققت في مكوناته الدينامية تغييرات مهمة منذ منتصف السبعينيات.
إن الجوع العالمي مستمر ومن المحتمل أن يكون تأثيره دوليًّا زعزعة الاستقرار في المستقبل أكثر من الماضي.
كما أن مسألة تخفيف الجوع يمكن أن تتم من خلال سبعة مقترحات عملية هي:
(1) الجوع مركز اهتمام الدول الغنية بالدول النامية؛ لأن قضايا الجوع هي في قلب الاقتصاد السياسي لدول كثيرة؛ لذا فالجوع يمكن أن يعبأ فيه قدر كبير من الدعم الحكومي.
(2) تأكيد الزراعة والتنمية الريفية تأكيدًا رئيسيًّا؛ إذ في تخفيف الجوع تكون آثار الزراعة في العمالة والدخل أكبر أهمية بكثير من توسيع الإنتاج الزراعي.
(3) إذا أُريد للتقنية الزراعية أن تكون فعَّالة، فلا بد من استثمارات كبيرة في حقول كثيرة منها حقول تطوير الموارد المائية.
إن مَن يريد معالجة مشكلة الجوع دون أن يضيف شيئًا مهمًّا إلى مجموع الاستثمارات، فإنه يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين.
(4) إذا أريد للتقنية والمؤسسات النجاح، فهناك حاجة في الأقطار الأقل نموًّا إلى إعادة توجيه واسع في السياسة الاقتصادية.
لقد كان النمو الحديث في تجارة الحبوب العالمية واسعًا، فبينما تستمر تجارة الحبوب في الاحتفاظ بأهميتها بالنسبة لأقطار جائعة كثيرة، فإن تكاليف الحل الدولي لمشكلات الغذاء يحتمل أن تكون أعلى، وهكذا فإن هذه النظرة إلى التجارة العالمية توفر منطقًا لزيادة تأكيد النمو الداخلي في الزراعة لتوفير الغذاء والعمالة.
(5) من مصلحة الدول الغنية اقتصاديًّا المساعدة في تخفيف الجوع، وإيجاد اقتصاد غذائي عالمي أكثر استقرارا في جميع أنحاء العالم، فمن المفارقات العجيبة أن عدة دول تعاني من الجوع وفي الوقت نفسه تتمتع بقدرة نووية.
لقد كانت مسائل الاستهلاك والجوع أساسية في كل حالة، ويبدو أنها إحدى أسباب حدوث النزاعات العالمية.
(6) لأن تخفيف الجوع يخدم المصلحة الذاتية للدول المتقدمة؛ لذا فالضرورة تقتضي إحداث تغيُّرات واسعة في المواقف والإمكانات للعمل مع الدول النامية، فإذا اختارت الدول الغنية اقتصاديًّا جعل قضايا الجوع مركزًا لجهودها المتعلقة بالمساعدات التنموية، فلا بد من إجراء أكثر من مجرَّد تغييرات هامشية.
(7) التأكيد على الاهتمام بالوسائل التقنية في الزراعة والصناعة، ولأن التقنية لا يمكن أن تحل كافة مشكلات التنمية؛ لذا ينبغي أن يكون بالإمكان تطوير برنامج واسع إيجابي في هذا المجال.
بشكل عام، فإنه إذا لم يتم القيام بتوزيع الغذاء بشكل مناسب وسريع، فقد تكون له عواقب دولية بعيدة المدى خلال القرن القادم.
ختامًا أقول:
إن مشكلات الجوع العالمي سوف تزداد حِدة وتسبب زعزعة الاستقرار قبل نهاية القرن الحالي.
إلا إذا تضافرت الجهود، واجتمعت الآراء واتفقت الوسائل وحسنت النوايا، ووضعت الخطط الكفيلة للتصدي لمشكلات الجوع وأزمة المجاعة، وقد آن أوان المواجهة!