ازمة الصواريخ الكوبية
مرسل: الجمعة ديسمبر 14, 2012 1:55 pm
أزمة الصواريخ الكوبية ــ تلك الأيام الثلاثة عشر من شهر أكتوبر/تشرين الأول من عام 1962 والتي لعلها كانت أقرب أيام العالم إلى السقوط في آتون حرب نووية كبرى. فقد حذر الرئيس جون ف. كينيدي الاتحاد السوفييتي علناً من نشر صواريخ هجومية في كوبا. ولكن زعيم الاتحاد السوفييتي نيكيتا خروشوف قرر عبور الخط الأحمر الذي رسمه كينيدي خُفية ومفاجأة الأميركيين بالأمر الواقع. وعندما اكتشفت طائرة استطلاع أميركية الصواريخ، اندلعت الأزمة.
ولقد سارع بعض مستشاري كينيدي إلى حثه على شن ضربة جوية وغزو كوبا لتدمير الصواريخ. وبدأ كينيدي بحشد القوات، ولكنه في الوقت نفسه عمل على كسب الوقت من خلال الإعلان عن حصار كوبا بحريا. ثم هدأت الأزمة عندما استدارت سفن سوفييتية تحمل صورايخ إضافية عائدة، ووافق خروشوف على إزالة الصواريخ المنصوبة على الجزيرة. وعلى حد تعبير دين راسك وزير الخارجية الأميركي آنذاك: "كنا وجهاً لوجه، وأظن أن الشخص الآخر طرف بعينه".
للوهلة الأولى بدت هذه النتيجة منطقية ومتوقعة. فالولايات المتحدة كانت تمتلك من الأسلحة النووية سبعة عشر ضعف ما يملكه منها الاتحاد السوفييتي. كان التفوق واضحاً للولايات المتحدة.
ورغم هذا، لم تشن الولايات المتحدة هجوماً استباقياً ضد مواقع الصواريخ السوفييتية، التي كانت غير حصينة، لأن المجازفة باحتمال إطلاق ولو صاروخ واحد أو صاروخين من الصواريخ السوفييتية على أي مدينة أميركية كانت كافية لردع الضربة الأولى. كما خشي كل من كينيدي وخروشوف أن يفلت زمام الاستراتيجيات العقلانية والحسابات الدقيقة. ولقد استخدم خروشوف استعارة قوية في إحدى رسائله إلى كينيدي: "نحن وأنتم لا ينبغي لنا الآن أن نشد طرفي حبل ربطتم عليه عقدة الحرب".
في عام 1987 كنت جزءاً من مجموعة من الخبراء التقوا في جامعة هارفارد مع مستشاري كينيدي الأحياء لدراسة الأزمة. فقال لنا روبرت ماكنمارا، وزير دفاع كينيدي، إنه كان يزداد حرصاً وحذراً مع تطور الأزمة. في ذلك الوقت، كان ماكنمارا يتصور أن احتمالات اندلاع حرب نووية نتيجة للأزمة ربما كانت واحد إلى خمسين (ولو أنه قيم الخطر بدرجة أعلى كثيراً عندما علم في التسعينيات أن الاتحاد السوفييتي كان قد أرسل بالفعل أسلحة نووية إلى كوبا).
وقال دوجلاس ديلون، وزير خزانة كينيدي، إنه رأى أن خطر اندلاع حرب نووية كان نحو الصفر. فهو لم ير كيف كان الموقف ليتصاعد إلى حرب نووية، وبالتالي كان على استعداد للضغط على السوفييت بشدة وخوض قدر من المجازفات ما كان ماكنمارا ليقدم عليه. وكان الجنرال ماكسويل تايلور رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك يعتقد أيضاً أن خطر اندلاع حرب نووية كان متدنيا، ولقد اشتكى أن الولايات المتحدة سمحت للاتحاد السوفييتي بالإفلات من العقاب بسهولة، وقال إنه يرى أن الأميركيين كان من الواجب عليهم أن يزيلوا نظام كاسترو من الوجود.
ولكن المخاطر المحتملة نتيجة لفقدان السيطرة على الموقف كانت تشكل عبئاً ثقيلاً على كينيدي أيضا، ولهذا السبب اتخذ موقفاً أكثر حذراً مما كان ليرضي بعض مستشاريه. والمغزى من القصة هو أن القليل من الردع النووي يقطع شوطاً طويلاً في تحقيق الهدف المنشود.
ولكن هناك رغم ذلك بعض الغموض الذي لا زال يحيط بأزمة الصواريخ والذي يجعل من الصعب علينا أن نعزو النتيجة بالكامل إلى العنصر النووي في الأزمة. كان الإجماع العام على أن الفوز كان من نصيب الولايات المتحدة، ولكن من الصعب أن نحدد إلى أي مدى فازت الولايات المتحدة، ولماذا فازت.
ولقد سارع بعض مستشاري كينيدي إلى حثه على شن ضربة جوية وغزو كوبا لتدمير الصواريخ. وبدأ كينيدي بحشد القوات، ولكنه في الوقت نفسه عمل على كسب الوقت من خلال الإعلان عن حصار كوبا بحريا. ثم هدأت الأزمة عندما استدارت سفن سوفييتية تحمل صورايخ إضافية عائدة، ووافق خروشوف على إزالة الصواريخ المنصوبة على الجزيرة. وعلى حد تعبير دين راسك وزير الخارجية الأميركي آنذاك: "كنا وجهاً لوجه، وأظن أن الشخص الآخر طرف بعينه".
للوهلة الأولى بدت هذه النتيجة منطقية ومتوقعة. فالولايات المتحدة كانت تمتلك من الأسلحة النووية سبعة عشر ضعف ما يملكه منها الاتحاد السوفييتي. كان التفوق واضحاً للولايات المتحدة.
ورغم هذا، لم تشن الولايات المتحدة هجوماً استباقياً ضد مواقع الصواريخ السوفييتية، التي كانت غير حصينة، لأن المجازفة باحتمال إطلاق ولو صاروخ واحد أو صاروخين من الصواريخ السوفييتية على أي مدينة أميركية كانت كافية لردع الضربة الأولى. كما خشي كل من كينيدي وخروشوف أن يفلت زمام الاستراتيجيات العقلانية والحسابات الدقيقة. ولقد استخدم خروشوف استعارة قوية في إحدى رسائله إلى كينيدي: "نحن وأنتم لا ينبغي لنا الآن أن نشد طرفي حبل ربطتم عليه عقدة الحرب".
في عام 1987 كنت جزءاً من مجموعة من الخبراء التقوا في جامعة هارفارد مع مستشاري كينيدي الأحياء لدراسة الأزمة. فقال لنا روبرت ماكنمارا، وزير دفاع كينيدي، إنه كان يزداد حرصاً وحذراً مع تطور الأزمة. في ذلك الوقت، كان ماكنمارا يتصور أن احتمالات اندلاع حرب نووية نتيجة للأزمة ربما كانت واحد إلى خمسين (ولو أنه قيم الخطر بدرجة أعلى كثيراً عندما علم في التسعينيات أن الاتحاد السوفييتي كان قد أرسل بالفعل أسلحة نووية إلى كوبا).
وقال دوجلاس ديلون، وزير خزانة كينيدي، إنه رأى أن خطر اندلاع حرب نووية كان نحو الصفر. فهو لم ير كيف كان الموقف ليتصاعد إلى حرب نووية، وبالتالي كان على استعداد للضغط على السوفييت بشدة وخوض قدر من المجازفات ما كان ماكنمارا ليقدم عليه. وكان الجنرال ماكسويل تايلور رئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك يعتقد أيضاً أن خطر اندلاع حرب نووية كان متدنيا، ولقد اشتكى أن الولايات المتحدة سمحت للاتحاد السوفييتي بالإفلات من العقاب بسهولة، وقال إنه يرى أن الأميركيين كان من الواجب عليهم أن يزيلوا نظام كاسترو من الوجود.
ولكن المخاطر المحتملة نتيجة لفقدان السيطرة على الموقف كانت تشكل عبئاً ثقيلاً على كينيدي أيضا، ولهذا السبب اتخذ موقفاً أكثر حذراً مما كان ليرضي بعض مستشاريه. والمغزى من القصة هو أن القليل من الردع النووي يقطع شوطاً طويلاً في تحقيق الهدف المنشود.
ولكن هناك رغم ذلك بعض الغموض الذي لا زال يحيط بأزمة الصواريخ والذي يجعل من الصعب علينا أن نعزو النتيجة بالكامل إلى العنصر النووي في الأزمة. كان الإجماع العام على أن الفوز كان من نصيب الولايات المتحدة، ولكن من الصعب أن نحدد إلى أي مدى فازت الولايات المتحدة، ولماذا فازت.