صفحة 1 من 1

وثائق رسمية محايدة تروي حقيقة ما حدث عام 1990 الجزء الرابع

مرسل: الجمعة ديسمبر 14, 2012 8:19 pm
بواسطة محمد القاسم 3
وثائق رسمية محايدة تروي حقيقة ما حدث عام 1990
والدور التأمري المصري السعودي الكويتي على العراق
الجزءالرابع
شبكة البصرة
منذر العربي
لقد رأت الحكومة الأردنية في هذا التغير الجذري الذي تقوده الولايات المتحدة المقدمة التي ستؤدي حتما إلى المواجهة العسكرية والتي ستكون نتائجها مأساوية بالنسبة للعراق والكويت والمنطقة بأسرها وبعد ان فشلت الجهود الأردنية لحل عربي بذلت الحكومة الأردنية مساعيها للحصول على المساعدة من الدول الأوربية والاتحاد السوفيتي لبعاد شبح المواجهة .
 
وانطلقت الجهود الأردنية في اتجاهين :-
في الاتجاه الأول : واصلت القيادة الأردنية توظيف كل ما لديها من تأثير على العراق لضمان إطلاق سراح المواطنين الأجانب المحتجزين في العراق والكويت منذ أواسط آب / أغسطس 1990 وفي أعقاب جلالة الملك الحسين لبغداد في 4 كانون أول / ديسمبر  1990 أعلن العراق عزمه الإفراج عن جميع المواطنين الأجانب .
 
وفي الاتجاه الثاني :- عمل على تشجيع الحكومات الأوربية المنضمة إلى التحالف ، والاتحاد السوفيتي للقيام بمبادرات لإقناع الحكومة العراقية باتخاذ الخطوات الضرورية التي من شأنها تلافي خطر اللجوء إلى القوة الذي سمح به – حسب ما فسره البعض – مجلس الأمن في القرار 678 تاريخ 29 تشرين ثاني  / نوفمبر 1990 . وق أيد الفرنسيون والسوفيت هذا المسعى الأردني الأخير . ففي الاجتماع الذي ضم فخامة الرئيس " ميتران " وجلالة الملك الحسين في باريس في الخامس من تشرين الثاني / نوفمبر 1990 ، أكد الرئيس الفرنسي على تفضيله الحل الدبلوماسي للأزمة كما عبر عن أمله في أن يساعد سيادة الرئيس صدام حسين كلا من فرنسا والاتحاد السوفيتي لتبني مبادرة سلمية  , وقال بأن هذه المبادرة لا يمكن لها أن إلا إذ ا أعلن سيادة الرئيس صدام حسين عن نيته في الانسحاب ، ففرنسا لا تضمر نوايا عدوانية للعراق إلا أنها لن تتخلى عن قرارات اتخذتها مع حلفائها .
ومع اقتراب 15 كانون ثاني  / يناير 1991 وهو التاريخ النهائي المحدد ، ضاعفت السلطات الأردنية جهودها لإقناع الدول الأوربية في التحالف الدولي ، لتحاشي المواجهة العسكرية مع العراق ، وحذرت من نتائج الحرب السياسية ، والبشرية ، والبيئية .
 
وفي الخطاب الذي ألقاه جلالة الحسين في مؤتمر " القمة العالمية للبيئة الذي عقد في جنيف ، شرح جلالته النتائج المحتملة والمدمرة للبيئة في حالة اشتعال آبار نفط الخليج وبيّن الأخطار التي تهدد المناخ في منطقة الشرق الأوسط .
مشيرا إلى المضاعفات الواسعة التي ستصب الحياة البشرية والحيوانية وإنتاج المواد الغذائية , وقد أثبتت الأحداث اللاحقة دقة تلك التحذيرات  . ( الوثيقة رقم 9 )
 
وفي خطاب آخر وجهه جلالة الملك حسين إلى خريجي كلية الأركان العسكرية في عمان ، في 9 كانون أول  / ديسمبر  1990 قال جلالة الحسين محذرا : " تقف منطقتنا العربية ألان على حافة حرب مدمرة ،ستقضي لو وقعت لا قدر الله إلى مأساة كبرى ، لا تصيب حاضرنا فقط ، بل ومستقبلنا أيضا ، وفتح جراحات عميقة تنزف دما واضطرابا على مساحة شاسعة في هذا العالم ولأجل طويل . "
وفي نفس الخطاب ، صاغ جلالته مقترحات لحل الأزمات التي تعاني منها المنطقة على أساس ثابت ودائم . ( الوثيقة رقم 10 ) .
 
وبين نهاية كانون أول / ديسمبر 1990 وكانون ثاني / يناير 1991 ، ضاعفت الحكومة الأردنية اتصالاتها مع زعماء وممثلي جميع القوى الرئيسة ، وغيرها من الدول الأعضاء في التحالف الدولي . كما شجعت الدول الأعضاء في التحالف الدولي ، كما شجعت الدول الأعضاء في المجموعة الأوربية للاجتماع بوزير الخارجية العراقي السيد طارق عزيز ، بالرغم من أن ذلك الاجتماع لم يحدث . ورجعت الحكومة الأردنية بإعلان فخامة الرئيس جورج بوش  - في أعقاب صدور القرار 678 عن مجلس  الأمن ، في 29 تشرين الثاني / نوفمبر 1990 – بأنه سوف يرسل وزير  خارجية الولايات المتحدة إلى بغداد  وانتعشت الآمال العريضة  ، التي علقت على ذلك الاجتماع والذي عقد أخيرا في جنيف في التاسع من كانون الثاني بين الوزير " بيكر " ووزير الخارجية العراقي السيد طارق عزيز .
ومع ذلك , وبعد خمسة أشهر لم يحدث فيها أي حوار بين العراق والولايات المتحدة , ونظرا للقيود التي فرضت على المباحث بموجب قرارات مجلس الآمن , لم يعد أحد يتوقع من ذلك الاجتماع إلا أن ينتهي إلى الفشل , خاصة وان كلا من الجانبين بدأ المحادثات بأهداف مختلفة.
 
في الفترة ما بين ( 2-10) كانون ثاني / يناير 1991, زار جلالة الملك الحسين لندن وبون ولوكسمبورغ , وروما , حيث اجتمع مع رئيس الوزراء البريطاني والرئيس والمستشار ووزير الخارجية الألماني , ودوق لوكسمبورغ, ورئيس وزرائها ووزير خارجيتها , ورئيس الجمهورية ورئيس الوزراء , ووزير الخارجية الإيطالي .
 
ودأب جلالة الملك الحسين , في جميع هذه اللقاءات , على التحذير من نتائج الحرب , وطالب الجميع ببذل جهد أخير , لتجنيب المنطقة ويلاتها , ومنح العراق بابا للخروج من الزاوية الصعبة التي أوصله إليها موقف دول التحالف المتصلب من جهة , وعدم تقديره الذاتي لحقيقة المخاطر التي يتعرض لها من جهة أخرى .
 
وقد تم تمرير هذا التحذير ذاته إلى الآمين العام للأمم المتحدة , أثناء مروره في عمان , في طريقه إلى بغداد , في 11 كانون الثاني / يناير 1991, لإقناع السلطات العراقية بقبول الانسحاب غير المشروط من الكويت , كمخرج لتجنب اللجوء إلى القوة , من جانب دول التحالف , بعد انتهاء الموعد النهائي المحدد , وهو 15 فشلت محاولة الحكومة الفرنسية في 14 كانون الثاني / يناير 1991 لكي يصدر رئيس مجلس الأمن بيانا كان من شأنه أن يجنب المنطقة حربا وشيكة . وقد عارضت الحكومتان الأمريكية والبريطانية الاقتراح الفرنسي , التي اتضح ألان , انهما كانتا مصممتين على تنفيذ القرار (678) ( 29 تشرين ثاني / نوفمبر 1990) تنفيذا كاملا , لانه حسب ادعائهما يمنح الدولتين الأذن باللجوء إلى القوة دون حاجة إلى أية قيادة عسكرية تابعة للأمم المتحدة .
 
وعندما أدرك جلالة الملك الحسين فشل جهوده في تجنب انفجار الحرب , وجه جلالته خطابا إلى الشعب الأردني في 15 كانون الثاني / يناير 1991 . وحذر جلالته ( الوثيقة رقم 11) من أن المنطقة تقف على شفى الهاوية , " بعد أن سدت الأبواب أمام الاحتكام للعقل , وأوصدت النوافذ أمام التحاور بالمحبة ". لقد بذل الحسين كل جهد مستطاع , لتحقيق تسوية سلمية للأزمة وكان مرتاح الضمير . 
أن الفشل في إقناع زعماء التحالف باتخاذ موقف اكثر مرونة , أديا بصورة حتمية , إلى بدء الأعمال العسكرية ضد العراق بهجمات جوية مدمرة , تشمل أهدافا مدنية وعسكرية , في مختلف أرجائه . ومع تفاقم حجم الدمار , تصاعد تفاعل الشعب الأردني وبصورة عنيفة , مع ما يحدث للشعب العراقي . لقد عملت مشاهد الدمار الذي حل بالمدن والقرى العراقية , والآلام المخيفة التي فرضت على الشعب العراقي نتيجة القصف الجوي الوحشي , على زيادة تعاطف الأردنيين مع العرقيين , كما ارتفعت حدة الغضب تجاه الدول والحكومات المتحالفة , التي اتضح أنها تخطت حدود التفويض لتحرير الكويت , واصبح هدفها تدمير العراق . وعبر جلالة الملك الحسين عن هذه المشاعر عندما وجه رسالة إلى الآمة , في 6 من شباط / فبراير 1991 ( الوثيقة رقم 12) , أكد فيها اعتقاده , بأن الجهود التي بذلها والعرب لوضع حد للأزمة بالطرق السلمية قد أحبطت عن قصد وتصميم , " لأن الهدف الحقيقي وراء هذه الحرب المدمرة وكما برهن على ذلك حجم الدمار هو تدمير العراق , وإعادة ترتيب المنطقة بطريقة , تنطوي على مخاطر أكبر بكثير , بالنسبة لحاضر ومستقبل أمتنا من معاهدة سايكس – بيكو ".
 
وهكذا , لما عجز عن تلافي نشوب الحرب فانه وجه جهوده , لوضع حد لها بالسرعة الممكنة , ومنع الهجوم البري . ومرة أخرى , بدأ سلسلة من الاتصالات مع زعماء العالم , بهدف إقناع النظام العراقي بالانسحاب من الكويت , انصياعا لقرارات مجلس الآمن , وتحاشيا لوقوع الهجوم البري النهائي . ورحب جلالته باقتراح العراق , في 15 شباط 1991 بالانسحاب من الكويت , على أن يكون ذلك جزءا من تسوية شاملة للأزمة إلا أن هذه الاقتراحات لاقت الرفض الفوري من الرئيس الأمريكي ورئيس وزراء بريطانيا الذي اعتبراها " خدعة خبيثة ".
 
كما لاقت المقترحات السوفيتية لوقف العمليات الحربية والقبول بالتسوية السلمية , نفس المصير , ووصفها الرئيس الأمريكي بأنها غير كافية ولا تلبي مطالب الولايات المتحدة . وفي 22 شباط / فبراير 1991 قام جلالة الملك الحسين بمحاولة يائسة لمنع بدء الهجوم البري , فأرسل رسالة إلى فخامة الرئيس الفرنسي " ميتران " حثه فيها على وضع ثقل فرنسا المعنوي ودعمها الهام إلى جانب المبادرة السوفيتية " ( الوثيقة 13) . ولك اتضح الآن أن الفرصة لإيقاف آلة الحرب من تنفيذ دول التحالف لمخططها لإخراج العراق من الكويت فد فات أوانها . وانتهت الحرب , ليس فقط بغزو الكويت , بل بغزو الأجزاء الجنوبية من العراق . وكلف ذلك القوات العراقية ثمنا باهظا , كما أنزل افدح الأضرار بالسكان المدنيين في العراق والكويت, وفي بيئة المنطقة بأكملها . ولكن انتهاء الحرب لم يحقق بدايات السلام للمنطقة .
 
في الأول من آذار 1991, وجد الحسين خطاب الأمل الأخير إلى الأمة , حمل أليها فيه دعواته إلى المصالحة ولخص الخطاب مختلف مراحل اللازمة , منذ بداياتها وحتى نهاية الحرب , وموقف الحكومة الأردنية . ومما قاله جلالته :
"كانت رؤيتنا , ومنذ بداية الفصل الأول للمأساة واضحة بينة إذ أدركنا ما يمكن إن تؤول إليه الأمور لو استمر العراق في احتلال الكويت ولو لم نوفق في حل المشكلة بالطرق السلمية في إطار  عربي ، وحاولنا جهدنا لاحتواء المشكلة في بدايتها ، وفي كل المراحل التي سبقت بداية الحرب سعيا لحلها وامنع وقوع الكارثة ، من منطلق حرصنا على المصلحة القومية العليا ، والتزامنا بالمبادئ السامية ، ولم يكتب لنا التوفيق " .